لأننى فتاة
الثلاثاء، 27 نوفمبر 2018 02:28 م
نتحدث اليوم عن التقدم فى علوم الفضاء، وعن روبوتات تحاول محاكاة الجنس البشرى، وعن مركبات تسير بدون قائد، وفى وسط كل هذا الزخم التكنولوجى، مازال العالم حتى يومنا هذا يحارب الاستعباد، و لقد أعلنت الأمم المتحدة يوم الثانى من ديسمبر اليوم العالمى لإلغاء الرق.
لقد خلقنا الله أحراراً وتعترف معظم الدول بهذا الحق وتنص عليه فى دساتيرها، لكن يبقى ذلك نسجاً من الخيال على أرض الواقع، وكما قال ابراهام لينكولن " ونحن الآن نخوض غمار حرب أهلية عظيمة، وهو ما يمثل اختباراً لاستطاعة تلك الأمة أو أى أمة غيرها- تؤمن كذلك بالحرية و مخلصة لمبدأ أن جميع خلقوا سواسية- أن تصمد طويلاً ".
إن الطريق إلى الحرية ملئ إذاً بالأشواك، فمايزال العالم يئن من ضحايا الرق الحديث، 40 مليون شخصاً قد سلبوا حقوقهم التى وهبها خالقهم إياها، سواء بإلحاقهم بالعمل الجبرى، أو بالدفع بهم إلى زواج قسري، أو باستعباد المدين منهم، أو حتى فى أبشع صوره، الإتجار بالبشر والتى تضم الإتجار بالأعضاء.
أما عن الأطفال، فهناك 150 مليون طفلاً على مستوى العالم يزج بهم إلى العمل، فتنتهى بذلك طفولتهم.
مازال الطريق طويلاً، والضحايا بالملايين.. كيف لنا إذاً أن نوقف هذا النزيف؟.. كيف نحمل راية الحرية ونزرعها فى كل رقعة على أرض البسيطة؟!.
لقد أطلقت الأمم المتحدة حملة خمسين للحرية، التى تهدف إلى إقناع 50 دولة على الأقل بالتصديق على بروتوكول العمل الجبرى، ويهدف هذا البروتوكول إلى النهوض بتدابير الوقاية و الحماية والتعويض، فضلاً عن تكثيف الجهود للقضاء على الرق المعاصر بكل أشكاله، وتقول كيت جيلمور، نائبة المدير التنفيذى لصندوق الأمم المتحدة للسكان عن تزويج الأطفال و الزواج القسرى، " إن الزواج القسري هو اللص الذي يسلب الفتيات طفولتهن، ومشاركتهن النشطة فى العالم، وبحثهن عن الذات و تحقيقها".
الحل إذاً فى تعليم الفتيات وازدياد الوعى عند الرجال الذين هم فى واقع الأمر من لهم الكلمة الأخيرة، بل الوحيدة فى هذا الشأن، فالرجل هو من يتخذ قرار الزواج للفتاة فى تلك الحالات، وقال جورج بريستول، مدير معهد أبحاث أمريكى، أن تجارة البشر هى تجارة لها وزنها، فيصل عدد ضحاياها إلى 21 مليون ضحية، وحجمها إلى 150 مليار دولار، مقترحاً طرقاً لمحاربة الرق الحديث بأنواعه حول العالم، فينصح بتدريب أجهزة الشرطة على كشف تلك الممارسات وعلى كيفية التعامل مع ضحاياها، كما أشار إلى أهمية التوعية الإعلامية للمواطنين حتى يتم الإبلاغ عن الحالات المشتبه بها على الفور، كما أن التحرك السريع لسن قوانين تحارب الرق الحديث، هو أمر بالغ الأهمية.
ومن الحملات الناجحة فى هذا المجال، كانت الحملة العالمية " لأننى فتاة"، التى استمرت منذ عام 2012 حتى 2018، وكانت تهدف لإحداث تغيير فى حياة الفتيات، وكذلك حملة " يد بيد مع الفتيات"، التى استطاعت أن تجمع ملايين الدولارات، وتغير القوانين فى العديد من الدول، والأهم، أنها نجحت فى مساعدة ملايين الفتيات على الحصول على التعليم.
فى مصر، مازالت نسبة الأمية من الفتيات مرتفعة، تصل إلى 31 % تقريباً من إجمالى السكان. وعليه، أتمنى أن تظهر حملات مشابهة لدعم تلك القضية الهامة التى من شأنها تغيير وجه العالم، "فالحرية تبدأ حيث ينتهى الجهل"