مكائد وضرب تحت الحزام.. صراع الحضانة بين الآباء والأمهات: حرب قذرة
الأحد، 06 يناير 2019 08:00 م
معدلات طلاق مرتفعة يشهدها المجتمع المصرى، ورغم فداحة الأمر فى حد ذاته، إلا أنه يظل مقدمة أولى وليس نهاية المطاف، فبين آلاف الحالات من الانفصال الناعم أو الطلاق بعد نزاعات قضائية، يعانى آلاف الأطفال بين أب وأم قد يقرر أحدهما الثأر لنفسه ومعاقبة الآخر، وللأسف لا يجد ورقة أسهل بالنسبة له من الأطفال الصغار.
خلال السنوات الأخيرة لا صوت يعلو داخل محاكم الأسرة على صوت قضايا الحضانة والنزاع على استضافة الأبناء، وفى سبيل هذه المعركة يوظف كل طرف الأدوات والثغرات التى تطالها يده لحسم السباق، ولكن نظرا لطبيعة المجتمع المصرى باعتباره مجتمعا شرقيا محافظا، فإن الأمهات كثيرا ما يخسرن المعركة، خاصة إذا كان الزوج ذكيا ومتحايلا، وعرف كيف يطلق عليها رصاصة الوصمة.
فى الوقت الذى حدد فيه قانون الأحوال الشخصية الشروط اللازمة لإسقاط الحضانة عن الأم بشكل واضح، وحصرها تقريبا فى قضاء الأم عقوبة السجن فى قضايا جنائية، أو إصابتها بالجنون وعدم ائتمانها على الصغار، أو إصابتها بأمراض معدية، وامتناع الأم عن تنفيذ حكم الرؤية 3 مرات متتالية دون سبب، أو الزواج من رجل غريب عن المحضون، فإن الواقع فى محاكم الأسرة يشير إلى سياق مختلف، وأسباب غريبة من نوعها يلجأ إليها الأزواج وأمهاتهم، فى رحلة التنكيل بالزوجات وحرمانهن من الأمومة.
تنوعت القضايا التى فصلت فيها محاكم الأسرة خلال العام الحالى بأحكام نهائية تقضى بحرمان الزوجات من الحضانة، بين إثبات الجنون وفقدان السلامة العقلية بعدد 870 دعوى، وسجن الزوجة بعدد 980 دعوى، إضافة إلى أسباب أخرى منها الخيانة، والاتهام بالزواج العرفى، والعلاقات المشبوهة دون زواج، وحاز نصيب الأسد بين دعاوى نزع حضانة المطلقات عن الصغار رفض تنفيذ أحكام الرؤية بعدد 2600 حالة.
فى هذا التقرير ترصد «اليوم السابع» جانبا من رحلة عذاب الزوجات والأمهات أمام محاكم الأسرة، مع تعنت بعض الأزواج وتحايلهم وإلصاقهم التهم بمطلقاتهم، سعيا إلى وصمهن بصفات مشينة أو تقع ضمن دائرة الأسباب القانونية لنزع الحضانة، فى قضايا أكدت أطرافها الأخرى أنها كانت كيدية وكاذبة..
بلاغ الـ«سيلفى»
معارك طاحنة خاضتها «بسمة.ن.أ» مع زوجها، بعد خلافات دفعته للتعدى عليها بالضرب بسبب غيرته الجنونية، وعندما حصلت على الطلاق وهجرت منزل الزوجية خوفا من بطشه، أشاع بحقها اتهامات باطلة محاولا إسقاط الحضانة عنها، بدعوى ارتدائها ملابس فاضحة وأخذها صورة «سيلفى» مع أصدقائها ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعى.
وقالت الزوجة أمام محكمة الأسرة بمصر الجديدة، ردا على اتهامات زوجها السابق: «7 سنوات عشتها فى عذاب على ذمته، بسبب أخلاقه البغيضة، وارتكابه أسوأ الأفعال فى حقى، من اغتصاب وتعدٍّ بالضرب وخيانة، وعندما حصلت على الطلاق بدأ تشويه صورتى، ليعاقبنى بالحرمان من حقى فى رعاية طفلتى، رغم عدم تخلفى عن جلسات الرؤية، وكانت حيلته اتهامى بارتداء ملابس فاضحة، رغم أنها نفس الملابس التى اعتدت ارتداءها خلال زواجنا».
متهمة لأنها «كوافير»
«سماح.ع.ت» زوجة مكافحة تبحث عن الرزق الحلال، بعدما تخلف طليقها عن أداء دوره ورفض سداد نفقات أولاده الثلاثة، قائلا لها: «انتى بتكسبى كتير»، وذلك بعدما رفضت مشاركته فى أرباح مشروعها «محل كوافير»، ليبدأ حملة تشنيع على أخلاقها، ويحاول النيل منها بتهم مُخلّة، ومعاقبتها بالحرمان من أطفالها، بعد أخذهم وضمهم إلى حضانة والدته.
