انتقلت كراهية «تنظيم الحمدين»، القطرى الحاكم من ساحة السياسة الدولية، إلى المدنيين العاديين فى الوطن العربى وأوروبا، خاصة الأماكن العامة، التى يكثر فيها الوجود العربى كالعاصمة البريطانية لندن، والفرنسية باريس.
مؤخرا، أثار صاحب مطعم سورى فى لندن جدلاً واسعاً، عبر وسائل التواصل الاجتماعى بعد أن رفض استقبال فهد بن حمد بن جاسم، نجل رئيس وزراء قطر السابق، وأحد كبار المتآمرين لزعزعة استقرار المنطقة، وأصر على طرده ومرافقيه خارج المطعم.
وتعد قطر رأس الحربة فى المشروع التخريبى، الذى تدعمه تركيا وإيران للإضرار بالأمن العربى، وتأذت منه المنطقة العربية ودول المقاطعة الأربع - مصر والسعودية والإمارات والبحرين - على وجه الخصوص.
العاملون فى المطعم فوجئوا بوجود نجل بن جاسم، وسط مرافقيه، ليبلغوا صاحب المحل، الذى أسرع للاشتباك معهم، وتطور الأمر سريعاً إلى قيام أصحاب المطعم بضرب المرافقين وطردهم خارج المطعم.
بن جاسم ونجله فهد
واقعة الطرد كشفت بدورها عن حجم الكراهية، التى يكنها العرب فى بلدانهم وخارجها للنظام القطرى، والذى يعد حمد بن جاسم، أحد أركانه الرئيسية، والذى لعب دورا لا يمكن إنكاره فى دعم ونشر الإرهاب والفكر المتطرف.
وبخلاف هذا الدور المشبوه، يرتبط اسم بن جاسم بملفات فساد كبرى، ومن أبرز تلك الملفات، التى تواجه بن جاسم، قضية بنك باركليز لندن الشهيرة، والتى ينظرها القضاء البريطانى، حيث تورط بن جاسم الذى كان رئيساً لوزراء قطر عام 2008 فى قضية فساد مدوية، كشفت خيوطها قبل أكثر من عام الصحافة البريطانية، بعد نشر تقارير عن محاولات الدوحة التسلل إلى بنك باركليز البريطانى والسيطرة عليه مستغلة فى ذلك أجواء الأزمة المالية العالمية، التى وصلت ذروتها 2008، ألقت بظلالها على العديد من الكيانات الاقتصادية والمصرفية ومن بينها البنك البريطانى الشهير.
وبدأت القصة عندما أجرى حمد بن جاسم، رئيس وزراء قطر الأسبق، صفقات مع بنك باركليز خلال الأزمة المالية العالمية، مستغلاً حاجة البنك للحفاظ على استقلاليته وتجنب شرائه من قبل حكومة لندن، وحصلت قطر على حصة قدرها 6% من «باركليز»، وحقنته بمليارات الجنيهات الإسترلينية، كما ساعدت البنك البريطانى على تجنب تدخل الحكومة لإنقاذه.
وقالت صيحفة «نيويورك تايمز»، فى تقرير سابق لها، إن المكتب بالفعل منذ نحو خمس سنوات يجرى تحقيقات بشأن ما إذا كانت اتفاقات تجارية بين باركليز ومستثمرين قطريين ضمن عملية لزيادة رأس المال بقيمة إجمالية 12 مليار جنيه إسترلينى، أى ما يساوى «15 مليار دولار» فى ذروة الأزمة المالية شكلت خرقاً للقانون البريطانى.
ويواجه البنك غرامة مقترحة بنحو 50 مليون جنيهاً إسترلينى، بسبب «إهماله» بعد أن قالت هيئة مراقبة السلوك المالى إنه لم يفصح عن 322 مليون جنيه إسترلينى تتعلق بـ«اتفاقات الخدمات الإستشارية» لقطر، غير أن الجهة التنظيمية وضعت قضيتها قيد النظر، فى إنتظار نتائج التحقيق الجنائى الذى قام به مكتب مكافحة الاحتيالات الخطيرة فى بريطانيا.
