حرب المعلومات (6).. هذه أول وثائق كشفت أسرار لجان العمليات النوعية
السبت، 03 نوفمبر 2018 02:00 م
تمثل القضية 142 لسنة 2014 حصر أمن دولة عليا، الوثيقة الرسمية الأولى في أرشيف القضاء المصري، الخاصة بأسرار تأسيس الإخوان لما يعرف بـ"لجان العمليات النوعية"، جناح الجماعة العسكري الذي بدأ ممارسة نشاطه في شكله الجديد نهاية عام 2013.
ولكى نرصد تطورات العمل المسلح الذي انخرط فيه عناصر جماعة الإخوان عقب أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة، لابد أن نقف عند مسميات ومصطلحات كثيرة استخدمها التنظيم لخداع قواعده وأنصاره من جهة وتشتيت الأجهزة الأمنية من جهة أخرى.
كتائب الردع
وكما وضحنا سابقا، أن الجماعة شكلت أثناء فترة حكم محمد مرسي مجموعات مسلحة تحت مسمى كتائب الردع، تلقى أفرادها تدريبات في قطاع غزة والمناطق النائية بالمحافظات المصرية، كانت مهمتها تأديب معارضي الإخوان وإرهابهم، ثم تحولت إلى وسيلة ضغط على السلطة التنفيذية في البلاد، إلى أن استخدمهم أعضاء مكتب الإرشاد في نشر الفوضى بعد 30 يونيو.
◄حرب المعلومات (5).. قصة «كتائب الردع» أول مجموعة مسلحة أسسها الإخوان
ظل النشاط المسلح الذي تديره جماعة الإخوان بشكل مباشر منحصر في كتائب الردع، التي نفذت مخططات نشر الفوضى وإرهاب مؤيدي ثورة 30 يونيو، منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق في يوليو 2013 حتى تفجير مديرية أمن الدقهلية في 24 ديسمبر من نفس العام.
مع إعلان الحكومة "الإخوان جماعة إرهابية" عقب تفجير مديرية أمن الدقهلية، انتقل العمل المسلح إلى مرحلة جديدة أطلقت عليها قيادات الجماعة داخليا "لجان العمليات النوعية"، وروجت اللجان الإلكترونية لأنشطتها تحت عدة مسميات لأهداف مختلفة، أهمها التنصل من الجرائم وتشتيت الشرطة.
◄حرب المعلومات (4).. الأمن الوطني فكك 20 تنظيما مسلحا أسسهم الإخوان
حركة مولوتوف
مع بداية عام 2014 وحلول ذكرى ثورة 25 يناير، نفذت مجموعات تخريبية ومسلحة عمليات كثيرة، استهدفت الممتلكات العامة، وأبراج الكهرباء، ومقرات أفراد الشرطة، متخذة أسماء مختلفة مثل (ولع – مولوتوف – إعدام)، ولكل منها نشاط عدائي ذو طابع خاص، تبين فيما بعد بفضل الضربات الأمنية أنها ليست إلا خلايا تتبع لجان العمليات النوعية وفقا لاعترافات أعضائها.
ننتقل هنا إلى أوراق القضية 142 لسنة 2014 أمن دولة عليا، باعتبارها أول وثائق رسمية تكشف أسرار تشكيل قيادات الإخوان وفي مقدمتهم المتوفي الدكتور محمد كمال للجان العمليات النوعية، ونشاط كل مجموعة، والأهداف التي سعى التنظيم إلى تحقيقها بشكل عام من إطلاق المسميات المختلفة على مجموعاته المسلحة.
◄وثائق| عناصر إخوانية نفذت عمليات لصالح «داعش» مقابل 49 ألف جنيه
السلمية المبدعة
تخصصت عناصر حركتي "ولع" و"مولوتوف" كما يتضح من اسميهما في تنفيذ ما أطلق عليها قيادات الإخوان "السلمية المبدعة"، بإشعال النيران في الطرق العامة والمنشآت الحيوية وسيارات الجهات الحكومية والعاملين بمؤسسات الدولة، وهى خطة استهدفت القيادات منها إحداث حالة من الرعب داخل البلاد، واستنزاف الأجهزة الأمنية وأفرادها، وخداع أنصارهم بأن التنظيم سلمي لا يسفك الدماء ولا يحمل السلاح، ومن ثم يتنصلون من العمليات الإرهابية والاغتيالات.
تأكيد لهذا النهج التخريبي والإرهابي الذي روجت أبواق الجماعة له بأنه مقاومة سلمية، أصدر القيادي المتوفي محمد كمال، مؤسس لجان العمليات النوعية وقائد الجناح المسلح، كتيب حمل اسم "ابجديات العمل المقاوم" يشرح فيه وسائل استخدام المولوتوف في إشعال الحرائق، والألعاب النارية في إرهاب المواطنين ورجال الشرطة، وبالفعل استجابت قواعد التنظيم الغير مدربة على حمل السلاح لتوجيهات القيادة بتنفيذ عمليات في محافظات مختلفة.
