مقتل ملكة جمال داعش يكشف دور «الخنساء» أخطر كتيبة نسائية في استقطاب الأوروبيات
السبت، 16 فبراير 2019 09:00 م منة خالد
- نساء أوروبا الجُدد فى أحضان داعش.. كيف نجحت نساء الإرهاب فى الحفاظ على إرث التنظيم وأفكاره؟
- أغلب نساء التنظيم الإرهابى بجانب تعرضهن للاغتصاب يعانين من عدم وجود وثائق هوية معترف بها رسميا لأبنائهن
- أغلب نساء التنظيم الإرهابى بجانب تعرضهن للاغتصاب يعانين من عدم وجود وثائق هوية معترف بها رسميا لأبنائهن
من حدود أوروبا لأوسطها.. نجح تنظيم داعش الإرهابى فى استقطاب النساء الأوروبيات، وسيره على خطط ممنهجة منذ 2013، إذ يُشكل العنصر النسائى فى التنظيم ما يقرب من 25 % من مقاتليه خلال الأعوام الماضية - حسب مرصد الفتاوى التكفيرية.
حتى اليوم يسعى داعش إلى تدريب النساء للتعامل مع المتفجرات وتحضيرهن للسفر إلى أوروبا، لاجتذاب أعداد أكبر بعد تراجع أداء التنظيم الإرهابى فى استمالة العنصر الغربى خلال آخر عامين، ولعب على توظيف قدرة نساء التنظيم على الجذب للتأثير على الشباب وحثهم على الانضمام للتنظيم، وهو ما وصفه الباحث السياسى طه على أحمد، بأن أوروبا وفرت مصدرا حيويا لتجنيد النساء فى تنظيم داعش، وهو ما يرجع فى المقام الأول إلى نشاط الآلة الدعائية للتنظيم فى العديد من الدولة الأوروبية، خاصة تلك التى توفر ملاذا آمنا للتيارات المتطرفة مثل لندن وألمانيا والنمسا، حيث ينشط دور تلك الجماعات وفى مقدمتها «الإخوان» ذات الوجود التاريخى فى كل من ألمانيا وبريطانيا.
ووفقا لتقارير متعددة أعدتها مواقع أجنبية وقناة «فرانس 24» الفرنسية يوجد بالتنظيم نحو 60 فتاة فرنسية فى سوريا، فضلا عن 500 فتاة بريطانية نجح التنظيم فى اجتذابهن بدون موافقة الأهل، وفى مقابلة مع صحيفة «راينيشه بوست» الألمانية، أشار هانز جيورج ماسن رئيس هيئة حماية الدستور بجهاز المخابرات الداخلية فى ألمانيا، إلى وجود أربع قاصرات ألمانيات توجهن إلى العراق وسوريا من أجل «الجهاد»، بعد أن تعرفن على أزواجهن عبر شبكة الإنترنت، فضلا عن المغريات المادية التى يقدمها التنظيم إلى هؤلاء النساء.
الاغتراب ومغازلة المشاعر يدفعان بنساء أوروبا إلى الانضمام للتنظيم الإرهابى
ويشير الباحث السياسى طه على أحمد، إلى حالة الاغتراب التى يعانى منها الكثير من النساء فى المجتمعات الأوروبية، والتى تقف خلف تفضيل كثير منهن للانضمام للتنظيم الإرهابي، أما الفتيات اللاتى تربين على القيم الغربية كالعدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان يرفضن ما يتعرض له الشعب السورى من مجازر يومية ونشر صور بشعة للجرحى والقتلى من الأطفال نتيجة التناحر السياسي، وهو ما تصنع منه الآلة الدعائية للتنظيم سبيلا لمغازلة المشاعر الإنسانية بين الفتيات الأوروبيات الحالمات، هكذا يوضح.
ورغم المأزق الذى يعانيه تنظيم داعش بسبب التفوق النسبى للرجال من حيث المهارات القتالية والقوة البدنية على النساء فى الوقت الذى تتوالى عليه الهزائم وما يترتب عليه من نقص عددي، تبقى محاولات هروب النساء من التنظيم لتمثل أهم التحديات التى تواجه مصيره، خاصة مع تعرض غالبيتهن للصدمة الكبرى مع انكشاف حقيقة التنظيم وتعرض أغلبهن للاغتصاب من مقاتليه، فضلا عن الخوف والرعب الذى يلازم بقاءهن نتيجة مقتل من حاولن منهن الهرب، وهنا تبرز قضية فتاتين من النمسا، سامرا وسابيا، حيث أرسلت سامرا، التى كانت تلقب بملكة جمال داعش، تشكو لأهلها من تعرضها للاغتصاب أكثر من مائة مرة وأنها حامل، إلى أن أعلنت وزارة الداخلية النمساوية أنها تلقت خبر مقتل سامرا فى ظروف غامضة.
