مصر تقطع شوطا كبيرا في زيادة مساحة الزراعة العضوية

تمثل الزراعة العضوية أو النظيفة أو الأورجانيك، حلقة جديدة فى سلسلة الغذاء الصحي والآمن، والذى بدأت تتجه إليه دول العالم منذ عشرات السنين، بعد أن أعيتها الحيل فى التخلص من المبيدات والأدوية والكيماويات، التى تترك متبقياتها فى الإنتاج الزراعي، وتجد طريقها إلى داخل أجساد الملايين من البشر فى مشارق الأرض ومغاربها، فتصيبهم بالأمراض المستعصية وتتسبب فى دمار أكبادهم وكِلاهم وصدورهم وقلوبهم، وتحيلهم إلى أشباح و حطامٍ آدمى، وقد تمثّل الخلاص من هذه الكيماويات والمبيدات فى العودة إلى الزراعة الطبيعية، كما كانت فى القرون الأولى عند الإنسان البدائى، زراعة على المياه والتربة النظيفتين، وبدون أى تدخلٍ للمبيدات والأدوية والكيماويات. 

 

 بروتوكول تعاون مشترك

وتأكيداً على هذا الاتجاه الحميد فى الزراعة، قطعت مصر شوطاً جيداً لإقراره ونقل ثقافته للفلاحين والمزارعين، وقد وقّعت الدكتورة جيهان عبد الغفار المنوفي، رئيس قطاع الإرشاد الزراعي بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، وصلاح حجاري نائب رئيس مجلس إدارة المركز المصري للزراعة العضوية، «ايكوا» بروتوكول تعاون مشترك، لتنظيم ندوات وبرامج إرشادية وورش عمل في مختلف محافظات الجمهورية، لتنمية الوعي بمدى أهمية الحصول علي منتج زراعي صحي.

 

وقالت رئيس قطاع الإرشاد، إن ذلك يأتي تنفيذًا لتوجيهات الدكتور عز الدين أبو ستيت، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، والاستجابة العاجلة لمبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، لإنتاج غذاء صحي وآمن، حفاظا علي صحة المواطنين.

 

وأشارت الدكتورة جيهان عبد الغفار إلي أنه وفقاً للاتفاق، سيتم تنظيم ندوات وبرامج إرشادية وورش عمل في مختلف محافظات الجمهورية، لتنمية الوعي بمدى أهمية الحصول علي منتج زراعي صحي وآمن ، والتعريف بالطرق والممارسات الزراعية الجيدة المتبعة، حتى يتمكن المزارعون من التوافق مع المواصفات الدولية للحصول على منتج زراعي عالي الجودة، وقادر على المنافسة محليا ودولياً.

 

وأوضحت الدكتورة جيهان عبد الغفار أن المركز المصري للزراعة العضوية، «ايكوا»، يُعد أحد المراكز الرائدة في مجال الزراعة العضوية والممارسات الزراعية الجيدة، وأنه من المقرر أن يتم عقد الندوات والبرامج الإرشادية وورش العمل، في الموضوعات المتعلقة بالزراعة العضوية والممارسات الزراعية الجيدة، والتوعية بخطوات التحول من أساليب الزراعة التقليدية إلي الزراعة العضوية، واتباع الممارسات الزراعية الجيدة، ولفتت الدكتورة جيهان إلي أنه سيتم تنفيذ تلك الندوات بمختلف محافظات الجمهورية، بمراكز الدعم الإعلامي الإرشادي ومقار الإرشاد الزراعي.

 

ماهى الزراعة العضوية

ومن أجل إلقاء الضوء على الزراعة النظيفة أو العضوية، كان من الواجب أن نستعرض تعريفها ومتى بدأت وما هى مواصفاتها وهل لدينا فى مصر زراعة عضوية من عدمه؟

 

وتأتى الإجابة الجامعة والشاملة من الدكتور وليد فؤاد أبوبطة، من معهد بحوث البساتين التابع لمركز البحوث الزراعية، وعضو اللجنة العلمية للزراعة المحمية بوزارة الزراعة، فى مقال مطولٍ له، قال فيه إنه حسب تعريف الاتحاد الدولي للزراعة العضوية، «IFOAM» فإن الزراعة العضوية، نظام زراعى بيئى ذو أبعاد اقتصادية واجتماعية، يهدف إلى إنتاج غذاء نظيف بطرق آمنة، مع مراعاة التوازن الطبيعي، ودون الإخلال بالنظام البيئي، أي أنها حسب هذا التعريف تشمل أنظمة زراعية، لإنتاج الغذاء والألياف«كالقطن وغيره» وذات مضمون بيئي، اجتماعي اقتصادي، كما تهدف لزيادة نسبة الدبال بالتربة، حيث تعتبر بنية التربة وخصوبتها مفتاح النجاح لإنتاج (يحترم القدرة الطبيعية للنبات والحيوانات والأرض )، ويتم الوصول إلى تربة خصبة وحية من خلال سياسة تسميد مناسبة تعتمد على الأسمدة الطبيعية، كما تستلزم الزراعة العضوية تغييرات رئيسية في نظام الزراعة، حيث تعتمد على نظام الدورة الزراعية، وإعادة استخدام المواد العضوية من داخل المزرعة، مثل بقايا المحاصيل، روث الحيوانات وزراعة المحاصيل البقولية، والسماد الأخضر، وكذلك المخلفات العضوية من خارج المزرعة.

