الروس كلمة السر.. الديمقراطيون يلجئون للتشويه لحسم الصراع مع البيت الأبيض
الأربعاء، 16 يناير 2019 03:00 م
«العمالة لموسكو» تمثل أحد العناوين الهامة التى هيمنت على حقبة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب منذ بدايتها، قبل عامين، ربما بسبب خطابه الانتخابى الذى أشاد خلاله بسياسات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، بالإضافة إلى سياساته التى تبناها بعد دخوله إلى البيت الأبيض، والتى قامت على التنسيق مع روسيا فى مختلف القضايا الدولية، وهو الأمر الذى يبدو غريبا على الخط الذى سار عليه أسلافه لعقود طويلة من الزمن فى ظل الخصومة التاريخية بين البلدين، منذ الحرب الباردة.
إلا أن المفارقة الجديرة بالملاحظة تتمثل فى التباين الواضح فى حدة الاتهامات التى تواجه الرئيس ترامب فيما يتعلق بعلاقته مع موسكو، صعودا أو هبوطا، وارتباطها إلى حد كبير مع تطورات الأوضاع، ليس على المستوى الدولى، ولكن فى الداخل الأمريكى، وهو ما يثير التساؤلات حول ما إذا كان الاتهام بـ«العمالة» أصبح بمثابة أداة الخصوم السياسيين للإدارة الحالية فى الداخل الأمريكى، وعلى رأسهم المنتمين للحزب الديمقراطى، لإدارة أزماتهم وصراعاتهم مع البيت الأبيض، فى ظل فشلهم فى الوصول إلى قدر من التوافق معه حول القضايا الخلافية التى تهيمن على المشهد السياسى فى الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن اتهام رئيس الولايات المتحدة بـ«العمالة» يبدو أمرا غير مسبوق فى الداخل الأمريكى، إلا أن مثل هذا الحديث ربما يجد بعض الشواهد التى قد تدعمه أمام المواطن الأمريكى، أبرزها السياسات التى يتبناها ترامب، ليس فقط المرتبطة بالعلاقة المباشرة بين واشنطن وموسكو، ولكنها تمتد إلى علاقته بحلفاء أمريكا التاريخيين، وعلى رأسهم دول المعسكر الغربى، والتى شهدت توترا غير مسبوق، بالإضافة إلى قراراته المتواترة بالانسحاب من العديد من المنظمات والاتفاقيات التى طالما اتخذتها الولايات المتحدة وحلفائها لشرعنة خطواتها السياسية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، وكذلك موقفه من مبادئ العولمة وغيرها، وهى السياسات التى تصب فى مجملها فى صالح عودة «الدب الروسى» إلى استعادة نفوذه.
إلا أن مروجى الاتهامات التى تلاحق ترامب، ربما يتجاهلون الانجازات الكبيرة التى نجح فى تحقيقها، خاصة على الصعيد الاقتصادى، فى ضوء الطفرة الكبيرة التى حققها الاقتصاد الأمريكى منذ بداية حقبة الإدارة الحالية، وهو الأمر الذى فشلت فيه الإدارة السابقة برئاسة الديمقراطى باراك أوباما، بينما نجح الرئيس ترامب كذلك فى فرض رؤيته على حلفائه تجاه العديد من القضايا الدولية، وعلى رأسها الاتفاق النووى الإيرانى، والذين اتجهوا لمعارضة الانسحاب الأمريكى، بينما لم يتمكنوا من إنقاذه بخطوات حقيقية على الأرض، كما أنه اتخذ خطوات من شأنها استفزاز روسيا، وعلى رأسها تلويحه بالانسحاب من معاهدة الصواريخ المتوسطة المدى، وهو ما اعتبرته موسكو تهديدا خطيرا.
وهنا اتخذ الحديث عن «عمالة» الرئيس لروسيا منحى تصعيدى فى المرحلة الراهنة، بالتزامن مع تصاعد التوتر بين البيت الأبيض والكونجرس على خلفية قضية «الجدار العازل»، ربما لفرض المزيد من الضغوط على ترامب للتنازل عن خطته لبناء الجدار، أو على الأقل الوصول إلى حل وسط فيما يتعلق بحجم التمويل الذى يطلبه.