عضو لجنة إعداد دستور 2014 في حوار لـ«صوت الأمة»: لا للعدالة الانتقالية.. و «عبد العال» أكبر من التقييم
الأحد، 28 أكتوبر 2018 12:00 م
- هذه أسانيدي الدستورية والقانونية لإسقاط الجنسية المصرية عن الإرهابيين والمتورطين في قضايا العنف
- الإخوان جماعة إرهابية اختطفت مصر.. والشارع المصري يرفض التسامح معهم
- مواعيد إصدار القوانين المكلمة للدستور ليست «ملزمة» للبرلمان
- الفصل بين السلطات يعني التعاون وليس التربص.. والعلاقة بين الحكومة والبرلمان إيجابية
- لسنا في حاجة لعودة مجلس الشورى بشكله القديم.. واقترح تشكيل غرفة ثانية للتشريع ذات صلاحيات تشريعية
عمله كأستاذ جامعي للقانون العام والدستوري على مدار سنوات عديدة، وعضويته باللجنة العليا للإصلاح التشريعي، وكونه واحد من العشرة الذين وضعوا المسودة الأولى لدستور 2014، ومشاركته في وضع دساتير عدد من الدول العربية، جعلت الدكتور صلاح فوزي، أحد أهم رجال القانون في مصر.
وخلال حواره مع «صوت الأمة»، الذي ينشر على جزأين تطرق حديثا للعديد من الملفات القانونية والدستورية والقضائية، أبرزها مطالب عدة مجلس الشورى، وعمل اللجنة العليا للإصلاح التشريعي، وكشف عن أسباب رفضه لقانون العدالة الانتقالية، وتأييده لإسقاط الجنسية المصرية عن الإرهابيين.
وعاد بنا الحوار لما يقرب من 5 سنوات مضت، حينما كُلف ليكون أحد الأعضاء العشرة بلجنة الخبراء التي وضعت المسودة الأولى للدستور، وكواليس ما حدث أثناء إعداد دستور 2014، وبعد تطبيق الدستور بشكل عملي يكشف عن المواد التي قال إنها «غير منطقية» ويجب إعادة النظر فيه، ولماذا يرى أن الدستور يقف عائقا أمام الاستثمار، وإلى نص الحوار..
- أود البدء معك بما يدور مؤخراً من مطالب بعودة مجلس الشورى.. ما رؤيتك لهذا الأمر؟
ما يُطرح في الشارع السياسي المصري حول ضرورة إعادة مجلس الشورى، يحتاج أولاً وقبل كل شئ، تعديلاً دستورياً، وأرى أنه إذا كان المقترح بإعادة مجلس الشورى فقط ليكون بمثابة مجلس استشاري، فنحن في غنى عنه، وأنا ضد الفكرة تمامًا. ولكن إذا تم منحه مزيداً من الصلاحيات ليكون بمثابة مجلس ذات صلاحيات تشريعية حقيقية كمجلس الشيوخ في أمريكا وفرنسا على سبيل المثال، فأنا مع ذلك، حتى يكون لدينا غرفة ثانية للتشريع. مجرد أن يكون مجلس استشاري فقط أرى أنه لا قيمة له، فلديك بالفعل اللجنة العليا للإصلاح التشريعي وهي تقوم بهذا الدور.
- بمناسبة حديثك عن اللجنة العليا للإصلاح التشريعي.. أين هي؟ وما دورها في الوقت الحالي؟ ولماذا لم نشعر بوجودها؟
نعمل بالفعل، ونجتمع بشكل دوري، سواء اللجنة العليا أو اللجان الفرعية، ولدينا خطط وجدول أعمال، وقانون الإجراءات الجنائية على سبيل المثال، تم دراسته وأبدينا فيه رأينا وملاحظاتنا، ونعمل على مشروع قانون المرافعات الموحد في الوقت الحالي، بالإضافة إلى أعمال اللجان الفرعية. القوانين تحتاج إلى مزيد من التأني والتدارس، كما أن «الإصلاح التشريعي» هي هيئة استشارية بالدرجة الأولى وليست حلقة دستورية واجبة الإتباع، وبالتالي من الممكن ألا تمر علينا القوانين أو أن تصدر دون أن ننظر فيها، وهي ليست بديلة عن أية مؤسسة رسمية مسئولة عن التشريع.
