أذرع أردوغان الخفية لنشر الإرهاب حول العالم بإسم الدين

الجمعة، 18 يناير 2019 11:00 ص
أذرع أردوغان الخفية لنشر الإرهاب حول العالم بإسم الدين
اردوغان
أشرف أمين

يسعى الديكاتور التركي، رجب طيب أردوغان، إلى بسط نفوذه وسيطرته على عددا من الدول المحيطة معتبرا نفسه الوريث الشرعي للإمبراطورية العثمانية، ونشر خططه السامه التي تشبه غزل العنكبوت الباسط أذرعه حول مايرمي إليه نظره من بلدان، مستغلا المساجد في تحقيق حلمه.

«بيوت الله» اعتبرها الديكتاتور التركي، «حصان طروادة» الذي يمتطيه لبسط نفوذه باسم الدين وزرع جواسيسه على المنابر مروجين له باعتباره الخليفة المنتظر، وحامي الإسلام، عبر مساجد تؤسس للعنف والإرهاب وتحرض على التطرف . 

من أمريكا اللاتينية إلى أوروبا وإفريقيا وآسيا، بنت تركيا العديد من المساجد تسوق لتعاليمها الدينية، على أمل استعادة التراث العثماني، ومحاولة فرض هيمنتها المفقودة منذ هزيمتها في الحرب العالمية الأولى.

مخططات أنقرة باتت مفضوحة في كل دول العالم، ومتاجرتها بالدين أصبحت بلا فائدة، تركيا دولة إمبريالية قالها العرب، وفي الغرب يعرفون أن النظام التركي مجرد آلة للقمع، ورئيسه غير مرغوب في تواجده وتستقبله المظاهرات الغاضبة في العواصم الأوروبية.

فمنذ وصول رجب إردوغان إلى السلطة في 2002، وتركيا تحاول لعب دور الوريث الشرعي للإمبراطورية العثمانية، وتسوق صورتها باعتبارها قلعة الإسلام الأخيرة، والزعيم الرئيس لبث الروح في الحضارة الإسلامية المنكوبة.

أنقرة لم تكن القوة الإقليمية الوحيدة التي تستغل الإسلام للهيمنة على المنطقة، طهران نافستها في نشر مذاهبها الإسلامية الخاصة من خلال تمويل المنظمات والمساجد، ما دفع تركيا  تزعم أنها الأكثر تسامحا والأقل تطرفا، لتظهر في عيون الغرب على أنها الأجدر بقيادة المنطقة.

أطماع تركيا فضحتها نزعتها القومية أمام أوروبا، التي ترى فيها دولة تحاول بسط نفوذها خارج أراضيها، فيما تعلم بلدان الشرق الأوسط أن أنقرة تحاول إعادة عقارب الزمن للوراء باسترجاع  إمبراطوريتها الإمبريالية الساقطة.

نظام العدالة والتنمية ينشط في بناء المساجد داخل عواصم ومدن العالم، لنشر أفكاره المتطرفة التي تُمهد لغزو عثماني إمبريالي جديد باسم الدين، فافتتح أردوغان مسجدا في تيرانا عاصمة ألبانيا عام 2015،، وفي العام التالي حضر مراسم افتتاح مركز إسلامي كبير يتوسطه مسجد ومركز ثقافي في ولاية ماريلاند، وصفه بأكبر حرم إسلامي في نصف الكرة الغربي.

في سبتمبر من العام نفسه، افتتح أحد أكبر المساجد في أوروبا بمدينة كولونيا الألمانية، التي تعد موطنا لمجتمع تركي ضخم، وفي يونيو الماضي افتتح مسجد هالة سلطان في الجزء المحتل من العاصمة القبرصية نيقوسيا، ، فيما يخطط لبناء مساجد في كوبا ورومانيا وفنزويلا.

وشهد ديسمبر الماضي افتتاح مندوب شركة توسيالي التركية للحديد والصلب، مسجد الأمير عبد القادر الجزائري بمحافظة وهران غرب البلاد، وتولت الشركة التركية عملية تمويل المسجد الذي يحمل اسم أحد أبطال المقاومة الجزائرية ويعد ثاني أكبر مساجد وهران، ويقام على مساحة 14 كيلو مترا، وتمزج هندسته  بين النمطين المغربي والتركي.