 

بدائل طبيعية فى التغذية والمقاومة

كما تعتمد الزراعة العضوية على وسائل وأساليب غير كيماوية للسيطرة على الآفات (حشرات و أمراض و أعشاب)، فالأسمدة والمبيدات الكيماوية ومنظمات النمو والمواد الكيماوية المضافة (في غذاء الحيوانات)، تستثنى من الزراعة العضوية، كما تُستثنى منتجات الهندسة الوراثية من البذور و السلالات المعدّلة وراثياً والمواد الحافظة والمواد المضافة والمواد المشعة، لما لها من تأثير ضار على الإنسان والحيوان والبيئة، وتُستخدم بدائل طبيعية فى التغذية والمقاومة، فتعتمد التغذية فى الزراعة العضوية على السماد العضوى والكمبوست الناتج من تدوير المخلفات الزراعية نباتية وحيوانية، وبالنسبة للمكافحة تُستخدم المركبات البديلة للمبيدات الممنوعة «الضارة بالصحة» مصايد ملونة، مستخلصات نباتية، مصايد وفرمونات ومفترسات ومتطفلات أي أن الزارعة العضوية طريقة للتعامل مع الطبيعة بدلاً من التعامل ضدها.

 

الزراعة العضوية فى العالم

وقد بدأ الاهتمام بالزراعة العضوية منذ زمن بعيد، إلا أن الاهتمام بها فى الآونة الأخيرة تزايد بشكل ملحوظ، نظراً لما تعانى منه الزراعة التقليدية من مشاكل خطيرة على البيئة بصفة عامة والإنسان والحيوان بصفة خاصة، كما أن السوق العالمى للمنتجات الزراعية أعطى اهتماما كبيراً للمنتجات العضوية على حساب المنتجات الزراعية التقليدية، لما تتميز به المنتجات العضوية من مواصفات جودة عالية ومواصفات صحية آمنة، على عكس المنتجات الزراعية التقليدية، وهذا ما جعل دول العالم تولى اهتماما بالغاً بالزراعة العضوية فى مصر من حيث تطور المساحة المزروعة عضوياً.

 

الزراعة العضوية فى مصر

وقد بدأت الزراعة العضوية فى مصر، من خلال زراعة حوالى 60 فداناً فى صحراء بلبيس، حتى وصلت الآن إلى أكثر من 200 ألف فدان، ومحصول الزراعة العضوية يعتبر غذاء صحيًا وآمنًا للمستهلك وآمنًا للمنتج، وتعتمد الزراعة العضوية عل مدخلات تسمح بها قوانين الزراعة العضوية العالمية، وفى مصر صدر قرار وزاري رقم 1411 فى ديسمبر 2008 باعتماد المعايير المنظمة للزراعة العضوية المصرية، وهو فى قوة القانون لحين صدور قانون خاص بالزراعة العضوية.

 

وتساعد الزراعة العضوية فى فتح أسواق تصديرية جديدة وإيجاد فرصة للمنافسين للسوق العالمي فى بعض الحاصلات الحقلية والبستانية، وليس هذا فحسب بل تتعدى أهمية الزراعة العضوية فى زيادة العوائد التصديرية بما يفوق العوائد التصديرية للمحاصيل التقليدية.

 

أهداف الزراعة العضوية

وتهدف الزراعة العضوية إلى إنتاج غذاء آمن ذو قيمة غذائية عالية وبكميات كافية، مع مراعاة البُعد الاجتماعى والبيئى، والتفاعل البنّاء مع جميع الأنظمة الطبيعية، وكذلك المحافظة على خصوبة التربة، وتشجيع وتنشيط النظام الحيوى فى الزراعة والكائنات الدقيقة وفلورا وفيونا التربة، واستخدام المصادر الطبيعية المتجددة فى الزراعة العضوية، والعمل على تنشيط الإنتاج الزراعي فى نظام متجانس خاص بالمزرعة بالنسبة للمخلفات العضوية والعناصر الغذائية، وتوفيرعلاقة متزنة بين الإنتاج الزراعي والإنتاج الحيواني، وتجنب جميع صور التلوث إلى أقل ما يمكن، والاستعمال الآمن والصحى للمياه ومصادرها مع المحافظة على ما تحتويه من أحياء، مع إنتاج منتجات عضوية قابلة للتحلل الكامل حيوياً، وتوفير الحياة المناسبة للعاملين فى مجال إنتاج وتجهيز المنتجات العضوية لتواجه احتياجاتهم الأساسية والتأكد من حصولهم على عائد مناسب من عملهم مع ضمان مناخ آمن خلال فترة العمل، مع تعظيم الفوائد والآثار البيئية للزراعة العضوية.