اسم ليس على مسمى.. معاناة أيتام دار «السابقون بالخيرات» تفتح الملف المسكوت عنه
الأربعاء، 12 ديسمبر 2018 04:00 م
«السابقون بالخيرات».. اسم لدار أيتام يصفه البعض بأنه ليس على مسمى بسبب الانتهاكات المتواصلة التى تقع للأيتام من قبل المسئولين والمشرفين على الدار من ضرب وتعدى وتحرش وانتهاكات على كل شكل ولون، كما هو حال بعض دور رعاية الأيتام فى مصر، التى تحولت إلى سلخانات لتعذيب الأطفال، بدلًا من توفير الحماية لهم.
وعلى الرغم من حديث النبى «أنا وكافل اليتيم كهاتين وأشار بأصبعيه السبابة والوسط»، الذى وصى فيه المسلمين برعاية الأيتام والاهتمام بتربيتهم، حيث جعل لذلك ثواب عظيم بأن جعل كافل اليتيم في نفس مرتبة الرسول، وعلى الرغم أيضاَ أن الدولة حرصت على إنشاء دور رعاية الأيتام وتأهيلهم نفسيًا وحمايتهم من الشوارع وما يدور فيها إلا أن دور الأيتام تحولت إلى أوكار لتعاطي المخدرات وممارسة الشذوذ الجنسي وتعذيب الأطفال واستخدامهم في الأعمال المنافية للأداب.
وبحسب الإحصائيات الرسمية فأن دور الأيتام فى مصر يبلغ عددها 468 داراً على مستوى الجمهورية، حيث تطالعنا الأنباء من وقت لآخر عن تعذيب طفل بشكل وحشى داخل إحدى الدور، ويدخل ضمن هذه الدور المخالفة للدين والعرف والقانون دار «السابقون بالخيرات»، ورغم عظمة الأسم المقتبس من القرأن الكريم إلا أنه يجب أن يطلق عليه «السابقون بالشرور»، حيث تعمل جاهدة على وأد مستقبل الأطفال من خلال التعدى عليهم وتعذيبهم.
دار الأيتام «السابقون بالخيرات» المتواجد فى الشوارع المتفرعة من آخر شارع الملك فيصل بالجيزة، سبق لهيئة الرقابة الإدارية أن قامت بشن حملة عليها في 29 مارس 2017، حيث كشفت أن الدار تتبع جمعية شرعية، وميزانية الدار مدمجة مع الجمعية الشرعية، وهو ما يخالف الاشتراطات، وأن ميزانيتها 3 ملايين جنيه، بينما دفاتر توفير الأطفال لا تتعدى 2000 جنيه، وأن الدار لا تضع نسبة الـ ٥٪ من الإيراد السنوى للدار فى دفاتر التوفير الخاصة بالأطفال، وفقاً للاشتراطات، فضلاَ عن أن مسئولى الدار تتعامل بسوء مع الأطفال من خلال شكواهم والمشرفين، كما رصدت الحملة أن المشرفين غير مؤهلين للتعامل مع الأطفال، ويتعاملوا مع الدار كمكان لإيواءهم، حيث تبين أن جميعهم مغتربون.
حملة الرقابة الإدارية بالحديث مع الأطفال بالدار أرشدوا عن مكان المخازن المغلقة المودع بها الملابس والأحذية والألعاب الجديدة، فى إحدى طوابق الدار، حيث أكدوا أنهم يقومون بالتصوير بهذه الملابس فقط ولكن لا يرتدونها دوماً، كما أكد الأطفال خلال مناقشة عضو الرقابة الإدارية لهم، أن الدار تقوم بإفطارهم بوجبة عبارة عن ٢ مثلث جبنة، و٢ علبة مربة صغيرة، وعندما يطلبون أكل اضافى، ترفض إدارة الدار الاستجابة لهم.
الوقائع آنفة البيان التي كشفت عنها حملة الرقابة الإدارية فى مارس الماضى تُعد بمثابة «غيض من فيض» بالنسبة للوقائع التى تحدث داخل نطاق دار الأيتام «السابقون بالخيرات» - بحسب مصادر من داخل الدار – حيث روت لـ«صوت الأمة» تفاصيل ووقائع تشيب لها الرؤس وتقشعر منها الأبدان حيث أن الدار تم إنشاءها منذ 10 سنوات تقريباَ وبدأت بقبول عدد من الأيتام بعد إغلاق دار الأيتام التى كانت تحتضنهم بأكتوبر بعد أن تم اكتشاف وجود وقائع شذوذ جنسى داخل الدار.
الكارثة الحقيقة – وفقا لـ«المصادر» - فى أن قبول مسئولو دار الأيتام «السابقون بالخيرات» للأيتام جاء بعد التأكد من أنهم أصبحوا مرضى بالشذوذ الجنسى وتم ضمهم إلى أطفال أيتام آخرين أصحاء، الأمر الذى أدى إلى تعدى أطفال دار أكتوبر المصابين بالشذوذ الجنسى على أطفال دار الأيتام «السابقون بالخيرات»، ما أحدث معه كارثة محققة حيث عرض عشرات المتبرعين على مسئولو الدار وقتها معالجة الاطفال فى مستشفيات خاصة إلا أن الإدارة رفضت العرض وردد قائلين: «مش عاوزين تطلع سمعه وحشه على المكان».
