مكافحة الآفات.. من الرش بـ«المواتير» والطائرات إلى ذبابة الفاكهة
الإثنين، 28 يناير 2019 11:00 ص
أثارت أزمة تمويل حملات مكافحة ذبابة الفاكهة، ورش الزراعات والمحاصيل البستانية بالأدوية والمبيدات، السؤال من جديد حول دور الإدارة المركزية لمكافحة الآفات الزراعية، وباقي القطاعات والمؤسسات الملحقة بملف المبيدات ومكافحة الآفات الزراعية وميزانياتها، والذي تحولت معه الإدارة من حقيقة وواقع في السبعينات والثمانينات وأوائل التسعينات، إلى ظلٍ وخيالٍ ولجانٍ وإدارات ومباني ومسئولين واجتماعات، دون عمل أو نشاط في خدمة الزراعة والمحاصيل المصرية، فبعد أن كانت المحافظات تعيش فى حالة طوارىء، خلال رش محصول القطن ومكافحة آفاته، أصبحت الزراعة لاصلة لها برش المبيدات ولا مكافحة الآفات إلاّ من خلال تحصيل وجمع الأموال فقط لاغير.
الرش بالمواتير
المساحات وكميات المبيدات
في قمة زيادة مساحات زراعة القطن، فى السبعينات والثمانينات وأوائل التسعينات، عندما كانت مصر تزرع أكثر من 2,5 مليون فداناً من المحصول، كان من الطبيعي استخدام كميات كبيرة من مبيدات مكافحة الآفات، بالتوازي مع المقاومة اليدوية لحماية الذهب الأبيض وقتها، من الهجوم الشرس لدودة القطن، وقد تطور حينها رش المبيدات من خلال مواتير مملوكة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، إلى طائرات رش المبيدات بعد ذلك، وهو ما ترك أثره السلبي على الزراعات والبيئة عموماً، بما فيها الإنسان والحيوان والطيور والأسماك وثروتنا من نحل العسل، ثم العودة مرّة أخرى إلى مواتير الوزارة، وكذلك المواتير المحمولة على الظهر وهي الخاصة، ومع تناقص وتراجع مساحات زراعة القطن إلي 336 ألف فدان، تقلصت معه كميات المبيدات المُستخدمة فى الزراعة، حتى وصلت إلى حوالى 10 آلاف طن من المبيدات لجميع الزراعات، بما فيها الخضر والفاكهة والمحاصيل الأخرى، وكذلك ما يطُلق عليها المحاصيل الاستراتيجية.
رش المبيدات
مصر أقلّ الدول استخداماً للمبيدات
فى يوليو عام 2018، أكد الدكتور محمد عبد المجيد، رئيس لجنة مبيدات الآفات الزراعية بوزارة الزراعة، خلال تصريحات له، أن العالم يستهلك 5 ملايين طن من المبيدات سنوياً، ويصل حجم استهلاك مصر لحوالى 10 آلاف طن فقط، وبهذه الأرقام تعتبر مصر من أقل دول العالم استهلاكاً للمبيدات قياساً على مساحة الأراضى الزراعية، وقال رئيس لجنة مبيدات الآفات الزراعية، إنه ليس من المستغرب أن نجد المبيدات موجودة فى قمم الجبال وأعماق المحيطات، وحذّر من الاستخدام العشوائى والمُفرط للمبيدات وأثرها الضار على الإنسان والتربة.
وطالب "عبد المجيد" وقتها برفع الوعي لدى المُزارِع من خلال تكثيف برامج التوعية، للتعرف على معايير استخدام المبيد، حيث أن تلك الأضرار تتعاظم مع سوء الاستخدام، وفيما يتعلق بأبرز أضرار المبيدات، قال عبد المجيد: «احتمال وجود متبقيات على الخضر والفاكهة، يشكل خطورة كبيرة على الإنسان، والتأثير على خصوبة التربة الزراعية، والإضرار بالمحصول وعدم استجابة الآفة للمبيد»، ونصح رئيس لجنة مبيدات الآفات الزراعية، بعدم تكرار استخدم المبيد، قائلا: «ليس من المنطقي رش نفس المبيد مرتين أو ثلاث مرات متتالية».
