دير الأنبا صموئيل.. هوامش وملاحظات
السبت، 03 نوفمبر 2018 05:49 م
جريمة إرهابية مؤسفة دون أدنى شكّ، لكن بقدر الخسّة التي تبدّت في أفعال منفذيها، لا يخلو الأمر من ملاحظات على بعض ممارساتنا نحن، الجهات المعنية بالمنيا والكنيسة ورجال الدين والإعلام وعموم المواطنين.
في الوجه الأول والأخير لا يُمكن النظر للحادث إلا باعتباره حلقة في مسلسل مُمتدّ من الاستهداف الإرهابي للدولة، مؤسِّسات ومواطنين، وهو الأمر القائم منذ خمس سنوات على الأقل، مع الإطاحة بجماعة الإخوان الإرهابية وحلفائها في 30 يونيو 2013.. في تلك المرحلة عملت الجماعة على إشعال الفوضى والتوتّرات في أنحاء البلاد، وكانت المنيا واحدة من أبرز محطّات الاستهداف، إن لم تكن أبرزها على الإطلاق، وحتى الآن ما زال القضاء ينظر قضايا عديدة تخُصّ موجة الإرهاب التالية لفضّ اعتصام رابعة، وهو المشهد الذي يفرض على الجميع صيغة تعامل استثنائية وبالغة الحساسية والدقة مع الأوضاع في المنيا على وجه خاص.
الملاحظة الأولى تخصّ الأطر والدوائر الأمنية في جغرافيا المحافظة، ومناطق الظهير الصحراوي. وبشكل مبدئي يبدو السماح بالرحلات الدورية للأديرة والمزارات الدينية، في مواعيد مُحدّدة مُسبقًا، وبتجمّعات عددية كبيرة نسبيًّا، وعبر دروب ومسالك وَعِرة وخارج الرقابة الدائمة، أمرًا غريبًا وحافزًا على التساؤل الجاد.. لماذا لم تتوقّف رحلات الأديرة؟ ولماذا لم يُوضع لها نظام مُتغيّر المواعيد وبآلية تحرّك أقل كثافة في العدد ومن خلال طُرق ومسارات مُتبدّلة وضمن الحدود الجغرافية كاملة التطهير؟ وهل في الأمر ضغط أو سوء تصرّف من أفراد أو قيادات دينية؟
الأسئلة السابقة تُثير حزمة أخرى من الاستفسارات، حول موقف مطرانيات المنيا والصعيد، وقيادات الكنيسة الأرثوذكسية بشكل عام، وسماحهم باستمرار هذه التجمّعات والزيارات التي يعلم الجميع أنها قد تكون أهدافًا مُحتملة للجماعات الإرهابية الساعية لإشاعة حالة من البلبلة بشأن استقرار الأوضاع الأمنية. في هذه النقطة يبدو أن بعض الزعامات الدينية تنحاز إلى الجانب المادي والاقتصادي من هذه الزيارات، باعتبارها موردًا ماليًّا مُهمًّا من موارد الأديرة والمزارات الدينية، حتى لو جاء الأمر على حساب الاعتبارات الأمنية وسلامة المواطنين من شعب الكنيسة. وبهذا المنطق يبدو الانحياز للجانب الاقتصادي على حساب فكرة السلامة انحيازًا مثيرًا للدهشة والاستغراب، ومُساعدًا - ولو بشكل غير مباشر ودون قصد - للجماعات الإجرامية الساعية لتنفيذ ضربات نوعية خاطفة على الأطراف، وبمناورات زمنية ومكانية للأكمنة والتمركزات الأمنية، ولا يصحّ مُطلقًا أن نفتح لهم ثغرة في صفوفنا، أو نترك أبناءنا يشردون حتى يقعوا بين أنياب ذئابهم ومخالبها.
