الحقيقة الوحيدة مقتل الطفلين.. متهم «ميت سلسيل» من الاعتراف بقتل أبنائه إلى إنكار الجريمة
الخميس، 25 أكتوبر 2018 07:00 م
66 يوماَ بالتمام والكمال مرت على إرتكاب جريمة المتهم «محمود نظمي السيد» «31 سنة» والد الطفلين «ريان» و«محمد» في القضية المعروفة إعلاميا بـ«عصافير الجنة»، بعد قيامه بإلقاء طفليه أحياء بمياه نهر النيل من أعلى كوبري فارسكور وإدعاءه اختطافهم خلال اصطحابه لهم لقضاء فسحة العيد بإحدى الحدائق العامة بمدينة ميت سلسيل، فى أول أيام عيد الأضحى الماضى.
يوم 21 أكتوبر الماضى، هو تاريخ أولى جلسات محاكمة الأب المتهم «محمود نظمي السيد»، حيث وقوع العديد من المفاجآت أثناء الجلسة بالنسبة للمتابعين بينما لم تكن بمثابة المفاجأة بالنسبة للبعض الآخر فقد شهدت المحاكمة زخماَ كبيراَ من حيث الحضور سواء من المواطنين أو المحامين الذين تضامنوا مع المتهم للدفاع عنه.
المحكمة يوم إنعقاد أولى جلساتها استمعت إلى طلبات المحامين التى تمثلت فى ضم بعض الأسماء التى وردت أو ذكرت فى القضية، ومنها أشقاء محمود وبعض أصدقائه المرافقين له، فضلاَ عن أسماء بعض من ذكرهم المتهم بعد العثور على الأطفال غارقين، فقد اتهم وقته خمسة أشخاص وذكر أسمائهم، وأكد أن النيابة العامة لم تلتفت إلى ذلك والاستماع إليهم، إلا أنه عقب تعدد تلك الطلبات لهيئة المحكمة، وجه القاضى المستشار نسيم بيومى، رئيس الدائرة الثالثة بمحكمة جنايات المنصورة سؤاله إلى المتهم محمود نظمى داخل قفص الاتهام، عن المحامى الذى قام بتوكيله فأكد على رغبته فى قيام عبد الستار جاد فقط بالدفاع عنه.
وفى تلك الأثناء، قرر القاضى رفع الجلسة مؤقتا ثم عاد ليقرر تأجيل الجلسة إلى 23 أكتوبر الجارى، مع تنفيذ طلبات هيئة الدفاع بضم القضية رقم 355 جنايات أمن دولة عليا ميت سلسيل، والمقيدة فى النيابة برقم 757، والمتهم فيه أشقاء محمود وآخرين بتهمة التظاهر وإثارة الشغب، كون المحامى أكد على أن القضية منعت وحالت بين الشهود والنيابة، للاستماع إلى أقوالهم، وهو ما اثر على سير التحقيقات، بالإضافة إلى صورة من أوراق القضية، وضمها للقضية المنظورة.
اقرأ أيضا: مفاجأة.. التحريات تكشف: والد طفلي «سلسيل» كان يقود منزلاً لممارسة الفجور (مستند)
وفى جلسة أول أمس، فجّر الأب المتهم «محمود نظمي السيد»، خلال جلسة محاكمته مفاجأة من العيار الثقيل على غير ما ورد فى الفيديو الذى اعترف فيه بإرتكاب الواقعة أمام جهات التحقيق، وأيضاّ على خلاف اعترافاته أمام النيابة حيث أنكر واقعة قتله لطفليه، فضلاَ عن كافة الإتهامات التى أسندت له، ما أحدث معه حالة من الفرحة العارمة بين أهله وأصدقاءه وأشقاءه.
محامى المتهم عبد الستار جاد أكد أن رئيس المحكمة استمع لشهادة الشهود، وهم شقيقي المتهم محمد نظمي، ورضا نظمي، وصديقه وليد محمد مسعد، المحبوسين على ذمة قضية التظاهر رقم 355 جنايات ميت سلسيل لسنة 2018، داخل غرفة المداولة، وأن موكله نفى ارتكاب الواقعة، مؤكداَ أنه تعرّض للإجبار من أجل تصوير مقطع فيديو يثبت فيه ارتكاب الجريمة، وتم تأجيل المحاكمة لجلسة الخميس الموافق 25 أكتوبر.