وتقول الزوجة أمام محكمة الأسرة فى إمبابة، فى دعوى حاولت من خلالها استعادة أطفالها لحضانتها: «زوجى يعشق تبديد الأموال، بسبب قضائه معظم أوقاته مع رفاق السوء، وتعاطيه المواد المخدرة، وطمعه فى أموالى وسعيه الدائم إلى دفعى للعمل والإنفاق عليه، وهو ما كان دافعا لى على طلب الطلاق للضرر، بسبب محاولته التعدى علىّ بسلاح أبيض، لكن هذا القرار لم يعجبه فحاول القصاص منى بحرمانى من أبنائى».
الحرمان بـ«كمبيالة»
خرجت من منزل الزوجية مهانة، بعدما فقدت الجنين بسبب تزايد العذاب النفسى والجسدى الذى رأته على يد زوجها، بعد أن وصل به الحال عقب تجريدها من ملابسها، إلى معاشرتها بالإكراه، ثم تهديدها بإدخال رجل غريب عليها فى غرفة نومها، والحصول على توقيعها عنوة على إيصالات أمانة و«كمبيالات» لابتزازها بها.. هذا هو ملخص حكاية «شيماء.ح.ع» حسبما روتها لمحكمة الأسرة فى زنانيرى.
وتقول الزوجة فى حديث لـ«اليوم السابع» إنها بسبب هذه الضغوط والتجاوزات هربت من منزل الزوجية، ورفعت دعوى قضائية حصلت بموجبها على الطلاق، لكن زوجها ردّ من خلال ابنهما. وهو ما تقول عنه: «حرمنى من طفلى بعد سجنى بكمبيالات أجبرنى على توقيعها، وعندما نجحت فى الحصول على البراءة بعد ظهور الحقيقة، فوجئت بأنه سلبنى حق الحضانة، والآن أقف أمام المحكمة فى محاولة لاسترداد حضانة ابنى، بينما وصل به الجبروت إلى تهديدى بنشر صور خاصة لى فى أوضاع حميمية، التقطها خلال فترة زواجنا».
الإيدز بـ«تقرير مضروب»
بين كل حالات الادعاء والاتهامات الباطلة والأسباب المختلقة، تبدو هذه الحالة غريبة وصادمة، إذ وصل الكيد والعناد فيها إلى حد إلصاق وصمة قاسية فى عرف المجتمع بالأم، دون اهتمام بأثر هذه الوصمة على الطفلة الصغيرة.
بدأ الأمر بتزوير تقرير طبى، حسبما قالت «س.ع.م» أمام محكمة الأسرة فى التجمع، ادعى فيه الزوج إصابة طليقته بمرض الإيدز، وألحق الموضوع باتهامات أخلاقية تطال سمعتها وشرفها، ثم أبدى خوفه على صحة طفلتهما الصغيرة، طمعا فى الفوز بحضانتها وحرمان مطلقته منها، رغم أن سبب الطلاق يعود إلى بخله ورفضه الإنفاق عليها وطمعه فى أموالها رغم كونه ميسور الحال.
وقدمت الأم «س.ع» للمحكمة مستندات تفيد بتزوير زوجها تقارير طبية بشأن حالتها الصحية، ومحاولة النيل من شرفها وسمعتها، كما أثبتت قدرتها على رعاية الطفلة وخلوها من أية أمراض وبائية أو معدية، وهو ما أثبت كيدية الاتهامات وكان سببا فى حفظ البلاغ الذى قدمه الزوج فى وقت سابق متهما إياها بممارسة أعمال منافية للآداب.
التحريض على الكذب
وقفت الزوجة «شيرين.م.ن» أمام محكمة الأسرة بزنانيرى، مدافعة عن حقها فى حضانة ابنتها، وأكدت فى حديثها أنها أم عاملة لم تقصر فى رعاية صغيرتها البالغة من العمر 7 سنوات، ولم تسئ لها يوما، على خلاف الاتهامات الباطلة التى يشيعها زوجها السابق.
وأضافت شيرين للمحكمة: «حاول طليقى دفع ابنتنا الصغيرة لكراهيتى، وشحنها ضدى خلال جلسات الرؤية، وقال لها إننى قبضت ثمن طلاقى منه، واستمر فى هذا حتى دفعها للادعاء أمام لجنة الخبراء أننى أسبها بألقاب الحيوانات، وأتحرش بها، وكان غرضه إسقاط الحضانة عنى، لكن البنت كشفت الأمر واعترفت بعد الضغط عليها فى الجلسات بتحريض والدها لها على الكذب».