أوروبا تتهم طهران بوقائع اغتيالات.. هكذا نفذت بعثات دبلوماسية إيرانية عملياتها بالقارة العجوز
الخميس، 10 يناير 2019 09:00 ص
تتوالى محاولات إيران للانتقام من العقوبات الأمريكية بإثارة أكراد العراق ضد أمريكا تارة، واشعال الحرب في اليمن باستخدام جماعة الحوثي "صنيعتها" لمحاربة السُنة تارة أخرى .. ومؤخرًا التوغل إلى أواسط أوروبا، من خلال دول البلقان، والعبور إلى دول أوروبا لتنفيذ عمليات الإغتيال بها.. اللعبة اكتشفتها الحكومة الهولندية وقت اتهمت طهران بالضلوع في جريمتي قتل هولنديين من أصل إيراني في هولندا عامي 2015 و2017، وبحسب الشرطة الهولندية فإن الضحيتين كانا معارضين للنظام الإيراني.
أقر الاتحاد الأوروبي أمس عقوبات جديدة على إيران بعد انكشاف تورّط أجهزة استخباراتها في تنفيذ عمليات اغتيال في هولندا وفرنسا والدنمارك، ومثَلت هذه العقوبات صفعة مؤلمة للنظام الإيراني الذي ينفي تورطه في كل حادث اغتيال يتم اكتشافه في قائمة الاغتيالات التي تطال معارضيه على أراضي أوروبا، ما يستوجب تشديد الرقابة على البعثات الدبلوماسية الإيرانية التي تتخفى تحتها أجهزة الاستخبارات، فيما تشير تقارير إعلامية إلى أن النظام قد نقل غرفة اغتيالاته باتجاه دول البلقان للعودة من جديد إلى قلب أوروبا.
أنشطة خفية للاستخبارات الإيرانية
واستفادت إيران خلال أربعين عام من ثورة 1979 من التسامح الأوروبي مع أنشطتها للاستمرار في تعقب المعارضين والتجسس عليهم، ونفذت عناصر تابعة لها محاولات متعددة لاستهداف معارضين للثورة وخاصة من العناصر الكردية المعارضة.
وكشف موقع "ذا دايلي بيست" الأمريكي بالتزامن مع موجة الاعتقالات ضد إيرانيين في أوروبا، أن عناصر الأجهزة الإيرانية تقوم بخطوات بشكل متزايد عبر أوروبا وأفريقيا، وتستغل بعثاتها الدبلوماسية في الخارج كأدوات لتوظيف القوة بشكل غير معهود منذ تسعينات القرن الماضي.
أوروبا تتمسك بإتفاقها النووي مع إيران وسط مخاوف من أنشطتها الباليستية
وفيما يخص الاتفاق النووي المُبرم عام 2015 بين الدول الأوروبية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا مع إيران، أصرت الدول الأوروبية الإبقاء عليه، رغم انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية، ومازال هذا الإصرار موجود حتى رغم مخاوفها من أنشطة طهران الباليستية والمزعزعة لاستقرار المنطقة وحتى داخل بلدانهم، ورغم أن هذه الدول تريد الإبقاء على الاتفاق لكن الكثير من الشركات عبرت عن قلقها من مخاطر القيام بأعمال مع إيران في ظل العقوبات الأمريكية.
وجاء في رسالة وقّعها وزيرا الخارجية والداخلية الهولنديان وموجّهة إلى البرلمان أن لدى أجهزة الاستخبارات الهولندية "مؤشرات قوية إلى ضلوع إيران في تصفية مواطنين هولنديين من أصل إيراني في ألميري عام 2015 ولاهاي عام 2017"، وتابع الوزيران "بناء على معلومات صادرة عن أجهزة استخبارات أجنبية وأجهزة الاستخبارات الهولندية، تعتبر هولندا أن إيران متورطة في تحضير عمليات تصفية وهجمات على الأراضي الأوروبية".
في يوليو الماضي، أعلنت أجهزة الاستخبارات الهولندية أن هولندا طردت في يونيو موظفين اثنين في السفارة الإيرانية من دون كشف أسباب الطرد، واحتجت طهران على طرد هذين الدبلوماسيين وهددت بالرد على هذا التصرف.. وقتها كتب رئيس الوزراء الدنماركي لارس راسموسن في تغريدة له أنه من المشجع جدا استخلاص أن الاتحاد الأوروبي يوافق على عقوبات جديدة ضد إيران ردا على أنشطة معادية ومؤامرات مخطط لها ارتُكبت في أوروبا، بما في ذلك في الدانمارك.
وفي أواخر أكتوبر، استدعت الدنمارك سفيرها لدى إيران بعدما اتهمت طهران بالتخطيط لـ "اعتداء" على أراضيها أحبطته ضد ثلاثة معارضين إيرانيين، وكشف اعتقال السلطات البلغارية لعناصر إيرانية ضمن شبكة لتهريب الأسلحة قبل شهرين، عن وجه جديد من الأنشطة السرية الإيرانية في أوروبا، في وقت لم تنته فيه تداعيات الكشف عن شبكة إيرانية لاغتيال معارضين في باريس.
وفي نهاية العام، أعلنت السلطات البلغارية أنه تم العثور، في صوفيا على ترسانة تتألف من أكثر من مئة سلاح أوتوماتيكي بينها رشاشات كلاشنيكوف. وأوقف إيرانيان وعدد من البلغار خلال هذه العملية التي سمحت أيضا بالعثور على مطبعة للوثائق المزورة، واكتشفت الترسانة في مخبأ تحت الأرض في العاصمة، وتضم 67 رشاش كلاشنيكوف و37 مسدسا رشاشا من نوع "سكوربيون" و43 مسدسا آخر وثمانية كيلوجرامات من البارود وحوالي خمسين ألف رصاصة، حسب صحف عالمية.
ستيف بلوك: نعتبر إيران متورطة في تحضير عمليات تصفية على الأراضي الأوروبية
صرّح مدير مكتب مكافحة الجريمة المنظمة إيفايلو سبيريدونوف بأن كل هذه الأسلحة – التي تم ذكرها - كانت معدّة للتصدير إلى أقرب وجهة وهي أوروبا، ولم يستبعد خبراء أن يكون متواجد إيرانيين ضمن هذه الشبكة في سياق تكوين شبكات لتهريب أسلحة وعناصر استخبارية إلى قلب أوروبا، هذه ليست المرة الأولى التي تتحرك فيها إيران على أراضي بلغاريا التي سبق أن نفذت فيها خلية لحزب الله اللبناني في فبراير2013 عملية تفجير ضد حافلة في مدينة بورجاس على ساحل البحر الأسود، وأدى التفجير إلى مقتل خمسة إسرائيليين وسائق الحافلة البلغاري، وإصابة نحو ثلاثين شخصا.
وفي يونيو الماضي، أحبطت فرنسا هجوما يستهدف تجمعا سنوي للمعارضة الإيرانية في الخارج، جماعة مجاهدي خلق، شارك فيه الآلاف في ضاحية فليبانت على مشارف العاصمة الفرنسية باريس، ولم تخف باريس شكوكها في أن وزارة الاستخبارات الإيرانية تقف وراء مؤامرة لمهاجمة مؤتمر لجماعة معارضة في المنفى خارج باريس وأنها صادرت أصولا تخص أجهزة الاستخبارات الإيرانية وأخرى لاثنين من المواطنين الإيرانيين.