خبراء اقتصاديون يكشفون لـ«صوت الأمة» كواليس القرار القطري بالانسحاب من «أوبك»
الإثنين، 03 ديسمبر 2018 11:00 م
تعددت الرؤى ووجهات النظر حول قرار قطر بالإنسحاب من منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» والذي صدر صباح الأثنين بين تفسير القرار بأن له أبعادًا سياسية وأخرى ذهبت إلي أنه قرار غير مؤثر أو ذو قيمة في سوق الطاقة أو النفط. خاصة في ظل الإنتاج المتدني لقطر مقارنة بباقي الدول الأعضاء بـ«أوبك».
المحلل الاقتصادي والمصرفي السعودي، فضل البوعينين يرى أنه وفقًا للتصريحات القطرية؛ فإن انسحابها من منظمة أوبك جاء بهدف التركيز على قطاع الغاز والذي يعتبر قاعدة الصادرات القطرية، لافتًا إلى رؤيته بأن الدور القطري داخل منظكة النفط أصبح متدنيًا، وقال في تصريحات خاصة لـ«صوت الأمة»: «دور قطر ضعف بشكل كبير في التأثير داخل أوبك وأصبحت معزولة خاصة وأن حجم إنتاجها يقارب 600 ألف برميل يوميًا، وبالتالي فهي من جهة فضلت الإنسحاب كموقف يعوضها عما فقدته في بقائها؛ ومن جهة أخرى تتحلل عن أي التزامات مستقبلية مرتبطة بحصص الإنتاج أو سياسات أوبك العامة».
فضل البوعينين
وأضاف «أعتقد أن قطر تحاول التأثير على أوبك من خلال إطلاق شرارة الإنسحاب؛ وهذا من حيث الواقع غير ممكن لها وفق حجم إنتاجها وتأثيرها، خاصة وأن التأثير الأكبر في قطاع النفط بات مرتهنًا بالسعودية وروسيا وأمريكا؛ إضافة إلى الدول القوية من حيث الإنتاج والتأثير في أوبك»، وأكد «البوعنين» على أن فكرة الإنسحاب من منظمة أوبك ليست سابقة، فهي حدثت من قبل ولَم تؤثر في المنظمة خاصة إذا ما ارتبطت بالدول محدودة الإنتاج، لافتًا إلى أن قرار قطر ربما يأتي وفق استراتيجية المواجهة التي تنتهجها وتوجهها الولايات المتحدة الأمريكية المضادة لمنظمة أوبك، قائلًا: «في هذه الحالة قد يكون للاستراتيجية الأمريكية للخروج المنظم؛ وليس قطر؛ احتمالية التأثير على المنظمة».
ومن زاوية أخرى قال الخبير الاقتصادي والمصرفي البارز «لا أعتقد أن هناك انتقادات أوروبية شعبية موجهه ضد قطر بل أن الفرنسيين وضمن احتجاجاتهم انتقدوا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حيث علاقته مع قطر وأنه (باع فرنسا) لهم، وبحسب ما يردده بعض المحتجين وأحسب أن تصرف الجنود الفرنسيين بجانب سور السفارة القطرية في باريس، لم يكن عفويًا بل ربما كان مقصودًا؛ لتوجيه رسالة محددة، ومن هنا يمكن أن يُفسَر القرار القطري في بعض جوانبه على علاقته بتحسين صورة قطر، وأنها انسحبت من المنظمة التي يتهمها بعض الغرب بأنها تسعى من خلال تكتلها لتعزيز أسعار النفط، وبالتالي انعكاسه على سعر المشتقات النفطية وفِي مقدمها البنزين والديزل، ومن جهة أخرى قد ينظر للقرار القطري أنع على صلة بفرض العقوبات على إيران وتعهد السعودية تعويض نقص المعروض النفطي على أنه يتوافق مع انتقادات إيران للمنظمة؛ الحليف الرئيسي لقطر».
من جانبه أكد الكاتب الصحفي الاقتصادي السعودي، جمال بنون على أن القرار القطري غير مؤثر على الإطلاق على سوق النفط العالمي، وقال في تصريحاته لـ«صوت الأمة»: «قطر هي من كانت مستفيدة من انضمامها لمنظمة أوبك، وليس العكس.. القرار القطري هذا لا حيأثر على السوق ولا الأسعار ولا أي من الإتفاقات الخاصة بالنفط»، مشيرًا إلى أن الدول التي تكون في إطار منظمات دولية ومعترف بها يكون لها الكثير من المزايا والقيمة المعنوية، ولذلك قطر خسرت الكثير بهذا القرار.
جمال بنون
وأضاف «بنون» أن «خروج قطر من أوبك سيقلل من العوائد النفطية المتوقعة بالنسبة لها، لأن دائمًا النفط الذي يُباع خارج إطار الدول المصدرة للنفط يخسر الكثير من قيمته، فربما ستضطر الدوحة إلى أن تبيع بأسعار أقل في السوق السوداء أو بطرق أخرى»، لافتًا إلى أن قطر تخسر الكثير جراء سياساتها، فهي تعاني اقتصاديًا بسبب المقاطعة العربية وعزلتها الحالية، ويبدو أن نتائج المقاطعة ربما «آتت أُكلها»، على حد تعبيره.
وعن الرؤى الدائرة حول أن القرار القطري يصُب في صالح الولايات المتحدة الأمريكية، فقال الخبيرالسعودي الشهير في مجال الاقتصاد أن «أي تحرك للدول المنظمة للإتفاقيات الثنائية وخاصة بين روسيا والسعودية يكون من لصالح ضبط أسعار النفط بالأسواق العالمية، وأمريكا يهمها أن تكون أسعار النفط مستقرة»، موضحًا أن هناك ضرورة للتوافق لعدد من الأطراف من ضمنهم أمريكا وروسيا والصين والهند حتى لا يُصبح هناك تضخم في الأسعار أو تخفيض للأسعار مع زيادة العرض، ما يكون له أثرًا سلبيًا على الجميع.
في السياق ذاته يرى الخبير الاقتصادي، وضاح الطه في تصريحات لموقع «سي إن إن» الأمريكي أن الأسباب التي ذكرتها قطر ودفعت بها إلى قرار الإنسحاب من منظمة أوبك غير مقنعة، وقال أن رغبة قطر في تطوير مجال الطاقة لديها لا يؤثر على كونها عضوًا في منظمة أوبك، مشيرًا إلى الأسباب ليس لها علاقة بالجانب الاقتصادي.
وكان وزير الطاقة القطري، سعد الكعبي قد أعلن صباح الأثنين عن شروع قطر الإنسحاب من منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» بدءًا من يناير العام المقبل (2019) على أن يكون الإجتماع المقبل المقرر الشهر الجاري هو الأخير الذي تحضره قطر، وذلك بعد أن استمرت عضويتها 57 عامًا في المنظمة النفطية، معللًا ذلك بأنه يرجع إلى أسباب فنية واستراتيجية بعيدًا عن السياسة، مشيرًا إلى أن قطر ستُركز على بيع سلعتها الأولية ألا وهي الغاز الطبيعي.