في ذكرى ميلاد الأب الحنون حسن عابدين.. تعرف على المطحون والكوميدي السوداوي
الأحد، 21 أكتوبر 2018 07:00 م
لعب دور كليبر في مسرحية "ثمن الحرية" التي كتبها جمال عبد الناصر، وقدمها المسرح العسكري، وحينما شاهد دوره أحد المسؤولين، لم يعجبه أن توجد شخصية كليبر في المسرحية، فتم إلغاء المسرحية، فأصيب بالإحباط، أنه حسن عابدين، الممثل المصري الكبير الراحل، المولود في مثل هذا اليوم 21 أكتوبر، عام 1931، في بني سويف، ورحل في الخامس من نوفمبر عام 1989.
حسن عابدين
الكتابة عن سيرة حسن عابدين، هي رحلة إلى ماضي جميل، ومُلهم، نفتقده اليوم، ماضي السهرات التلفزيونية، التي كانت تلقي في قلوبنا البسمة في ختام يوم مجهد طويل، ماضي السهرات والمسلسلات الإذاعية التي كان لها طعم ولون ورائحة، طعم الحكمة، ولون التبصر، ورائحة الترفية، أما اليوم، فباتت بعض هذه المسلسلات تفتقد الثلاث، سيرة حسن عابدين تنفتح منذ اللحظة التي تطوع فيها كفدائي وهو قبل العشرين من عمره عام 1948.
الفنان حسن عابدين
حسن عابدين فنان من طراز خاص، مثقف، وواسع المعرفة، التحق في شبابه بالمسرح العسكري، ثم شاهده يوسف وهبي، وأدرك موهبته، فألحقه بفرقته في مسرحه رمسيس.
من خلال مسرحيته "نرجس" وصل حسن عابدين إلى دائرة الضوء، ومن خلال الشاشة الصغيرة أطل عابدين على محبيه من خلال العديد من المسرحيات والسهرات، كان أشهرها مسلسله " برج الأكابر" و"نهاية العالم ليست غدا" وغيرها.
الفنان حسن عابدين الموظف المطحون
حينما يتحدث حسن عابدين، تلحظ بسهولة إدراكه المعرفي والثقافي لفن المسرح، والاتجاه الذي اختاره لطريقه، يقول حسن عابدين في حوار قديم حفظته ذاكرة قناة "ماسبيرو زمان" مع الإعلامية نادية حليم: كان لي الشرف أن أعمل في مسرح الريحاني، والجلوس في غرفته، مسرح الريحاني قدم فنا ملتزما بقضايا المجتمع، كل فنه خرج من وعاء المجتمع السياسي والاقتصادي لمصر، لهذا بقى فنه.
عن طقوس حسن عابدين قبل الصعود على خشبة المسرح يقول: «أول يوم جئت للعمل بمسرح الريحاني، جلست أتخيل ماذا كان يحدث في غرفة الريحاني، والموضوعات التي كانوا يتحدثون فيها، كنت باجي قبل رفع الستارة، وافتح الباب وأبص، فلقيت مدام آمال خيري صاحبة مسرح الريحاني، وبتقول لي: نفس حركة الأستاذ نجيب الريحاني حيث كان يطمئن على الجمهور قبل بدء العرض».
لم يفكر حسن عابدين أن يتقمص شخصية نجيب الريحاني، وإن كان تأثر به، وبالنوعية الفنية التي يقدمها، والدراما التي يقدمها في أعماله، يقول حسن عابدين: «أي عمل فني، سواء كوميدي أو تراجيدي، هو عمل درامي».
وصف صلاح منتصر حسن عابدين، بأنه امتداد لنجيب الريحاني، وإن كان عابدين نفسه يرى أنه لا يوجد فنان امتداد لفنان آخر سبقه، مؤكدا أنه تأثر بروح الريحاني، بكل تواضع يرى حسن عابدين – على الرغم مما حققه في مسيرته - أن ما حققه الريحاني أكبر بكثير مما حققه عابدين نفسه، يقول حسن عابدين في هذا الحوار التلفزيوني: فيه هو بيني وبين الريحاني، لكن كلانا يأخذ من نفس الوعاء، هو كان دائما ما يتناول مشاكل المجتمع المصري، وأنا كذلك، كلانا ننهل من نفس المنهل، لأن الريحاني كان مهموم فنيا بمشاكل مصر، وأنا أيضا، وهذه هي الوظيفة الحقيقية للفن.
يقول حسن عابدين: الواحد عاوز اللي يضحكه.. كفاية عندنا من المشاكل، ومن السهل إن الواحد يبكي الناس، لأن الناس عاوزة تبكي، أما الجملة الباسمة أسرع وصولا من الجملة الباكية.
لعب عابدين أدوار الأب الحنون، والموظف المطحون، وقدم الكوميديا في قالب سوداوي كافكاوي، وذاع صيته، بسبب مسرحيته "عش المجانين" التي لعب بطولتها أمام محمد نجم، في الثمانينات، ثم ذاع صيته أكثر، حينما أرادت شركة مياه غازية "شويبس" إطلاق حملة إعلانية يكون هو بطلها، فكانت حملة "سر شويبس" التي لعب فيها عابدين أدوارًا كوميدية في نطاق عبثي وخيالي، فكان يظهر تارة في دور أمير إنجليزي يرتدي الباروكة الإنجليزية الشهيرة، وهو يعرض زجاجة شويبس على أميرة شقراء فاتنة، وكان يظهر في إعلان آخر من الإعلانات وقد غطس في الماء ليجلب زجاجة شويبس، فيخرج وفي قبضته سمكة.
نجحت الحملة الإعلانية، وكسرت الدنيا في فترة الثمانينات، وآثار هذا النجاح حسد كثيرين من زملائه، فانطلقت المقالات النقدية الناقمة على عابدين، وطالته أعيرة النقاد وأحكامهم القاسية، فأصيب بالاكتئاب والحزن، وعزف عن تقديم المزيد من الحملات الإعلانية.
التزم حسن عابدين بمنهج البساطة والبشاشة والطيبة في تقديم أدواره، مما جعل لشخصيته الفنية طابعا مميزا، ما أن تراه على الشاشة حتى تدركك البسمة تلقائيا.
يقول نجله خالد حسن عابدين في حوار تلفزيوني حديث مع إحدى برامج التوك شو: كان أبي يهوى طول عمره التمثيل، وكان قوي جدا في اللغة العربية، أحب المحفوظات، ولعب أدوارا في مسرح المدرسة، وفي ذكرى ثورة 23 يوليو، لعب دورا في مسرحية ثمن الحرية بترشيح من المخرج نبيل الألفي، ويوم العرض العام، قبل العرض للجمهور، شاهد العرض ناس من المسرحية، فرفضوا تخصيص مساحة كبيرة لدور كليبر الذي لعبه حسن عابدين في المسرحية، ورفضوا عرض المسرحية.
يقول خالد عابدين: شكل أبي ومظهره الخارجي حصره في أدوار الأب، لأنه كان طيب، ويلوح عليه علامات الطيبة، لكن عشقه للمسرح جعله يتميز فيه، ومسرحيته "نرجس" التي شارك فيها عام 1970، شهرته، أكثر من عش المجانين، أما المسرحيات التي لعبها قبل "نرجس" فلم يتم تصويرها للأسف.