الطلاق أزمة مستمرة.. "الست أمينة" و"بابا نويل" وسقف التوقعات أبرز مشاكلها
السبت، 20 أكتوبر 2018 12:00 ص
يظل الارتفاع في انتشار ظاهرة الطلاق أزمة تواجه مئات الألوف من الأسر في المجتمع المصري ، ووفقًا لإحصائيات الأمم المتحدة فإن نسب الطلاق ارتفعت في مصر من 7% إلى 40% في نصف القرن الماضي، وبالتالى يصل إجمالى المطلقات إلى 4 ملايين مطلقة، بواقع حالة طلاق واحدة كل 4 دقائق، أي ما يقارب 250 حالة في اليوم.
الجهاز المركزى لتعبئة والإحصاء أصدر في 26 أبريل 2018، بيانات رسمية توضح أن معدلات الطلاق ارتفعت في شهر ديسمبر الماضي بنسبة 29.5%، في الوقت الذي تراجعت فيه معدلات الزواج بنسبة 44.8%، وبلغ عدد إشهادات الطلاق، آنذاك ، 18 ألف إشهادًا، مقابل 13.9 ألف إشهادة خلال ديسمبر2016 .
مفتى الجمهورية يؤكد عقد قران شرعي
يقول الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية :« إنه يجب بحث جميع الأسباب الثقافية والدينية والاقتصادية التى تؤدى إلى ارتفاع معدلات الطلاق، ولا يمكن حلها إلا بتضافر جهود جميع مؤسسات الدولة، مؤكدًا على تحفظ مصر على بنود المؤتمرات السكانبية العالمية لبدائل الأسر ، فقد أعلنا الأزهر والكنيسة الرفض التام لهذا الأمر ، مشددين على ضرورة عقد قران شرعى بين الرجل والمرأة» .
إلا أن مستشار مفتى الجمهورية الدكتور مجدي عاشور يشير إلى افتقاد المجتمع المصرى إلى القيم الأساسية للزواج الممثلة في المودة والرحمة، موكدًا على ضرورة تلبية احتياجات الأسرة من مقاومات المتابعة الثقافية والدينية والأخلاقية ، وعدم التعامل الزواج على أنه لعبة، بينما الزواج هو ميثاقًا غليظًا كما وصفه الله .
الست أمينة وراء ارتفاع نسبة الطلاق
تقول آمنه نصير أستاذ العقيد والفلسفة جامعة الأزهر وعضو مجلس النواب لـ«صوت الأمة» : " إن سبب ارتفاع معدلات الطلاق فى الأونة الأخيرة تكمن فى البعد الثقافي والنفسي وعدم إدراك مستجدات العصر ، فالبنت المعاصرة لم تعد «الست أمينة» ، بل أصبحت شابة متمردة رافضة الخضوع الذي يريده الرجل وباتت تنظر إلى الزوج بأن ظل الحائط أهم من ظله فقد صارت مثقفة ومؤهلة إلى العمل وتستطيع أن تصرف على نفسها، في حين الرجل أصبح غير متوافق مع نفسه أيضًا في قراءة مستجدات العصر .
وأوضحت آمنة نصير أن البعد النفسى المسبب إلى الطلاق يكمن في أن بنت اليوم لم تعد بمقدرتها الخضوع إلى الزوج حتى يرضى فقد أصبحت رافضة لطاعته، كما أنها لم تعد تنظر إلى البيت نظرة التقدير والتقديس التى كانت ينظر بها أمهاتنا وأجدادنا، بل أصبحت تتعامل مع البيت المعاصر على أنها تريد أن يتوفر فيه كل الطلبات التى ترغب فيها وتشتيها فقط، والرجل ليس لديه الاستعداد لهذا العطاء الجميل، وبالتالى لا يستطيع الأثنين أن يبنوا البيت على أعمدة المودة والرحمة .
وأكدت أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر على ضرورة إعادة ثقافة البيت المصري إلي البنت والولد، فمن الضرورى أن يعرف الأخير مستجدات هذا العصر ويلبيها لزوجته، ويدرك أن البنت لم تعد تنظر إليه على كونه كل دنياها، لافتة إلى أن الفتاة لم تعد محتاجة لهذا الرجل الذي لن يستطيع جعلها طوع يمينه، والولد لم يعد سخى ليعطيها ما لا تستطيع تحقيقه .
وأشارت نصير إلى أن الزواج ليس صفقة تجارية أو صفقة مكاسب، بل أنه صفقة استقرار المجتمع كله لأن الأسرة هى التى تمد المجتمع بالبنين والبنات، فإذا لم يوجد الأسر المستقرة الهادئة السليمة التى نمد بها الوطن فأين يذهب المجتمع !.
وتابعت : أن ما تنتهي إليه المؤتمرات الدولية من توصيات لإيجاد بدائل الأسر يعتبر من الدخائل على بيوتنا ومنافى لعادات مجتمعنا، وأى عاقل يرفض هذه البدائل التى لا تصلح لموروثنا وثقافتنا .
بابا نويل سبب في ارتفاع نسبة الطلاق
في سياق متصل تقول الدكتورة هبه عيسوي أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس وزميل الجمعية الأمريكية لصحة المراهقين، إن الطلاق قد يحدث في أول خمس سنوات بسبب عدم توافق الشخصيات، فالكثير من المتزوجين يتخلون أن لديهم القدرة على تغير بعضهما، فمثلًا إذا كان صوته عال تتخيل الزوجة قدرتها على تغير الزوج، ففى فترة الخطبة يتجاوز كلا الطرفين عن عيوب بعضهما البعض ، وبعد الزواج يبدأ الطرفين محاسبة بعضهم بعد الزواج .
وأكدت الدكتورة هبه عيسوي لـ«صوت الأمة» أن الإحساس بعدم الأمن عنصر أساسي في حدوث الطلاق، حيث أن يبدأ أحد الطرفين اللجوء إلى الأهل على أقل المشكلات بينهم، فمثلا تلجئ البنت إلى والدتها على خلاف لا يذكر، ومن ثم قد يصل الطرفين إلى نوع من أنواع النفور بينهما، الأمر الذي ربما يصل إلى إستحالة استمرار الزواج .
وأشارت أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس إلى أن في بعض الأحيان يتوقع الزوجين توقعات أكثر من الطبيعى، بمعنى أن البنت تتوفع أنها ستتزوج «بابا نويل» يحقق لها ما تتطلب ويسمح لها بالحرية في الدخول والخروج من البيت في الأوقات التى تفضلها، وفي نفس الوقت يتوقع الزوج أن تكون الزوجة مثل ولدته، تتطبخ وتغسل كما تعود في بيت والدته
وتابعت هبه :« أن السبب الأخير في ارتفع نسبة الطلاق تمثل في الرجل المتدلل والزوجة المتدللة أيضًا بمعنى أن كلاهما يتوقعان اقتصار الزواج على الخروج والتنزه وإقامة العلاقات الجنسية فقط، ويغفلون أن الزواج مسئولية ».