أهداف الاقتصاد المصرى بعد اكتفاء مصر من الغاز الطبيعى
السبت، 24 نوفمبر 2018 03:24 م
أشارت دراسة حديثة لهيئة الطاقة الأمريكية إلى التطورات المتغيرة فى صناعة البتروكيماويات منذ اكتشاف غاز السجيل (الغاز الصخرى) وإنتاجه على النطاق التجارى فى الولايات المتحدة، ونجاح الصين التى تقود نمو الطلب العالمى على البتروكيماويات فى تطبيق تكنولوجيا جديدة خاصة بها تتمثل فى تحويل الفحم إلى بتروكيماويات، وعلقت الدراسة بأنه من المتوقع أن يسهم ذلك فى زيادة إنتاج الصين والهند وباكستان ودول الخليج النفطية وروسيا وإيران.
وقالت الدراسة إن الظروف الصعبة التى تعرضت لها السوق النفطية جعلت تكنولوجيا تصنيع البتروكيماويات من الغاز الطبيعى الأسهل لضخها فى الأسواق، ووصل الإنتاج العالمى إلى 420 مليون طن.
وقد بدأت صناعة البتروكيماويات المصرية فى بداية ٢٠٠١ مع طفرة مصر حينذاك فى إنتاج الغاز الطبيعى، ولم يترك كوارد مصر القدامى من قطاع البترول وبالتحديد بداية من ١٩٩٧ التخطيط للاستعانة بالقدرات التكنولوجية التى وصلت إليها الولايات المتحدة الأمريكية كأولى الدول إنتاجا واحتكارا لمنتجات وتكنولوجيا صناعة البتروكيماويات، والتى بدأتها فى ١٩٢٠ اعتماد على المواد العضوية من المنتجات الزراعية ثم وصلت إلى الخمسينيات بإنتاجها من الفحم الحجرى ثم البترول الخام وإلى أن ظهر الغاز الطبيعى وتطورت معه إنتاجية تكنولوجيا وجودة البتروكيماويات من خلال الثلاث مجموعات الأساسية فى كل المنتجات الصناعية من البلاستيك والهياكل المضغوطة فى السيارات والطائرات، وكذلك عوازل الأسلاك والأجهزة الكهربائية والمطاط الصناعى وإطارات السيارات، وكثير من كل تلك المنتجات توجد فى مركبات الأوليفينات (الإيثيلين - البروبلين - والبولى إيثيلين - فينيل كلوريد - البولى فينيل كلوريد - البيوتادين - البولى بيوتادين.. إلخ). بينما توجد المواد المؤثرة فى المستلزمات الطبية بكل أنواعها مطهرات وأدوات وأجهزة وسواحل طبية، بالإضافة إلى مواد المفرقعات مثل تى إن تى وكذلك كل المنظفات الصناعية بأنواعها المختلفة توجد فى مركبات العطريات (الزيلين - التولوين - الاكيل بنزين - الاستيرين.. إلخ) بينما يمثل المجموعة الثالثة من البتروكيماويات وتشمل مركبات غاز التشيد (أول أكسيد الكربون - أول أكسيد الهيدروجين)، والذى يستخدم لإنتاج اليوريا وغاز الأمونيا المؤثرين فى صناعة الأسمدة الزراعية ذات الاستخدام الأكثر شيوعا فى مصر بنسبة ٩٤٪. وقد مكثت كثير من الكوادر المصرية البترولية على إنشاء ووضع المخطط العريض لكى تكون هذه الصناعة قيمة مضاعفة تستطيع الدخول إلى السوق العالمية التنافسية، وكانت عدد الدول المحتكرة لتلك الصناعة فى بداية ٢٠٠٠ لا تمثلها غير أمريكا والصين وكوريا الجنوبية واليابان والهند وكانت مصر أولى الدول العربية للدخول إلى تلك التنافسية ولكن تأخرت لعدة أسباب قد تكون ظاهرية وهى تصدير مصر لجزء من الغاز الطبيعى بعد بناء الخط العربى ١ وكذلك استخدم الغاز بديلا فى معظم محطات الكهرباء، وبدأ الاستمرار فى الخطة القومية للبتروكيماويات والتى خطط لها أن تبدأ من 2002 وتمتد حتى عام 2022 والتى تم تقسيمها لـ3 مراحل لإنشاء 14 مجمع بتروكيماويات بطاقة إنتاجية تصل إلى 15 مليون طن باستثمارات تصل لحوالى 20 مليار دولار، بدأت تواجه صعوبات وتأخر تنفيذ الخطة القومية بسبب عدم توافر إمدادات مواد التغذية اللازمة لتنفيذ الخطة، ففى خلال الفترة من 2002 - حتى 2014 تم تنفيذ 6 مشروعات من الخطة، باستثمارات 3.5 مليار دولار لإنتاج 3 ملايين طن سنويا، تحقق إيرادات تصل إلى 2 مليار دولار سنويا، ويأتى على رأس المشروعات الستة شركة مصر لإنتاج الأسمدة موبكو التى تنتج نحو 650 ألف طن سنويا من اليوريا، ونحو 40 ألف طن من الأمونيا، بتكلفة استثمارية بلغت 430 مليون دولار، وبدأ تشغيل الشركة خلال عام ٢٠٠٨ ثم الشركة المصرية لإنتاج الألكيل بنزين الخطى إيلاب والتى تم تشغيلها خلال عام 2009 لإنتاج 100 ألف طن سنويا من الالكيل بنزين الخطى، بتكلفة استثمارية 540 مليون دولار، وأيضا الشركة المصرية لإنتاج الميثانول «ايميثانكس»، والتى بدأ تشغيلها عام 2010 بتكلفة استثمارية تصل إلى 1.022 مليار دولار لإنتاج نحو 1.3 مليون طن سنويا من الميثانول، بالإضافة إلى الشركة المصرية للبروبلين والبولى بروبلين والتى تم تشغيلها عام 2011 لإنتاج 400 ألف طن سنويا من البولى بروبلين بتكلفة استثمارية تصل إلى حوالى 800 مليون دولار. ونظرا لنقص إمدادات الغاز الطبيعى والذى بدأت مصر تعانى منه بقوة بداية من ٢٠١٢ وحتى ٢٠١٤ نظرا لتوفير إمدادات الاستيراد لصفقات الغاز المسال من الخارج، وبدأ يعود الالتزام مرة أخرى إلى استمرار الإنتاج ولو بقدرات محدودة.
وخلال الفترة نفسها تم إنشاء الشركة المصرية لإنتاج الاسترين والبولى استرين والتى تم تشغيلها بتكلفة استثمارية 410 ملايين دولار لإنتاج 200 ألف طن سنويا من البولى استرين، بالإضافة إلى الشركة المصرية الهندية لإنتاج البولى استر، والتى بدأ تشغيلها خلال العام 2014، باستثمارات 262 مليون دولار لإنتاج 420 ألف طن سنويا من البولى استر، وبحسب التقرير السنوى لمنظمة الأوابك تعقيبا على مستوى صناعة البتروكيماويات فى مصر فإن زيادة إمكانيات مصر من إنتاج الغاز الطبيعى بعد ظهور الاكتشافات الاقتصادية فى شمال المتوسط ودخول حقل نورس الذهبى الأرضى إلى شبكة الغاز المصرية ابتداء من 2014 حتى وقتنا الحالى ركزت القيادة السياسية المصرية على استمرار إنشاءات مجمع البتروكيماويات، وخاصة بعد تشجع كثير من المستثمرين الكوريين والصينيين والإنجليز وكذلك الإيطاليين بعد وفرة إنتاج مصر من الغاز إلى العودة، واعتماد الدولة خطة بديلة لحين الانتهاء من اتفاقيات شرم الشيخ الاقتصادية، والتى بدأت بإنشاء الشركة المصرية لإنتاج الإيثلين ومشتقاته إيثدكو لإنتاج 460 ألف طن من الإيثيلين، و400 ألف طن من بولى إيثيلين، بتكلفة استثمارية تبلغ نحو 1.9 مليار دولار، وكذلك افتتاح توسعات شركة موبكو من خلال إضافة خطى الإنتاج الثانى والثالث باستثمارات 1.9 مليار دولار لإنتاج 1.3 مليون طن سنويا من اليوريا، و100 ألف طن من الأمونيا.
وقال التقرير إنه من المتوقع أن تصل الطاقة الإنتاجية للمصانع المصرية من الإيثيلين إلى نحو 2 مليون طن سنويا بعد بدء التشغيل التجارى لمشروع مجمع التحرير للبتروكيماويات عام 2020 والذى يعد أحد أكبر مجمعات تكسير الناقثا فى العالم بطاقة إنتاجية للإيثيلين تبلغ نحو 1.35 مليون طن سنويا، وتنتج مصر حاليا نحو 790 ألف طن سنويا من الإيثيلين من شركات سيدبك وإيثيديكو وشركة سنمار تى آى سى الهندية.
إن نجاح القيادة السياسية فى التعامل مع الملفات الصعبة مثل ملف الاستمرار فى تكملة خطة تجديد الإيرادات للدخل القومى المصرى بقيمة مضافة من صناعة الغاز الطبيعى والوفرة التى نستهدفها وليس ببيعه والأكثر استهدافا هو تهيئة كل المسارات لتكون مصر مركزا ومحورا للطاقة إما بإنتاج البترول والغاز أو التصنيع أو النقل أو الاستقبال أو التشغيل أو الشحن، وبالتالى كل الآليات المصرية التى تطبقها القيادة السياسية لا تستطيع الدول الغربية والأوروبية ملاحقتها أو تفسيرها غير أنها تعيد حساباتها الاستثمارية وتسعى جاهدة أن يكون لها قدم داخل خريطة البتروكيماويات المصرية وسوق إلى العالم، وشاهدنا كيف ظهرت النتائج الإيجابية فى توقيع عقود مجمع البتروكيماويات بالسخنة، وبحجم استثمارات يصل إلى أكثر من ١٠ مليارات دولار لإنشاء ١١ مصنع بتروكيماويات فى وقت زمنى أقل من سنتين، وكذلك البدء فى تخطيط وإنشاء مجمع البتروكيماويات فى مدينة العلمين الجديدة، ولذا فإن تكاتف المصريين لبناء إيراد جديد للاقتصاد المصرى ضرورى للارتقاء بصناعة البتروكيماويات، بالإضافة إلى صناعة الغاز المسال، وكذلك بناء أسطول سفن مصرى مخصص لنقل الغاز المسال والبتروكيماويات يجعل لمصر طعم اقتصادى مختلف ويتماشى مع العولمة الاقتصادية العالمية التى هى مسار لكى يكون منتجا صنع فى مصر٠٠ وإلى تكملة قادمة