الأولى من نوعها.. تفاصيل رسالة دكتوراه عن النظام القانوني للبث الفضائي عبر الأقمار الصناعية

الثلاثاء، 01 يناير 2019 11:38 ص
الأولى من نوعها.. تفاصيل رسالة دكتوراه عن النظام القانوني للبث الفضائي عبر الأقمار الصناعية

في رسالة جامعية هي الأولي من نوعها نال الباحث أيمن محمد سيد الأسيوطي درجة الدكتوراة في القانون بتقدير ممتاز وقد تناولت الدراسة، أهم المسائل البحثية المتخصصة في مجال البث الفضائي عبر الأقمار الصناعية، والتي باتت تحوز اهتمام فقهاء القانون، كلا في مجال تخصصه.

 الدراسة سلطت الضوء على عقد البث الفضائي؛ أحد العقود الحديثة التي ظهرت على إثْر التطورات غير المسبوقة في مجال الاتصالات والمعلومات إذ يلتزم مالك القمر الصناعي، بموجبه، بتوفير السعة القمرية لاستقبال إشارات البث الفضائي من محطة أرضية تابعة لمؤسسة البث، ومعالجتها فنياً وبثها ثانية إلى مناطق التغطية بالتردد والترميز المتفق عليه، ليستقبلها الجمهور عبر أجهزة استقبال خاصة، وبالشروط التي يرتضيها الطرفان، مقابل أجر معلوم.

وقد لخص الباحث مشكلة الدراسة في عدة نقاط جاءت كالتالى:

1. قصور المعالجة القانونية لمسألة البث الفضائي عبر الأقمار الصناعية، وأثرها في طبيعة القواعد التي تحكمها، سواء من ناحية وضع قانون ينظم الموضوع، أو من خلال وضع عقد نموذجي مسمي للموضوع. فما هي الضوابط القانونية التي تحمى عمليات البث عبر الأقمار الصناعية؟ 

2. الطبيعة غير المادية لعقد البث وخصوصياتها، نظراً لكون الموضوع قد تخطى من حيث الحداثة حدود الأرض إلى الفضاء وما يحويه من آلات وضعها الإنسان لتطوير الحياة من خلال استعمال الفضاء ضمن قوانين أرضية، وهي الأقمار الصناعية. فما هي طبيعة عقد البث الفضائي؟ 

3. إشكالية العلاقات القانونية الناشئة بين أطراف هذا العقد، ودراسة العلاقات القانونية بين الدولة وتلك المؤسسات المتمثلة بعقد الترخيص. 

4. التنازع بين حقوق الفرد في الحصول على المعلومات وحق الدول في التمسك بسيادتها؛ فما هو الحل في حالة تعارض سيادة الدولة مع حق من حقوق الإنسان في حصوله علي المعلومات ؟ هل ستنتصر الدولة بما لها من سيادة وتلغي حقوق الإنسان في أن تتدفق إليه المعلومات بحرية أم أن حقوق الإنسان باعتبارها جزء من القانون الدولي سيكون لها أولوية التطبيق والسمو علي قواعد القانون الداخلي؟ 

5. مسألة حماية حقوق المؤلف وحماية المصنفات الفنية؛ فأين حقوق المؤلف في مادة علمية من صنعة تذاع بالبث الفضائي عبر الأقمار الصناعية، وما هو القانون الواجب التطبيق؟ 

6. مدى فاعلية القانون الدولي في تحديد الدولة الباثة أو المطلقة للقمر الصناعي، وما هو الحل إذا كانت الدولة الباثة ليست هي الدولة المطلقة للقمر الصناعي(الدولة المالكة)، وإنما تكون مستأجرة له؟ فهل القانون الواجب التطبيق هو قانون الدولة المؤجرة للقمر، أم الدولة المستأجرة باعتبارها الدولة الباثة؟

وتلخصت أسباب اختيار موضوع البحث في ان القانون ما هو إلا تلبية لاحتياجات المجتمع، فقد كان من الطبيعي أن ينشغل المهتمون بالقانون بهذا التطور، ليس لوضع العراقيل في طريقه، بل لتنظيم المناخ القانوني وإعداده لمواكبة هذا التطور؛ وعلي ذلك جاء اختيار موضوع البحث بالنظام القانوني عبر الأقمار الصناعية للإسباب التالية:- 

(1) يتميز موضوع البحث بالحداثة والأصالة. 

(2) عدم وجود دراسات خاصة بالموضوع؛ 

(3) عدم وجود تنظيم قانوني خاص بعقد البث الفضائي عبر الأقمار الصناعية.

