شيخ الأزهر وقيادات مسيحية ويهودية وبوذية يوقعون بيان أبو ظبي لحماية الأطفال
الثلاثاء، 20 نوفمبر 2018 07:26 مأبو ظبي - حازم حسين
شهد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الوزراء، وزير الداخلية، اليوم الثلاثاء، مصادقة قادة الأديان والقيادات الروحية على "بيان أبوظبي" الصادر عن ملتقى "تحالف الأديان لأمن المجتمعات: كرامة الطفل في العالم الرقمي"، المنعقد تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي نائب القائد العام للقوات المسلحة، وتعهد الشيخ سيف بن زايد بتفعيل بنود البيان وتحقيق أهدافه والالتزامات التي جاء بها قادة الأديان السبعة.
واصطحب وزير داخلية الإمارات، بحضور الشيخ خليفة بن طحنون آل نهيان المدير التنفيذي مكتب شؤون أسر الشهداء في ديوان ولي عهد أبوظبي، الضيوف في جولة بأنحاء واحة الكرامة. ووصفت القيادات الدينية والروحية رفيعة المستوى المشاركة في ملتقى تحالف الأديان بأنها حدث تاريخي يشكل منعطفا مهما نحو تعزيز العمل العالمي المشترك في سبيل خير البشرية والإنسانية جمعاء، خاصة في مجالات حماية الأطفال عبر العالم الرقمي.
وجرت المصادقة على "بيان أبوظبي" في واحة الكرامة، بحضور قادة وممثلي الأديان على مستوى العالم، الذين أكدوا من خلال صيغة البيان التزامهم بتقديم كل ما في وسعهم للتأثير في المجتمعات، الدينية وغيرها، بشكل إيجابي وفق رؤية مشتركة، في سبيل تحقيق كرامة الاطفال وحمايتهم في العالم الرقمي.
وشارك في التصديق على البيان سبعة من قادة الأديان، هم: فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، والبطريرك برثلماوس الأول رئيس أساقفة القسطنطينية من الكنائس الأرثوذكسية الشرقية، والدكتور بهاي صاحب بهاي موهيندر سينج رئيس مجلس إدارة جورو ناناك نيشكام سيواك جاثا، وسعادة القس كيشي مياموتو قائد مايوجيكاي البوذية، والحاخام مايكل شودريتش كبير حاخامات بولندا، بحضور ممثلي الأديان وقادتهم من أنحاء العالم، وممثلين عن مؤسسات ومنظمات وهيئات دولية تعمل في مجال حماية ورعاية الأطفال.
وجاء في نص بيان أبو ظبي: "في ظل الإيمان الراسخ بأهمية المحافظة على الكرامة المتأصلة لدى جميع الأطفال، تعهدت القيادات الدينية والإيمانية على مستوى العالم، والمشاركون في الملتقى، بالتوحد من أجل وقاية الأطفال من التعرض للإساءة، والإسهام بشكل بنّاء في العمل على تطوير قدرات وإمكانات أطفال العالم، بدنيا واجتماعيا ونفسيا وروحانيا، والدعوة إلى مفهوم عالمي مفاده أن التطور في أي مجال لا يبرر أي شكل أو نوع من الإساءة للطفل، وأنه يجب مراعاة ذلك في كل المجالات".
وأكد البيان أن البشر يولدون وهم يتمتعون بالحق في حياة كريمة، لينموا ويزدهروا في بيئة مستقرة ومجتمع آمن يحترمهم ويُعلي مكانتهم، فالطفل يُمثّل اللبنة الأساسية لبناء واستقرار المجتمعات، وسر نهضتها وازدهارها، وتقدمها. ومن هذا المنطلق فإن الحفاظ على كرامة الأطفال يمكن أن يلعب دورا محوريا في تعزيز تقدم ونهضة مجتمعاتنا والعالم الذي نعيشه، وهو أمر تكفله كل الشرائع السماوية والقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية والعادات والتقاليد والأعراف الإنسانية، التي أكدت جميعها حق الطفل في عيش حياة آمنة وكريمة.
وأشار البيان الذي صدق عليه القادة الدينيون والروحيون، إلى أنه في الوقت الذي تمكن فيه الجيل الناشئ في عصرنا من تسخير التكنولوجيا المتطورة، بات الأطفال اليوم يُمثّلون أكثر من ربع مستخدمي الإنترنت على مستوى العالم، بإجمالي ثلاثة مليارات نسمة، فإننا نجد أن الملايين من هؤلاء الأطفال يتعرضون للإساءة والاستغلال في العالم الرقمي من خلال الاستخدام السلبي لبعض الابتكارات التكنولوجية الحديثة، التي أصبحت في كثير من الأحيان مصدرا رئيسيا للاستغلال الجنسي للأطفال، والمتاجرة بطفولتهم البريئة في الإعلانات والمـواد الإباحية، وارتكاب الجرائم الإلكترونية، وتجنيد الجماعات الإرهابية للأطفال والمراهقين عبر شبكة الإنترنت.
وشدد البيان على أنه من الضروري لمواجهة هذا التحدي المعاصر، العمل معا وبشكل مشترك مع القيادات الدينية كافة، لوضع الحلول الفاعلة لهذه المشكلات، وتفادي المخاطر التي تستهدف الأطفال بما قد يؤثر على أمن واستقرار مجتمعاتنا، وذلك انطلاقا من الإيمان بأن حماية كرامة الأطفال أمر يسعى الجميع إلى تحقيقه، وتوحيد الجهود والرؤى للوصول إليه على اختلاف المشارب والانتماءات الخاصة، وأنه هنالك اليوم ما نحتاجه من الفرص، والوعي، والحكمة، والابتكار، والأدوات التكنولوجية، لتحقيق هذا الواجب الديني والأخلاقي والإنساني.
وتعهد المشاركون والموقعون على البيان بتعزيز قيمة الحوار، من خلال دور العبادة للتأكيد على دور قادة المجتمعات في تعزيز أمن مجتمعاتهم، وضمان كرامة الأطفال وحمايتهم، خاصة في العالم الرقمي، وبناء الشراكات الفاعلة بين القيادات الدينية والإيمانية بمختلف مستوياتها، بهدف معالجة تأثيرات الإساءة للطفل واستغلاله في العالم الرقمي، والعمل على إلهام القيادات الدينية والإيمانية بجميع مستوياتها، ولجميع الأديان، لتوحيد جهودهم الروحانية والعملية والتعليمية؛ للتعامل بشكل متكامل مع حقوق الأطفال والاستجابة لحالات إساءة معاملتهم ومدّ يد العون للضحايا وعائلاتهم.
كما تعهد المشاركون بإطلاق الحملات والبرامج التوعوية لتأكيد ضرورة مراعاة حق الأطفال في العيش بكرامة إنسانية، وعدم تأثر ذلك بالتطورات التقنية والتكنولوجية، على أن تكون هذه الحملات بمشاركة القيادات الدينية والإيمانية والروحية التي لها تأثيرها في المجتمع، وإعلان 2019 عام "كرامة الطفل وحمايته من المخاطر الناجمة عن العالم الرقمي" بهدف إلقاء الضوء على هذه القضية الخطيرة والمهمة".
ودعا المشاركون المؤسسات العلمية والتربوية إلى تبني مقرر دراسي لمراحل التعليم الأساسي؛ لتوعية الأطفال من مخاطر الاستخدام السلبي للتقنيات الحديثة، ومطالبة المؤسسات الحقوقية بتعقب كل مظاهر الاستخدامات السلبية للتقنيات الحديثة وتأثيراتها الضارة على الأطفال، والكشف عنها وملاحقتها قانونيا وقضائيا، فضلاً عن عقد مؤتمر سنوي يناقش الجديد في هذه القضية وغيرها من القضايا الأخرى التي تتعلق بأمن المجتمعات واستقرارها، وما تم تحقيقه من إنجازات في هذا الجانب، وما يطرأ من تحديات، بما يسهم في تنمية الوعي المجتمعي بهذه القضايا.
كانت واحة الكرامة في إمارة أبو ظبي قد شهدت اليوم ختام ملتقى تحالف الأديان لأمن المجتمعات، المنعقد في دورته الأولى تحت عنوان «كرامة الطفل في العالم الرقمي» برعاية الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي نائب القائد العام للقوات المسلحة بدولة الإمارات، وشارك في الملتقى 450 من ممثلي الأديان والعقائد الروحية حول العالم، بينهم أكثر من 23 قيادة دينية وروحية يمثلون 7 عقائد كبرى. وامتدت فعاليات الملتقى على مدى يومين بين أرض المعارض وواحة الكرام بإمارة أبو ظبي.