قصة منتصف الليل.. وساوس الشياطين تدفع آية للانتحار
الإثنين، 19 نوفمبر 2018 10:00 م
إذا كان الموت يبعث الروح إلى خالقها فهناك فى الدنيا ما يبعث أرواحنا بعيدا عن أجسادنا بخلاف الموت، لنجد أنفسنا فى نهاية المطاف مجرد أموات وبدلا من أن تغطى أجسادنا تراب المقابر تداهمنا الذكريات والمواقف والصعوبات لتمحو معالم الحياة ليظل الإنسان مدفونا أسفلها وكأنها تحولت إلى مقبرة بالفعل.
ورغم هذا الشعور المميت فى كل لحظة يسأل البعض أنفسهم "ماذا بعد؟"، هل سيظل الحال كما هو أم سيظهر ما يغير كل الأمور ليبدأ الفرد فى التقاط أنفاس الحياة وترد روحه إليه من جديد، وقد يصل بهم التفكير فى النهاية إلى الاستسلام لشعور الموت ويقرر الإنتحار ليشعر بسكرات الموت لحظات معدودة بدلا من أن يعيشها فى كل لحظة تمر عليه، وقد يصل إلى هذه المرحلة نوعان من الناس، النوع الأول شخصية قوية للغاية كافحت وعافرت من أجل حياة أفضل ولكن وجدت أن كل المحيطين بها ممسكين بيدها ليسقطوها أرضا، والنوع الثانى يتمثل فى شخصية تستسلم بسهولة للأمور دون محاولة ولو عابثة للوصول إلى الحل الأمثل.
ولكن أيا كان النوع وأيا كان السبب ستظل فكرة الإنتحار تأتى للشخص فى أشد لحظات ضعفه، فأيا كانت القوة الداخلية للفرد فمن الوارد أن يمر بلحظات ضعف وقد تكون هذه اللحظات أكثر تأثيرا بالسلب على الأشخاص الذين لم يعتادوا على الضعف يوما فحينما يأتيهم هذا الشعور يكون من السهل السيطرة على عقلهم وقلبهم.
فالجملة التى يرددها الكثيرون حول المنتحر بأنه شخص ضعيف نجد أمثلة عديدة تؤكد لنا أن لحظة الضعف التى انتحر فيها هذا الشخص كانت نتيجة قوته طوال حياته، وهو ما وجدناه فى حكاية "آيه" الفتاة العشرينية التى أثبتت للجميع قوتها فى التحدى للوصول إلى مبتغاها أيا كانت الصعوبات، فرغم الظروف التى ولدت فيها تخلق شخص فاسد وفاشل إلا أنها أثبتت نجاحها على كل هذه الظروف.
فقد عاشت مع والدها بعد إنفصاله عن أمها بسبب خيانتها له، وتحملت زوجة والدها التى كانت تصفها بأقبح الألفاظ لما فعلته أمها فيما قبل من خيانة زوجها، وعافرت لتثبت للجميع أنه ليس بالضرورى أن تكون مثل والدتها، فيخلق من ظهر العالم فاسد والعكس، وظلت على هذا الحال لسنوات طويلة، حققت فيها نجاحات متتالية فى الدراسة وتفوقت على المحيطين بها رغم اختلاف الظروف والصراعات، ولكن ظلت سمعة والدتها ملتصقة على جبينها طوال هذه السنوات مهما حاولت أن تمحيها بتفوقها تظل محفورة لا تستطيع الهروب منها، خاصة أن زوجة أبيها هى المشيعة لهذه السمعة متعمدة لتكسر أنف هذه الفتاة الطموحة.
وبعد تخرجها من الجامعة جاء وقت مرحلة أخرى وهى الزواج، فظنت حينها أن زواجها سينهى هذه السمعة ويخلصها من معاملة زوجة أبيها، ولكن هذه المرأة الشيطانية لم تترك مجال للفتاة لتعيش مثل باقى الفتيات فى أمان، فزوجتها لأحد أقاربها والذى يعلم بحكم صلة القرابة حقيقة أمها الخائنة، ولكنه لم يتحدث يوما عن هذا الأمر ولكن سرعان ما ظهر تأثير زوجة الأب فى حياة "آيه" الزوجية بإدخال الشك فى قلب زوجها معتمدة فى ذلك على ما فعلته الأم الخائنة، مرددة المثل الشائع فى مجتمعنا "اقلب القدرة على فمها تطلع البنت لأمها".
كانت هذه الكلمات لا تعنى لهذا الزوج شيئا فى بداية الأمر ولكن بعد عدة أشهر من الزواج وجد "آيه" على تواصل مع أحد زملاءها فى الشركة التى عملت بها بعد الزواج، وهنا وجدت زوجة الأب نافذة تستطيع من خلالها التسلل إلى عقل هذا الرجل لتسيطر عليه، وهو ما حدث بالفعل، فظلت تبث السم فى أذنه ليتخلل عقله ويتربع بداخله.
وبعد عدة أسابيع من تراكم السموم بداخله، قرر أن يترك هاتف قديم فى المنزل ويترك برنامج التسجيل ليستمع لكل ما يحدث فى المنزل طوال ساعات تواجده فى العمل، ليعود كل يوم يستمع للتسجيلات، وذات ليلة استمع لتسجيل ظهر فيه صوت "آيه" وهى تشكو لأحد فى مكالمة تليفونية أفعال زوجة أبيها وملاحظة تأثيرها على عقل زوجها، وهنا لم يتردد فى إمساك "آيه" من شعرها وطردها خارج المنزل بملابس تظهر أكثر مما تخفيه من جسدها، وإخباره الجميع بصوت يصل سابع جار بخيانتها والتى استطاع كشفها بتسجيل متواجد بالمنزل.
وهنا تذكرت "آيه" المكالمة الهاتفية التى أجرتها، ولكن ما لم يعرفه الزوج أنها كانت تتحدث مع طبيبتها النفسية ولم تتحدث مع رجل مثلما خيل له نتيجة تأثير حديث زوجة أبيها على تفكيره، فحاولت "آيه" الدفاع عن نفسها وتوضيح الأمر ولكنه لم يعط لها الفرصة لذلك وانهال عليها بالضرب أمام الكافة، ولم تجد أحد يقف لإنقاذها لأن الظاهر أمام الجميع أن سيدة يطردها زوجها بملابس عارية من المنزل ويتهما بالخيانة، ومن الطبيعى أن يظن الجميع أنه وجدها فى وضع مخل للآداب.
لتجد نفسها فى نهاية الأمر مهما تظاهرت بالقوة وعاندت العالم بأكمله لتمحو وصمة العار التى تركتها لها أمها لا تستطيع محو الماضى الذى لم تتدخل فى صنعه يوما، وكانت الفرصة أمام الشيطان عظيمة ليسيطر على عقل الفتاة ليتغلب عليها الشعور بالضعف وفقدان الأمل فيما هو آتى، فمهما حاولت الدفاع عن نفسها سيظل الجميع يتذكر أمها وخيانتها لأبيها ولم يصدق حديثها، وإذا عادت إلى منزل والدها فلم تتخيل ما سيحدث لها من زوجة أبيها وأبيها أيضا بعد إتهام زوجها لها بالخيانة، فلم تجد أمامها وسيلة للهروب من كل هذه الأحداث المؤلمة والشعور المميت سوى الموت بالفعل وقررت أن تنهى حياتها بيدها لتمحو وصمة العار الملتصقة بها.