عضو لجنة إعداد دستور 2014: التجربة أثبتت أن الدستور الحالي به أمور "غيرمنطقية" (حوار 2-2)

السبت، 27 أكتوبر 2018 11:00 م
عضو لجنة إعداد دستور 2014: التجربة أثبتت أن الدستور الحالي به أمور "غيرمنطقية" (حوار 2-2)
حوار المستشار صلاح فوزى مع محرر "صوت الأمة"

- المسودة الأولى للدستور كانت 197 مادة وفوجئنا بخروجه من لجنة الخمسين 247 مادة وغيرت 60 مادة أخرى
- ظروف وضع دستور 2014 كانت "ضاغطة" وحريتي كانت "مقيدة" بالهتافات والمطالب الفئوية
- المادة 32 من الدستور تقف عائقاً أمام الاستثمار.. والدساتير صناعة بشرية وليست "كتاب مقدس"
- الدستور الفرنسي تم تعديله 24 مرة منذ عام 1960
- أذناب الإخوان حاصروني بلافتات "تسقط لجنة الكفار العشرة" داخل مدرج الجامعة
- أسوأ سنة مرت على مصر منذ الفراعنة أثناء "حكم الإخوان" وعلينا إسقاطها من التاريخ
- لابد من تعديل قانون مجلس الدولة لوقف الاشكال على أحكامه أمام "الأمور المستعجلة"
- أدرس لطلابي النظم السياسية لكني لا أعمل بها ولم ولن أنضم لأي حزب سياسي
- "اللاءات الثلاثة".. نصيحتي الدائمة لطلابي "لاللعيش في الماضي" و"لاللعيش في الكتب" و"لا للاستغراق في الحلم"


حاوره: محمد أسعد  تصوير: محمد فوزي

 

في الجزء الثاني من حواره مع "صوت الأمة" روى الدكتور صلاح فوزي، عضو اللجنة العليا للاصلاح التشريعي، تفاصيل وضع المسودة الأولى لدستور 2014 المعمول به حالياً، بصفته أحد أعضاء لجنة الخبراء المعروفة بـ"لجنة العشرة" والتي وضعت المسودة الأولى للدستور، قبل عرضه على لجنة الخمسين، وماذا حدث لمسودة الدستور بعد عرضها على لجنة الخمسين، ويشرح فوزي لماذا أكتشف فيما بعد أن الدستور به العديد من الأمور التي وصفها بـ"غير المنطقية"، وما هي المادة التي يراها تقف عائقًا أمام الاستثمار في مصر، وأبرز المواد التي يرى أن التجربة العملية للدستور أثبتت وجوب تعديلها. وقصة "اللاءات الثلاثة" التي يواظب على قولها بطلابه بالجامعة.

 

حوار-المستشار-صلاح-فوزى--محمد-فوزى--22-10-2018-(23)
حوار المستشار صلاح فوزى مع محرر "صوت الأمة"


أود أن نعود لعملكم في لجنة الخبراء التي وضعت المسودة الأولى لدستور 2014، كيف تقيم منتجكم "الدستور" حاليًا؟

في البداية أريد أن أقول لك إن لجنة الخبراء أو ما عرفت بلجنة العشرة، كانت لجنة مستقلة تمامًا، القرار الجمهوري الصادر من الرئيس المؤقت وقتئذ المستشار عدلي منصور، كان مجرد قرار كاشف، حيث أن المجلس الأعلى للجامعات هو من اختار 4 من أساتذة القانون الدستوري وكلًا من المجلس الأعلى للقضاء ومجلس الدولة والمحكمة الدستورية طرح اسمين، وتشرفت بعضوية اللجنة.

المستشار عدلي منصور حدد لنا تاريخ للانتهاء من عملنا، خلال شهر فقط، فكان عامل الوقت ضيق، وكان لابد أن ننجز عملنا خلال 30 يومًا فقط، ثم عُرض على لجنة الخمسين ثم عُرض على الشعب للاستفتاء.

 

حوار-المستشار-صلاح-فوزى--محمد-فوزى--22-10-2018-(25)
حوار المستشار صلاح فوزى

 

الظروف التي وضعنا فيها دستور 2014 كانت "ضاغطة"، وفي يوم من الأيام وجدت حريتي مقيدة، وأنا أستاذ قانون، فوضعت قلمي وتحدثت مع الدكتور علي عوض،وقولت له ألم تسمع معي أصوات تشبه أصوات أبو لهب وأبو جهل والحجاج، كانت مظاهرات الصوت فيها يشق عنان السماء، وهتافات لمطالب فئوية. المشهد هذا يجعل حريتنا مقيدة، لكنا كنا نلملم أنفسنا وننطلق، وكان لنا هدف معين، مرتبط بموعد زمني، فننظر إلى الظروف، ونعمل على إخراج منتج يكون أفضل الأعمال التي تخرج مقارنة بالظرف.

