من دسوق إلى مدينة 6 أكتوبر.. فشل اسمه المحليات وغياب الرقابة
السبت، 16 فبراير 2019 02:18 م
- مصر تحتاج إلى ثورة حقيقية فى المحافظات حتى يشعر الناس بالتغيير الحقيقى
فى زيارة إلى العاصمة الألمانية برلين منذ عامين تقريبا، وذات مساء كنت والصديق عماد الدين حسين رئيس تحرير «الشروق» نسير فى أحد الشوارع الرئيسية بالمدينة التى كان سكانها قد هجعوا إلى مضاجعهم انتظارا ليوم شاق جديد من العمل،
فجأة سمعنا ضجيج محركات سيارات ضخمة وأصوات عمال ومحركات تستعد لإعادة تمهيد ورصف الشارع، على الفور بادرت عماد على الفور: «شكلها بكرة يا معلم هتبقى زحمة ومولد فى الشارع ده»، قلت ذلك بسبب المشاهد المألوفة فى شوارعنا عندما تقرر الحكومة رصفها فينقلب حال الشارع رأسا على عقب ويستمر العمل فيه لشهور عديدة.
فى الصباح كانت المفاجأة، أين المحركات والسيارات الضخمة والعمال؟ لقد تم الانتهاء من رصف الشارع الضخم خلال ساعات الليل وعادت الأمور إلى طبيعتها وتحويلات الإشارات المرورية إلى سابق عهدها وكأن شيئا لم يكن، معقولة؟!
تذكرت هذه الواقعة بمناسبة ما يحدث فى شوارع مدينة 6 أكتوبر وبشكل أخص فى الحى الذى أسكنه، فمنذ أكثر من عام يجرى الرصف ولم يتم الانتهاء منه حتى لحظة كتابة هذه السطور، بل هناك شوارع انتهى المقاول من رصف نصفها وترك النصف الباقى للزمن وللظروف، وشوارع أخرى تم تمهيدها بالحجر الأبيض من شهور ولم يتم رصفها، أما باقى الشوارع ومنها شوارع رئيسية تعانى الإهمال والهبوط الأرضى وتتسبب فى حوادث وكأنه ليس هناك مسئولون يمرون منها ويلفت انتباهم مدى حالتها البائسة.
المناسبة الثانية، كانت زيارة سريعة لمدينتى دسوق التى كانت فى الماضى تسمى عروس النيل على فرع رشيد، وأصبحت الآن مثل عجوز تئن وتشتكى من الإهمال، على سبيل المثال وبعد مناشدات طويلة خلال السنوات الماضية لإعادة تشييد جسر صغير يربط بين ضفتى المدينة التى يفصلها ممر مائى صغير، بدأ العمل فى الجسر منذ أكثر من عام، وتفاءل الأهالى خيرا حماية لأبنائهم، حيث تمتلئ المنطقة بعدد من المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية، والخوف أن تحدث كارثة بسقوط أحد التلاميذ من فوق الممر الصغير الذى تم إعداده على عجل لعبور السكان ما بين الضفتين إلى حين الانتهاء من الكوبرى أو الجسر، مر أكثر من عام والعمل فى كوبرى عتريس- وهذا اسمه القديم- على حاله دون إبداء الأسباب من المحافظ أو رئيس المدينة وكأنها معركة عبور جديدة.
مشروعات أخرى متوقفة بدون سبب، رغم أنها تشكل مطلبا شعبيا ومصدر دخل للمدينة مثل مشروع تطوير الميدان الإبراهيمى ومبنى الشبان المسلمين، وإنشاء رصيف سكة حديد جديد عند مدخل دسوق لخدمة القادمين من القرى المجاورة إلى الكليات والمدارس والمصالح الحكومية فى المنطقة.
طبعا سيقول قائل، كيف تقارن بين طريقة العمل والهمة والإخلاص والدقة والسرعة فى بلد الماكينات البشرية والنظام، وبين طبيعة العمل فى مدن وقرى مصر؟! بالتأكيد أتفق مع السؤال تماما، لكن هل نستسلم للوضع الحالى ونحن فى مرحلة جديدة نعيش فيها إنجازات رئاسية تشبه المعجزة وتحققت فى وقت قياسى؟! طيب هل مسموح أقارن بين الأداء الرئاسى والمشروعات التى يوليها الرئيس السيسى اهتماما كبيرا وبين مشروعات وأداء الحكومة أو اداء المحليات البائس؟
لسان حال الناس فى المحافظات والمدن البعيدة عن العين يشكو واقعا سيئا بسبب الأداء البليد والمتكاسل والروتينى الذى لم يتغير فى تنفيذ المشروعات والخدمات داخل هذه المدن، وكأن الرقابة غائبة عن السادة المسئولين فى المحافظات والمحليات لتنفيذ المشروعات المؤجلة التى تسهم فى تخفيف الأعباء عن المواطنين وتفرج عنهم فى الخدمات وفى الانتقالات.
يا سادة.. مصر تحتاج إلى ثورة حقيقية فى المحليات حتى يشعر الناس بالتغيير الحقيقى، والكل فى انتظار قانون المحليات فهو الأمل فى إحداث التغيير.