ولي العهد السعودي.. أبعاد الزيارة والوجود
الخميس، 29 نوفمبر 2018 12:42 م
تُشكّل العلاقة بين السعودية ومصر حالة من الفرادة، سواء في الشكل أو المحتوى. فكلا الدولتين تمثلان ثقلاً نوعيًّا وتتحلّيان بالمكانة الدولية المعتبرة، بل وتُعدّان واجهتين للعالم العربي، والممثّلتين الرئيسيّتين للقضايا العربية لدى الحكومات الغربية والأوروبية على السواء.
وعليه فتنسيق الجهود بين السعودية ومصر، وتوحيد آلية العمل المشترك إزاء أيّة قضية تنبعث في منطقة الشرق الوسط، ليس مطلبًا بقدر ما يُمثّل حتمية ينبني عليها أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية التي تُعدّ قلب العالم الاقتصادي النابض.
ومن هنا تأتي زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمصر، لتصبّ في مجرى تعزيز الرؤية المشتركة وتقوية أواصر العمل الأخوي المشترك؛ لمواجهة التحديات التي تكتنف عالمنا العربي في هذه المرحلة المفصليّة من تاريخنا الوجودي.
وهي للحق، كانت زيارة ناجحة بكل المعايير، تم التطرّق فيها لأبرز العناصر ذات الاهتمام المشترك، كما تم فيها تقريب وجهات النظر حول الحلول المقترحة للتعاطي مع عديد من القضايا العالقة مستقبلاً، بما يضمن أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط.
وهو الأمر الذي دعا المتحدث الرئاسي المصري، عقب المباحثات الثنائية بين ولي العهد السعودي والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ للتصريح بأن الرئيس السيسي قد أكد خلال اللقاء "عمق ومتانة التحالف الاستراتيجي الراسخ بين مصر والسعودية"، وأضاف كذلك أن "أمن واستقرار المملكة جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري".
حقيقة، بتأمل تصريح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وإمعان العقل فيه، نستشف أن مصر تُعلن للملأ أنها لن تتخلّى عن حليفتها السعودية في أي منعطف تاريخي من تاريخ أمّتنا المجيدة، لإدراكها العميق بأن أمن واستقرار المملكة مطلب حيوي يقوم عليه استقرار المنطقة العربية ككل.
كما أن كلام الرئيس السيسي يبرهن كذلك على عمق ومدى تلك المشاعر التي تُكنّها مصر العروبة، حكومة وشعبًا، للمملكة العربية السعودية، بما تُمثّله الأخيرة من ثقل نوعي ومكانة إسلامية عريقة، فهي الأرض التي تحوي أعظم المقدسات الإسلامية وثَرَى نبي الأمة الطاهر.
كذلك فقد برهن الرئيس المصري في تصريحه، على أن مصر ماضية في دعمها السياسي اللا محدود للسعودية، قيادة وشعبًا، إذ حرص الرئيس السيسي في تصريحه على تأكيد أن هناك رباطًا أشبه ما يكون بالمُقدّس غير القابل للفصل في العلاقات السعودية المصرية، يُوصف بوحدة المصير. إذ أشار علانية إلى أن أمن المملكة العربية السعودية واستقرارها الداخلي جزء لا يمكن بأي حال أن يتجزأ عن الأمن القومي للحكومة المصرية، وهنا أيضًا يكمن ملمح آخر نستشف منه بأن القيادة المصرية، توجّه جملة من الرسائل لبعض القوى الإقليمية التي تحاول الإساءة للوجود السعودي وتمارس عملياتها الممنهجة للنيل من القيادة السعودية كذلك.
ولذا فقد مثّلت زيارة ولي العهد السعودي لمصر صفعة لنظام الحمدين في قطر، وللقوى المتحالفة معه ولنظام طهران الذي لا ينفك بين فينة وأخرى في مدّ يده للتدخل في شؤون دول الخليج وأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط أيضًا.