جامعة الأزهر: الإمام الأكبر يدعو لإقرار المواطنة لتحقيق الاستقرار المجتمعى
الأحد، 23 ديسمبر 2018 02:44 مكتبت منال القاضي
أكد الدكتور محمد المحرصاوى، رئيس جامعة الأزهر، أن الدين لله، وأن كل المواطنين بالوطن، متساوون فى الحقوق والواجبات، موضحًا أن الأزهر بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، يبذل جهودًا عظيمة لترسيخ قيم السلام العالمى والأخوة الإنسانية؛ رافضًا مصطلح «الأقليات» بما يعكسه من تهميش وتمييز، داعيًا إلى إقرار مصطلح «المواطنة» بدلاً منه؛ بما يُجَّسده من آيات التعايش الإيجابى والاندماج المجتمعى، الذى يُسهم فى أمن واستقرار الشعوب، وتقدم ورقى الأمم، وإثراء الحضارة الإنسانية بما فيه الخير لكل البشر.
قال، خلال الندوة التثقيفية التى نظمتها كلية الدعوة الإسلامية فى ختام الموسم الثقافى للفصل الدراسى الأول بالتعاون مع المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، إن النبى، صلى الله عليه وسلم، رسَّخ أسس المواطنة فى «وثيقة المدينة» التى يجب أن تكون نبراسًا للبشرية كلها؛ بما يُسهم فى إرساء دعائم السلام والأخوة الإنسانية والزمالة العالمية، وقيم التسامح؛ انطلاقًا من أن التعارف هو قانون العلاقات بين الناس.. مشيرًا إلى سعادته بالتفاعل الطلابى المثمر مع الموسم الثقافى، الذى أرانى أقول فيه: «وتبقى شامخًا يا أزهر».
أضاف أن جامعة الأزهر تبذل جهودًا كبيرة فى مسارات متناغمة تستهدف الارتقاء بمستوى الأداء فى الاضطلاع برسالتها العلمية والدعوية والاجتماعية والإنسانية من خلال كلياتها التى تمتد بمختلف المحافظات، وخريجيها الذين ينتشرون بالداخل والخارج؛ ويسهمون فى ترسيخ الفهم الحقيقى بالدين الحنيف وفق منهج رصين يُجَّسد صحيح الإسلام بتعاليمه السمحة: عقيدة وشريعة وأخلاقًا.. لافتًا إلى أن الجامعة بدأت فى تطوير اللوائح الدراسية بمختلف الكليات؛ بما يجمع بين التراث والمعاصرة، واستمرت اللجان العلمية الدائمة فى المراجعة الدقيقة للمحتوى العلمى المقرر على الطلاب، بما يضمن التطوير المتواصل للمناهج الدراسية، وتلبية احتياجات العصر، وخدمة رسالة الأزهر.
وقد تم إنتاج محتوى علمى موحد بالكليات والأقسام الشرعية المتناظرة بالقاهرة والأقاليم، شارك فى إعداده وتدقيقه كل أعضاء هيئة التدريس المختصين بما يتوافق مع توصيف كل مقرر دراسى وأهدافه، ويُسهم فى تحقيق تكافؤ الفرص بين الطلاب، وبدأت الكليات العملية كالطب والهندسة والعلوم واللغات والتجارة هذا العام، تدريس مادة الفقه، بمقرر دراسى لكل قطاع يتضمن ما يحتاج الطلاب معرفته من القضايا المعاصرة فمثلاً فى الطب تعالج مادة الفقه قضايا تشريح الجثث ونقل الأعضاء وبنوك الأجنة وتأجير الأرحام وهدايا شركات الأدوية وغيرها إضافة إلى أخلاقيات المهنة والعلاقة بين الأطباء والمرضى.
أشار إلى أنه تم لأول مرة هذا العام إقامة معرض دائم للكتاب بجامعة الأزهر يبيع بنصف الثمن الإنتاج الفكرى والثقافى للمؤلفين الثقات فى شتى مناحى العلم والمعرفة؛ انطلاقًا من قناعتنا الراسخة بأن التعليم الجامعى لابد أن يُسهم فى بناء شخصية الشباب، وتم التنسيق مع مجمع اللغة العربية، والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والهيئة العامة للكتاب، ودار الوثائق القومية، ومجمع البحوث الإسلامية وغيرها مما يحقق الثراء الفكرى لأبنائنا الذين لا ينبغى أن نتركهم، فريسة سهلة لمن يريدون العبث بعقولهم لتحقيق أجندات خاصة.
استهل د. محمد عبدالفضيل القوصى، نائب رئيس مجلس إدارة المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، عضو هيئة كبار العلماء، كلمته بالإشارة إلى مقدمة ابن خلدون، قائلاً إن «المغلوب مولع أبدًا بتقليد الغالب سيرًا فى ركابه...» وأن مصر لاتقبل أبدًا أن تكون فى موقف المغلوب، بل ستظل دائمًا نجمة للإسلام؛ ينطلق منها فقه التحضر والتقدم والعلم.. مشددًا على أن مصر لا يجب أن تكون بمنأى عن التقدم العلمى والتكنولوجى، بل لا بد أن تحتل مكانتها المستحقة فى مصاف الدول المتقدمة.
أضاف أن المواطنة ليست فقهًا فرديًا يقتصر على العبادات والمعاملات بل فقهًا اجتماعيًا يعنى التماسك المجتمعى ويدفعنا للوحدة الوطنية والتقدم العلمى والتكنولوجى، ويحمينا من التنازع البغيض بين العلمانيين من جهة، وأدعياء السلفية من جهة أخرى.. ونقل د. القوصى، المقولة الذهبية من قائلها الحكيم: «مصر ليست وطنًا نعيش فيه، بل وطنًا يعيش فينا».
من جانبه أعرب د. محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، عن تقديره لجهود جامعة الأزهر بالتعاون مع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، التى أسهمت فى حراك ثقافى مثمر يُسهم فى البناء السليم للشخصية، وأن الحضور الطلابى الكثيف فى الندوات العلمية والتثقيفية يؤكد نجاح هذه التجربة الملهمة فى معالجة القضايا المعاصرة.
قال إن أكثر الدول تعايشًا سلميًا، وتحقيقًا للمواطنة بمفهومها الشامل، هى أكثر الدول أمنًا واستقرارًا وتقدمًا، وأن الحفاظ على الدولة الوطنية، أمر غير قابل للجدل أو التشكيك.