ترويها شقيقته.. قصة المطرب عبداللطيف التلباني المظلوم حيا وميتا (صور)
السبت، 20 أكتوبر 2018 09:00 ص
«افرحوا يا حبايب لفرحنا.. النمر أهى بانت ونجحنا».. ربما لا يعرف الكثيرون اسم صاحب هذه الأغنية التى تتردد هذه الأغنية كثيرا مع ظهور نتيجة الثانوية العامة.. إنه المطرب الراحل عبداللطيف التلبانى.
عودة عشرات السنوات وتحديدا إلى جيل الستينيات والسبعينيات فإننا سنجدهم يذكرونه ويذكرون أغانيه «من فوق برج الجزية الله على سحرها».. و«سك الشباك أنا مايحوشنيش عنك شباك»، «عيونها الحلوة دية»، «اللى روحى معاه» وغيرها من أغنيات شارك فى صناعتها عمالقة التلحين والتأليف ومنهم محمد فوزى وفريد الأطرش والموجى والسنباطى، وبعض أفلامه السينمائية التى أراد منتجوها الاستفادة من نجومية شعبية المطرب الصاعد فى ذلك الوقت ومنها «درب اللبانة، غازية من سنباط، حارة السقايين، نمر التلامذة، جزيرة العشاق، عش الغرام».
نافس المطرب الوسيم عبداللطيف التلبانى كبار نجوم الطرب، وكان مرشحا لبطولة فيلم الشموع السوداء والمخرج رفض بسبب ملامحه كما اكتشفه مكتشف العندليب وتحمس له الموجى وتعاون معه فوزى والأطرش وبليغ وحاربه الكثيرون مجاملة لحليم.
قصة وفاة المطرب عبداللطيف التلبانى بدأت عندما لاحظ حارس العقار أن المطرب المشهور لم يخرج من شقته منذ 3 أيام، وأن سيارته لم تتحرك من مكانها.
أسرع الحارس لطرق باب شقة المطرب لكن دون جدوى، شعر الحارس بأن أمرًا سيئًا أصاب المطرب وأسرته، فحاول أن يصل إلى أحد المقربين منه، جمع الجيران وبحثوا عن رقم هاتف صديقه المطرب ماهر العطار، اتصلوا به فجاء مسرعا.
كسرا ماهر العطار بمعاونة الحارس باب الشقة، فكانت الفاجعة، وجدوا جثة ابنة المطرب الشهير ذات التسعة أعوام مسجاة فى المطبخ، بينما جثة الزوجة فى صالة الشقة وجثة المطرب أمام سريره مختنقين بالغاز.
تقول شقيقته أحلام التلبانى: «وضع التلبانى قدمه على أول درجات سلم الشهرة عندما لحن له الموجى أغنية «اللى روحى معاه» كلمات الشاعر عبدالسلام أمين، وأعلن جلال معوض عن مولد موهبة كبيرة خلال حفل أضواء المدينة، فكانت البداية القوية للمطرب الجديد الذى لفت الأنظار، وذاع صيته ولحن له الموجى عددا من أشهر أغانيه «برج الجزيرة، سك الشباك، على بياعين العنب»، وهو ما شجع ملحنين آخرين للتعاون معه، ومنهم، محمد حمزة، ومحمد على أحمد، وعبدالسلام أمين، وحلمى أمين الذى لحن له «افرحوا يا حبايب لفرحنا»، كما لحن له بليغ حمدى، وعبد العظيم محمد، رياض السنباطى، فريد الأطرش، ومحمد فوزى، وانطلقت شهرة التلبانى ونافس كبار النجوم.
الطفة شيماء عبد اللطيف التلبانى
تشعر شقيقته إنه يتعرض لظلم فادح فلم يعد اسمه يتردد على الأسماع، ما يؤكد أن هناك تعمدا لطمس فنه وسيرته وتقول هذه محاولات جرت حتى من قبل وفاته منذ منتصف السبعينيات بعد أن حقق شهرة وتألق واضحا فى الستينيات وبداية السبعينيات، وصلت إلى أن توضع صوره على الأطباق الصينى، ووضع تمثال له بالحجم الطبيعى فى مدخل كلية الآداب بجامعة الإسكندرية التى درس بها.
أحلام التلبانى
ولدعبداللطيف التلبانى فى قرية العزيزية بمحافظة الشرقية فى 6 فبراير 1936، لأب من خريجى كلية دار العلوم، كان يطلق عليه لقب شيخ ويعمل بالتربية والتعليم، وكان ميلاد عبداللطيف بين 10 إخوة ترتيبه الثالث بينهم، 5 أولاد وخمسة بنات، أصغرهم أحلام التى ولدت بعد انتقاله للقاهرة وبداية مشواره الفنى، وتزوجت فى حياته بعد وفاة والدها وبقيت فى مسقط رأس الأسرة بالشرقية، ولكن كانت تحظى بحب واهتمام وحنان شقيقها المطرب الراحل.
كان عبداللطيف طفلا هادئا تميز بوسامته الشديدة منذ الصغر، تشير شقيقته إلى أنه كان متدينا منذ طفولته: «كان فى سن 13 بيلف القرية يصحى أهلها لصلاة الفجر، وكان محبا وحنونا ومرتبطا بشقيقاته البنات ووالدته».
ظهرت مواهبه الغنائية مبكرا وبعد حصوله على التوجيهية التحق بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وكان يشرف على النشاط الموسيقى بها، واشتهر فى الجامعة حيث كان يغنى فى حفلاتها، وتخرج عام 1957.
تعلم التلبانى الموسيقى والعزف على العود وعدد من الآلات الموسيقية، ودرس فى معهد الموسيقى قسم أصوات، ونشأت علاقة صداقة قوية بينه وبين الملحن محمد سلطان، وخلال هذه الفترة بدأ بث إذاعة الإسكندرية، فتقدم إليها واجتاز اختباراتها وبدأ يغنى فيها، وكان يديرها فى هذا الوقت الممثل والشاعر أحمد خميس، وكان المطرب الشاب يعمل بوزارة الأوقاف إلى جانب دراسته للإنفاق على نفسه.
كانت نقطة التحول والانطلاق فى حياة عبداللطيف التلبانى، كما تشير شقيقته، عندما سمعه الإذاعى حافظ إبراهيم مكتشف العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، والذى كان يشرف على إذاعة الاسكندرية وقتها، فأعجب بصوته وساعده للانتقال إلى الإذاعة بالقاهرة.
تبكى شقيقته وهى تحكى عن رصيد شقيقها الفنى الضخم، وتقول بحسرة «ماحدش بيفتكره ولا بيكرموه، رغم تاريخه الفنى ورصيده والنجومية اللى حققها، ورغم إنه يتم تكريم من هم أقل منه موهبة ولا يتجاوز رصيدهم سنوات قليلة».
وتابعت: «عانى أخى من الظلم والتجاهل والتعنت فى إذاعة أغانيه منذ منتصف السبعينبات، وحاربه الكثيرون وادعوا أنه قال بأنه سيكون خليفة عبدالحليم، وكان يشعر بالظلم، ولكن حياءه وعزة نفسه منعته من أن يلجأ للمسؤولين لسؤالهم عن سبب ما يحدث معه، أو أن يطلب منهم إذاعة أغانيه».
تحكى عن علاقته بأسرته مؤكدة أنه كان يتعامل بحنان شديد مع أسرته، خاصة شقيقاته ووالدته وكان يلح على أبيه وأمه للعيش معه فى بيته بالقاهرة، وأعد لهما شقة فى عمارته ولكنهما لم يرغبا فى ترك قرية العزيزية: «عبداللطيف لف القاهرة علشان يدور على نوع فاكهة فى غير أوانها طلبته أمى قبل وفاتها، وأول مرة أشوف دموعه وانهياره لما ماتت أمى، حيث كان مبتسما دائما، وكان أبى فخورا به وسعيدا بنجاحه، وزاد حنان أخى علينا بعد وفاة أبى وكان يعاملنا كأب».
وأضافت: «كنا مرتبطين به جدا وكان بيته يسع الجميع، وكان يعاملنى كابنته، ويلح على فى البقاء أيام معه فى منزله عندما أحضر لزيارته، وكنا نسافر إليه أو يأتى إلى العزيزية باستمرار».
وتكشف شقيقته أصعب المواقف التى مرت على المطرب عبداللطيف التلبانى عندما توفى شقيقاه الأكبر منه فى سن الشباب بسبب الإصابة بالكبد، وهما شقيقه الأكبر الدكتور سيد الأستاذ بجامعة نابولى فى سن 42 عاما تاركا 3 أطفال، وبعده شقيقه الكيميائى الدكتور سعيد فى سن 47 عاما منه تاركا طفلين، والأخير تم اعتماده فى لجنة الاستماع بالإذاعة، وتولى المطرب الراحل رعاية أبنائهما بعد وفاتهما، حيث كانا يعيشان إلى جواره فى منطقة المهندسين، وتقول: «كان متدينا وحرص على بناء مسجد فى عمارته وكان يؤم الناس للصلاة».
يذكر أن عبداللطيف التلبانى كان قد تزوج من شقيقة المطربة أمانى جادو وأنجب منها ابنته الوحيدة شيماء التى توت مع والديها فى عمر 9 سنوات.