أدرينالين الإثارة والتشويق.. تعرف على أسباب شعبية أفلام ومسلسلات الخيال والفانتازيا
الإثنين، 17 ديسمبر 2018 11:00 صكتب شريف إبراهيم
"المنطق سوف يأخذك من ألف إلى باء، والخيال سوف يأخذك إلى أي مكان" بتلك المقولة الشهيرة قدم عالم الفيزياء العبقرى ألبرت أينشتاين، ابسط تعريف للمنطق وللخيال، وربما ما حملته تلك الكلمات من مآثر فى جانب الخيال بالماضي، وبرغم ما يشهده الوقت الحالى من تطور وتقدم فى عناصر المادة وطغيان الواقع والجدية على كل أمور الحياة، أصبح العالم الأن أكثر إلحاحاً على طرق أبواب الخيال، وهو ما ظهر جلياً على توجهات جمهور السينما والتليفزيون، وباتت أعلى أفلام شباك التذاكر إيراداً وأكثر أعمال التليفزيون مشاهدة هى تلك التى تنتمى إلى فئة الخيال، ليصير هناك ما هو أشبه بالهيمنة الكبرى لتلك الفئة على السينما والتليفزيون، وأثبتت كل التجارب فى مجال صناعة السينما أن الأفلام الخيالية أكثر قدرة على إرضاء جميع الأذواق وجذب كل قطاعات الجمهور، ليصبح اتفاق أذواق الجمهور على هذه النوعية، هو أحد أكثر الظواهر الإجتماعية والنفسية المحيرة، التى تحتاج للتفسير.
أدرينالين الإثارة والتشويق لفاقدى الشغف
الأفلام والقصص الخيالية هى قصص غالباً ما تنطوى على مغامرات أو معارك أو رحلات عادة ما تكون فى عالم أخر خيالى أو خارق للطبيعة، ما يفسح المجال لابتكار مخلوقات أسطورية وشخصيات ذات قدرات غير عادية، وتحقيق اكتشافات وتحديات مثيرة للاهتمام على طول الطريق، ولأنه بالطبع لا يوجد حد فى الأعمال الخيالية نجد أن كل شيء ممكن مع هذا النوع، وبخلاف ذلك نجد أيضاً أن انتشار أدب الخيال والفانتازيا وما يخلفة من أعمال على الشاشة، يعود لكونه من أكثر وسائل السرد التى تتسم بالمرونة والاستيعاب فى جميع أنحاء العالم، لكن هناك بعض العوامل النفسية والاجتماعية العميقة، التى تجعل هذا الجانب أمراً مثيراً للتعجب والفضول عند الكثيرين، وبناء على ذلك تناول علماء النفس هذه الظاهرة بالبحث والدراسة سعياً لإيجاد الدوافع وراء التوجه العالمى للجمهور نحو تلك النوعية، وقد توصلت تلك الدراسات لعدة أسباب عن تشكل هذه الظاهرة، لعل أبرزها هو فقدان الشخص للسيطرة على شغفه، فيكون ملاذه الأول هو مشاهدة تلك الأعمال السينمائية بأعداد كبيرة وبشكل متلاحق، إلا أن ذلك الأمر فى النهاية يتعلق بمدى استمتاعهم بمشاعر الإثارة الفسيولوجية الناتجة عن إفراز الأدرينالين فى أجسادهم بنسب مرتفعة، بسبب كمية الإثارة والتشويق التى تمدهم بها تلك النوعية.
الهروب من عالم يزداد تعقيدًا على غرار A Monster Calls
الهروب أيضاً يعد هو العامل الأكثر وضوحا للنظر فيه عند استكشاف هذا الاتجاه فى عصر يعمل فيه الناس لساعات طويلة داخل عالم يزداد تعقيدًا، لذلك يبدو مفهوم الهروب كوسيلة للاسترخاء عملاً بارزًا، بقضاء ساعات قليلة أمام مسلسل يدور فى عالم مختلف تسمح لنا أن ننسى قسوة اليوم، ومع ذلك، فإن الهروب ليس دائماً أمراً جيداً، خاصة إذا كانت فترة الراحة التى يوفرها، تصبح عكازاً أو أسوأ من ذلك وسيلة للفرار من الواقع والمشكلات التى يواجهها المرء، وهناك أيضاً وجه آخر مثير للاهتمام فى هذا الأمر، وهو أنه يوفر طريقة لمعالجة الموضوعات الصعبة، التى قد نتجنبها أو نتراجع عنها فى الحياة الحقيقية، حيث يمكن التعامل مع القضايا الاجتماعية المعقدة أو الأزمات الكبرى بتحليلها فى واقع افتراضى بفيلم ما أفضل من طرحها بصورة سوداوية حيث يتواجد أفراد مستنذفين ومرهقين ينفرون المشاهد، وعلى سبيل المثال فيلم A Monster Calls هو فى الواقع مجرد قصة لفتى عليه أن يتصالح مع وفاة والدته الوشيكة، موضوع صعب بالتأكيد، ولكن الطريقة المعبرة بصريًا التى يستكشفها الفيلم عن القصة، من خلال استخدام الرموز، يساعد الجماهير على التواصل مع الموضوعات الأساسية ومواجهتها.