أما عن الكوارث الخاصة بالموظفين، قالت «المصادر» أن المشرفين داخل دار الأيتام «السابقون بالخيرات» غير مؤهلين بالمرة حيث أن أى شخص يمكن تعيينه داخل الدار وكان ضمن هؤلاء المشرفين مشرفة تدعى «أمينة» لا تُجيد القراءة أو الكتابة، الأمر الذى أدى إلى تعامل هؤلاء المشرفين الجهلاء مع الأيتام بإفراط فى العنف والتعذيب، كما أن هناك مشرف داخل الدار يدعى «جمال» قام مؤخراَ بتسجيل وتصوير فيديوهات لمجموعة من الأيتام الصغار الذين تم الإعتداء عليهم «جنسيا» على يد الأيتام الكبار، حيث يعمل ليل نهار على تهديد الطرفين بأنه سوف يقوم بنشر الفيديوهات والتسجيلات على السوشيال ميديا ويقوم بفضحهم.
سلخانات التعذيب – وفقا لـ«المصادر» - لا تقف عند هذا الحد حيث أن هناك أنواع أخرى من عمليات التعذيب منها على سبيل المثال لا الحصر، استغلال أيام الشتاء القارس وإيقاف الأيتام على البلاط والسيراميك الغارق بالمياة، وتعذيبهم من خلال منعهم من النوم أحياناَ، وتكليفهم بلعب لعبة الضغط وعدهم 20 ضغطه فى اللعبة الواحدة.
الغريب أنه رغم انخفاض عدد الدور بالنسبة للجان حماية حقوق الطفل المنتشرة فى كل حى، فإن هذه اللجان لا تقوم بدورها فى مراقبة الأداء داخلها، وبالتالى، فالمسئولون فيها يفعلون ما يشاءون، دون محاسبة حقيقية إلا بعد أن يفتضح الأمر من خلال وسائل التواصل الاجتماعى التى أصبحت رقابتها أكثر فاعلية من موظفى وزارة التضامن الاجتماعى، ويكفى أن نذكر أن الدكتورة غادة والى وزيرة التضامن صرحت فور توليها الوزارة بأن أكثر من 75% من هذه الدور تستحق الإغلاق، ومع ذلك فشلت الوزارة المنوط بها مراقبة هذه الدور وحماية الأطفال الموجودين بها فى أداء دورها، ومن ثم تزايدت المخالفات، وأصبحنا نصطدم كل يوم بواقعة يندى لها جبين حكومة فشلت فى توفير الحماية لأطفال لا حامى لهم إلا هى، وحادثة تعذيب الطفل فى دار الأورمان مؤخرًا ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.
من جانبه، قال الناشط الحقوقى، محمود البدوى، رئيس الجمعية المصرية لمساعـدة الأحداث وحقوق الإنسان: أن عملية الانتهاكات ضد الأطفال فى دور الأيتام المصرية لم تنته حتى هذه اللحظة، حيث أن العنف ضدهم إرث طويل، على مدار سنوات، وأن الجهات الرقابية لم تقوم بدورها تجاه هؤلاء الأطفال ووضع حلول سليمة لمشكلاتهم، وأن السياسة المتبعة لتلك المشكلاتهم هى وضع المسكنات فوق الجروح.
ووفقا لـ«البدوى» فى تصريح لـ«صوت الأمة» فأنه لا توجد اشتراطات للمعايير للمتعاملين مع الأطفال فى هذه الدور، وهذا سبب الأزمة، مطالبًا بوضع معايير لضبط النفس وقياسات دورية للمتعاملين مع الأطفال، ووضع قياس الثبات الانفعالى لهم، كل ستة أشهر، وذلك لسبب عدم ضمان الخلفية العلمية والثقافية للمتعاملين مع الأطفال، ويجب ألا يكون هناك تأهيل علمي فقط ويجب أن يكون هناك تأهيل نفسى للتعامل مع تلك الفئة، فضلاَ عن أن فكرة دور الأيتام فى مصر أصبحت سبوبة كبيرة - على حد قوله - وأن هناك من يتخذ هؤلاء الأطفال وسيلة لتحقيق ربح مادى سريع عن طريق استغلالهم، موضحًا فى الوقت ذاته أن هناك جمعيات ودور أيتام جيدة.
وأكد رئيس الجمعية المصرية لمساعـدة الأحداث وحقوق الإنسان أن الانتهاكات المعلنة لم تمثل سوى 1% من الانتهاكات الحقيقة، وأن ما يتم الإعلان عنه يظهر بالصدفة، مشيرًا إلى أن الانتهاكات التى يتم الإعلان عنها من وقت لأخر لا تعتبر سوى غيضاَ من فيض.