حمد بن جاسم.. عندما يهذي البلياتشو
السبت، 19 يناير 2019 05:00 مشيريهان المنيرى
- محاولات فاشلة لتنظيم الحمدين تهدف لانتزاع مصر من حلف الرباعي العربي
مع كل ظهور له، يتضح للمتابع العربى مدى ما يكمُن فى صدورهم من حقد وغل تجاه مصر وحلفائها فى المنطقة العربية، خاصة منذ أن كشفت الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب «مصر والسعودية والإمارات والبحرين»، ممارسات وانتهاكات تنظيم الحمدين فى حق المنطقة العربية على مدار سنوات طويلة.
رئيس الوزراء وزير الخارجية القطرى الأسبق، حمد بن جاسم بن جبر آل ثانى، ظهر مؤخرًا فى حوار إعلامى عبر قناة «روسيا اليوم»، مواصلًا أكاذيبه وادعاءاته تجاه دول الرباعى العربى، موجها أيضًا كيلًا من الإساءات سواء بشكل مباشر أو غير مباشر لمصر وأشقائها، وحملت بعضا من العبارات فى طياتها محاولات خبيثة لاستفزاز مصر، ربما تهدف إلى الوقيعة بينها وبين حلفائها وانتزاعها من ضمن حلف الرباعى العربى.
مضمون حوار المسئول القطرى عبر «روسيا اليوم» حمل أجزاء لا تختلف فى ماهيتها عن حوارات سابقة، شهدتها الشهور الأخيرة من العام الماضى 2018 عبر تليفزيون قطر الرسمى، وقناة «فرانس 24»؛ فقد وجه من قبل لغة حوار تجاه الإدارة المصرية، تبدو كمحاولة للتقرب منها متحدثًا عن دور مصر فى المنطقة ومكانتها، وهو ما لا يختلف عن مضمون تصريحات للمبعوث القطرى لدى غزة، محمد العمادى بالتزامن مع تصريحات «بن جاسم» من حيث التأكيد على مواقف مصر وسياساتها الناجحة فى المنطقة، وأن دورها مرحب به فى حل بعض من قضاياها، وأيضًا تصريحات سبقتها فى عام 2017 لوزير الدفاع القطرى خالد العطية، ووزير الخارجية القطرى محمد بن عبدالرحمن آل ثانى، حاولا فيها الفصل بين مصر وحلفائها فى التحالف الرباعى والتأكيد على مكانتها.
فيما ظهر حمد بن جاسم هذه المرة مسيئًا لمصر بشكل فج فى محاولة لاستفزاز الإدارة المصرية، وإثارة الرأى العام المصرى، زاعمًا أن سبب انضمام مصر لدول التحالف الرباعى هو حاجتها للمال، وأن هذا الأمر هو ما دفعها للحياد عن دورها فى حل قضايا المنطقة، مشبهًا إياها بـ«الآلة الحاسبة»، ويبدو أن «بن جاسم» تناسى أن مصر بعد 30 يونيو 2013، ردت جميع الودائع القطرية التى ضختها أثناء حكم جماعة الإخوان الإرهابية، وأيضًا تأكيد كل من السعودية والإمارات والبحرين، منذ إعلان مقاطعة الدوحة فى يونيو من عام 2017، على ضرورة أمن مصر واستقرارها، وهو الأمر ذاته الذى دفع هذه الدول سابقًا إلى اتخاذ قرار سحب سفرائهم من الدوحة، وإلزامها فيما بعد بتوقيع اتفاقية الرياض عامى 2013 – 2014، تلك البنود التى لم تلتزم بها قطر على مدار سنوات.
المحلل السياسى والكاتب السعودى، حسن مشهور، يرى أن حمد بن جاسم ما زال يلعب دورًا خفيًا فى صنع سياسة قطر العدائية ضد جيرانها من العرب والخليجيين، على حد تعبيره، وقال فى تصريحات لـ«صوت الأمة»: «بن جاسم كشف عن امتلاكه شبكة واسعة من الموالين له داخل أجهزة الدولة القطرية، الأمر الذى يضمن له موقعًا وتأثيرًا فى صنع قرارها رغم خروجه رسميًا من السلطة فى العام 2013، وهو الأمر الذى يفسر استمرارية السياسات القطرية العدائية والداعمة للإرهاب تمامًا مثلما كانت فى فترة حكم حمد بن خليفة الأمير الوالد».
وأضاف أن «عراب الخراب فى المنطقة حمد بن جاسم، طالما كان المهندس الفعلى لسياسات قطر، التى هدفت للتدخل فى شئون البلدان العربية، نصرة لجماعات الإسلام السياسى، وإحداث قلاقل واضطرابات ومشاكل فى واقع استقرار هذه البلدان، ما يضمن تفككها ووقوعها فى براثن الجماعات الدينية المتطرفة، والمرتبطة بنظام الحكم فى قطر، والآن ومن خلال حديثه، أكد أنه يملك إطلاعًا واسعًا على الخيارات السياسية الكبرى لبلاده، ما يؤكد كما أسلفت أنه لا يزال فى قلب الحدث، وإن حاول التظاهر رسميًا بغير ذلك، ومن ثم أعتقد أن استمرار أزمة قطر مع جيرانها، ستستمر لأجل غير مسمى، طالما بقى ذلك التأثير الملحوظ لهذا الرجل على السياسة الخارجية للنظام القطرى».
وبالنسبة لما ذكره «بن جاسم» بشأن مصر، فقال «مشهور»: «محاولات بن جاسم وغيره من المسئولين القطريين لاختراق رباعى المقاطعة العربية عبر إظهار التعاطف مع الموقف المصرى، بدأت منذ ما يقرب من عامين، ربما بعد أن تأكد تنظيم الحمدين، أن الدول الأربع لن تحيد عن موقفها إلا بعد قبول قطر بالشروط العربية»، منتقدًا محاولات حمد بن جاسم فى حواره الإساءة لمصر، ومحاولة إظهار موقفها الداعم لدول المقاطعة الخليجية، أنه يأتى فى ركب قد فُرض عليها أن تسير فيه، نتيجة ظروف اقتصادية وما إلى ذلك، زاعمًا أنه لم يكن نتاج خيار سياسى خاص بها وبقراراتها وسيادتها الوطنية الخالصة، التى لا يختلف عنها أحد فى المنطقة، على حد تعبيره.
وأضاف: «إنه لو تمعنا صدق هذا الحديث وواقعيته ومنطلقاته وأبعاده؛ فإننا سندرك حينئذ أن بن جاسم، يهدف لاختراق مصر، وتقويض رباعى المقاطعة العربى، وهو ما أراه أمرا لن ينجح فيه على الإطلاق، إذ أن الجميع يعلم جيدًا أنه لا أحد يجرؤ أن يملى على مصر مواقفها السياسية أو الوطنية، ولا يمكن كذلك بأى حال أن تنحنى مصر تحت طائلة أى حاجة اقتصادية أو غيرها؛ فمصر حكومة وشعبًا أكبر من ذلك، ومثل هذا القول مردود عليه، ويعاب عليه، لأن القاصى قبل الدانى يعلم جيدًا أن الموقف المصرى من النظام القطرى، قد بُنى على تلك التدخلات القطرية السافرة فى الشأن السياسى الداخلى المصرى، ودعم تيارات الإسلام السياسى المحظورة، التى تتبنى الإرهاب منهجًا وأسلوبًا».