الفانتازيا تصور عوالم طموحة أفضل من الواقع
دور رئيسى تلعبه الفانتازيا بمنحها الفرصة أيضًا لتصور عوالم طموحة أفضل من تلك التى نعيشها حاليًا، عوالم بلا حرمان ومعاناة حيث يمكن للناس تلبية كامل لأحلامهم، أيضاً الخيال قادر على وضع بيئة افتراضية يمكن من خلالها اختبار واستكشاف مختلف النماذج الاجتماعية والسياسية والفلسفية، ففى كثير من الأحيان تجمع الموضوعات الخيالية الكثير من الأفراد معًا وتساعد فى تشكيل المنتديات، الأحداث الخيرية مثل لعب الأطفال لها جذورها فى مثل هذه المجموعات ويمكنها القيام بالكثير من الخير فى العالم الحقيقى، يمكن أن يكون الخيال وسيلة لتوحيد الناس، وخاصة أولئك الذين قد يجدون أنفسهم مهمشين فى الحياة الحقيقية، ويمكن أن يجلب الشعور بالانتماء لأولئك الذين قد لا يشعرون بهذه الطريقة بالفعل على غرار الصوره الذى عكسها فيلم Venom.
محبو الخيال لا يرتبطون دائمًا بالتفاعل الاجتماعى الإيجابى
ومن جانب آخر سيكون من الحماقة التركيز فقط على الجوانب الإيجابية للخيال، يجب علينا على الأقل النظر فى أسباب أخرى لشعبيتها. كما ذكرنا من قبل، نحن نعيش فى عالم معقد بشكل متزايد، لقد تسارعت وتيرة التغيير فى الثلاثين سنة الماضية، وأثبتت العديد من الأبحاث الاجتماعية التى تتطلع لقياس الاستقرار أن وضع البشر أصبح على المحك، وإن الحياة بالنسبة للبعض فى الوقت الحاضر صارت غير متكافئة وكئيبة، والفانتازيا هنا ليست وسيلة فقط للهروب ولكن لدحض إخفاقات عالم لا يمكننا السيطرة عليه، بالطبع لا تقدم جميع القصص الخيالية الشائعة رؤى إيجابية أو مبادئ تعزيز المساواة، كتابات روبرت إى هوارد، إتش بى لوفكرافت وجون نورمان على أية حال لم تكن ايجابية على الاطلاق، لكن الحقيقة أن محبو الخيال لا يرتبطون دائمًا بالتفاعل الاجتماعى الإيجابى، ويمكن اعتبار أعمال مثل Ghostbusters و the mask نموذجاً، ونرى البالغين والأطفال على حد سواء يقبلون على تلك الأعمال بدون هدف واضح، فإذا كنت تشاهد عملا يدور حول الجن أو السحر، فبالتأكيد ستنسى المخاوف المتعلقة بالأعمال التجارية أو الواجبات المنزلية أو الأعمال المنزلية، لذلك ربما هذا هو السبب فى أن الخيال هو فئة واسعة ويوحد الجميع تقريبا، من كبار السن إلى أولئك الذين بدأوا للتو فى القراءة، أو اهتموا بمشاهدة الأفلام والمسلسلات.
شعبية الأعمال الخيالية والمناخ السياسى الحالى فى العالم
مثل معظم الأسئلة الكونية حول هذا الموضوع، لا توجد إجابة محددة بالنسبة لى، فإن الخيال يوفر منصة للأفلام والألعاب والأدب لاستكشاف ما وراء حدود العالم الحقيقى، ويمنح فرصة لأولئك الذين وجدوا أنفسهم فى إطار هذه المعايير ليكونوا حالمين وأصحاب بصيرة، غير مقيدين بقواعد الفيزياء، ومع ذلك، فإن الخيال مثله مثل أى نوع له نقاط ضعفه، يمكن أن تكون التصورات السردية لفيلم مثل ex machina حول ما سيصبح عليه العالم ايجابياً وما تضمنه من مفارقات قدريه محبطاً للغاية، لكن بشكل عام أعتقد أن هناك صلة بين شعبية الأعمال الخيالية والمناخ السياسى الحالى فى العالم، لذلك غالبا ما تدور الحكايات الملحمية لأشهر الأعمال مثل Vikingأو Game Of Throne حول استعادة ما فقدت أو تصحيح خطأ العمر، وهى أسئلة نبحث عن حلها خلال حياتنا فى الوقت الحاضر، لذلك ربما دائماً نتطلع إلى الخيال للحصول على إجابات محتملة؟ من يستطيع أن يجزم بذلك؟، لكن من الوارد حدوث شى ما فى المستقبل يجعلنا ننظر إلى الوراء على تلك الأوقات بنظرة أكثر وضوحاً وعلماً.