واليوم الخميس حيث ثالث جلسات المحاكمة، بدأت حلقة جديدة من قضية «سلسيل» وهو يوم مرافعة النيابة العامة فقد كشف ممثل النيابة العامة أثناء تلاوته لأمر الإحالة أن المتهم محمود نظمي السيد دوَّن خطابًا بخط يده يعترف فيه بقتل نجليه «ريان ومحمد» بإلقائهما من أعلى كوبري فارسكور بمحافظة دمياط، بعد ادعائه اختطافهما منه، وكان يعتزم إرساله إلى أسرته، فضلاَ عن أن النيابة تحفظت على ذلك الخطاب والذي أعد مسبقا من قبل المتهم يكشف فيه عن ارتكابه الحادث ويطلب من أسرته مسامحته على ما ارتكبه.
خطاب مكتوب بالإعتراف
ممثل النيابة العامة لم يكتفى بالكشف عن مفاجأة الخطاب المكتوب من قبل المتهم «محمود نظمى»، فقد كشف أيضاَ الصغير «محمد» أثناء محاولة إغارقه وقتله كان يلهو ويتمسك بكرسي السيارة عند محاولة جذب الأب له، فخلع والده المقعد و«رماه» في الترعة به، فى الوقت الذى قال فيه ممثل النيابة إن البشرية لم تعرف جريمة مثل هذه التي ارتكبها الأب ضد ولديه، مشيراَ إلى أنه المتهم أقر بإلقائه ابنيه في ترعة ما تسبب في غرقهما وقال للأول: «إذهب إلى الجنة»، وطالب ممثال النيابة بتوقيع عقوبة الإعدام على المتهم «محمود نظمي السيد» بعد أن استقر في وجدان النيابة ارتكابه للواقعة.
ممثل النيابة العامة لم يترك شاردة ولا واردة فى أمر الإحالة إلا وقام بذكرها ليدحض أية عملية غمز أو لمز تمس النيابة العامة، فقد روى ما ورد على لسان المتهم خلال التحقيقات وما جاء بالتحقيقات بداية اعترافات المتهم وسماع الشهود وتقرير الطب الشرعى والأدلة الجنائية وتفريغ الكاميرات، حيث أكد أن نيابة فاركسور أحالة المتهم إلأى المحاكمة ليس على خلفية اتهامه بقتل الطفلين فقط وإنما لاتهامه أيضاَ بحيازة جوهرى الحشيش والترامادول، حيث استندت النيابة العامة على إحالته للمحاكمة إلى عدة إجراءات قانونية تم اتخاذها منها: «اعترافات المتهم، وشهادة شهود العيان، ومجرى التحريات، وتقرير الطب الشرعى» وغيرها.
اقرأ أيضا: والد طفلي ميت سلسيل يعترف أمام النيابة: تناولت المخدرات قبل الجريمة (مستندات)
والملاحظ أن النيابة العامة انهت قضية طفلى سلسيل بحزمة من الملاحظات التى أوردتها بأمر الإحالة حيث استندت أيضاَ على حجية الإعتراف فى حق المتهم أو فى حق غيره من المتهمين الذين تناولهم هذا الإعتراف التى هى مسألة يقدرها قاضى الموضوع وله أن يأخذ بهذا الاعتراف إن اعتقد صدقه، أو يستبعده إن شك فى صحته.
ممثل النيابة العامة فى واقعة «طفلى سلسيل» ذكر أنه فى مجال الإسناد الموضوعى للإتهام وتحديد المسئولية الجنائية فإن الواقعة ثابتة قبل المتهم ثبوتاَ يقينياَ يكفى لتقديمه للمحاكمة الجنائية جزاء وفاقاَ لما ارتكبته يديه الأثمتين من جرم، وهو ما تأكد للنيابة العامة من خلال اعترفاته تفصيلياَ بإرتكاب الواقعة سيما واعتقاره بالأدوية الؤثرة على الحالة النفسية والعصبية والمواد المخدرة على نحو ما ورد بتقرير المعمل الكيماوى بعد تحليل عينات البول والدم الخاصين به، ودارت فى خلده فكرة تخلصه من أولاده قبيل الواقعة بما يناسب عشرة أيام، وظلت الفكرة تغدو وتروح فى خلده إلى أن لاحت له مرة أخرى يوم ارتكاب الواقعة.
استغل والد الطفلين فرصة خلوه بأولاده بداعى الترفيه عنهم بمنطقة للعب الأطفال بمدينة ميت سلسيل «منطقة العيد» واشترى لهما لعب أطفال عثرت النيابة العامة على بعض من أثارها بالسيارة أثناء المعاينة على نحو ما ورد بمحضرها إلى أن اعتزم تنفيذ مخططه واصطحبهما فى غضون الساعة السادسة والربع مساء يوم 21 أغسطس إلى حيث مكان الواقعة أعلى كوبرى فارسكور حيث وصل فى الساعة السابعة مساء، فقام بإخراجهما واحداَ تلو الأخر من السيارة، وألقى بهما من أعلى الكوبرى فسقطا فى مياه النهر حتى لقيا حتفهما باسفكسيا الغرق-بحسب ممثل النيابة العامة-
ممثل النيابة يكشف المعاينة التصويرية
الأب المتهم محمود نظمى-وفقا لـ«ممثل النيابة»- قام أيضاَ بالمعاينة التصويرية للواقعة علاوة على ما ثبت من أقوال الشهود من رؤيتهم للأطفال صحبته فى السيارة فى الفترة من الساعة السادسة والربع مساء يوم 21 أغسطس حسبما بأن من تاريخ وتوقيت شريط الفيديو الخاص بالكاميرا متجهاَ إلى طريق ميت سلسيل الجمالية فارسكور، وكذا ما ثبت من الفيديوهات الخاصة بتواجده باحدى محطات تزويد الوقود فى تمام الساعة السادسة وثلاثة وخمسون دقيقة مساء يوم الواقعة، حسبما بان من تاريخ وتوقيت شريط الفيديو الخاص بالكاميرا، وكذا اقرار المتهم بالفيديوهات المتخذه له ولأطفاله بالسيارة قيادته آنفة البيان، وكذا ما ثبت من الاستعلامات شركات المحمول بتتبع هاتفه ومواجهته بالمكالمات الصادرة والواردة على هذا الخط.
اقرأ أيضا: ننشر تقرير الطب الشرعي في مقتل طفلي «سلسيل».. والتحقيقات تكشف: استدرجهما بلعبة (مستند)
وكذا ما تأكد من تحريات إدارة البحث الجنائى بمديرية أمن الدقهلية، والتى أكدت قيام المتهم بإرتكاب الواقعة لمروره بأزمات نفسية حادة الأمر الذى تعضدت معه الأدلة وتساندت مع بعضها لتكوين البنيان القانونى الذى رسمه المشرع لثبوت تلك الجريمة ما حاق بالنيابة العامة وهى فى مجال التصرف فى الأوراق سوى تقديمه المتهم للمحاكمة الجنائية.
ممثل النيابة يكشف تحريات المباحث
ممثل النيابة العامة تلا من أمر الإحالة أيضاَ ما كشفت عنه تحريات المباحث، وهو امتلاكه منزل يستقبل فيه أصدقائه ويستغلونه في ممارسة الفجور وتعاطى المخدرات على نحو علنى وفج بعد أن واستضافة الساقطات وسيئ السمعة حيث يتولى محمود نظمى الإنفاق عليهم ببذخ لافت ومتستفز.
تحريات إدارة البحث الجنائى التفصيلية المؤرخة 24 أغسطس 2018 المسطرة بمعرفة العقيد سيد خشبة، رئيس فرع البحث الجنائى شمال الدقهلية، والتى أسفرت التحريات عن الأتى:
-المدعو محمود نظمى من مواليد 1 أكتوبر 1985 بدون عمل ومقيم بندرة ميت سلسيل هو الأبن الأصغر لأسرة ميسورة الحال آلت إيه بعد موت والده تركه لا بأس بها جعلته هدفاَ لشلة من الأصدقاء المتعطلين إلى نيل بعض عطاءاته المادية والعيش إلى جواره معتمدين على إنفاقه عليهم.
-قبل عدة سنوات إرتبط المذكور بعلاقة زوجية بالمدعوة سماح طارق-وأثمر زواجهما عن طفلين هما «ريان خمس سنتوات-محمد ثلاث سنوات».
-توسعت علاقات المدعو محمود نظمى-وأرتبط بمجموعة من أصدقاء السوء من أصحاب المصالح، وتوثقت صلته بهم على نحو جعل من دائرة هؤلاء الأصدقاء ملاذاَ أقرب إليه من أسرته وصار أفرادها أوثق إليه من أشقائه وأقرب غليه رحماَ.
-أطلق المذكور وأصدقاؤه لنزواتهم العنان فراحوا يمارسون الفجور وتعاطى المخدرات على نحو علنى وفج بعد أن هيأ لهم كبيرهم منزلااَ كبيراَ يترددون عليه وضح النهار ويستضيفون الساقطات وسيئ السمعة حيث يتولى محمود نظمى الإنفاق عليهم ببذخ لافت ومتستفز.
-انزعج أهلية المذكور من تصرفاته ورأوا فى سفهه سبباَ يوجب عليهم مقاومته خوفاَ على أمواله المعرضة للنفاذ، فأجمعوا أمرهم على مواجهته وقام شقيقاه «رضا-محمد» بمطاردة المترددين على وكر شقيقهم، وأجبروه على تحويله لمنزل أسرى يقيم فيه وزوجته كما حاولوا إدخاله مصحات علاج الإدمان إلا أن ذلك لم يجد نفعاَ.
اقرأ أيضا: قانون العقوبات يقود "والد طفلى سلسيل" لـ«حبل المشنقة" (مستند)
-لم يقف محمود نظمى موقف المحايد ولكنه انحاز إلى أصدقاء السوء فى مواجهة شقيقيه وحرر لهما محضراَ يتهمهما فيه بالتعدى عليه وعلى بعض اصدقاءه.
-توترت علاقة محمود نظمى-بذويه وزوجته وأهليتها إلى درجة كبيرة اضطر إزاءها للرضوخ لهم ونقل أسرته للبيت الذى كان يتخذه واصدقاؤه مركزا لهم، إلا أن ذلك أشعره بالإحباط الشديد والكراهية لأسرته وزوجته وأبناءه الذين أرغموه عن التخلى عن حياته الخاصة.
التحريات أكدت إلى قيام محمود نظمى بالتخلص من أبنيه بإلقائهما بنهر النيل، وذلك بعد أن سولت له نفسه المريضة أنهما العقبة الكؤود فى عودته إلى حياته السابقة مع أصدقاء السوء، كما أن وجودهما كان الحجة الرئيسية لأسرته فى غل يده عن التصرف فى ثروته الموروثة، بالإضافة إلى ما تتسم به نفسه من اللامبالاة والتجرد من المشاعر والأنانية الخالصة التى تفقده روح الأبوة ومسؤولياتها.
تفريغ الكاميرات
كما أكد ممثل النيابة عن أن المتهم هو مرتكب الجريمة، وأن المعلومات الواردة فى اعترافاته هى الحقيقة وفق نتائج تفريغ محتويات كاميرات المراقبة الخاصة بمحطة وقود ذهب إليها المتهم برفقه طفليه المجنى عليهما، وكاميرا الملاهى التى اصطحب إليها نجليه، وأخرى على الطريق المؤدى إلى موقع الحادث.
كما تبين من تحليل عينة من بوله ودمائه تعاطيه لمخدرى الحشيش والترامادول، وأسفر فحص ومعاينة سيارته عن العثور على بعض الألعاب والمأكولات ومتعلقات الطفلين المجنى عليها، وهو ما يؤكد تواجدهما برفقته قبل إلقائهما فى النيل.
نتائج تفريغ الكاميرات
وبتفريغ المقاطع التصويرية لكاميرات المراقبة تبين الآتى:
أولاً: مقطع فيديو تفريغ كاميرا بنزين فارسكور: تبين أنه فيديو عبارة عن 7:24 بتاريخ 21 أغسطس يظهر البنزينة وعند الثانية 49 يظهر دخول سيارة ماركة هيونداي ماتريكس أسود اللون تشبه سيارة المتهم بذات أوصافها بالمعاينة الساعة 6:20، وعند الساعد 6:21 حسب توقيت الكاميرا يظهر طفل يخرج رأسه من نافذة المقعد الخلفى للسيارة خلف المتهم، واستقرت السيارة وقام بالتموين ثم المغادرة فى الساعة 6:33.
مقطع تفريغ كاميرا طريق البحر أمام الملاهى من البر الثانى: تبين مرور سيارة المتهم بذات أوصافها فى تمام الساعة 6:12 حسب توقيت الكاميرا.
مقطع تفريغ كاميرا أول طريق "الخضيرى" المؤدى إلى فارسكور الساعة 6 والدقيقة 53: مدة 18 ثانية يظهر فيه مرور السيارة متجهة إلى فاركسور، فضلاً عن مقطع خاص بتفريغ كاميرا مدخل الجمالية طريق البحر، وأكدت جميع المقاطع أنه كان على طريق فارسكور مكان الجريمة، وهو ما أقر به المتهم.