أصحابها قدموا مع عمرو بن العاص لمصر.. «الشواربي» مجمع سكني مصممة على طراز الآرتيدكو
الأحد، 21 أكتوبر 2018 10:00 صزينب وهبة
تعد عمارة الشواربي باشا، من أضخم وأفخم وأجمل عمارات القاهرة، وهى مجمع سكنى، صممه واحد من أعظم مهندسى القاهرة وهو شارل حبيب العيروط (1876 – 1956 ) وقد صممها على طراز الآرتيدكو، وتم إنشاوها فى عام 1925، وتقع عند تقاطع شارعى 26 يوليو ورمسيس بوسط البلد، وتتميز بقبتها التى تحتل ركن المبنى وبالوجوه الفرعونية التى تزينها، كما تتميز بزخارف على شكل تمثال أبوالهول وبتعدد مداخلها، وتحمل العمارة أرقام 33 شارع 26 يوليو و59 شارع رمسيس، وتبلغ مساحتها 1835 مترا وهى فى حقيقتها عبارة عن مجمع من ثلاث عمارات ذات فناء داخلى.
عائلة الشواربى، عائلة ثرية عريقة، يقال إنها جاءت إلى مصر مع عمرو بن العاص وهى تعج بالباشاوات الذين تولوا الكثير من المناصب المختلفة فى الدولة وبعد ثورة 1952 تم تأميم أملاك العائلة والعمارة حاليا ملك لشركة مصر لإدارة الأصول العقارية التابعة للشركة القابضة للتأمين.
وترتبط عائلة الشواربي دائما بشارع الشواربي بوسط القاهرة الذى كان الساحة الأولى للانفتاح الاقتصادى قبل بورسعيد وغيرها من الأسواق، حيث ظل الشارع الكائن فى وسط القاهرة مركزا تجاريا لبيع الملابس والإكسسوارات الرجالى والحريمى إلا أن هذا الربط بين عائلة الشواربى واسم الشارع ظلم العائلة كثيرا لأنها قامت بعشرات الأعمال الوطنية والسياسية والخيرية.
يعود تاريخ عائلة الشواربى إلى القرون الوسطى وبالتحديد إلى استضافتهم الظاهر بيبرس، أكرموه مع أنهم لم يعلموا بهديته، وعندما جاء الصباح ترك بيبرس تحت الوسادة صرة من النقود فأخذها واحد من العائلة وانطلق خلفه وأعطاه نقوده، ما جعل الظاهر بيبرس يتعجب واستضافهم فى القاهرة وأعطاهم ملكا من القليوبية والمنوفية والشرقية وقتها.
ونجد فى تاريخ عائلة الشواربى أول هؤلاء محمد باشا الشواربى وهو محمد بن سالم بن منصور بن محمد بن إبراهيم، وقد قدم جده الأكبر إلى مصر عن طريق الشام فى زمن الظاهر بيبرس، ولد محمد الشواربى عام 1841 وكانت له أراض خصبة وتم تعيينه عضوا فى مجلس النواب المصرى عام 1882 ثم أصبح عضوا فى مجلس الشورى ثم وكيلا للمجلس.
ومن أعمال محمد الشواربى الخيرية إنشاء مستشفى قليوب الشهير، كما أقام مسجدا فخما فى محطة قليوب، وأوقف وقفاً خيرياً للحرم النبوى، وأوقف أوقافاً خيرية لتكية أنشأها فى قليوب، وخصص مرتبات للأضرحة والعائلات الفقيرة.
ولا يزال يطلق اسمه على أحد شوارع القاهرة القديمة الرئيسية، وهو من قبيلة حرب ويقال إنهم أحامدة ويقال إن الأصل كلمة «الشاربى» الأحمدى ثم جرى تحريفها.
ويأتى سليمان الشواربى يؤكد حسن نسبهم وانتماءهم ووطنيتهم، حيث قام بتأسيس جيش من الفلاحين لمهاجمة الفرنسيين أثناء دخول الحملة الفرنسية مصر، فدارت معارك لم يحالف النصر فيها جيش الفلاحين، وبعد الكثير من المفاوضات التى انتهت بالغدر فى حكم نابليون، حيث تم إعدامه شنقا فى يوم إعدام سليمان الحلبى.
ويذكر أن العائلة تصالحت فيما بعد مع الفرنسيين وحصلوا على مقابل 500 قطعة ذهب، واستمرت العائلة على الساحة السياسية.
ونجد الشيخ محمد الشواربى يمثل القليوبية فى مجلس المشورة الذى أنشأه محمد على عام 1829، ثم شاركت فى العائلة الحياة السياسية بعضوية البرلمانات التى نشأت فى عهد الخديوى إسماعيل وتوفيق.
وكان محمد باشا الشواربى هو أول عضو للعائلة ينضم للحياة السياسية عام 1841 وتم تعيينه عضوا فى مجلس النواب المصرى فى عام 1882 ثم أصبح عضوا فى مجلس الشورى ثم وكيلا للمجلس، وفى مجلس شورى النواب عام 1866 فى عهد الخديوى إسماعيل محمد الشواربى يمثل القليوبية، أما المجلس الثانى لشورى النواب فى عهد إسماعيل أيضا نجد الحاج سالم الشواربى يمثل قليوب وهذا المجلس هو الذى عرض عليه الدستور الذى أعده شريف باشا أبو الدستور المصرى والذى صدر فى فبراير 1882 وهو نفس الدستور الذى سبق أن وضعه شريف باشا فى أيام الخديوى إسماعيل عام 1879.
ومن الأعمال الوطنية التى قامت بها عائلة الشواربى، أنها لعبت دورا خطيرا فى إنقاذ مدينة بورسعيد من الاحتلال البريطانى وتسجل لنا الوثائق أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كلف زوجة عبدالحميد الشواربى الذى كان قد تولى رئاسة نادى الزمالك عام 1956، بإيصال عشرات الآلاف من الجنيهات إلى كمال رفعت المحاصر مع أبناء بورسعيد أثناء العدوان الثلاثى على مصر، حيث استطاعت بلباقتها وحسن تصرفها أن تمر بالحقائب دون تفتيش من قبل الفرنسيين.
وممن حملوا لقب هذه العائلة حامد باشا الشواربى المولود فى 3 مارس 1889 فى قليوب، وقد عين سكرتيرا فى لجنة المراقبة القضائية عام 1911 ثم أصبح سكرتيرا لوكيل وزارة المعارف العمومية على باشا أبو الفتوح قبل أن يتم اختياره سكرتيرا لوزير الحقانية (العدل) شكرى باشا ثم أصبح وكيل نيابة محكمة الزقازيق ثم جرى تعيينه قاضيا بالمحاكم الأهلية، وانتخب لعضوية مجلس النواب المصرى عن دائرة مركز قليوب ونال رتبة الباشاوية فى سبتمبر أيلول عام 1925.
وأوضح المهندس محمد أبو سعدة رئيس الجهاز التنسيق الحضارى أن محمد الشواربى باشا ينحدر من طبقة أعيان الدلتا، ويعد أحد كبار ملاك مزارع القطن بالإضافة إلى كونه عضوا بالبرلمان ثم انتخابه أيضا عام 1883 ليشغل منصب نائب رئيس المجلس وقد سمى الشارع باسمه فى فترة ما قبل 1897.
وأشار أبو سعدة، إلى أن من قام بتشييد قصر الشواربى هو الأرستقراطى الفرنسى بارون دى جليون فى العام 1872 وكان عبارة عن فيلا على الطراز الإسلامى الجديد من تصميم أمبوراز بودرى، واحتوت الفيلا على سلاملك (المنزل الرئيسى) وعلى حرملك (هُدِم) وكانت بمثابة محل إقامة للفنانين والمستشرقين الأوائل.
وأضاف أن الشواربى باشا قام بشراء هذه الفيلا عام 1883 وأصبحت لاحقا مقرا للسفارة الإيطالية، والفيلا تعتبر واحدة من الأمثلة القليلة الباقية من خطة الخديوى إسماعيل لتطوير القاهرة الإسماعيلية، حيث كان باستطاعة الفرد أن يحصل على قطعة أرض بدون مقابل لو كان يملك 30,000 فرنك ويستطيع إنهاء البناء خلال 18 شهرا.
وأكد أبو سعدة، أن هناك محاولات لإعادة الإحياء، ففى أواخر سبعينيات القرن الماضى وأثناء التحول من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق المفتوح (الانفتاح) اعتبر شارع الشواربى هو المكان الوحيد فى مصر لشراء الملابس المستوردة، مشيرا إلى أن شارع الشواربى ظل رمزاً للجودة وأيقونة للملابس المستوردة حتى نهاية الثمانينيات، حيث بدأ يفقد بريقه وشعبيته، وفى منتصف تسعينيات القرن الماضى تم تحويل شارع الشواربى إلى ممر للمشاة، ما أدى إلى خفوت الحركة به وتدهوره كمركز تجارى، وشهد الشارع عملية إحياء وتجديد فى عام 2016 فتم زراعة أشجار وتركيب مصابيح ومقاعد مثبتة، ما أعطى له روحا جديدة.