المسجد الذي تستهدف أنقرة ببنائه الدعاية لرئيسها يحمل اسم أشرس المناضلين الذين رفضوا الاحتلال العثماني لبلادهم، والمعروف بكفاحه ضد الاحتلال الفرنسي للجزائر، وافُتتح في العاصمة الجزائر أبريل الماضي مسجد كتشاوة، لتقام أول صلاة جمعة فيه عشر سنوات بحضور وزراء جزائريين، وسفير إردوغان محمد بوروي وفق وكالة الأناضول.

وزار رجب إردوغان الجزائر في 2013 ، ووقع اتفاقا مع حكومتها، يقضي بأن تتولى أنقرة ترميم المسجد، ومع بداية العام التالي بدأت "تيكا" تنفيذ المهمة مستعينة بالخطاط التركي حسين قوطلو للإشراف على أعمال الرسم والكتابة لصبغه بالهوية العثمانية، ما جعل المسجد يحظى باهتمام الأسرة الحاكمة في تركيا، وتزوره أمينة إردوغان في أجواء دعائية مبالغ فيها في فبراير الماضي.

المجاعة التي ضربت الصومال في أغسطس 2011 ولم تحظ باهتمام وسائل الإعلام الغربية، أحسن إردوغان استغلالها ليسوق نفسه باعتباره نصير الإنسانية والمدافع الأول عن مسلمي البلاد.

إردوغان قاد وفدًا من كبار وزراء الحكومة وقادة المنظمات غير الحكومية ورجال الأعمال والصحفيين والمشاهير لزيارة مخيم مكدس بالأطفال الجائعين في مقديشو، ليعلن هناك عن خططه الإمبريالية تحت دعوى حماية تركيا للمسلمين في كل دول العالم.




وأنفقت تركيا أكثر من مليار دولار على مساعدات الصومال، وسيطرت إحدى شركاتها على إدارة مطار مقديشو، فيما باتت الخطوط الجوية التركية الناقل الدولي الوحيد الذي يطير إلى المجال الجوي الصومالي، وعلى جانب آخر نرى إنه بالإضافة إلى رئاسة الشؤون الدينية والمعروفة باسم «ديانت» تنشط  المنظمات غير الحكومية الإسلامية في إدارة المدارس الدينية بالصومال، فيما بلغ التوغل التركي في البلاد إطلاق اسم إردوغان على أحد المستشفيات.

ووقع الشعب  الصومالي في فخ الأساليب الملتوية التي تنتهجها أنقرة لتحسين صورتها، ما يفسر تنامي حجم التجارة بين الدولتين، وتأسيس تركيا أكبر قاعدة عسكرية لها داخل البلاد، ولم تطل تلك الخدعة التركية الصومال وحده، وقعت دول إفريقية أخرى في شراك أنقرة مثل تشاد، وإثيوبيا، وغانا، والنيجر، ونيجيريا التي يحظى فيها التعليم الديني في نسخته التركية بشعبية كبيرة.

ووسط معارضة شعبية كبيرة، افتتح إردوغان المسجد المركزي بحي إيرنفيلد بمدينة كولونيا الألمانية، أكبر مساجد ألمانيا وأوروبا، فيما تولت جمعية الاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية «ديتيب» أعمال تمويل البناء، في الوقت الذي رفض فيه المسؤولون الألمان حضور مراسم الافتتاح.

رئيسة الحزب الديمقراطي المسيحي أنغريت كرامب كارنباور، نددت بما يجري على أراض بلادها، عبر حسابها على تويتر قائلة: " الافتتاح الذي أجراه إردوغان، ليس انفتاحا للإسلام، وإنما رمز لإنغلاقه" في إشارة إلى أفكار الرئيس المتشددة.

نتيجة الاحتجاجات التي عمت المنطقة قبيل افتتاح المسجد، نشرت الشرطة الألمانية في كولونيا الآلاف من عناصرها، الأمر الذي وصفه رئيس الشرطة المحلية أوفي ياكوب بأنه "أكبر انتشار للشرطة في تاريخ المدينة".

العمل في بناء مسجد كولونيا بدأ عام 2009، شيد بالأسمنت والزجاج على مساحة 4.5 كيلو متر، وسط مزاعم تركية بأنه سيكون رمزا للانفتاح، واستقبل المصلين عام 2017 قبل أن يفتتحه إردوغان رسميا.

وزير داخلية ولاية شمال الراين فيستفاليا هربرت رويل كشف بالتزامن مع افتتاح المسجد، تورط أئمة في الاتحاد التركي الإسلامي في جمع معلومات عن المواطنين، وإرسالها إلى تركيا، وذكرت وسائل الإعلام الألمانية أن المخابرات الداخلية أرسلت إلى فروعها في الولايات ملفًا يحتوي على معلومات خاصة باتحاد «ديتيب»، مطالبة بإعداد تصور لفرض مراقبة على أعضائه.

