قصة منتصف الليل.. الشاب الذي تزوج الأم وابنتها
الإثنين، 28 يناير 2019 11:00 مإسراء بدر
وقفت «هيام» لإعداد الطعام للأسرة وبجانبها حفيدتها المدللة التي لا يتخطى عمرها 24 شهرا، ممسكة بطرف جلبابها تناديها بكلمات متقطعة وتداعبها من بعيد. فتبتسم لها «هيام»، وأكملت مهامها اليومية في المنزل.
وفي نهاية الليل تأتي ابنتها الوحيدة «مروة» لتأخذ طفلتها وتعود مسرعة إلى منزلها كعادتها يوميا، فأصبحت الطفلة تعيش مع جدتها طوال الوقت ولا ترى أمها سوى في ساعات النوم القليلة، فكيف تجلس معها وهي تعمل طوال اليوم لجلب الأموال لتستطيع سد احتياجات طفلتها بعدما توفي زوجها في حادث سير فور إنجابها. ورفضت الإقامة مع والدتها وعاشت في منزلها. وتحملت الجدة «هيام» مسؤولية رعاية الطفلة طوال الوقت رغم كبر سنها وحالتها الصحية المضطربة، ورغم ذلك لا تشكو لابنتها ولم تشعرها بالحمل الذي وقع على أكتافها يوميا.
واستمر الوضع على ما هو عليه لسنوات دون أن تشعر «مروة» بالحمل الملقى على عاتق والدتها وذات ليلة فوجئت «هيام» بغياب ابنتها ولم تأت لتأخذ الطفلة كالعادة فهاتفتها للاطمئنان عليها ولكنها لم ترد، وفي صباح اليوم التالي جاءت «مروة»، وهي بكامل أناقتها لتخبر الأم بزواجها من رجل آخر، تفاجئت الجدة بالخبر وحاولت الاستفسار عن سبب كتمانها الخبر وعدم إعلانه سوى بعد إتمام الزواج بليلة ولكن كان رد «مروة» مبالغ فيه فظلت تصرخ في وجه «هيام» مؤكدة على أنه حقها الشرعي وليس من حق أحد أن يشاركها القرار حتى أمها.
فالتزمت «هيام» الصمت بعدما وجدت نفسها شريكة ابنتها في المسؤولية أو بالأدق هي من تحملت مسؤولية تربية طفلتها طوال هذه السنوات، ولكن في وقت الفرح أصبحت شخص غريب عنها يعلم بخبر زواجها بعد إتمامه فلم تجد رد سوى دموع حارة تخرج من بين جفونها في صمت، وهي الدموع التي لا تبالي لها «مروة».
ثم وقفت «مروة» لتخبر «هيام» بأن الطفلة ستظل معها لعدة أسابيع إلى أن تستقر أوضاعها في زيجتها الجديدة، وتركتهما وخرجت لتعود إلى زوجها ولكنها لم تأت بعد عدة أسابيع مثلما وعدت ولم يعلم أحد عنها شيء لسنوات طويلة اضطرت فيها الجدة «هيام» للعمل على ماكينة خياطة بمنزلها لتكفى احتياجات الحفيدة من دراسة وملابس وغيرها.
طوال هذا الوقت كان السؤال الأصعب هو المتردد من الحفيدة عن والدتها فلم تجد «هيام» إجابة عنه، وفي كل مرة كانت تتهرب من الإجابة بقولها: «هو أنتي مش بتحبيني فبتسألي على مامتك.. هو مش أنا زى مامتك ولا أنا قصرت معاكي في حاجة؟» فلم تجد الحفيدة رد سوى تقبيل جدتها والدعاء لها بالعمر المديد والصحة الجيدة.
وبعد تخرج الحفيدة من التعليم الجامعي التحقت بالعمل في إحدى الشركات الكبرى تعرفت فيها على شاب يكبرها بـ 12 عاما، وتقدم لخطبتها من جدتها التي سيطرت الفرحة على قلبها لحفيدتها التي عاشت في أحضانها طوال عمرها.
وقبل الزفاف بساعات معدودة جاء الشاب ليصطحب عروسته من منزل جدتها ليتجها إلى حفل الزفاف وفور خروجهما من المنزل فوجئ الجميع بوجود «مروة» الأم التي تركت ابنتها كل هذه السنوات الطويلة ولكن كان هناك نظرات مريبة تبادلها الشاب مع «مروة»، في صمت، إلى أن قررت الخروج عن صمتها والإفصاح بالحقيقة، فأخبرت الجميع بأن هذا الشاب هو من تزوجته دون علم الجدة «هيام» ولصغر سنه مقارنة بعمرها رفضت إعلانه زوج أمام الكافة، واكتفت بالعيش معه لمدة ثلاث سنوات استطاع خلالهم الشاب أن يحصل على منزلها وما لديها من مصوغات وغيرها من الأمور المادية وفي النهاية اختلق خلاف ليعلن طلاقهما.
وعاشت بعده «مروة» في بيوت عديدة فلم يكن لها ملجأ سوى منزل أمها ولكنها رفضت العودة إليها خجلا منها بعدما صدر منها من تصرفات غير لائقة بخلاف حالتها النفسية التي حطمها الشاب، وعدم قدرتها على إخبارها بما مرت به لتجد نفسها في النهاية بين أحضان زوج كل فترة لتضمن متطلباتها المادية.
صعقت الفتاة من حديث والدتها ولكن صدمة الجدة كانت أقوى من أن تتحدث بشيء، ولم يجد الشاب كلمات تبرر موقفه فبدأ يوجه اتهامات غير أخلاقية للأم لا يعلم أحد من المتواجدين حقيقتها من عدمه، وفي ظل هذه الاتهامات عادت الحفيدة بخطوات إلى الخلف لتدخل المنزل وتغلق الباب وتلقى جسدها في أحضان جدتها المربية لها وهي تردد: «أمي ماتت من انهاردة» فأمسكت الجدة بمنشفتها القماش البسيطة وجففت دموع حفيدتها ولم تتركها إلا بعد أن أخذت منها وعد بألا تتذكر كل ما حدث وتبدأ حياة جديدة في أحضانها، وتنسى أمر والدتها وتعتبرها أمها وليس جدتها.