هل كل ما يحكيه الناس حقيقة؟
الإثنين، 29 أكتوبر 2018 01:35 م
سؤال خطر ببالي حينما سمعت قصتين مختلفتين تمامًا من أطراف نزاع، كل منهما يتحدّث بقوة وثبات، وكله ثقة في أن الحق لديه، ووسط الصراع الدائر بين الطرفين انسحب عقلي عن القصة الأصلية وتوجه إلى أفكار أخرى.
فكّرت في الطريقة التي يُفكر فيها أغلب الناس، وفي طريقة عرضهم لقصصهم، لو قُدِّر لك أن تسمع طرفًا واحدًا فقط فيُولد لديك اليقين في أن هذا هو الطرف الذي يملك الحق، لذا ستتعاطف معه، وستمنحه دعمك الكامل. ما أطلبه منك فقط هو ألا تتعجّل الحكم حتى تسمع الطرف الآخر.
إذا أبديت اعتراضك على طلبي، أو تعجّبت منه، سأخبرك فقط بأمر واحد، تخيّل معي أنك تسمع قصة ذات الرداء الأحمر من وجهة نظر الذئب، بعدما سينتهي من حكيه ستتأكد أن البطلة صاحبة الخطأ الأكبر، فكيف لها أن تزور جدتها من الأساس، وبالمثل فإن كلا منّا حينما تضعه الظروف ليعرض قصّته ستجده حَمَلاً وديعًا.
أما بعد سماع الطرف الآخر، فستقع في حيرة حقيقية، وستحتاج وجهة نظر ثالثة، وجهة نظر خارجية مُحايدة لا تنتمي لأي طرف، أو ليس لها أي مكسب حقيقي، وأعتقد أن هذا الطرف مستحيل إيجاده، لذا فإن الحل الأمثل لعدم الوقوع في براثن طرف والانحياز له دون الآخر، هو تحكيم العقل والتفكير برويّة في الموقف، ومحاولة وضع النفس محل كل طرف، لتستطيع الخروج بحكم شبه عادل.
أعتقد أن بعد قراءة هذا المقال، سيدفعك عقلك للتفكير في عدد المواقف التي وُضِعت فيها كمُحكِّم أو تطوّعت حتى لإعطاء رأيك، مُعتقدًا أنه الرأي الأمثل، الآن فقط ستُدرك أن رأيك لم يكن الأمثل، لكن ما يمكن التيقّن منه أن الحكم كان مُخلصًا دون محاباة لطرف عن الآخر.
يُفِقنى أحد أطراف النزاع القائم من أفكاري، يسألني عن رأيي، فأردُّ على سؤاله بسؤال «ستقبل رأيي لو لم ينصفك؟» سكت، فألقيت بسؤالي في جعبة الطرف الآخر، الذي سكت أيضًا، فابتسمت وقلت «أليس من الأفضل أن تتصالحا؟» تجاهل الاثنان كلامي، سكتا للحظات ثم قالا معًا «الأفضل من التصالح هو البحث عن مُحكِّم آخر غيرك»، وغادرا المكان ليؤكِّدا لي بتصرفهما هذا أنني كنت على حق، وأنه في كل الحالات يكون الطرفان مُخطئَين بدرجات، وليست لديهما قابلية الاعتراف بالخطأ.