كما افتتح أردوغان بتمويل تركي في يونيو الماضي مسجد هالة سلطان - في العاصمة القبرصية نيقوسيا - الذي يتسع لـ 3 آلاف شخص وسط معارضة من الساسة في البلاد، وذلك في إطار تنفيذه لاستراتيجيته في الوصول إلى قلب الدول المحيطه به.



مؤسس حزب قبرص الموحد الاشتراكي عزت إزجان، اتهم في تصريحات نشرتها صحيفة ديلي ميل، سياسة إردوغان بأنها تفضي إلى تغيير هوية القبارصة الأتراك، قائلا :«لدينا الكثير من القواسم المشتركة مع اليونانيين والأرمن والموارنة على الجزيرة، وما يحاول إردوغان فعله هو ضم الشمال، وبناء هوية أخرى، إنهم يحاولون أن يجعلونا مسلمين صالحين بطريقتهم، كلنا نعرف أن الهدف هو استيعاب ودمج الجزء الشمالي من قبرص إلى تركيا».

رئاسة الشؤون الدينية والمعروفة باسم «ديانت»، والتي تأسست  عام 1924، وقت تفكك الإمبراطورية العثمانية في بداية مهد الدولة التركية الحديثة، تمثل رأس الحربة في مشروع إردوغان الإمبريالي، ولم تلعب حتى الثمانينيات من القرن العشرين أي دور خارج تركيا، اقتصر نشاطها على بناء المساجد وصيانتها، وتوظيف الأئمة،  وكتابة الخطب التي تقرأ كل أسبوع في مساجد البلاد، إلى جانب تقديم التعليم الديني للجمهور، وشرح الفتاوى الإسلامية.

وفي أعقاب الانقلاب العسكري عام 1980 وما نتج عنه من شتات، بدأت المنظمات الإسلامية واليسارية في توسيع نفوذها في أوساط الجاليات التركية المهاجرة غرب أوروبا، ليظهر دور "ديانت" كمروج لنسخة إسلامية على هوى السلطة العسكرية الحاكمة، وابتداء من 2010 وسع حزب العدالة والتنمية الحاكم مهام «ديانت» الدولية لتصبح معبرة عن أجندته السياسية والإيديولوجية، بعد أن كانت تتمتع بشبه حكم ذاتي.

حزب العدالة والتنمية الحاكم عين في العام نفسه رئيسًا جديدًا لـ "ديانت"، وأجرى سلسلة من الإصلاحات التشريعية ساهمت في توسيع مهام المنظمة وعززت قدرتها البيروقراطية والإدارية، بما في ذلك مشاركتها في السياسة الخارجية للبلاد.

وتمارس تلك المنظمة نشاطها حاليا في الكثير من دول العالم، من أمريكا اللاتينية إلى أوروبا وإفريقيا وآسيا، تحت ستار تقديم الخدمات الدينية للمجتمعات الإسلامية التي تتمثل في  تنظيم رحلات الحج، وتوعية الدعاة الجدد، ونشر الكتب الإسلامية، وترجمة القرآن الكريم إلى اللغات المختلفة، وتقديم منح دراسية للطلاب من إفريقيا والبلقان وآسيا الوسطى وأمريكا اللاتينية لدراسة الشريعة الإسلامية في تركيا.

كما تدفع «ديانت» رواتب الأئمة الذين يتم إرسالهم خارج تركيا، وتتحكم في الرسائل التي يوجهونها، من أجل الترويج لإردوغان، واعتماد سياسته التوسعية في نفوس المصلين. 

وتأتي مؤسسة «تيكا» وهي إحدى أدوات سلطات أنقرة في التمدد خارج البلاد، وذراع إردوغان الطولى التي يستخدمها للتدخل في شؤون مختلف الدول تحت مزاعم المساعدات الإنسانية، عقب سابقتها في تنفيذ مخططات الديكتاتور التركي خالد بلاده، كوكالة التعاون والتنسيق التركية الحكومية، والتي تأسست 24 يناير 1992، لتنسيق علاقات أنقرة المتنوعة مع دول وسط آسيا، وبعد تولي العدالة والتنمية الحكم في تركيا عام 2002، اتسعت رقعة تواجدها، لتشمل مشروعاتها المناطق التي تسعى حكومة الحزب الحاكم الانفتاح عليها بشكل واسع، خاصة الشرق الأوسط والبلقان وإفريقيا.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق