ضحايا بالمئات.. «منع تسوس القمح» أقراص تسبب الموت والسرطان (صور)
السبت، 27 أكتوبر 2018 05:00 م
أقراص سامة تستخدم في حفظ حبوب القمح، يتم وضعها في الأجولة لضمان عدم إصابة المحصول بالسوس، وإخراجها قبل طحنه لها مخاطر عدة على الحياة والصحة العامة، لاسيما وأن تداولها يتم دون رقابة عليها، مايهدد حياة المواطنين.
حبوب منع تسوس القمح، يتم إنتاجها في مصانع «بير السلم»، والتي تدار دون ترخيص، ثم وضعها في عبوات صفيح، وبيعها في القرى والأرياف، وينتشر تداولها بين المزارعين، بأسعار لاتتجاوز العشرون جنيها، ويتعامل معها الفلاحيين دون وعي بمخاطرها، وهم لايعلمون أن الموت نهاية استخدامها، لاسيما وأنها توضع بين حبوب القمح المصنوع منه الخبز، بالإضافة إلى تناول الطعام والشراب بعد ملامستها دون غسل الأيدي وتطهيرها بشكل جيد.
وخلال الأعوام الثلاثة الماضية راح المئات ضحايا استخدام تلك الحبوب، الأمر الذي أثار حالة من الذعر لدى المواطنين، واهتمام أجهزة الأمن بالسيطرة على تصنيعها وتداولها بعد استخدامها في عددا من حالات الانتحار.
عبوة الحبوب
يستخدمونها دون وعي بمخاطرها، فمنهم من يموت تسمما عن طريق الخطأ وآخرين يتناولونها للانتحار، هكذا علقت نسرين سعد إسماعيل، رئيس الوحدة المحلية لقرية فانوس بمحافظة الفيوم، مشيرة إلى أنه خلال فترة توليها عملها بالوحدة لاحظت زيادة إقدام المواطنين على شراء وتداول تلك الحبوب، مؤكدة على ضرورة التصدي لانتشارها وطرح بدائل آمنة بدلا منها بالأسواق لحفظ القمح والغلال دون الإضرار بالإنسان، على أن يتم توزيعها من خلال الجمعيات الزراعية.
وتعد الفيوم المحافظة الأعلى نسبة في حوادث الوفاة والإصابة بالتسمم نتيجة استخدام تلك الأقراص، وتزيد تلك الحالات في النساء أكثر منها للرجال، وفقا للبلاغات الرسمية، وتقارير المستشفيات خلال الفترة الأخيرة، حيث تنوعت الحالات ما بين انتحار باستخدام هذه الحبوب لتواجدها بالمنازل أو تسمم عن طريق الخطأ.
في محال البقالة، ولدى تجار الغلال، تعد تلك الأقراص واحدة من السلع المعروضة كغيرها من الأغذية، والمعلبات الأخرى ويتم تداولها بحرية تامة بين الأفراد، فمن يرغب في الانتحار من خلال تناولها، أو من يريد استخدامها في أعمال إجرامية يقوم بشرائها بسهولة ويسر وبأسعار زهيدة، وتزداد عملية بيع تلك الأقراص عقب حصاد محصول القمح، لتخزينه بالمنازل وتصنيعه خبزا، وهو الأمر الذي أودى بحياة الكثيرين من مستخدميه.
وفي الفترة من يونيو عام 2017 وحتى نطيره 2018، سجلت الإحصائيات الرسمية لمستشفيات محافظة الفيوم 55 حالة انتحار باستخدام تلك الأقراص قصدا، بخلاف حالات الإصابة بالتسمم نتيجة الخطأ في تناولها، وهو الأمر الذي أوصت معه مديرية الصحة بالفيوم بضرورة توعية المواطنين بمخاطرها وكيفية التعامل معها، وأبرزها عملية غسيل المعدة لكونها تساعد على ذوبان مادة فوسفيد الألومنيوم التي يحتوي عليها القرص وسرعة انتشاره.
حبوب منع تسوس القمح
من جانبه أكد الدكتور أحمد عمر، أستاذ ومدير وحدة علاج التسمم، بمستشفيات جامعة الزقازيق، أن تلك الأقراص يخرج منها غاز سام بمجرد وصول المياه إليها أودخولها معدة الإنسان لدخول حمض الهيدروليك عليه، وهو الأمر الذي يتسبب فى انبعاث غاز الـ«فوسفين» القاتل، والمتسبب في فشل كافة أعضاء الجسد وارتشاح الرئتين، لذلك كان يطلق عليه اسم «المهلك» لخطورته، ويسبب الوفاة على الفور.
وأشار أستاذ ومدير وحدة علاج التسمم، إلى ضرورة الرقابة على عملية صناعة وتداول تلك الأقراص، وعقد الندوات الإرشادية بالقرى والأرياف لتوعية المواطنين بمخاطرها والحد من الكوارث التي تسببها.
ولم تكن الحبوب السامة وسيلة الموت بالخطأ فقط لكنها كانت وسيلة جيدة للانتحار أيضا، حيث إنه وفقا لآخر إحصائية لعدد حالات الانتحار التى سجلتها مستشفيات محافظة الفيوم، فى الفترة من شهر يونيو 2017 إلى نظيره فى العام الجارى 2018، بلغت 55 حالة ناتجة عن تناول أقراص سوس القمح عن طريق القصد.
وأوصت تقارير بمديرية الصحة بالفيوم بتوعية المواطنين بالحذر من استخدام الحبوب، وحال تناولها بالخطأ ينصح بعدم شُرب الماء بعد تناولها مباشرة لأنها تساعد على انتشار السم فى جميع أنحاء الجسم، وكذلك عملية غسيل المعدة تساعد على نشر السم، لأنها تعمل على فوران القرص الذى يحتوى على مادة سامة وهى فوسفيد الألومنيوم القاتلة.
سيدات الشرقية: "لا نستغنى عن الحبة وقسم السموم يطلق عليها المهلكة"
مخاطر عديدة يسببها مبيد" الألومنيوم فوسفيد" أو حبة حفظ محصول القمح، كما يطلق عليها عدد من الفلاحين بمختلف قرى محافظة الشرقية، وأصبح يتم استخدمها بشكل خاطئ، حيث تسخدم للانتحار، كما تسبب فى إصابة العديد من المزارعين بهبوط فى الدروة الدموية، وشهدت محافظة الشرقية على مدار الأشهر الماضية وفاة فتاتين من قرية واحدة قرية كفر سلامة، بمركز منيا القمح، بسبب تلك الحبة، فيما أصيب عدد من العمال بسببها.
وتقول زينب غريب 59 سنة ربة منزل من الشرقية إنها اعتادت وضع "حبة الغلة" بأجوالة الغلة بعد درسها وتجمعها فى أجولة من البلاستيك، حفاظا عليها من التسويس، لكن يتم التعامل مع الحبة بحذر عن طريق غسل اليدين بشكل سريع وبمواد منظفة تمنع آثارها، لكن حاليا لم يتم استخدامها بسبب عدم تخزين الغلة، والاتجاه لشراء العيش من الطابونة.
وتقول بكرية مغاورى 62 سنة ربة منزل إنها كانت تقوم باستخدام هذا المبيد لحفظ محصول الغلة من التسوس، حيث تقوم بارتداء كيس بلاستيك وتضع الحبة فى قطعة قماش ثم تخزنها مع الغلة، وبعد الحاجة لاستخدام الغلة يتم فتح الشكارة ووضعها على صنية كبيرة فى الشمس لتهويتها جيدا والبحث عن الحبة والتخلص منها بعيدا عن الأطفال.
ويقول الدكتور عصام فرحات مديرية الطوارئ والرعاية بمديرة الصحة بالشرقية، إن الحالات المصابة بهذا المبيد نتيجة وضعه كحبة قاتلة للسوس فى القمح، حالات نادرة، نظرا لوعى الفلاحين بمخاطر المبيد.
فيما أضاف الدكتور أحمد عمر أستاذ ومدير وحدة علاج التسمم، بمستشفيات جامعة الزقازيق، فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع" إن حبة الغلة اسمها العلمى "الألومنيوم فوسفيد، أو فوسفيد الزنج"، وهى عبارة عن قرص أسود اللون، وتستخد لمنع تسوس محصول القمح "الغلة" وحمايته من الحشرات الضارة، ويخرج منها غاز قاتل، بمجرد وصول المياه إليه، أو دخوله معدة الإنسان لدخول حمض الهيدروليك عليه، يتسبب فى انبعاث غاز اسمه "فوسفين" غاز قاتل يتسبب فى فشل بكل أعضاء الجسم ويؤدى إلى ارتشاح بالرئتين، لذلك كان يطلق عليه اسم "المهلك" لخطورته، كما أن يستخدم كمبيد حشرى ومبيد للقوارض مثل الفئران، حيث لو تم وضع قرص منه فى بيارة الصرف الصحى كافٍ بالقضاء على الفئران واختفائها من البيارة لمدة شهر، حيث يخرج منها مبيد فسفورى عضوى، يؤدى إلى مشاكل صحية وصعوبة فى التنفس للإنسان، ولو أصيب به سواء عن طريق الجلد، أو الاستنشاق عن طريق الخطا أو الانتحار.
موضحا أن القسم سجل عددا من الحالات المصابة بتسمم نتيجة هذا المبيد، والحالات التى تصاب بتسمم من هذا المبيد تحتاج إلى عناية مركزة، وأكثر الحالات عرضة للإصابة به هم الأطفال أقل من 5 سنوات أو الحالات الانتحارية.
فيما يقول "محمود بندارى" دكتور بمركز البحوث بالبساتين، ومهندس زراعى، من محافظة الشرقية، إن المزارع اعتاد وضع "حبة القمح" لحمايتها من التسوتس فى قماشة، ثم يضعها فى الجوال، وعند عملية طحن القمح يقوم بإلتقاطها والتخلص منها، لكى لا تختلط بعملية الطحين الذى يستخدم لخبير العيش، موضحا أن حاليا قلة قليلة من المزارعين، بمحافظة الشرقية الذين يقومون بتخزين القمح من أجل استخدمه فى العجين، بسبب ارتفاع سعر القمح، فيقوم المزارع ببيع المحصول لكى ينفق منه على أسرته، ويكتفى بكمية بسيطة من محصول القمح من أجل استخدامها فى أكل الطيور وخاصة الحمام.
موضحا أن وزارة الزراعة كانت تعقد ندوات توعية للمرشدين الزاراعين، لكى يقوم بتوعية الفلاحين من خطورة تلك المبيد الضار وخطورته لأنه يحتوى على عناصر ثقيلة مثل الرصاص تترسب فى الكبد ومع مرور العمر تسبب أمراض خطيرة مثل السرطان لأن مفعولها قاتل، وأن الحذر منها يختلف من فلاح إلى آخر حسب سلوكيات كل شخص بطرق النظافة والتطهير.
ومن جانبه قال المهندس مجدى سلامة مدير مديرية الزراعة بالشرقية، لـ"اليوم السابع"، إن مديرية الزراعة شنت حملات كثيرة لتوعية المزارعين بخطورة ذلك المبيد الحشرى الضار، ويقوم قسم الرقابة على المبيدات بتحرير محاضر ومخالفات لأصحاب المحال التى يتم ضبط حبة واحدة فيها، نظرا لخطورتها على الصحة، حيث إنه ممنوع استخدامها أو الإعلان عنها، خاصة أن البعض يستخدمها كمادة للانتحار فى الفترات الأخيرة.