علوم مسرح الجريمة (3).. كيف تصدى القانون للأطباء فى «تزوير الشهادات» للهروب من العقوبة؟
الثلاثاء، 12 فبراير 2019 05:00 م
«الشهادة الطبية» تُعرف بأنها الشهادة التي يقدمها الطبيب إلى السلطات القضائية أو جهات التحقيق، وخاصة بواقعه طلب آلية فحصها أو استشير فيها، وقد فحصت من قبل طبيب آخر، وتستند تلك الشهادة إلى الحقائق التي أظهرها الطبيب كخبير فني، وما يترتب عليها من استنباط علمي، وعلى ضوء ما فيها يصدر القضاء أحكامه.
فى التقرير التالى «صوت الأمة» رصد إشكالية تزوير الشهادات الطبية سواء للإعفاء من الخدمة العامة، وكذا الشهادات المقدمة للمحاكم، والشهادات الخاصة بالأمراض العقلية، وأركان تزوير هذه الشهادة الطبية – وفقاَ للخبير القانونى والمحامى بالنقض أشرف الزهيرى.
1-شهادات الإعفاء من خدمة عامة
تنص المادة 222 من قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937م علي: «كل طبيب أو جراح أو قابلة أعطي بطريق المجاملة شهادة أو بيانا مزورا بشأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة مع علمه بتزوير ذلك يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري، فإذا طلب لنفسه أو لغيره أو أخذ وعدا أو عطية للقيام بشيء من ذلك أو وقع الفعل نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة يعاقب بالعقوبات المقررة في باب الرشوة، ويعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي أيضا» - بحسب «الزهيرى».
أركان تزوير هذه الشهادة الطبية ثلاثة وتشمل:ـ
أ-أن تكون الشهادة صادرة عن طبيب أو جراح أو قابلة مرخص له «أو لها» بمزاولة مهنة الطب.
ب-أن تنص الشهادة كذبا علي إثبات أو نفي واقعة حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة علي خلاف الحقيقة.
ج-توافر القصد الجنائي وهو أن يكون الجاني عالما بأنه يثبت في الشهادة ما يخالف الحقيقة. فإذا كان الطبيب قد أصدر البيانات الواردة بالشهادة الطبية عن طريق جهله العلمي أو إهماله في تحري الحقيقة فلا تقع عليه تهمة تزوير شهادة طبية.
نص القانون السابق – طبقا لـ«الزهيرى» - يوضح أن هناك فارقا بين ما إذا كانت الشهادة أعطيت لصاحبها عن طريق المجاملة فإن العقوبة تكون الحبس أو الغرامة بمبلغ لا يزيد عن 500 جنيه، وبين أن تكون أعطيت تحت تأثير الوعد له بشيء أو إعطائه هدية أو عطية وفي هذه الحالة الأخيرة يحكم بعقوبة الرشوة وهي الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد علي ما أعطي أو وعد به .
2-الشهادات المقدمة للمحاكم
أحيانا يطلب متهم من الطبيب أن يعطيه شهادة طبية مزورة تفيد مرضه، وقت ارتكاب المتهم فيها أمام المحكمة، أو يطلب شاهد من الطبيب منحه شهادة مرضية مزورة ليمتنع بعذر عن الذهاب للمحكمة أو بقصد التخلص من غرامة حكم بها عليه لتخلفه عن الحضور للشهادة بالمحكمة.
إذا ثبت للمحكمة تزوير الشهادة الطبية فإن الطبيب يحاسب ويعاقب بالتزوير، وذلك طبقا للمادة 223 من قانون العقوبات التي تنص علي: «العقوبات المبينة بالمادتين السابقتين (أي المادتين 221 ، 222) يحكم بها أيضا إذا كانت تلك الشهادة معدة لان تقدم إلي المحاكم»، لم تحدد محكمة النقض نوع مرض معين يكتبه الطبيب بل يكفي أن تكون المعلومات الواردة بالشهادة الطبية غير صحيحة – هكذا يقول «الزهيرى».
أوردت محكمة النقض في أحد أحكامها ما يلي: «يكفي أن تكون الشهادة معدة لأن تقدم لإحدى المحاكم ولو لتعزيز طلب التأجيل حتى يحق العقاب علي تزويرها لأن تأجيل القضايا لسبب ظاهره شرعي وباطنه تدليسي فيه إضرار بمصلحة المتقاضين وبالمصلحة العامة التي تقتضيها سرعة إجراء العدل بين الناس وعدم التمهل فيه إلا لأسباب شرعية ظاهرا وباطنا».
3-الشهادات الخاصة بالأمراض العقلية
ينص القانون علي عقاب أي طبيب أثبت عمدا في شهادته ما يخالف الحالة العقلية لشخص ما، علي الطبيب أن يتروى لخطورة هذه الشهادات التي تحد من حرية الشخص وقدرته علي التصرف، وعلي الطبيب أن يدرك أن أهل المريض طالبي الشهادة قد يتوافر لديهم سوء النية بالنسبة للمريض، وفي هذه الحالة يعاقب الطبيب إذا أعطي الشهادة بناء علي أقوالهم دون فحص كاف.