إسرائيل تدخل حلبة الصراع السورية.. «نتنياهو» يحاول إنقاذ نفسه أمام شعبه بالغارات في سوريا
الثلاثاء، 22 يناير 2019 10:00 ص
يبدو أن إسرائيل تحاول الزج بقوتها العسكرية على حلبة الصراع السورية، بعد سجال طويل من المعارك الدائرة عليها، تساؤلات عدة مطروحة بشأن رغبة إسرئيل الدفينة في التدخل في القرار السوري خاصةً بعد قرار الولايات المتحدة بالانسحاب التدريجي من عُمق الشمال، وبعد إرسال إيران آلاف العسكريين لدعم حكومة الرئيس بشار الأسد في الصراع ببلاده.
البداية كانت غارة من قوات الجيش الإسرائيلي على سماء المنطقة الجنوبية في سوريا، وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية، في الساعات الأولى من صباح أمس الإثنين، أن وسائط الدفاع الجوي للقوات المسلحة السورية تصدّت لغارات جوية إسرائيلية استهدفت المنطقة الجنوبية، بعدها خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ليلقي خطابه الذي أفرز عدة نقاط يلزم مناقشتها بشأن التدخل المتأخر في القضية السورية.
وقال نتنياهو في خطابه: «نحن نعمل ضد كل من إيران والقوات السورية التي تحرضها على العدوان .. سوف نضرب (بغاراتنا) أي جهة تحاول إيذاءنا، وعلى من يهدد بإزالتنا تحمل المسؤولية كاملة»، وشدد رئيس الوزراء الاسرائيلي على أن بلاده لن تسمح بتغلغل الوجود العسكري الإيراني في الأراضي السورية.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن الغارات الجوية الإسرائيلية على سوريا الاثنين استهدفت في الأساس مواقع عسكرية أنشأتها إيران، التي حذرها من مواجهة عواقب تهديدها بتدمير إسرائيل.
اسرائيل تنشر صورة لاستهداف ما قالت إنه بطاريات دفاع جوي سوري
نوايا إسرائيل الدفينة وراء غاراتها في سماء سوريا
من النادر أن يعلن الجيش الإسرائيلي عن غاراته في سوريا، لكن بعد كلمات نتنياهو كشفت نوايا النظام الصهيوني، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي أنه شن ضربات على أهداف إيرانية داخل الأراضي السورية فضلا عن دفاعات جوية سورية، بينما أكدت سوريا أن دفاعاتها الجوية تصدت للعدوان الإسرائيلي.
بعدها أصدر الجيش الإسرائيلي بيان ذكر فيه تفاصيل العملية، قائلًا إنه ضرب مستودع ذخيرة في مطار دمشق الدولي، وموقع استخبارات إيرانيا، ومعسكر تدريب إيرانية، وأضاف بيان للجيش الإسرائيلي أنه "يقوم بضرب أهداف تابعة لفيلق القدس الإيراني داخل سوريا"،محذرا دمشق من "محاولة استهداف الأراضي أو القوات الإسرئيلية".. ونقلت الوكالة الطلابية الإيرانية عن قائد القوات الجوية الإيرانية، العميد الركن عزيز نصير زاده، الاثنين قوله إن بلاده: "جاهزة تمامًا، وتنتظر بفارغ الصبر مواجهة النظام الصهيوني ومحوه من على وجه الأرض"، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز للأنباء.
في هذا الإطار يقول طارف فهمي المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية، إن إسرائيل تعمل على حجز مقعد لها في الفترة الحالية، ويرغب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في أن يقول للعالم: «أنا الجنرال الحالي»، وأن إسرائيل تلعب على أن تكون المتحكم الأول في سماء سوريا، وتحاول بشتى الطُرق أن تكون اللاعب الأساسي في القضية السورية في هذا التوقيت وقبل الانسحاب الأمريكي.
يؤكد أستاذ العلوم السياسية لـ«صوت الأمة»، أن نتنياهو يرغب في "زحزحة" التواجد الإيراني إلى عمق النقطة 135 بحيث تضمن أمنها على الجولان السوري، ويحاول إحراز هدف يحفظ ماء وجهه أمام شعبه، ولاسيما أنه مقبل على الانتخابات الإسرائيلية، واختار نيتياهو هذا التوقيت ليُعلن تواجده في حلبة الصراع السورية مع الدول الكُبرى المُشاركة في الحروب الدائرة بها.
يضيف طارق فهمي أن نظام الـ"اس 300" الروسي – وهو نظام الصواريخ الذي منحته روسيا للقوات السورية – حيث يشكل خطر أيضًا على أمن إسرائيل القومي خلال الفترة الماضية عُقب توريد الروس له إلى قوات الأسد، ويشكل الأمر تهديدا كبيرا على إسرائيل.
أما خارجيا، فتحاول إيران الاتساق مع الرؤية الأمريكية المواجهة لإيران في الشرق الأوسط، لتحيقيق أكبر درجة من الضغط على إيران بالتوازي مع مسار العقوبات التي تنتهجه واشنطن.
بجانب ذلك، فإن الضربة الإسرائيلية لأهداف إيرانية في سوريا استهدفت في المقام الأول وضع إيران على حافة المواجهة وجعلها في موضع اختبار أمام الرأي العام الداخلي، فغالبية التصريحات الصادرة عن المسئولين الإيرانيين تحاول أن تظهر كمن يهدف من انتشاره في الشرق الأوسط إلى مواجهة إسرائيل وتدميرها لحشد الرأي العام خلفها.. هنا نتنياهو يهدف إلى إحراج القيادة الإيرانية وجعلها في موقف اختبار أمام الرأي العام، وبالتالي جاءت لهجته الفجة لصانع القرار الإيراني.
يضيف "علي" لصوت الأمة: «أرى أن كلا الجانبين الاسرائيلي والإيراني غير قادرين ولا راغبين في المزيد من التصعيد، وأن أي تصعيد خلال الفترة الأخيرة هو من باب المناورة ليس أكثر لأن لا إيران أو تل أبيب لديهم القدرة على الدخول في حرب عسكرية خلال الوقت الراهن نتيجة للأزمات التي يعاني منها كلا الطرفين».
وعلى المستوى الاقتصادي، يقول: «إيران تعاني من أزمة اقتصادية وبخاصة بعد العقوبات الأمريكية، وكذلك موقف بعض القوى الأوروبية مثل ألمانيا التي، ألغت تصريح شركة ماهان إيران الإيرانية بزعم أنها تستخدم لأنشطة عسكرية.. وبجانب ذلك تأتي التي يواجهها قطاع النفط الإيراني بما له من تأثير على الاقتصاد الإيراني بشكل عام. وبالتالي طهران غير قادرة على الخوض في عمليات عسكرية تكلفها الكثير في المرحلة الراهنة».
أما تل أبيب فبجانب أزمة الشرعية وقضايا الفساد التي ينشغل بها نتنياهو فإن الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من أزمة أيضا، وخاصة مع تراجع حركة المساعدات الدولية الوافدة لإسرائيل، إضافة إلى أن إيران نفسها لا تخوض حروبها إلا من خلال منطق "الحرب بالوكالة" أي من خلال حزب الله، الذي ينشغل بالاضطرابات السياسية في لبنان في المقام الأول، فضلاً عن ارتباك المشهد في سوريا بعد التطورات الأخيرة والتي كان أهمها بل وأخطرها قرار الانسحاب الأمريكي من سوريا، كل ما سبق يقودنا استبعاد مواجهة مباشرة خلال الفترة الراهنة بين الجانبين نظرا للأزمات التي يعاني منها كلاهما.