عين حلوان الكبريتية تبكي التلوث.. ثروات مصر القومية في أحضان الإهمال (صور)
الجمعة، 30 نوفمبر 2018 08:00 م
تعد «عين حلوان» من أشهر العيون المائية في مصر، وتلك الشهرة بسبب كمية الكبريت المعالجة التي تصل إلى 27% وفي عام 1939م انفجرت عين ماء معدني طبيعية من باطن الأرض.
تقع «عيون حلوان» فوق مستوى النيل بما يقرب من 33م ويبعد عنها النيل بمسافة تقدر بحوالي 4كم، والمنطقة الموجود فيها العيون تقدر بحوالي 4.5 كم في الناحية الشمالية الجنوبية وبحوالي 3.5 كم في الناحية الشرقية الغربية. وتوجدمحطة مترو باسم عين حلوان ويوجد فيها عين كبريتيه مقام عليها حمام سباحه مياه كبريتيه لاستخدامه.
على الرغم من أهمية وشهرة عين حلوان، إلا أنها لم تحظَ بالرعاية والإهتمام المناسب من محافظة القاهرة، ما يؤهلها لتمثل مصدر دخل جديد لها أو تنشط حركة السياحة العلاجية التي دائما ما نبحث عنها، فمصر ملئية بالكنوز، منها ما هو مدفون في باطنها وما هو ظاهر للجميع، ومن بين كنوز مصر المهملة بشكل كبير «عين حلون» الكبريتية.
والعين الآن، متصلة بمجرى يشكل شلالا صغيرا يصب في حوض من الطوب الأسمنتي المليء بالصحالب نظرا لعدم تنظيفه، والحوض يفيض من حوله لتغرق المياه ما حوله متخذة طريقها إلى أن تصل لفتحة بشبكة الصرف الصحي ما يجعل النباتات والحشائش تنمو بطول طريق المياه، والحوض الصغير يستحم به الأطفال بشكل مستمر على سبيل اللعب.
كثرة المياه المتدفقة من العين جعلت الحشائش والغاب ينمو بكل مكان بشكل عشوائى ما جعل المنظر لا يسر العين، وعدم الاهتمام بمجرى المياه جعله يتراكم عليه الطحالب ليبدو أخضر اللون بالإضافة إلى تحطم المجرى نفسه.
عرفت عين في عصر المصريين القدماء فقد ذكرت في حجر رشيد باللغة الهيروغليفية باسم «عين-آن» حيث اعتبرها المصريين القدماء نوعاً من الأعمال الخيرية الإلهية، وزاد الأهتمام بهذه العيون في عصر الخليفة عبد العزيز بن مروان حيث أجتاح مدينة الفسطاط مرض الطاعون في عام 690م فأرسل الخليفة كشافين لكي يكتشفوا مكان صحي لإقامته، فتوقفوا في حلوان وفيها أسس حكومته وأقام ثكنات للجنود ونقل الدواوين إليها، ثم اندثرت بعد ذلك لتظهر في عهد الخديوي عباس الأول.
ففي عهد الخديوي عباس وبالتحديد عام 1849م كان الجيش يعسكر بالقرب من حلوان وتصادف أن أصيب العديد من الجنود بالجرب وكان أحد هؤلاء الجنود يتجول في الصحراء ناحية التلال فاكتشف مياه غريبة تحتوي على كبريت وما أن اغتسل فيها حتى تناقصت حكة الجلد وشفي منها، فأخبر رفاقه بالأمر وشفوا مما أصابهم، ووصلت أخبار هؤلاء العسكر للخديوي فأرسل الجنود المصابين بالأمراض الجلدية والروماتيزمية إلى عيون حلوان وكان يتبعهم كذلك العديد من المدنيين، ويقيمون في خيام ويحفروا حفراً صغيرة ليخرج بها الماء الشافي.
وفي صيف العام 1868م أرسل الخديوي إسماعيل لجنة لدراسة هذه العيون وأصدر بعدها فرماناً ببناء منتجع حراري، وتم الانتهاء منه عام 1871م وبني فندق بالقرب منها، وقد عهد بإدارة المنتجع عام 1872م إلى الدكتور رايل ؛ وهو أحد الباحثين الذين درسوا تأثيرات مياه حمامات حلوان الطبية.
وفي عام 1899م افتتح عباس حلمي الثاني عيون حلوان الكبريتية بعد تشييد مجموعة الحمامات الحالية واندفع السائحين إليها من مختلف البلدان وهنا بدأت حلوان تصبح منتجع سياحي وخاصة بعد تخصيص فندق للحمامات في شارع منصور.
أشرف سلومة أحد المترددين على عين حلوان، قال إنه يعاني من آلام فى الظهر ويتردد على العين منذ شهر تقريبا، ويشعر بتحسن كبير، مشيرا إلى أنه كان يتردد على العين منذ زمن وكان الحال أفضل بكثير من الآن، وكان الإقبال كثيف عليها، وكان مساحتا أكبر من الموجودة الآن.