الأكثر استفزازًا في الأمر، أن الطريق الأساسية المؤدّية لدير الأنبا صموئيل مغلقة منذ مايو 2017، عقب استهداف سابق لحافلة تُقلّ أقباطًا في واحدة من الزيارات الدورية. وبمنطق السلامة وتأمين أرواح المواطنين وُضعت خطط أمنية للتعامل مع الجغرافيا المفتوحة في هذه المنطقة، كان في مقدمتها تطهير الطريق الأساسية ووضعها تحت رقابة صارمة، حسبما أكّدت مصادر أمنية في تصريحات عقب الحادث أمس، ووفق المعلن رسميًّا فقد سلكت حافلة الزوّار طريقًا فرعية تمرّ عبر دروب ومسالك جبلية وَعِرة وخارج الرقابة الأمنية المباشرة. ولو صحّت هذه النقطة فإننا نكون إزاء حالة مُرعبة من الإهمال والاستهتار سيطرت على مُنظّمي هذه الزيارة، وزاد فداحتها موافقة مسؤولي الدير على استقبال الزوّار بهذه الطريقة البعيدة تمامًا عن اعتبارات السلامة والأمن!
لو تجاوزنا النقطة السابقة، على ما فيها من ملاحظات وتساؤلات، فإن مسارعة المشتبكين مع نتائج الحادث وتداعياته للحديث عن التنوير والخطاب الديني، تبدو أقرب إلى الروتين والاعتياد منها إلى النظر الفاحص والعميق. بالتأكيد تحتاج الخطابات الدينية المُتدَاوَلة في الخريطة العقدية المصرية، والعربية بكاملها، للفحص والتدقيق والتجديد، وربما التغيير أيضًا، لكن الحادثة الأخيرة لا ترتبط بهذا الأمر بأية صورة من الصور، إذ إنها ليست مُشاجرة بين جارين من ديانتين مختلفتين، وليست التباسًا أو خللاً في قراءة نصّ ديني وتفسيره، وإنما هي عملية إرهابية تستند إلى رؤية سياسية دينية مُختلطة ومتشابكة، تقف وراءها جماعة تمتهن الإرهاب وتراه سبيلاً لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية وتنظيمية، وفي سبيل هذه الرؤية تخوض معركة مفتوحة لا رادع لها إلا بالعمل الأمني والتكاتف الشعبي، ولا تُشكّل خطابات التنوير أي رقم مؤثّر في معادلتها. الأمر أقرب إلى حلبة مصارعة يقف فيها غريم متوحِّش، قبض المال وأعدّ العدّة ليتمكّن من رقابنا قدر استطاعته، ولن يتراجع عن هذا إلا بأن ننال نحن منه ونقبض على رقبته أولاً.
رغم أهمية النقطة السابقة في الفصل بين الصراعات الفكرية الفقهية، وحروب السلاح والاستهداف المباشر، لا يُمكن التغاضي عن أهمية الخطابات الدينية وتأثيراتها بشكل كامل، وحتى إن لم تكن مرتبطة ببعض نوعيات القضايا، يتعيّن التأكّد من أنها لا تزيد الطين بلّة، أي أنها إن لم تكن درعًا يحمي فليس أقل من تجنّب أن تكون خنجرًا في الظهر. بمعنى أنه لا يصحّ في الوقت نفسه تجاهل أهمية أن يلعب الخطاب الديني دورًا تعبويًّا مُؤازرًا للجهود الأمنية والشعبية المتواصلة على مسار مكافحة الإرهاب. بهذا المنطق تأخذ الكنيسة، مُمثّلة في البابا ورموز الإكليروس، والأزهر الشريف مُمثَّلاً في الإمام الأكبر ورموز المشيخة ومجمع البحوث الإسلامية، مواقف واضحة في مساندة المؤسَّسات الوطنية، وسحب الغطاء الشرعي عن تجمّعات الإرهاب وخطاباته الفكرية المُعزّزة لعملياته الدنيئة. لكن على الجانب المقابل لا يصح أن نترك ثغرات في بنياننا المرصوص، تشبه نَخر السوس في العظم وصولاً إلى