◄انفراد.. كواليس اتفاق الإخوان ونائب أبو بكر البغدادي لتأسيس «ولاية الجيزة»
حركة إعدام
في الوقت الذي تولت المجموعات الغير محترفة "ولع" و"مولوتوف" عملية الإرباك والتشتيت، بدأت العناصر المدربة على استخدام السلاح ممارسة أنشطتها العدائية باستهداف رجال الشرطة والتمركزات الأمنية بالرصاص والمتفجرات، تحت مسمى حركة "إعدام" التي زعمت في بيانها التأسيسي عدم انتمائها لأي جماعة.
وفرت الجماعة لعناصر حركة إعدام كمية من الأسلحة الخفيفة مثل البنادق الآلية، وبنادق الخرطوش، والمسدسات، تم شراء غالبيتها من عناصر مسجلة خطر جنائيا، بينما عكفت على تدريب بعضهم كيفية تصنيع واستخدام المفرقعات.
هكذا بدأ محمد كمال قيادة لجان العمليات النوعية التي تطور نشاطها العدائي فيما بعد، ويتضح من مطالعة أوراق القضية 142 لسنة 2014 حصر أمن دولة عليا، أن أعضاء المجموعات الأولى اختلفوا في الفئات العمرية والوظائف بشكل متفاوت، إذ يتبين أن غالبية أعضاء حركتي "مولوتوف" و"ولع" أطفال وطلاب في الثانوية العامة، يشرف عليهم كادر موظف أو طالب جامعي، تنحصر مسؤوليته في مدهم بالأموال اللازمة لشراء المواد الكيميائية والبترولية والألعاب النارية، وظهر هذا في عشوائية العمليات التي تبتها الحركتين في بداية ظهورها.
أما حركة إعدام يتضح من مطالعة التحقيقات وسجلات المتورطين في الانضمام إليها، أنهم جميعا من أعضاء كتائب الردع المشكلة في عهد محمد مرسي، الذين تم اختيارهم من طلاب الإخوان بالجامعات المختلفة، وبعض العناصر المنضمة حديثا للجان العمليات النوعية لكنها تمتلك قدرات تؤهلهم للعمل المسلح.
◄أنقذوا الجهاز الإداري للدولة.. هل اخترقت الإخوان هذه الوزارات؟
التحقيقات القضائية
في القضية 142/2014 أسندت جهات التحقيق للمتهمين ارتكاب عدة وقائع تمثلت في التالي: تخريب مبنى مديرية أمن الإسكندرية بزرع عبوة ناسفة داخلها وتفجيره، وحرق سيارة الشرطة رقم ب/12/5974 بزجاجة مولوتوف، وإشعال النيران في الشرطي بإدرة العامة لمرور الإسكندرية كريم عبد الحميد حلمي.
وإشعال النيران في مرافق حكومية هما نقطتي شرطة القاهرة الجديدة وزهراء مدرينة نصر بمحافظة القاهرة وغرف محولات الكهرباء بمناطق مدينة نصر ومصر الجديدة، وسيارة الشرطة رقم ب12/8252، وإشعال النيران في نقطة شرطة فاقوس بمحافظة الشرقية، وتخريب محولات الكهرباء بالمنشية الكبرى، وإتلاف السيارات أرقام "سق ب 753 مصر"، و"ن س 175 مصر"، و"س ذ و 473" المملوكة للمقدم محمد محود السيد بصير الضابط بإدارة الأشغال.
◄مؤامرة إخوانية تقودها الجماعة الإسلامية.. الأمن الوطني يكشف الأسرار
وأشعلوا النيران في السيارات أرقام 2141 ملاكي الغربية، و"غ وب 2817"، و"ل س أ 9451" المملوكو للمجني عليهم إبراهيم عباس محمود رفاعي، وشريف عبد الرحمن عبد الل،ه وعبد الحميد محمد أبو أحمد عبد الخالق، وإتلاف السيارة رقم 8881 ملاكي الغربية المملوكة للمجني عليه رضا بدير السرجاني، وإحراق السيارات أرقام 75575 ملاكي الغربية، و8761 ملاكي الغربية، و59191 ملاكي الغربية المملوكة للمقدم أحمد السيد محمد عبد الحميد، والملازم أول محمد مجدي عبد الحكيم حسن، والمستشار فؤاد شعبان.
كانت هذه العمليات التخريبية أول خيط قاد الجهات الأمنية إلى تفاصيل التفاصيل عن تأسيس لجان العمليات النوعية، لنجد بعد القضية 142 لسنة 2014 حصر أمن دولة عليا، عشرات القضايا المتهم فيها قيادات الإخوان في مقدمتهم محمد كمال، وأعضاء المكتب الإداري بشرق القاهرة، بعد اعترافات عناصر الجناح المسلح "مولوتوف" و"ولع" و"إعدام" الجناح المسلح.