بيع وتداول المبيدات
وفي تقرير لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، رصد التقرير الحملات الدورية على أسواق وتداول بيع المبيدات لضبط المخالفين، وألزم 5 آلاف محل تجارى مرخص لبيع وتداول المبيدات بإصدار فاتورة للمزارعين، وهؤلاء يمثلون حوالى 70% من محال بيع وتداول المبيدات، على أن يتم توضيح بيانات المبيدات المتداولة ومصدر الإنتاج أو الاستيراد وجهة التجهيز، ومصدر هذه المبيدات التى يتم التصرف فيها من خلالها، وإرسال شهادات تميز للمحال الملتزمة.
زراعة القطن كانت تستهلك كميات من المبيدات
وتابع التقرير في رصد المبيدات وأسواقها والحملات التي تُشن عليها، وأكد التقرير أن الحملات تشمل مصانع الإنتاج وأسواق ومحال ومنافذ البيع، وأخذ عينات من المنتجات المطروحة، للتأكد من مطابقتها للمواصفات المصرح بها، والمسجلة على أكثر من 7 آلاف محال بيع وتداول للمبيدات، وتشكيل لجان متابعة للمرور على مصانع إنتاج المبيدات للتأكد من تطبيق المواصفات المصرية والدولية للإنتاج، وتنفيذ حملات لإغلاق أماكن إنتاج مبيدات مغشوشة أو ما يُطلق عليه مصانع "بير السلم"، وتكثيف لجان الرقابة على الموانئ ومنافذ الاستيراد لمنع تهريبها بالتنسيق مع شرطة المسطحات.
رش الزراعات
وكشف تقرير لجنة المبيدات أيضا، حجم المبيدات المغشوشة والمحظورة، التي تم ضبطها منذ الأول من يناير وحتى أغسطس 2018 فقط، والتى بلغت 333 ألفاً و489 عبوة، وهذه الكميات تعادل 130 طنا و159 كيلو جرامًا، وبالمرور على 10 آلاف و110 محلات، منها المرخصة، ويبلغ عددها 4 آلاف و907 محلاً، وغير المرخصة وتبلغ 5 آلاف و 495 محلاً، وتحت الترخيص 5 آلاف و 952 محلاً، وقد أسفرت الحملات عن تحرير 336 محضراً.
وأكد التقرير على دور الرقابة المُشدد، فى حصار تداول المبيدات خلال هذه المدّة، وتضمن الجهود المبذولة من أجهزة الرقابة على المبيدات، بالمعمل المركزي للمبيدات ومديريات الزراعة بالمحافظات وشرطة البيئة والمسطحات المائية والإدارة المركزية لمكافحة الآفات، وأنه تم ضبط 73 ألفا و154 عبوة مبيدات مختلفة الأحجام والسعات غير مسموح بتداولها، وتوازى كمية 36 طنا و577 كيلو جرام، وذلك من خلال المرور على 1654 محلاً تجاريًا، منها 92 تحت الترخيص و772 محلاً مرخصا و790 محلاً غير مرخص، وتحرير 53 محضرا للعرض على النيابة.
المقاومة الحيوية
من ناحيته، أكد الدكتور محمد عبادى، الخبير الزراعي، أن كميات استخدام المبيدات تراجعت كثيراً عن الماضى، وخاصة فى فترات زراعة القطن بمساحات كبيرة، حيث كانت مصر تستخدم آلاف الأطنان من مبيدات مكافحة آفات القطن، من خلال رشها بأكثر من 2 مليون فدان ولأكثر من مرّة، علاوة على الزراعات الأخرى، وبتقليص مساحات زراعة القطن تراجعت كميات استخدام المبيدات، وأصبحت مقصورة على الحاصلات الأخرى وخاصة الفاكهة والخضروات فقط، كما ارتبطت عمليات التصدير للدول العربية والأوربية، بخلو المنتجات الزراعية من متبقيات المبيدات، وهو ما يجعل المزارعين والفلاحين يحرصون كل الحرص، على التقليل من استخدام المبيدات إلاّ فى أضيق الحدود، بل هناك من يرفض استخدام المبيدات، ويستبدلها بالمقاومة الحيوية أو المفترسات الطبيعية، لحماية المحاصيل وحتى تكون الزراعة طبيعية أو زراعة أورجانيك، كما تراجعت إلى حدٍ كبير بل خرجت الجمعيات الزراعية من صرف و التحكم فى تدفق المبيدات بعد عمليات تحرير الزراعة من قبضة الحكومة، نتيجة التحرر الاقتصادى وبذلك أصبحت الجمعيات الزراعية بدون عمل وهناك جمعيات زراعية كثيرة تهدمت وتحولت إلى مبانى وأراضى بناء، وذهبت معها مواتير الرش وجرارات الحرث وغيرها.