اللُبّ والنخاع، كأن يخرج علينا الداعية المعروف عبد الله رشدي، المحسوب ضمن كوادر الأزهر وشبابه المُقرّبين من قيادات المشيخة، واصفًا الأقباط في عزائه بـ«أهل الذمة» في انتهاك واضح وصريح لقيمة المواطنة التي ينصّ عليها الدستور، ولفكرتي الحق والالتزام الكاملين لكل المواطنين، مسلمين ومسيحيين، أمام الدولة والقانون، وإذا أضفنا لتصريح «رشدي» المُستفز والمجافي لركائز المواطنة، سابقة تكفيره للأقباط في برامج وحلقات تليفزيونية، فسنجد أنفسنا إزاء كارثة حقيقية، تنال من الدولة الوطنية، وتحاول في الوقت نفسه تلطيخ وجه الأزهر، وبين الأثرين الفادحين تُقدّم دعمًا غير منظور للخطابات العدائية التي يستند إليها الإرهابيون، وتفرز الناس على العقيدة والمذهب، بتجاهل واضح للمواطنة والمساواة أمام القانون. أي أننا نواجه أعداء من صفوفنا، يأكلون أكلنا ويتزيّون بأزيائنا ويدّعون الاتصال الحقيقي بمواجعنا وهمومنا، لكنهم يرقصون فوق الجُثّث ولا يرعون حُرمة الدم، ويقولون ويفعلون ويُروّجون ما يُروّجه الأعداء والإرهابيون.
الحادث الذي أسفر عن استشهاد 7 مواطنين وإصابة 7 آخرين، بحسب البيانات الرسمية، ضربة دنيئة تستهدف الدولة ومؤسَّساتها، ومنذ البداية لم يكن مُتوقَّعًا أن نتخلّص من الإرهاب بين ليلة وضحاها، يعرف الجميع أن المعركة طويلة وممتدة، وأن الخطر قائم ومُتّصل، وأن النجاحات الكبيرة المُتحقِّقة في حصار الجماعات الإرهابية الأساسية، وتقويض كثير من بؤر الخطر الساخنة، لن تكون نهاية المطاف.. الضباط والجنود يدفعون فاتورة مفتوحة كالتي يدفعها المواطنون، ويواصل الجميع مسارهم الذي فرضه القدر للتخلّص من هذه البقع القذرة في الثوب المصري، لكن هذا الالتزام المؤسَّسي والشعبي ينبغي أن يُعزِّزه قدر من المسؤولية الاجتماعية والأدبية للأفراد والجهات الأهلية والمؤسسات الدينية، وللأسف فإن جانبًا من ممارسات هذه الأطراف يبدو غير عابئ بطبيعة الصورة وتشابكاتها، وينتصر للهوى والخطابات القبلية القديمة والمصالح الشخصية، على حساب العقل والمنطق وطبيعة الأمور وما تقتضيه المرحلة.
منذ اللحظة الأولى لوقوع الحادث، ومع الإيقاع بالغ السرعة للوكالات والمنصّات الإخبارية الإقليمية والدولية، التي استبقت المعلومات والبيانات الرسمية، كان باديًا أن أطرافًا عديدة لا تشغلها طبيعة الصراع، ولا تهتم بنتائجه، وربما تنحاز للإرهاب ومؤسَّساته أكثر من انحيازها لمؤسَّسات الدولة الوطنية وحقوق المدنيين وأرواحهم. لكن المؤسف في الأمر أن منصّات إعلامية وطنية تورّطت في الممارسات نفسها، واستبقت المعلومات والبيانات الرسمية، وبدت كما لو أنها تستهدف إثارة الغبار وإرباك المشهد. رغم أن الجميع لا يغيب عن أذهانهم بالتأكيد أن الإعلام جزء من استراتيجيات الجماعات الإرهابية، وأن كل معلومة غير موثّقة أو كل سباق على خبر خارج المسارات الطبيعية، يصبّ في صالح تحقيق أهداف هذه الجماعات، التي تحقق جانبًا من غاياتها بالضربات الإجرامية المباغتة، وتحقق الجوانب الأكبر بالضربات الإعلامية الهوجاء وغير المحسوبة.
ربما لم يلحظ المتابعون أن «الأناضول»، الوكالة التركية الرسمية، كانت أول من بثّ خبرًا عن تبنّي تنظيم «داعش» الإرهابي للحادث. رغم أن هذا السبق في ذاته يفتح الباب على مصراعيه لقدر لا حدّ له من الشكوك والتساؤلات. أولا لأن تنظيم داعش لا وجود له تقريبًا في الداخل المصري، وثانيًا لأن الدير شهد عملية سابقة قبل 18 شهرًا تقريبًا بالآلية نفسها، وثالثًا لأن الحادث سبقه بثّ صفحات محسوبة على تنظيم القاعدة شريطًا مصنوعًا عن حادث كمين الواحات، ورابعًا لأن احتمال تسلّل عناصر من فلول تنظيم «المرابطين» الذي دشّنه هشام العشماوي (المقبوض عليه في ليبيا قبل أسابيع) عبر الصحراء الغربية يظلّ احتمالاً قائمًا، وخامسًا لأن جماعة الإخوان وفصيل "حسم" المنتسب إليها تورّطوا في عمليات شبيهة من قبل ويتنقّلون الآمن بين جيوبهم الأخيرة في المناطق الجبلية والظهير الصحراوي للتجمعات السكنية، والأهم أن خبر الأناضول يستدعي السؤال عن قنوات اتصال الوكالة ومسار تدفّقاتها المعلوماتية، وعن المُبرِّر المهني والأخلاقي في مسارعتها بنشر بيان مشبوه لتنظيم إرهابي، في وقت تعاملت فيه بقدر من الانتقائية والتجاهل مع المعلومات والبيانات الرسمية!
لا يمكن استباق التحقيقات وجهود الأجهزة الأمنية. إذ بالمنطق المهني لا أحد يملك معلومة موثّقة عن الضحايا وآلية تنفيذ الجريمة وتفاصيل مسرح العمليات إلا جهات البحث والتحقيق، ومن ثمّ فإن أية معلومة من خارج هذا المسار تبدو مُهتزّة ومطعونًا فيها، والأهمّ أنها تظلّ مُحمَّلة بشُبهة التوجيه أو اختلاق مسارات فرعية بديلة للرواية الرسمية، بغرض خلق حالة أوسع من البلبلة والتشتُّت، وهو موقف - فضلا عن كونه غير مهني - يبدو مُنحازًا وداعمًا لاستراتيجيات جماعات الإرهاب المُسلّح وتكتيكاتها، والمؤسِّف أن تتورّط فيه مؤسَّسات دولية لها سُمعة مهنية جيدة، أو تنزلق إليه منصّات وطنية يُفترض أن تكون رؤاها وانحيازاتها واضحة، وأن تعمل على تتبّع المسارات المنطقية في الرصد والبحث والتثبّت. وهذه الانزلاقة الفوضوية ربما تشير إلى اختلالات مُزعجة، لا تقلّ عن إزعاج الضربات الإرهابية المباغتة.
المؤكد أن الحادث مؤسف ومُثير للألم، وأن طاقة الحزن والغضب في قلوب المصريين جميعًا تتفوّق على كل طاقة أخرى، لكن لا ينبغي أن يصرفنا جلال الموقف عن ضرورة النظر الجاد والعميق في تفاصيله، ورصد الملاحظات ووضعها في مصفوفة منطقية تُشكّل مشهدًا صالحًا للقراءة والتفسير واستخلاص الدروس، والتي لا شكّ في أنها ترتبط في جانب منها بالخطط والاستراتيجيات الأمنية، لكنها ترتبط في جوانب أخرى أعمق وأكثر تعدُّدًا بممارسات حرّة ومنفلتة، يتورّط فيها مواطنون وإعلاميون ورجال دين بشكل يومي، وسواء كان تورُّطًا مُباغتًا وحسن النوايا، أو عامدًا ومُستندًا إلى المكابرة والعزّة بالإثم، فالمُحصّلة أننا نضرب الجدار بعنف مُتسبِّبين في إحداث شروخ وتصدُّعات تُهدِّد سلامة البناء، في الوقت الذي يتعيّن علينا جميعًا أن نصطفّ بأكتافنا، وبالعقول والأفهام والوعي الوطني، داعمين هذا البناء ومُنتصرين له على كل ريح ومِعول.
وفق هذا التصوّر لا أستوعب أن تستمر الرحلات وحركة التجمُّعات في المناطق الصحراوية، بينما نواجه حربًا حقيقية مع فلول الإرهاب وبقاياه التي خسرت كثيرًا، حتى لم يعد لديها إلا أن تُدبِّر بليل وتنهش كما تنهش الضباع، ولا أفهم أن يتحايل مُنظِّمو هذه الرحلات ومُستقبلوها على الخطط والإجراءات الأمنية باللجوء إلى دروب ومسالك جبلية بعيدًا عن الأمن وخارج كل اعتبارات السلامة، كما لا أفهم كيف يكون الأزهر داعمًا للدولة ومُساندًا لأجهزتها، بينما بعض المحسوبين عليه، أو من ينسبون أنفسهم إليه، يواصلون استهلاك وإنتاج وترويج خطابات رجعية مُتشدِّدة، ومُصادمة للدستور والقانون وفلسفة المواطنة وأطر الدولة العادلة التي لا تُفرّق بين مواطنيها، ولا أفهم أيضًا لماذا يواصل نفر من أهل حرفة الإعلام الضرب في كل اتجاه دون وجهة أو رؤية أو دليل، بينما تبدو الانحيازات واضحة، ولا تحتاج قواعد المهنة وجلب الأخبار والتحقُّق منها مفاعلات ذرّية أو قدرات خارقة!
إذا أردنا أيضًا أن نتجاوز هذه الحلقة الدنيئة من الترصُّد والاستهداف، وأن نُجفِّف المنابع الأخيرة ونقطع الطريق على سلسال الضباع الذي ينهش في روح هذا البلد وجسده، فعلينا التخلّص من الأحزاب السياسية ذات الصبغة الدينية، وحصار الجماعات التي تتمدّد في الفضاء العام تحت لافتة العمل الاجتماعي أو الأهلي، حاملة معها خطابًا دينيًّا مُتشدّدًا ومنظومة قيم رجعية ومُنغلقة. علينا تطهير المجال العام من كل مظاهر الفرز الديني والعرقي والقبلي، وإعمال الدستور والقانون ونصوصهما بشكل جاد وحقيقي، لضمان الوصول إلى فضاء عام مُحايد وموضوعي، خالٍ من التخلّف والرجعية والعنف، ويساوي بين المُتشاركين فيه بالانتماء والالتزام، ويُفاضل بينهم بالكفاءة والجدارة، ولا يتحدّث فيه أحد باسم السماء، أو يدّعي أنه صاحب الحقيقة وحامل أختام اليقين المطلق.
رحل الشهداء بضربة غادرة دنيئة. ستواصل الدولة حربها على الإرهاب، وبالتأكيد سيظل المصريون على دعمهم للمؤسَّسات الوطنية وتكاتفهم معها، لكن لا يصحّ أبدًا أن يظلّ الباحثون عن مصلحة أو مَغنم، والمُنتصرون لخطابات رجعية على حساب الدولة والدستور، والمُهرولون وراء ما يتصوّرونه انتصارًا مهنيًّا في وقت يتجاهلون فيه قواعد المهنة، على هذه الحال من الانفلات ومعايرة الأمور بموازين مُختلّة. علينا جميعًا أن نقف أمام الهوامش والملاحظات، وأن نستخلص العِبَر والدروس، وهكذا فقط يُمكننا أن نثأر لشهداء دير الأنبا صموئيل، بأن نجتثّ الإرهاب من جذوره.. نحن شعب والإرهابيون شراذم، سنحيا وسيموتون، ولكن حتى نحيا كما يليق بنا وبهذا البلد علينا أن نتعلَّم، وأن نلمس أخطاءنا بعُمق، ونداويها بصبر واجتهاد.