ذكرى معركة "البشرات".. قصة ذبح ملك إسبانيا لـ25 ألف مسلم والقضاء على "ثورة المورسكيين"
السبت، 20 أكتوبر 2018 10:00 مكتب مايكل فارس
فى 20 أكتوبر 1569 استطاع فيليب الثاني ملك إسبانيا من إخماد أكبر ثورة مسلحة قام بها مسلمو الأندلس والمعروفين باسم المورسكيين، ضد حكمة وقوامها 25 ألف شخص، بعد تمكنه من اغتيال القائد الأندلسي محمد بن أمية قائد المورسكيين، وأخر سلالة الدولة الأموية في حرب شهيرة أطلق عليها "البشرات".
لقبت الثورة تاريخيا بثورة المورسكيين أو ثورة البشرات، كانت ضد ملك "قشتالة" فى الأندلس، لرفض إجبار المسلمين على التنصير بعد سقوط أخر معاقلهم فى غرناطة على أيدي القشتاليين عام 1492 م، فبعد السقوط بفترة قصيرة تمتعوا بقدر من الحرية الدينية، رغم تعرضهم لبعض التمييز القانوني، رغم أن معاهدة غرناطة التى بمقتضاها سلم المسلمين البلاد للقششتاليين، نصت على التسامح مع المسلمين ، إلا أن الملكة إيزابيلا الأولى خالفت المعاهدة وبعد 7 سنوات من توقيعها أصدرت سنة 1499 مرسومًا يقضي بإجبار جميع مسلمي إسبانيا على التنصر وإلا طردوا من إسبانيا.
نقض العهود
وزادت إيزابيلا على ذلك بأنها أمرت بإحراق الكثير من الكتب العربية في ساحة البيازين بغرناطة، الأمر الذي أدى لاندلاع أولى ثورات المورسكيين في غرناطة (1499 ـ 1501)، وذلك لانتهاك معاهدة غرناطة، وفي سنة 1502 ألغت إيزابيلا كل التعهدات الرسمية التي تقضي بالتسامح مع المسلمين في جميع أرجاء مملكة قشتالة، الأمر الذي أدى فيما بعد لانتهاء الإسلام كقوى سياسية واجتماعية فى البلاد ، ويتحول المسلمين للمسيحية بسبب قرارات الملكة، ولكن ظلت العلاقة متوترة بين المسيحيين وبين المورسيكيين حيث يرونهم مسيحيين فى الظاهر ولكنهم مسلمون سرا، ولازالوا يتحدثوا اللغة العربية ولهم ثقافتهم الخاصة.
الأتراك قادمون و المورسكيين محاصرين
برزت الخلافة العثمانية كقوي جبارة فى القرن السادس عشر، فى الشرق والغرب، خاصة طموح السلطان سليم الثاني بغزو الغرب، وهو ما حدث فعليا لاحقا، وقد نشبت عدة صدامات عسكرية بين الدولة العثمانية وإسبانيا، الأمر الذي زاد من مخاوف فيليب الثاني ملك إسبانيا من دعم المورسكيين للعثمانيين فيحتلوا إسبابنيا فأصدر عام 1567 مرسومًا ملكيا أنهى من خلاله كل أشكال التسامح مع الثقافة المورسكية، وأمر بتدمير كل الكتب والوثائق المدونة باللغة العربية، وبتعليم جميع الأطفال المورسكيين على أيدي قساوسة كاثوليك، كما حظر استخدام اللغتين العربية والأمازيغية (البربرية)، ومنع ارتداء الملابس المورسكية، وأجبر المورسكيين على التسمي بأسماء مسيحية.
سلالة حكام المسلمين يقودون ثورة مسلحة
أوامر الملك فيليب عجلت باندلاع ثورة مسلحة للمسلمين المورسكيين فى غرناطة، وفى منطقة وادي الإقليم فى إسبانيا اجتمع سرا في ليلة عيد الميلاد من سنة 1568 ، جماعة من منفيي ومورسكيي غرناطة والبشرات وغيرهما، وتبرأوا من المسيحية، بعد أن أجبروا على اعتناقها وبايعوا محمد ابن أمية، واسمه المسيحي فرناندو دي بالور، قائدًا لهم ووريثًا لعرش الدولة الأموية في الأندلس، وقاد الثورة المسلحة كل من فرج بن فرج، وهو م بني الأحمر آخر حكام غرناطة من المسلمين و ومحمد بن عبو، واسمه الإسباني دييغو لوبيث، وجمعا القوات لقتال الملك فيليب، وطلبا المدد من ملوك شمال إفريقيا، وساعدهم ماليا وعسكريا ملك المغرب، وبدأت الثورة المسلحة على شكل حرب عصابات وبعد عام من القتال اغتيل ابن أمية سنة 1569 وخلفه محمد ابن عبو.
فيليب الثاني يخمد ثورة 25 ألف ثائر ويشتت 80 ألف شخص
انفجر غضب الملك فيليب الثاني وأمر بتشكل قوة عسكرية كبيرة لقمع الثورة المسلحة التى بدأت بحوالي 5 ألاف شخص لتصبح قرابة 25 ألف شخص بعد عام من اندلاعها من بينهم جنود من الأتراك والبربر، فاستطاع الانتصار علي الثائرين وقتل قائدهم ابن عبو في أحد كهوف البشرات التى كان يختبئ بها في 13 مارس 1571، ثم خمدت الثورة سنة 1571، ليأمر الملك فيليب الثاني بتشتيت شمل 80 ألفًا من مورسكيي غرناطة في أنحاء متفرقة من مملكته لتفتيت وحدة المجتمع الموريسكي وتسهيل دمجهم في المجتمع المسيحي، وأمر بنقل جميع سكان البشرات تقريبًا إلى قشتالة وغرب الأندلس، وأخليت حوالي 270 قرية من سكانها المسلمين ووُطن في بعضها مسيحيون من الشمال الإسباني .