ديكتاتور تركيا يحذو حذو «أتاتورك».. لماذا يطارد أردوغان اللافتات في شوارع تركيا؟
الأحد، 13 يناير 2019 06:00 ص
لوحة مكتوبة بالعربية، معلقة بـ"المقلوب"، على إحدى البنايات الحكومية فى تركيا، تلخص الأوضاع التي يعيشها العرب، في دولة يتغنى رئيسها بالدفاع عنهم، وتتمسح حكومته بالإسلام.
عداء نظام إردوغان للغة العربية ظهر فى ولاية "مرعش"، إحدى الحاضنات الكبرى للاجئين السوريين والأتراك ذوي الأصول العربية. أصدرت البلدية قرارا بإزالة الكلمات العربية من واجهات المحال والمتاجر والمطاعم، وكتابة أسمائها بأية لغة أخرى، باستثناء لغة القرآن.
أجهزة النظام التركي لم يغضبها "اللافتات" المكتوبة باللغات الأوروبية، المنتشرة في المدينة، وأفزعتها حروف الضاد، فحركت فرق البلدية لإزالتها، وحذرت أصحاب المتاجر والمحال العرب من تكرار الأمر ، بحجة مخالفة ذلك للمعايير المطبقة.
رئيس إدارة البلدية في محافظة كهرمانشاه أيوب كاراتاش قال إن الحملة جاءت تنفيذًا للقانون، الذي يقضي بإزالة أي "لافتة" لا تتوافق مع معايير معهد الجودة التركي (TSE)، وإن القانون ألزم أي نشاط اقتصادي، باستخدام الحروف التركية، حسبما أفادت وكالة "سبوتنيك تركيا".
تكرر الأمر في بلدية إسينيورت، التابعة لمدينة إسطنبول، المكتظة باللاجئين السوريين، أقدمت السلطات على إزالة لافتات المحال التجارية العربية.
قانون البلديات التركي يمنع رفع لافتات مكتوبة بغير التركية، ويشمل اللغتين الإنجليزية والعربية، لكن التطبيق يحكمه مزاج رؤساء البلديات وقيادات حزب العدالة والتنمية، وفق ما أورده موقع مركز ستوكهولم للحريات.
تنتشر في طول البلاد وعرضها، لافتات مكتوبة بلغات أوروبية، لكن القرار يتم تفعيله فقط لملاحقة العربية. المركز نقل عن وسائل إعلام تركية، أن بلدية "إسينيورت" اتخذت ذلك الإجراء متذرعة بتلقي شكاوى من مواطنين أتراك، يتضررون من تزايد أعداد العرب، وقوة نفوذهم الاقتصادي في المدينة.
الحال في ماردين - أحد أكبر التجمعات العربية جنوب شرق البلاد- لا يختلف عن مرعش، وربما تظهر اليافطة العربية المعكوسة، التي تتزيل اللغتين التركية والكردية، فوق إدارة القنوات المائية حقيقة الأوضاع "المقلوبة" التي يعاني منها العرب في تركيا.
اللافتة المعكوسة أثارت استياء عرب المدينة، ومنهم رئيس مجلة النصح والإرشاد المحلية عبد القادر ألتاي، الذي أوضح أنه أثناء دفعه فواتير المياه في مبنى "مارسو" التابع للإدارة، وجد لوحات مكتوبة بثلاث لغات لكن فقط اللغة العربية لم تكن موجودة، كما أنه رأى اللغة العربية بيافطة البلدية الأساسية مكتوبة بشكل معكوس.
"ألتاي" أوضح أنه بالرغم من تواصله مع المسئولين إلا أن شيئًا لم يتغير وأن عدم إصلاح اليافطة يزيد من المضايقات التي يتعرض لها العرب في المدينة.
"بالرغم من الوجود الكثيف للعرب، إلا أنهم يشعرون بالمضايقات" قال "التاي" قبل أن يعود ويؤكد أن هذا التواجد الكثيف يعطي للعرب الحق في استخدام اللغة العربية ك"حق طبيعي ومشروع".
المضايقات التي يتعرض لها العرب في تركيا لا تقتصر على الحد من انتشار لغتهم حتى في الأماكن التي يمثلون فيها الأغلبية، بل أن الأمر يمتد إلى كتب التاريخ الممتلئة بالإهانات للعرب.
محمد أرصان، معلم ورئيس مجلة تجمع عرب الأناضول، التي أغلقت بقرار من والي ماردين، أحد أكبر الولايات ذات التجمع العربي، قال إن كتب التاريخ التركية مليئة بالإهانات للعرب، تصمهم بأحقر الأوصاف والصفات مثل "أصحاب الشعور المجعدة"، والزنوج والفلاحين.
مشيرًا إلى أن تلك الصفات وارده في تعريف العرب بقاموس المؤسسة الرسمية للغة التركية، كما يتردد بكثرة أن "العرب خونة"، وأنهم سبب سقوط الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى.
لم يسلم العرب في تركيا من إهانات المشاهير في تركيا. الفنانة المعروفة والمؤلفة صاحبة الشعبية الكبيرة ليمان سام عبرت عن كرهها للعرب قائلة "للجميع الحق في فعل ما يريد، وأنا لن أذهب إلى الحج أو العمرة لا لشيء إلا لأنني لأ أريد إعطاء مالي للعرب".
من الممثلين المشهورين باهانتهم للعرب الممثل التركي جيم دفران، فكثيرًا ما عبر عن نفوره من العرب، وفي أحد تغريداته على مواقع التواصل الاجتماعي قال "لا أرغب في رؤية العرب الذين يزرعون شعورهم في إسطنبول بعد الآن"، فتفاعلت معه سام قائلة "و أنا أيضًا لا أرغب في رؤيتهم."
العداء التركي للغة العربية قديم يعود إلى عهد مصطفى كمال أتاتورك، الذي قرر في العام 1925 منع رفع الأذان وأداء الصلاة في آيا صوفيا، وأمر بطبع القرآن الكريم باللغة التركية، وأجبر الشعب على قراءته بها بدلا من العربية، رغم اعتراض علماء الإسلام في العالم.
شكل أتاتورك لجنة من أساتذة اللغة التركية وبعض المستشرقين المتخصصين في تاريخ اللغات الشرقية في 27 يونيو 1928، لإقرار أبجدية تركية على أساس الحروف اللاتينية، بدلا من العربية.
ولما انتهت اللجنة من عملها، قدم أتاتورك الأبجدية الجديدة إلى الرأي العام التركي في متنزه "ساري يورنو" في إسطنبول، 9 أغسطس، ثم ذهب في جولة مصطحبا سبورته لتعليم الأتراك الأبجدية الجديدة.
وافق "المجلس الوطني الكبير"على قانون رقم 1353 والخاص بفرض الحروف التركية الجديدة (اللاتينية) والعمل بها، وتجريم استخدام العربية، التي تتألف من 29 حرفا، ومنعت المادة 526 من قانون العقوبات التركي الصادر أول نوفمبر 1928 طبع الكتب التركية بالحروف العربية، وأصبحت الأبجدية اللاتينية ملزمة لسكان البلاد.