(4) شمولية موضوع البحث،إلى جانب الأهمية الذاتية التي يتمتع بها عقد البث الفضائي عبر الأقمار الصناعية، فإن الموضوع الذي ينصب عليه العقد يتعلق بالعديد من المسائل القانونية والإدارية الأخرى، بعض هذه المسائل يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمن الدولة الداخلي والخارجي وسلامة الاتصالات والإعلام وغير ذلك. 

(5) قد تفتح هذه الدراسة المجال أمام إجراء العديد من الدراسات التي تقوم عليها من جانب متخصصين في فروع قانونية أخرى. 
أهمية البحث

تناولنا الموضوع ، بالبحث والدراسة ردًّا إلى اعتبارين، يعكسان في الوقت ذاته أهميته، أحدهما عملي والآخر نظري. 

أولاً: اعتبار عملي:

إن خصوصية عقد البث من حيث إبرامه وما يتعلق بها من جوانب فنية، ووجوب الحصول على الترخيص من الجهات الإدارية المختصة لأجل القيام بعملية البث، كل ذلك يؤدي إلى تميز هذا العقد عن غيرها من عقود الاتصالات الحديثة.

وأيضا قصور التشريع المصري عن مواكبة التطور الحاصل في مجال البث الفضائي، مما دفعني إلى التركيز وعرض موقف التشريع الفرنسي الذي خطا خطوات متقدمة في هذا المجال.

ثانياً: اعتبار نظري:

قد ازدادت أهمية عقد البث بازدياد عدد القنوات التي تبث برامجها حصرياً من خلال التشفير، وأيضا من خلال ممارسة عملية التشويش على بث بعض القنوات. من هنا كانت أهمية الدراسة النظرية التي تقوم على معرفة القواعد القانونية التي تحكم العقد موضوع الدراسة.

وتمثل دراسة المسئولية أهمية خاصة نظرا لما تفرزه من ضمانات تكفل احترام الالتزامات التي يفرضها النظام القانوني على أشخاصه، وما ترتبه من جزاءات على مخالفة هذه الالتزامات وعدم الوفاء بها. 
ووضح الباحث اهداف البحث التي تشمل :

1) نشر الثقافة القانونية المتخصصة في قانون الفضاء الخارجي، ومسايرة التطور السريع فى الاتصالات والإعلام.

 

2) بيان الثغرات القانونية وغيرها من أوجه القصور في صياغة وتحليل بعض نصوص الاتفاقيات الدولية القائمة بخصوص أنشطة الفضاء الخارجي، وخاصة اتفاقية الفضاء الخارجي والأجرام السماوية لسنة 1967م.

3) التصدي للمشاكل القانونية التي يثيرها البث الفضائي حماية لمصالح الدول الفقيرة والآخذة في النمو من غزو الدول الكبرى وهيمنتها على الفضاء الخارجي.

4) وضع الضوابط القانونية التي تقوم عليها المسئولية الناشئة عن البث الفضائي والتعويض عن الأضرار الناجمة عنه.

5) دراسة عمل القناة الفضائية كوسيلة للبث، والعقود التي تبرمها في العمل الإعلامي، والتعويض عن ما يصدر منها أو عليها من أفعال ضارة.

6) تتناول هذه الدراسة أهم قواعد القانون الدولي، باعتبار أن البث بالأقمار الصناعية يخضع لمزيج من قواعد القانون الدولي للإتصالات وقواعد القانون الدولي للفضاء.
وخلص الباحث الي عدة نتائج للبحث وهي .

1) أتضح لنا أن حرية البث الفضائي تتعارض مع السيادة المعلوماتية، فهيمنة الدول المحتكرة للفضاء الخارجي تتحكم في توجيه مسار التشريعات التي تنظم عمليات البث.

2) إن هناك ثلاثة أنواع من البث عبر القمر الصناعي، والتي هي عبارة عن: البث المباشر؛ الذي يمكن استقباله مباشرة من قبل الجمهور بعد بثها من الأقمار الصناعية، والبث غير المباشر؛ الذي يبث من القمر الصناعي إلى المحطات الأرضية المستقبلة ومنها إلى الجمهور، والبث المشفر؛ الذي يستخدم فيه التشفير للبرامج المرسلة ولا يمكن استقباله الا من قبل عدد قليل من جمهور المشتركين عن طريق كارت الإشتراك.
3

) عقد البث من عقود القانون لتوافر شروطه فيه؛ من بين ذلك، أنه عقد رضائي حيث لا يتطلب القانون شكلية معينة له، وعقد دولي لاختلاف جنسية أطراف العقد، واختلاف الموطن، وجود مركز أعمال المتعاقدين في أكثر من دولة.

4) تبين لنا أن عقد البث؛ هو عقد يلتزم بمقتضاه مالك القمر الصناعي بتوفير وتحديد السعة القمرية لإستقبال اشارات البث من المحطة الأرضية التابعة لمؤسسة البث معالجتها فنيا وبثها إلى مناطقة التغطية بالتردد المتفق عليه بين الطرفين.

5) عقد البث ذو طبيعة خاصة لكونه يجمع بين صفات العقود؛ بأنه عقد غير مسمّى إذ لم ينظمه المشرع، وعقد مركب حيث فيه اداءات ترجع إلى عقدي الإيجار والمقاولة، لذلك يمكن تطبيق القواعد والأحكام القانونية للعقدين وبقدر ما يتفق مع طبيعة العقد محل الدراسة. 

6) إن الترخيص الإداري للبث الفضائي عبر الأقمار الصناعية، عقد مستقل بذاته ينظم العلاقة بين مؤسسات البث والإدارة المتمثلة بهيئات الإعلام والإتصالات.

7) تبين لنا بخصوص التزامات الأطراف؛ إن أهم التزام لمالك القمر الصناعي هو توفير السعة القمرية لينتفع بها مؤسسة البث والقيام بالأعمال الضرورية لإتمام عملية البث، وأهم التزام يقع مؤسسة البث هو دفع المقابل المالي.

8) تبين لنا أن القنوات الفضائية لا يمكن إغلاقها إذ كانت تبث من أقمار صناعية أخرى من دول أخرى تدور في نفس مدار القمر الصناعي المصري، لذلك يراها الشعب المصري شأنها في ذلك شأن أى قنوات تبث داخل الحدود المصرية، فإذا كانت تقوم بتصوير برامجها داخل مصر، فيكون من حق الدولة أن تغلق هذا المكان في حالة مخالفتها للنظام العام. 

9) إن عقد البث الفضائي يُثار العديد من الإشكاليات في نطاق القانون الدولي الخاص، كان من أهمها مشكلة تحديد القانون الواجب التطبيق ومدى قدرة ضوابط الإسناد التقليدية على الإلمام بمتطلبات هذا التحديد وقدرتها على تحقيق الأمان القانوني الذي تنشده الأطراف المتعاقدة.

وقد جاءت توصيات الدراسة علي النحو التالي 

(1) نهيب بالمشرع المصري إصدار قانون ينظم مسألة إستخدام الفضاء الخارجي.

(2) نهيب بالدولة تنظيم العقد بين مالك القمر الصناعي ومؤسسة البث، وكيفية الحصول على سعة قمرية محددة. 

(3) نهيب بالمشرع المصري أن يتدخل لتنظيم الحماية اللازمة للبرامج المذاعة من قبل القنوات الفضائية، أو إخضاعها للحماية القانونية المقررة لحقوق المؤلف.

(4) نهيب بالدولة وضع نظام قانوني خاص بالترخيص الإداري ينظم العلاقة بين الدولة وشركات الإتصالات ومؤسسات البث، ووضع الضوابط الفنية والقانونية والإدارية والمالية لصدور الترخيص.

(5) نربأ بالدولة أن تتخذ كافة الوسائل اللازمة لمنع البث الفضائي من اختراق إقليمها الجوي والوصول إلى مواطنيها، إذا رأت أن هذا البث يمثل تدخلاً في شئونها السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية، ومن حقها التشويش على تلك الموجات والبرامج غير المرغوب فيها.

(6) ضرورة زيادة الدور المنوط للأمم المتحدة بشأن تعزيز مبدأ استدامة الأنشطة الفضائية للأغراض السلمية، وخاصة حماية المدار الثابت المورد الرئيسى للفضاء الخارجي.

(7) يجب الرجوع إلى القواعد العامة لتنازع القوانين في المسئولية بحيث يطبق قانون الدولة التي يقع فيها الفعل الضار، بخصوص الاعتداء على حق المؤلف باستقبال البرنامج الذي ضيع حقوقه المادية والمعنوية وأذيع بغير إذنه، وبذلك يساير التطور التقني الذي يسفر كل يوم عن مشاكل جديدة تتعلق بحق المؤلف.

(8) إيجاد نظام تفتيش ورقابة تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة على الدول المطلقة للأقمار الصناعية، وبما يتفق مع الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي.

(9) نوصي باستحداث محاكم خاصة تنظر في الدعاوي الناشئة عن العمل الإعلامي،(محكمة قضايا النشر والإعلام).

(10) نوصي بضرورة وضع تنظيم قانوني بالعقوبات الرادعة لأي قناة فضائية تعمل خارج إطار العمل الإعلامي، مع ضرورة تنظيم الجزاء المدني لكل مؤسسة إعلامية تلحق ضرراً بالغير .

 
 
 
 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة