مجلس إعلامى مصرى سعودى
الثلاثاء، 27 نوفمبر 2018 03:47 م
زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولى عهد السعودية، للقاهرة ولقائه الرئيس عبد الفتاح السيسى، مليئة بالكثير من التفاصيل السياسية والاقتصادية، خاصة أنها جاءت فى وقت شديد الحساسية، بسبب الأزمات التى تشهدها المنطقة، استدعت أن يكون هناك تشاور وتبادل للأفكار والرؤى بين القاهرة والرياض، لكن ما أستوقفنى فى هذه الزيارة أمران.
الأول الحفاوة الشعبية التى أُستقبل بها الأمير محمد فى القاهرة، وهو ما يعيد التأكيد على مكانة المملكة فى قلوب المصريين، مهما حاولت أطراف خارجية وداخلية بث الفتنة، فسيبقى الشعبين حائط صد قوى لا يمكن اختراقه، كما أن هذا الاستقبال الذى ظهر فى الوقفات التى نظمها مصريين أمام مقر أقامة ولى العهد السعودى، هو رسالة واضحة بأن مصر مساند قوى للملكة وقياداتها ممثلة فى خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز وولى عهده الأمير محمد بن سلمان.
الأمر الثانى والذى سأتحدث عنه كثيراً، هو نشاط الوفد الصحفى السعودى الذى جاء مرافقاً للزيارة، وزيارته لمؤسسات صحفية مصرية، وحرصهم على تبادل الأفكار والرؤى مع الصحفيين المصريين، وقد شاركت فى بعض هذه اللقاءات، وشعرت بمدى الاهتمام السعودى أن يكون هناك توافق إعلامى بين البلدين لمواجهة الهجمة الشرسة التى تستهدف البلدين فى الإعلام الغربى وكذلك إعلام بعض الدول الإقليمية المعادية لمصر والسعودية، ففى البداية كنت أتوقع أن تكون اللقاءات ما بين الصحفيين المصريين والسعوديين مجرد اجتماعات بروتوكولية للتعارف، لكن وجدت أن أشقائنا فى المملكة جاءوا للقاهرة ليس لمجرد التعارف أو غيرها من الأمور البروتوكولية، بل كانت لديهم أفكار واضحة تحدثوا عنها صراحة، ووجدوا من الجانب المصرى إدراك حقيقى لحجم المشكلة، وكذلك أفكار وخطط لمواجهة هذه الهجمة، بل أن صحفاً مصرية أخذت على عاتقها منذ فترة مهمة التصدى لهذه الهجمة، بوازع وطنى عروبى، ومن هنا كان الحوار بين الصحفيين المصريين والسعوديين ثرياً ومليئاً بالكثير الذى يمكن أن يقال ويكون محل تنفيذ.
من واقع هذه الحوارات التى دارت على مدار يومين بين رؤساء تحرير الصحف السعودية والمصرية، يمكن التأكيد على أننا بحاجة فعلية وضرورية لإيجاد موقف إعلامى عربى موحد لمجابهة الأخطار التى تواجه ليس فقط البلدان، بل الامة العربية بأكملها، خاصة وأننا تركنا الساحة شبه خالية لإعلام معادى يتم تمويله بأموال حرام، وكل هدفه إسقاط الدول العربية واحدة تلو الأخرى، ولا أريد أن أسوق أمثلة على ذلك، لأن الأمثلة معروفة للجميع، سواء الدول المستهدفة، وعلى رأسها مصر والسعودية، أو الإعلام المعادى، او الدول التى تنفق من أموال شعوبها على هذه الإعلام المعادى بهدف تفتيت وتقسيم المنطقة، وتسليمها هدية لتيار الإسلام التكفيرى ممثلاً فى جماعة الإخوان الإرهابية، لتكون مطية فى يد قوى إقليمية ودولية تريد فرض سيطرتها على المنطقة العربية، وإحياء أفكار عفا عليها الزمان مثل الخلافة الإسلامية وغيرها من الأوهام التى تراود عقول مجموعة من التخريبيين.
الواقع يؤكد أن مصر والسعودية دولتان رائدتان فى المنطقة، وهو ما يستدعى وجود تفاعل وتعاون وتنسيق بين إعلام وصحافة البلدين للوصول لعمل يخدم المصلحة المشتركة ليس فقط لمصر والسعودية بل للمنطقة بأكملها، باعتبار أن أعلامنا هو الأكثر تأثيراً، والقادر على مواجهة الإعلام الموجه من الخارج، لكن المهم هو العمل وليس فقط مجرد الحديث.
لذا أعتقد أن زيارة الوفد الصحفى السعودى للقاهرة والذى ضم رؤساء تحرير جميع صحف المملكة، هى بداية لنواة مشروع مهم وقوى، تكون بدايته العمل على وضع رؤية اعلامية عربية موحدة ومشتركة ومشروع وطنى يتم العمل عليه لتطوير الإعلام العربى، لأنه لا يعقل أن نظل مكتوفى الأيدى أمام هذه الكارثة التى تعيشها المنطقة والخلل فى التوازن.
نعم هناك صعوبات تواجه المؤسسات الإعلامية العربية، لكن صحفى مصر والسعودية لديهم القدرة على العمل لولادة صحافة عربية جديدة فى ظل تدفق المعلومات وإنتاج جيل جديد من الصحفيين، ولتكن هذه هى البداية التى انتظرناها طويلاً، ولتكن الخطوة التالية إنشاء مجلس إعلامى مصرى سعودى، يمكن أن يتوسع ليضم الإمارات والبحرين، ويكون هدفه وضع إستراتيجية المواجهة المشتركة، وبناء كيانات إعلامية قوية تواكب التطور التكنولوجى.