كنا نتعرض لأمور كثيرة، أتذكر حينما كنت أذهب لمدرج الجامعة، أجد لافتات معلقة ومكتوب عليها "يسقط لجنة الكفار العشرة"، كان أذناب الجماعة الإرهابية يعيثون في الأرض فسادا، لكن ذلك كله لم يؤد إلى فتور عزيمتنا، وكان المنتج خرج أفضل ما يمكن في هذه الظروف.

 

ولماذا تردد قولك أفضل ما يمكن أن يخرج في هذه الظروف وقتها؟

العمل الإنساني إجمالًا يعتريه النقصان، لأن الكمال لله وحده، وكنا نتحدث دوماً واضعين أمامنا المصلحة الوطنية العليا للدولة، وهذه أمانة يجب تأديتها على الوجه الأكمل، في جهدٍ وتعبٍ ورغم تعرضنا لمضايقاتٍ كثيرة، لكن ذلك لم يؤثر على عملنا.

الدساتير صناعة بشرية، وطالما أنها صناعة بشرية فمن الممكن أن يعتريها نقصان، أو أخطاء، ومن الممكن بعامل الزمن نكتشف عدم ملائمة لبعض المواد، لذلك فإن كل دساتير العالم تضمنت نصوص عن كيفية تعديلها، الدستور الفرنسي على سبيل المثال تم تعديله 24حوالي مرة، منذ عام 1960، منهم 3 تعديلات تمت في سنة 1999 و3 أخرى في سنة 2007،  أحيانا يشعر المجتمع أن النص غير ملائم، السياسة تتطلب ذلك.

 

حوار-المستشار-صلاح-فوزى--محمد-فوزى--22-10-2018-(20)
حوار المستشار صلاح فوزى


هل ترى أن الوقت قد حان لإعادة النظر في بعض مواد الدستور؟

أقول لك، أن مشروع القانون الذي وضعناه كان يتكون من 197 مادة فقط، ثم ذهب للجنة الخمسين، التي زادت عليه 50 مادة ليصبح 247 وبديباجة مختلفة، وأجرت تعديلات على 60 مادة من المواد التي وضعناها، إذن لجنة الخمسين قامت بزيادة 50 مادة بالإضافة إلى تعديل أكثر من 60 مادة من المواد التي وضعناها، وأجروا تعديلات كبيرة جدا، ولن أقول أكثر من ذلك.

حديثك هذا في غاية الخطورة، وأحتاج لمزيد من التوضيح!

أعترف أن التجربة أثبتت أن الدستور الحالي به أمور غير منطقية، وإجمالاً الموضوعات الدستورية والقانونية، ليس كتب المقدسة،وطالما هي صناعة بشرية، فمن الممكن تعديلها. نحن تحملنا قدر من المسئولية أمام الله والشعب وقيادة الدولة التي منحت لنا الثقة، بعد ثورة عظيمة ثورة 30 يونيو.


وما هي أبرز الأمور غير المنطقية التي ترى أنها ظهرت في دستور 2014 بعد مرور أكثر من 4 سنوات على تطبيقه؟

قراءتي للحركة الدستورية عالمياً، يوجد أنظمة سياسية متعددة، يوجد نظام رئاسي مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والنظام البرلماني مثل بريطانيا، ويوجد النظام الثالث نظام حكومة الجمعية، البرلمان هو كل شيء كما في سويسرا، والنظم السياسية تطورت فيما بعد، منها شبه الرئاسية مثل دستور الجمهورية الخامسة الفرنسية، ويوجد نظم شبه برلمانية، يتدخل فيها البرلمان في بعض الأمور التنفيذية.

وفي مصر فإن قراءة الحركة الدستورية في مصر بعد ثورة 52 نجد أنها مرت بثلاثة جمهوريات، الأولى كان فيها النظام يقترب إلى الرئاسي، دستور 56، ثم جاء دستور 71 الجهورية الثانية كان النظام شبه رئاسي، حيث منح الرئيس الكثير من الصلاحيات، وأنا أسقط دستور 2012، وأعتبره غير موجود، لأن أسوأ سنة مرت على مصر منذ أيام الفراعنة وحتى 29 يونيو 2013، سنة الإخوان، دعنا نتفق على إسقاطه لأنه شيء نشاز دخل المجتمع المصري. ثم جاءت الجمهورية الثالثة بدستور 2014، النظام فيه شبه برلماني، لأن البرلماني يتدخل في أمور كثيرة.

حوار-المستشار-صلاح-فوزى--محمد-فوزى--22-10-2018-(2)
حوار المستشار صلاح فوزى

 

لو طلبت منك التأشير على أبرز المواد التي تحتاج إعادة النظر فيها، ما هي؟

الدستورالحالييحويالكثيرمنالموادالتيأفرطتفيالتحدثعنالإجراءاتوالتفاصيلالتيمكانهافيالقوانينوليسالدستور،وعالجبعضالأمورذاتطبيعةإدارية،كماتموضعموادلفئاتومهنكثيرةماكانينبغيأنيكونمكانهافيالدستورمثلالحديثعنخبراءالطبالشرعيوموظفيالشهرالعقاري،وهيكلهاأمورلميكنلازماأنيتموضعهافيالدستور.