وذكرت وكالة بلومبرج، فى تقرير سابق، أن باركليز ينوى الإقرار باتهامات بأنه لم يفصح على النحو الملائم عن عملية زيادة رأس المال وأنه مستعد لغرامة قد تتراوح على الأرجح بين 100 و200 مليون جنيه إسترلينى.
وفى سلسلة أخرى من فساد حمد بن جاسم، تنظر المحاكم البريطانية قضية آخرى متهم فيها بإختطاف مواطن بريطانى من أصل قطرى يدعى فواز العطية، بعد أن اتهم الأخير حمد بن جاسم بخطفه وتعذيبه.
واتهم مكتب محاماة توماس دو لا مار كيو سى، ومقره لندن، الذى يعمل لصالح العطية، بن جاسم بأنه استثمر المليارات فى بنك باركليز، الذى يتم التحقيق معه من قبل مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة، كما أنه كان مشتركاً فى محاولة قطر الناجحة لاستضافة كأس العام فى 2022.
وقالت صحيفة «الجارديان» البريطانية فى تقرير لها، أن الشيخ بن جاسم محور دعوى قضائية فى المحاكم البريطانية رفعها ضده فواز العطية، وهو مواطن قطرى ولد فى لندن، وقال: إن عملاء قطريين تابعين لـ«بن جاسم» احتجزوه فى الدوحة لمدة 15 شهراً وعرضوه لظروف ترقى إلى مستوى تعذيب.
وأكد العطية أنه احتجز قسرًا وحرم من النوم ولم يخرج إلا للاستجواب وهو مكبل، فيما قالت الصحيفة البريطانية: أن محامى بن جاسم يتحدون الولاية القضائية للمحكمة باعتباره دبلوماسياً يتمتع بحصانة. وتدور الدعوى القضائية حول نزاع بشأن ملكية بين حمد بن جاسم والعطية، الذى يحمل الجنسية البريطانية، وكان جده الأكبر أمير فى قطر، بل كان العطية نفسه الناطق باسم الحكومة بين عامى 1996 إلى 1998.
وتقول الصحيفة، أن محامى العطية- عمران خان وشركائه- قدموا للمحكمة دعوى تقول: أن حمد بن جاسم عرض عام 1997 شراء 20 ألف متر مكعب من أرض قيمة من العطية فى منطقة الريان غرب الدوحة، ولا يظهر المستند قيمة العرض. ويدعى العطية أنه رفض العرض لأنه أقل من قيمة الأرض، مما أغضب جاسم، ودفعه لترك منصبه كناطق باسم الحكومة، كما يتهم رئيس الوزراء السابق باحتجازه وتعريضه لـ«مضايقات وتهديدات ومراقبة».
واستمر العداء بين الطرفين بحسب الجارديان، لقرابة العقد، وفى أواخر عام 2007، سافر العطية إلى دبى للعمل، وحينها حاول حمد بن جاسم القبض عليه.
الفساد المقترن بنشر الإرهاب، جنى ثماره بن جاسم الابن، حيث تسببت واقعة طرده وفق وسائل إعلام إماراتية، فى إشعال وسائل التواصل الاجتماعى، خاصة موقع التدوينات القصيرة «تويتر» التى حرص الناشطون فيها على كيل المديح لصاحب المطعم، والتأكيد على أن هذا التصرف هو الفعل السليم لأى عربى يلتقى بأحد أعضاء النظام الإرهابى، مؤكدين أن هذه الحادثة دليل على أن أعضاء نظام الحمدين أصبحوا منبوذين فى معظم دول العالم.
وقال أحد النشطاء القطريين تحت اسم «مواطن قطرى»: «ياخوانى القطريين هل تعلمون انه عندما يذكر موضوع الإرهاب إلى أى شخص، فإنه يربط الإرهاب بعلم قطر، فهو راية الإرهاب للعالم كافه والسبب الحمدين.. أصبح القطرى عاله».
بينما قال آخر: «هذه حقيقة مشاعر العالم وبالذات الذين تأذوا من إرهاب قطر والحمدين، الذين دمروا أراضيهم وشردوا بسببهم وهم فى قطر بأمن من تركيا وحفظها لهم». وقال مغرد قطرى آخر: «القطريون من الأسرة الحاكمة الموالون لتنظيم الحمدين اصبحوا منبوذين وغير مرحب بهم فى أى مكان».
بينما قال حساب آخر: «كفو عليكم هؤلاء رجال سوريا الشرفاء اطردوا الزبالة خارج أماكنكم هؤلاء من شرد الشعب السورى ومات أطفالهم على الشواطئ». بينما قال مغرد آخر: «بطل صاحب مطعم سورى يطرد فهد بن حمد بن جاسم من مطعمه، ومن رفض الخروج تم ضربه ضربا مبرحا منبوذين ملعونين».
واقعة الطرد المهينة تعكس بدورها حجم الغضب العربى تجاه قطر ومسئوليها لدورها المشبوه فى تدمير وتخريب العديد من الدول العربية عبر رعايتها ودعمها للإرهاب والكيانات المتطرفة. وساهم النظام القطرى بشكل كبير فى زعزعة أمن واستقرار سوريا، وبث أخباراً كاذبة لتأجيج الوضع هناك عبر قنواته الإعلامية المختلفة.
كما أن تنظيم الحمدين يتفق مع النظام التركى ويعقد صفقات عسكرية معه، وهو النظام الذى حول شمال سوريا إلى ساحة حرب بل واحتل أراضى منها بحجة مكافحة الإرهاب
وفى سياق آخر، علق وزير البيئة اللبنانى السابق وئام وهاب على تصريحات وزير الخارجية القطرى محمد بن عبد الرحمن آل ثانى بشأن سوريا، مطالباً بطرد قطر من جامعة الدول العربية بسبب جرائمها.
وقال فى تغريدة عبر حسابه فى «تويتر»: «كلام وزير الخارجية القطرى يؤكد أن إمارة تميم مستمرة فى التخريب فى سوريا والوطن العربى، تنفيذاً لمشروع تركيا والإخوان المنافقين، ولعل تميم هو أول هؤلاء المنافقين». وأضاف: «لا معنى لجامعة عربية ولا لعروبة من دون سوريا ويجب أن يتم طرد قطر من الجامعة بسبب جرائمها فى سوريا وليبيا ومصر وكل الأمة».
وكان وزير الخارجية القطرى، قال خلال مؤتمر صحفى مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى، موسى فكى محمد فى الدوحة، إنه لا يرى ضرورة لإعادة فتح سفارة بلاده فى دمشق، وأنه ليست هناك مؤشرات مشجعة على تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية.
الجدير بالذكر، أن حمد بن جاسم آل ثانى، شغل منصب رئيس وزراء، ووزير خارجية قطر سابقا، حتى 26 يونيو 2013، ليخلفه عبد الله بن ناصر آل ثانى، فى رئاسة الوزراء، وفى 3 أبريل 2007 عينه أمير قطر السابق، حمد بن خليفة آل ثانى رئيسًا للوزراء، بعد استقالة رئيس الوزراء عبد الله بن خليفة آل ثانى. وأستلم عدة مهمات أخرى من بينها رئاسة مجالس إدارات شركات، ومؤسسات ضخمة، مثل الخطوط الجوية القطرية، وجهاز قطر للاستثمار، وشركة الديار القطرية للاستثمار العقارى، ومشروع اللؤلؤة.
وقطعت الإمارات ومصر والسعودية والبحرين فى يونيو من عام 2017، العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل مع قطر، بسبب دعم الدوحة للإرهاب.