وبجانب تعرض أغلب نساء التنظيم للاغتصاب فإنهن يعانين من عدم وجود وثائق هوية معترف بها رسميا لأبنائهن، وهو ما عبرت عنه الكثير من الحالات التى تمكنت من الفرار ولجأت لسلطات الدول المجاورة لتوثيق شهادات تثبت هوية أبنائهن.
وبخلاف تعرض أغلبهن للتعذيب، فهناك واقعة عزل التنظيم لإحدى قياداته النسائية «أم مهاجر» التونسية، والمسئولة عن كتيبة الخنساء فى الرقة بسوريا، حيث عزلها التنظيم بسبب عدم تطبيقها لتعليمات التنظيم الإرهابى بجلد وعض النساء فى أسواق تلعفر.
تعدد حالات المعاناة والهرب التى تعانى منها النساء فى التنظيم حتى اليوم، يكشف عن حقيقة أخطر التحديات التى تواجه كتيبة الخنساء بل والتنظيم كله الذى يواجه هزائم متتالية وانحسار الدعم المالي، والتضييق السياسى المحيط به، خاصة بعد تضييق الخناق الإقليمى والدولى على القوى الداعمة له ماليا وإعلاميا وسياسيا مثل قطر وتركيا التى تكشف أغلب الحالات التى تم القبض عليها أنهن وصلن لسوريا عن طريق الأراضى التركية، فكل ذلك يضفى المزيد من الخناق على الجناح النسائى الذى مثل بدوره البديل لانحسار دور الرجال بالتنظيم، وهو ما يلقى بالمزيد من الأعباء المستقبلية على أخطر التنظيمات الإرهابية فى العالم بالقرن الواحد والعشرين.
تحدث طه على أحمد عن كتيبة «الخنساء»، وهى أهم الأجنحة التنظيمية فى تنظيم داعش الإرهابي، التى شكّلها التنظيم سنة 2014 فى الرقة السورية، ويتراوح عدد المقاتلات بها نحو 1000 مُقاتلة يصل مرتب الواحدة منهن إلى 1500 دولار أمريكي، ويتميزن بارتداء زى معين وكلبشات وقبضات متميزة، وهناك نسبة كبيرة منهن أجنبيات لا يتحدثن العربية، وترتكز مهام الجناح النسائى فى التنظيم الإرهابى على ثلاثة أدوار رئيسية، حسب توصيف كل منهن، على سبيل المثال تقوم «السبابا» و«الأسيرات» بالإنجاب وعمل شئون المنزل، هؤلاء يتم التعامل معهن كالجوارى تماما، أما نساء التنظيم المتعلمات، فيخصصهن للخدمة المدنية والصحة والتعليم، القسم الثالث والأخطر «المجاهدات» إذ يقمن بحمل السلاح ويأتين من جنسيات عربية وغربية.
أخطر قائدات «الخنساء»
ويبرز من المتابعة الدقيقة للتنظيم الإرهابى، مجموعة من الأسماء باعتبارهن أخطر قائدات «الخنساء»، مثل أم المقداد، وهى المعروفة بأميرة نساء داعش، ومسئولة عن تجنيد فتيات وسيدات محافظة الأنبار العراقية، وكذلك سجى الدليمي، زوجة أبو بكر البغدادى وتنتمى لعائلة يتبنى أغلبها أفكار التنظيم، وكان والدها أحد أهم ممولى ومؤسسى التنظيم، قبل أن يُقتل فى إحدى العمليات الإرهابية «دير عطية» منذ 4 أعوام، فضلا عن أم حارثة، التى تحرص على نشر صور انتصارات داعش واستيلائه على سوريا ومنها صور فصل رءوس الجنود عن أجسامهم فى عيد الفطر، بالإضافة إلى سالى جونز مغنية راب سابقة، وأم لطفلين، امرأة خمسينية، والتى انضمت لداعش فى سوريا، وأصبحت فى فترة وجيزة أشهر نساء التنظيم والمسئولة عن تجنيد عناصر جديدة، قبل أن تُقتل منذ عامين فى غارة أمريكية على الحدود السورية - العراقية.