- توجد انتقادات جادة ومستمرة بسبب التأخر في خروج قانون الإجراءات الجنائية الجديد حتى الآن.. ما رأيك؟
لا أرى أن القانون تأخر. كما ذكرت لك، المهم في إصدار القوانين هو التدارس وليس التسارع، وقانون الإجراءات الجنائية قانون من ضمن القوانين الكبرى التي تحتاج إلى التريث الشديد في التعامل معها. وأتمنى أن يتوقف الجميع عن اتهام البرلمان بأنه تأخر عن إصدار القانون، لأن هذا غير صحيح، ولا يمكن إلزام المشرع بوقت معين لإخراج القوانين أو التشريعات.
- ألم تر أن مجلس النواب تأخر في إصدار العديد من القوانين من بينها المكملة للدستور؟
مجلس النواب حقق إنجازًا غير مسبوق في الحركة التشريعية، وعليه عبئًا شديدًا لإصلاح وإعادة النظر في عشرات بل مئات القوانين والتشريعات التي مر عليها عقودًا من الزمان، ونجح بالفعل في ذلك، الأجندة التشريعية مزدحمة، وتقييمي له بصفتي أستاذًا للقانون فيجب أن تُرفع له القبعات عن هذا الكم الهائل من التشريعات التي نجح في إصدارها خلال الفترة الماضية.
- لكننا أمام قوانين مكملة للدستور لم تخرج حتى الآن كقانون الإدارة المحلية والعدالة الانتقالية؟
قانون الإدارة المحلية لم يتأخر كما يُشاع، لكن كما ذكرت لك الأمر يحتاج لوقتٍ كبير لمراجعته وتدقيقه، الإدارة المحلية هي الفرع الثالث للسلطة التنفيذية، ولا يمكن التسرع في إصداره.
- لكن المدة التي حددها الدستور شارفت على الانتهاء؟
المواعيد التي حددها الدستور هي مواعيد تنظيمية وليست إلزامية، ولا أحد يملك إلزام البرلمان بإصدار قانون بعينة في وقت محدد، ولا يوجد ما يسمى بالرقابة على الامتناع التشريعي مثلاً.
- وبالنسبة لقانون العدالة الانتقالية الذي نص الدستور على إصداره في دور الانعقاد الأول للبرلمان؟
أنا شخصياً أرى أن العدالة واحدة، لا يوجد عدالة وعدالة انتقالية، العدالة تبدأ بالاعتراف ثم المسألة والمحاسبة ثم يأتي التصالح، ولا يوجد تصالح في جرائم الإرهاب والقتل والدم والتخريب العمدي، كل هذا الإجرام لا يمكن التصالح فيه، مجلس النواب لا يجب أن يتحمل هذه المسئولية وحدة في إصدار هذا القانون، وأرى أن يتم عرضه على الشعب بأكمله الذي بالتأكيد يرفض التصالح مع جماعة الإخوان الإرهابية.
الشارع المصري يرفض التسامح مع الإرهابيين، وأنا شخصياً ضد فكرة إصدار هذا القانون، وكمواطن مصري أرفضه وأرفض التصالح مع الإخوان، والشعب كله كذلك، وهذا أمر من العلم العام، الإخوان جماعة إرهابية اختطفت مصر، ولم تعرف إلا مصلحتها، وقبل أن نفكر في إصدار قانون العدالة الانتقالية علينا أن نطبق عليهم أولاً القوانين الجنائية ونحاسبهم على ما اقترفوه من قتل ودم وتخريب.
أتذكر أننا في لجنة العشرة، وأثناء وضع تعديلات دستور 2012، اقترحت إضافة «ووحدة أراضيه» إلى القسم الخاص برئيس الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، وهو ما تم بالفعل لأول مرة، وذلك بعد تجربتنا المريرة مع الإخوان.
- سبق وأن أيدت إسقاط الجنسية المصرية عن الإرهابيين والمتورطين في قضايا العنف والإرهاب.. ما أسانيدك الدستورية والقانونية؟
نعم أؤيد ذلك بشدة. وبعض دول العالم تنص قوانينها على ذلك، وهذا أمرًا دستوريًا لا جدال فيه، ولا يوجد به أية عوار، من يحمل السلاح ضد القوات المسلحة والشرطة والشعب لا يستحق الجنسية المصرية، والاتفاقية الدولية للأمم المتحدة نظمت الأوضاع القانونية لعديمي الجنسية.
- لكن البعض يقول أن الجنسية حق لصيق بالإنسان.. ولا يجوز إسقاطها عنه إلا في أضيق الحدود، ما تعليقك؟
حقوق الإنسان ليست حقوق الإرهابي فقط. وأين حقوقي أنا كمواطن تعرض للإرهاب، وأين حقوق الدولة كشخص اعتباري لها حقوق، يجب أن ننظر إلى حقوق الإنسان بهذا الاتجاه، حقوق الإنسان يجب أن تراعي الأشخاص كافة، وتراعي الأشخاص الاعتبارية كذلك، والمادة 7 من قانون الكيانات الإرهابية حددت الآثار التي تترتب على الإدراج من بينها عدم تجديد جواز السفر وتجميد الأموال والإدراج على قوائم الترقب والوصول ويفقد شرط حسن السير والسمعة، وأناشد المشرع بإجراء تعديلًا يمنعه من مباشرة الحقوق السياسية طيلة مدة الإدراج، بإضافة «المدرجون على قوائم الإرهابيين طيلة مدة الإدراج».
- لدى البعض الآخر تخوفات من أن سرعة وكثرة إصدار التشريعات يأتي على حساب دستوريتها.. ما رأيك؟
القوانين والتشريعات يتم دراستها ومراجعتها بشكل دقيق، واللجنة التشريعية بمجلس النواب كلها أعضاء محترفين، كما يتم عرض القوانين على مجلس الدولة وفقا لدستور 2014، وأدين بشدة تصريحات كثيرة توصم بعض القوانين بأنها غير دستورية، الجهة الوحيدة التي تقول ذلك هي المحكمة الدستورية العليا، وأناشد الجميع بعدم ترويج ذلك لأنه يُربك الشارع وغير المتخصصين.
- عادة تتأخر الحكومة في إصدار اللوائح التنفيذية للقوانين التي يصدرها البرلمان.. هل توجد أية شبهات في حالة تخطي المدد المحددة؟
اللوائح التنفيذية تعتبر قرارًا إداريًا، وفي حالة عدم إصدار اللائحة في الموعد المحدد قانونًا تشكل حالة عدم مشروعية، ونكون بصدد قرار سلبي بالامتناع، ويحق لصاحب المصلحة أن يذهب للقضاء الإداري لإلزام الحكومة بإصدار اللائحة التنفيذية، وليس لها ثمة علاقة بالرقابة الدستورية. ولكن اللائحة التنفيذية التي تصدر بعد المواعيد المحددة «مشروعة» ولا يوجد بها أي مشكلة أو شبهات بعدم الدستورية.
- كيف تقيم شكل العلاقة بين مجلس النواب والحكومة في الوقت الحالي؟
الكثير يظن أن على أعضاء مجلس النواب أن يأتوا بكل دور انعقاد محملين بالعشرات من طلبات الإحاطة والاستجوابات والأسئلة، وهذا يتنافر مع آلية الرقابة وفكرتها، الرقابة البرلمانية لا تعني أن يكون النواب «متربصين».
وأود أن أشير إلى أن الدستور الفرنسي الحالي على سبيل المثال لم يتضمن آلية الاستجواب إطلاقاً، وألُغيت واعُتبرت من الوسائل الخشنة في إطار العلاقة بين السلطات يتوجب إلغاءها، وتم استبدالها ووضع بدلا منها الاقتراع على الثقة، ولم يحدث في تاريخ فرنسا منذ إقرار الدستور أن تم الاقتراع على سحب الثقة من الحكومة إلا مرة واحدة فقط، ونظرية الفصل بين السلطات تقام على قاعدة التعاون بين السلطات وليس التربص.
وأتابع الوزراء وهم يخصصوا أوقات لمقابلة النواب. وهذا يعكس مدى التعاون الإيجابي بين السلطات.
- وبالنسبة لأداء الدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب؟
الدكتور علي عبدالعال أكبر من أن أقيم أداءه، إدارة الزملاء إدارة صعبة، مسألة فيها قدر من الاحترافية الشديدة، والدكتور عبدالعال مدرب على ذلك لأنه أستاذاً في الجامعة، وعدد النواب كبير، وعدد كبير من النواب يمارس الحياة السياسية والبرلمانية لأول مرة، وكل هذا يمثل عبئاً ومشقة على مدير المجلس، والدكتور عبدالعال مطلع ومثقف، ومحترف، أتى من جنوب مصر محملًا بالخصال العظيمة.
وأداء الأعضاء، متطور بشكل كبير، وهم في دور الانعقاد الرابع أفضل من الثالث، والثالث أفضل من الثاني، وهكذا.