صيد العقول

تطورت الحرب النفسية على مر العصور من جزء فى استراتيجيات الحروب إلى استراتيجية منفصلة قائمة بذاتها و متطورة، تُمارس بطلاقة وبلا هوادة وأغلب جنودها من الطيبين البسطاء، فقط كل ماعليك هو أن تستنهض الغرائز المُلحة والمداومة على استفزازها، أو العمل على تفجير رغبات وانفعالات جديدة.

 

فالشائعة لا يمكن لها أن تصيبك إلا بعد أن يكون تم إعدادك جيداً لقبولها والإعداد هو أمر يسير جدا فقط يكفى أن تسلبك الموضة إرادتك  وتكون منساقا وراء التقليد أو أن الشراهة الإستهلاكية تتفوق على الإحتياج أو مداومة الجلوس فى دوائر الطاقة السلبية أو حب الظهور ورغبتك فى أن تكون محل الاهتمام ،أو ثقتك المفرطة فى اشخاص ليسوا محل ثقة فى تداول المعلومات أو أن تكون لا تحب الحقيقة.

 

فعدد الشائعات المرصودة فى العام المنقضى يفوق التوقعات ولكن غير المرصود يفوق حد العقل، فالشائعات التى تم رصدها من مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء وبعض صفحات التواصل الاجتماعى المتطوعة لهذا العمل، تكون خاصة بالأخبار الهامة للدولة وفى كل الأحوال تكون شائعات واضحة مباشرة وهذا أمر ليس بالهين، يجب توجيه الشكر والتقدير لمجلس الوزراء على هذا الدور الثقافى التوعوى الهام ونوجه الشكر لصفحات التواصل الاجتماعى المتطوعة لذلك.

 

ولكن الشائعات الأكثر خطورة هى التى يتعذر رصدها أو يرى البعض أنها أقل خطورة، هى الشائعات غير المباشرة مثل التى تخاطب النخوة الدينية وتخاطب الغيرة القومية أو حتى النكات الفكاهية و معنى النُّكْتَةُ في معجم المعاني الجامع هى الفكرةُ اللطيفة المؤثِّرَة في النفس، فهى ليست للضحك فقط ولكنها مؤثرة ايضاً ، والنوع الأخطر هو النوع الذى يتخذ من المبالغة الإيجابية والمزايدة الوطنية شعاراً فإذا ما افتتح السيد الرئيس مصنعاً يخرج علينا شخص ويحدثنا أنهم أربعون مصنعاً فى مغالطة صريحة لما تم تداوله من خلال  المصادر الإخبارية المصرية الرسمية أو أن ينشر هذا الشخص أخبار عن الجنود فى سيناء دون غيره من المواقع الرسمية،فالتقليل مردوده السخط والمبالغة مردودها فقدان الثقة وخطورتهم  فى التهيئة الذهنية التى تسبق الشائعة المراد نشرها.

 

فإرغامك على تصديق أن ترامب قال إنه سيهدم الكعبة من خلال صورة مبتورة بتقنية الفوتوشوب أمر مضحك ولكن مؤثر فى العقل اللاواعى كذلك السخرية من الدولة والمسئولين فى النكات... كذلك فى منشورات الواتس آب مجهولة المصدر أو تكون مزيلة بأسماء مزيفة وأرقام تليفونات وهمية  والتى تحتوى على تحذيرات من امراض غريبة أو اخبار غريبة لوضع الشخص فى حالة توتر مستمر حتى يرغب بنفسه فى تصديق أى معلومة تنهى حالة التوتر وفى الغالب تكون معلومة ضالة كاذبة تؤكد حالة التوتر ولا تقضى عليها . فإذا اشتدت عليك المعلومات المضللة إحتمى بعقلك وللحديث بقية.

 

حزب الحركة الوطنية وعضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين