من أين جاءت فكرة الاحتفال بالهالووين؟.. هناك اعتقاد شائع بأن الاحتفالات تعود إلى ما قبل 2500 سنة، وأنها تقاليد كلتية أو "سلتية" قديمة، والكلت أو "السلت" هى مجموعة الشعوب التى تنتمى إلى الفرع الغربى فى مجموعة الشعوب "الهندو – أوروبية"، ومن امتداداتهم اللغوية والأثرية والتراثية الشعب الأيرلندى والاسكتلندى - حسب بعض النظريات التاريخية - وكانت تلك الاحتفالات مرتبطة بمواسم الحصاد وجنى المحاصيل، والعلاقة بين المواسم الزراعية والطقوس المرتبطة بالمجهول والقوى الخارقة شائعة فى التاريخ، فيما كانت تلك الاحتفالات سابقًا تتضمن "التنبؤ بالمستقبل" فيما يتعلق بالموت والزواج وأمور شبيهة.
وفى تفسير آخر، فإن احتفالات الهالووين لها علاقة بعيد كلتى يسمى "سامهاين"، يرتبط ببداية البرد والظلام، حيث يقصر النهار ويطول الليل، فوفقًا للمعتقد الكلتى، يقع إله الشمس فى أسر الموت والظلام يوم 31 أكتوبر، وفى هذه الليلة تتجول أرواح الأموات فى ملكوتها، وتحاول العودة إلى عالم الأحياء.
ففى هذه الليلة كان الكهنة الدارويديون (كهنة أتقياء فى بلاد الغال القديمة وبريطانيا وأيرلندا)، يقيمون عيدًا كبيرًا وكانوا يؤمنون أن إله الموت العظيم، ويسمى سامهاين يدعو فى هذه الليلة كل الأرواح الشريرة التى ماتت خلال السنة والتى كان عقابها بأن تستأنف الحياة فى أجساد حيوانات، وبالطبع كانت هذه الفكرة كافية لإخافة الناس لذا كانوا يوقدون مشعلة ضخمة ويلتزمون بمراقبة شديدة لهذه الأرواح الشريرة، ومن هنا فى الواقع بدأت الفكرة بأن الساحرات والأرواح تكون منتشرة هنا وهناك فى الهالووين، وذلك حسب تقرير نشرته شبكة "بى بى سى" عربية.
وفى المسيحية يرتبط الهالووين بمعتقدات مختلفة عما سردناه، حيث تسبق ليلة الهالووين اليوم الذى يعرف فى المسيحية بـ"عيد كل القديسين"، فكلمة "قديس" لها مرادف هو "هالوماس"، وكانت هناك احتفالات مشابهة فى الأيام الثلاثة التى تسبق أعيادًا مسيحية أخرى، كعيد الفصح مثلًا، تتضمن الصلاة لأرواح الذين رحلوا حديثًا، وتلك الرواية تأتى على عكس الاعتقاد السائد بأن عيد الهالووين هو ذاته عيد جميع القديسين.
وإلى جانب الروايات التاريخية عن أصل الهالووين، ظهر هذا العيد فى شكل حديث فى الولايات المتحدة، فى القرن التاسع عشر، مع هجرة الأيرلنديين إليها ومعهم عاداتهم وتقاليدهم وقصصهم، ومن بين هذه القصص، قصة رجل أيرلندى اسمه جاك أو لانتيرن، تجرأ وتحدى الشيطان، وقد توفى فى 31 أكتوبر، وجاك كان يسير فى الليل مخمورًا حاملًا بيده اللفت وقد وضع داخلها شمعة كى لا يطفئها الريح، فحكم على روحه بالتيه وهو يحمل قنديلًا، وهكذا انتشر هذا العيد فى العالم الجديد للمهاجرين، وبات التقليد توزيع الحلويات وصارت اليقطينة جزء منه.
ومن هذه الروايات يتضح لنا أنه عيد الهالووين، لم يكن قديمًا للتسلية والمرح، بل كان عادة قديمة جادة يخاف فيها البشر من الشياطين والأرواح الشريرة، كما تبدل موعده من نهاية شهر نوفمبر، حتى صار العالم يحتفل به هذه الأيام، فى 31 أكتوبر من كل عام.
وهناك مظاهر مختلفة للاحتفال به فى أنحاء العالم حاليًا، ففى النمسا، يتركون بعض الخبز والماء ومصباحًا مضاءً على الطاولة قبل أن يخلدون إلى النوم فى ليلة الهالووين، وهذا يهدف لاستقبال الأرواح الزائرة، وفى الصين، يضعون الطعام والماء أمام صور الأعزاء الراحلين، أما فى جمهورية التشيك فيضعون الكراسى حول النار، واحد لكل فرد من أفراد العائلة الأحياء، وواحد لكل ميت.
ولعل أكثر الاحتفالات ثراءً تلك التى تنظم فى المكسيك ودول أمريكا اللاتينية، حيث يعتبر الهالووين عيد مرح وفرح ومناسبة لتذكر الأصدقاء والأحبة الذين رحلوا، ومن مظاهر الاحتفال فى العيد أن تقوم العائلات ببناء مذبح فى منزلها وتزيينه بالحلويات والزهور وصور من رحلوا، بالإضافة إلى مأكولاتهم ومشروباتهم المفضلة، كذلك ينظفون المقابر ويضعون الزهور على القبور، وفى بعض الأحيان يضعون شخصًا حيًا فى تابوت ويتجولون به فى الحى أو القرية، بينما يلقى الباعة الفواكه والزهور فى التابوت.
أما ثالث معلومة فتتعلق ببعض العبارات المرتبط بهذا العيد، حيث تشمل تقاليد عيد الهالووين طقس يعرف باسم "حيلة أم حلوى"، ويقوم الأطفال فى فترة العيد بالتجول من منزل لآخر مرتدين أزياء الهالووين، ويطلبون الحلوى من أصحاب المنازل، وذلك بإلقاء السؤال حيلة أم حلوى؟ على من يفتح الباب، وهذه العبارة تعنى أنه إذا لم يعط صاحب البيت أى حلوى للطفل، فإنه سيقوم بإلقاء خدعة أو سحر على صاحب المنزل أو على ممتلكاته.
أمام رابع تلك المعلومات، فهى لتوضيح رمزية استخدام القرع أو اليقطين فى هذا العيد، حيث ارتبط الهالووين فى العديد من الثقافات بثمار القرع، ولعل أهم رموزه ما يسمى بـ"مصباح القرع"، وتقول أسطورة إن شخصًا كلتيًا يدعى جاك، كان كسولًا لا يحب العمل، يسكر ويقطع الطريق، وكل هذا بسبب وسوسة الشيطان، لكنه كان ذكيًا، وحين أراد جاك، التوبة استدرج الشيطان وأقنعه بأن يصعد إلى قمة شجرة، وحين صعد الشيطان إلى قمة الشجرة حفر جاك صليبًا فى جذع الشجرة، ففزع الشيطان وبقى عالقًا على قمة الشجرة.
وحين مات جاك، لم يسمح له بالدخول إلى الجنة بسبب أعماله، ولم يجد له مكانا فى جهنم، بل حكم عليه بالتشرد الأبدى، وحتى لا يهيم فى الظلام أعطى قبسًا من نار جهنم، فى الاحتفالات اللاحقة بالهالووين التى تستوحى قصة جاك، استبدل القبس بجزرة، ثم استبدله الأمريكيون بثمرة القرع، وهكذا نشأ مصباح القرع، وأصبح القرع رمز ملازمًا للاحتفالات بعيد الهالووين فى أمريكا الشمالية فى وقت لاحق.
وأخيرًا، هناك اعتقاد بأن الأزياء التى تستخدم حاليًا فى احتفالات الهالووين تشبه الأزياء الشعبية للشعوب الكلتية القديمة، التى كانت تكلل نهاية المواسم الزراعية بتلك الاحتفالات، إلا أن هناك أشكال وألوان من ملابس وأقنعة الهالووين، تتغير عبر الأجيال وتتابع آخر تقليعات الموضة، ولكنها تدور حول فكرة الموت والأشباح بشكل عام.
وفى السنوات الأخيرة، بدأت الملابس والأقنعة تستقى أفكارها من شخصيات أفلام هوليوود، مثل "باتمان" و"سبايدر مان"، فيما يحاول الشبان والفتيات الإبداع فى اختيار ملابس مثيرة للدهشة.