وأضاف سلومة، في تصريحات صحفية، أنه كان يوجد صنابير مياه تأتي من المياه من العين ولكنها تعطلت منذ زمن، مشيرا إلى أن الأهالي كانوا يقيمون مولد سنويا بجوار العين احتفالا بها.
وقالت إحدى السيدات المترددة على العين، إنها تتردد على العين منذ أيام بصحفة حفيدها الصغير ليستحم بها بعد إصابته بمرض جلدى، مؤكدة أن ذلك أسفر عن نتيجة في شفائه واختفاء الطفح الجلدى، خاصة أنها ترددت على عدد كبير من الأطباء ولم تجد أدويتهم نفعا، مضيفة أنه كان هناك اهتمام بالعين قديما أكثر من الأن متمنية أن يتم تطوير المكان.
واتجهت الأحلام في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي إلى الاستغلال السياحي الأمثل لمنطقة حلوان الغنية بالعيون المعدنية والكبريتية، حيث كانت تعتبر من المدن ذات السياحة العلاجية وكانت تعتبر مشتى عالمياً، ولكنها استبعدت مؤخراً من الخريطة السياحية بسبب ارتفاع نسبة التلوث بها بعد إنشاء مصانع للأسمنت بالقرب منها.
ويقول أحد أفراد أمن العين، أنه يتواجد بالمكان منذ 10 سنوات تقريبا، وشهد تردد جنسيات مختلفة على العين بحثا عن الشفاء، بالإضافة إلى وضع زيارة المكان ضمن برنامجهم السياحى بمصر، مشيرا إلى أنه تحدث مع عدد كبير من السياح الذين أكدا له أنهم لا يحضرون إلى مصر إلا ويمروا على العين للاستحمام بمياهها، مشيرا إلى أن إقبالهم انخفض الآن.
وأضاف أن ما يقال عن جفاف العين فى فترة من الزمن أو تغير لون المياه للون الأحمر غير صحيح، مشيرا إلى أنه موجود منذ زمن ولم يرَ ذلك، موضحا أنه من الممكن أن تغلق العين لفترة لا تزيد عن ثلاث أيام وأنه من الممكن أن يتحمل غطاء البئر أن يغلق 3 أيام فقط ويتم ذلك بغرض تنظيف المجرى فقط.
وقال فرد أمن آخر مسئول عن حراسة العين، إن الدخول للعين مجاني ولم يتم فرض رسوم عليه، مشيرا إلى أن أطباء مشهورين يصفون لمرضاهم الحضور للعين للاستشفاء بمياهها، وبالفعل تحدث تقدم كبير في شفائهم من الأمراض الجلدية والروماتيزمية.
وأضاف في تصريحات صحفية، أنه شهد حضور سيدة من محافظة الفيوم يوميا لمدة 15 يوما حسب وصف الطبيب لها، حيث اخذت مسكن قريب من المكان لسهولة التردد عليه، وغيرها الكثير فعل ذلك، مشيرا إلى أنه من وقت لأخر يتم تحليل المياه وقياس نسب الكبريت بها، وأن كل الأبحاث التي اجريت على المياه أكدت صلاحيتها للاستخدام.
ويقال إن السبب في وجود هذه العيون احتمال انسيابها بالقرب من بركان خامد، والماء يخرج منها شفافاً وصافياً إلى سطح الأرض لكن عند ملامسته الهواء يغطى الماء بطبقة من الكبريت المخلوط بملح الكالسيوم، فهذا الماء من أغنى العناصر الشفائية الطبية لكثير من الأمراض مثل الأمراض الجلدية والآلام الروماتيزمية والمفصلية وأمراض الكبد.
وبعد فحص وتحليل مياه عيون حلوان وجد العلماء أن هذا الماء يعد من أغنى العناصر الشفائية الطبية، وبالإضافة إلى مناخ حلوان الجاف فهذا يهيئ جواً مناسباً للاستشفاء من أمراض عديدة أهمها الأمراض الجلدية والآلام الروماتيزمية والمفصلية وأمراض الكبد والمسالك البولية، وغيرها ويعتبر مناخ حلوان بهذا مثالي للمصحات العلاجية.
عين حلوان الكبريتية
وقد أسس مركز حلوان الكبريتي للروماتزم والطب الطبيعى علي طراز إسلامي عربي، وهو يضم 38 حجرة للعلاج بالمياه الكبريتية وغرفاً للاستراحة، وشاليهات لإقامة المرضى على بعد خطوات من أماكن العلاج وجميعها محاط بحدائق جميلة لتوفير مكان رفيع لإقامة المرضى.
عين حلوان الكبريتية (11)
عين حلوان الكبريتية