والمادة 32 على سبيل المثال تقفأحياناًعائقاًأمامالاستثمار،وعقبةفيتنفيذالمشروعاتالكبرى،ففيتسعىلبناءاقتصادقوي،وفيظلوجودأهميةقصوىللاستثمار،والدخولفيالمشروعاتالقوميةالعملاقة،تقفمدةالـ 30 عاماًالتيحددهاالدستورعائقاأمامذلك.

كما أن المادة الخاصة بفرض حالة الطوارئ، هلكانالمشرعوهويضعهذهالمادةكانعلىعلمبأنحالةالطوارئالتيتواجههاالبلادستنتهيخلال 3 أشهر،حتىيتمتحديدهافيمدة 3 أشهرفقط،ونحنأمامحالةحربمعالإرهابمستمرة!


دائمًا يثار الخلاف بين مجلس الدولة والأمور المستعجلة حول الإشكالات على أحكام المجلس أمام الثانية، ما رأيك في هذه الإشكالية؟

الدستور بالفعل نص على أن مجلس الدولة يختص بمنازعات التنفيذ المتعلقة بأحكامه، لكن قانون مجلس الدولة الحالي لا يوجد فيه نظام لإشكالات التنفيذ، ولا يعرف إشكالات التنفيذ. وهذا هو سبب الخلاف، ولابد من تعديل قانونه، لأن النص الدستوري غير نافذ بذاته، والدستور به نصوص نافذة بذاتها وأخرى غير نافذة بذاتها.


أمور كثيرة نجدها في السلك القضائي تقع تحت مسمى "العُرف القضائي"، هل هذا معمول به في القوانين والدساتير العالمية؟

العُرف مصدر من مصادر الشريعة الإسلامية، ومصدر من مصادر القانون، ومصدر من مصادر القانون الإداري والدستوري كذلك، حيث أن  الجهة تتواتر على سلوك معين، وتعتقد فيه إلزامية ما قررته، وللعرف أنواع هناك عرف "مفسر" غموضا، وعرف "مكمل"، المشكلة في العرف الثالث وهو "المُعدد"عرف يخالف نص، اجتمع الفقه أنه ليس له أية قيمة لأن النص يعدله نص ولا يعدله عرف وإلا خالفنا الدستور.

حوار-المستشار-صلاح-فوزى--محمد-فوزى--22-10-2018-(10)
حوار المستشار صلاح فوزى

 

نراك دائمًا منشغلاً بالعمل العام، ولكن لم نسمع أن انضممت لحزب سياسي أو غير ذلك. لماذا؟

أنا مستقل تمامًا، أنا أدرس لطلابي النظم السياسية وأكتب فيها كتب ومقالات، وغير ذلك، لكني لا أعمل بها، وظيفتي كأستاذ أعطي لي حركة التعامل بقدر كبير بموضوعية بدون أية التزامات حزبية، وليس هذا موقفًا من الأحزاب، بقدر ما هي قناعتي أن فكرة عدم الالتزام الحزبي تصب بشكل إيجابي في عملي الأكاديمي.

 

ما هي نصائحك التي تقولها لطلابك في الجامعة؟

أقول لهم دائما "اللاءات الثلاثة"، "لا للعيش في الماضي"، فلنأخذ فقط من الماضي عبر ونلوي أعناقنا من الخلف للأمام، و"لا للعيش في الكتب"، الكتب مكان للقراءة والتعليم وليست مكانا للسكن، أمام الثالثة فـ"لا للاستغراق في الحلم"، علينا أن نحلم، ولكن الاستغراق في الحلم قد يوقع الإنسان في مستنقع الوحل ويبعده عن الحقيقة والواقع، وبقدر ما بيني وبين الأمل من رباط، فإن بيني وبين الواقعية رباط أوثق، وأيضا نصائحي للشباب أني أؤمن بأن عالم الواقع لا يوجد فيه مشكلة غير قابلة للحل إلا في أذهان من يحلو له ذلك، كل المشاكل تقبل الحلول.

 

حوار-المستشار-صلاح-فوزى--محمد-فوزى--22-10-2018-(10)
حوار المستشار صلاح فوزى


هل لديك ما تود الإشارة إليه؟

أريد أن أقول أن المجتمع لكي ينهض ليس فقط تشريعًا بل إدارة وتنفيذ واقتصاد والتزام، أقف كثيرا منحنيًا أمام المشروعات القومية الكبرى، كنت ضحية على سبيل المثال من ضحايا الطرق، وأجريت جراحة في العمود الفقري، ونحن جميعًا ندين لها للمشروعات القومية الكبرى كالطرق بالولاء، وعلى الجميع أن يعلم أن التنمية لا تؤتي ثمارها بين يوم وليلة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة