عاشق القاهرة ومؤرخها الثاني.. جمال الغيطاني صاحب وسامي الفارس والقائد
الخميس، 18 أكتوبر 2018 08:00 مكتب وجدي الكومي
نجح الروائي الكبير الراحل جمال الغيطاني أن ينقل حبه للقاهرة العتيقة، في صفحات كتبه وأعماله الروائية الكبيرة، ذاكرها وأحبها، ودرسها، وقرأ تاريخها وجغرافيتها، ونقل هذا الحب إلى كتبه، ولعل عمله المهم البارز "الزيني بركات" أبلغ دلالة على حب صاحبها للقاهرة العتيقة، خاصة في فترة اضمحلالها وضعفها.
رحل الغيطاني في الثامن عشر من أكتوبر 2015، وبعد ثلاث سنوات من هذا الرحيل، لم يزل جمال الغيطاني حاضرا، ليس فقط بقامة أعماله الشامخة، ولا قيمته ومكانته الروائية، بل بحبه الكبير لتاريخ مصر الذي عاش في سطور كتبه.
نال الغيطاني من فرنسا عام 1987 وسام فارس للعلوم والفنون، وفي العام 2014 نال الغيطاني وسام قائد من السفارة الفرنسية، في حفل أقيم في منزل السفير الفرنسي بالقاهرة نيكولا جاليه، الذي أشاد في كلمته بإبداع الغيطاني، وهذا الوسام هو أرفع وسام فرنسي في مجال الأدب والفن.
بدأ الروائي الكبير الراحل جمال الغيطاني مسيرته الأدبية عام 1963، حيث عمل كرسام في المؤسسة المصرية العامة للتعاون الإنتاجي، وفي عام 1969، عمل الغيطاني في الصحافة، وصار مراسلا حربيا في جبهات القتال، لصالح مؤسسة أخبار اليوم، ثم انتقل عام 1974 للعمل في قسم التحقيقات الصحفية، وفي العام 1985 صار رئيسا للقسم الأدبي بأخبار اليوم، وبعدها بثمانية أعوام أسس الغيطاني صحيفة أخبار الأدب، وشغل منصب رئيس تحريرها.
أثرى جمال الغيطاني الحياة الأدبية المصرية، ليس فقط بممارسته الكتابة الأدبية وإنتاجه ما يربو من الخمس وثلاثين كتابا، ورواية، إنما أيضا بتوثيقه جوانب العصر المملوكي في عدد من الحلقات التلفزيونية، وقرأ الغيطاني مصادر هذا العصر، ومنها كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور لأبن إياس.
فُتن الغيطاني بمصر القديمة بجانب العصر المملوكي، وحمل أحد أعماله عنوان "متون الأهرام" وفي هذا الكتاب يحكي الغيطاني مجموعة من القصص يسرد فيها حكايات عن الأهرام والأساطير المتعلقة بها، وفُتن الغيطاني بكتب المصريين القدماء، ومنها كتاب الخروج إلى النهار، وغيرها.
ويحكي الغيطاني في حلقة حل بها ضيفا على الإعلامية منى الشاذلي عام 2014 عن الأهرامات وأن المقريزي وصفها في كتابه الخطط، بأنها كانت مغطاة بالكتابة باللون الذهبي، وحينما كانت الشمس تشرق على الهرم، كانت تتلألأ هذه الكتابة.
حذر الغيطاني آنذاك من تجريف مصر من ذاكراتها الإسلامية والعربية، وقال إن هناك كارثة تعرضت لها آثار مصر الإسلامية، التي اختفى منها 40 أثرا.
في العام 1969، صدرت المجموعة اﻷولى للروائي الكبير الراحل جمال الغيطاني، أوراق شاب عاش منذ ألف عام، ولم تكن هذه المجموعة ميلادا عاديا لكاتب، إذ وضح في هذه المجموعة رغبة جمال الغيطاني في التجريب، والتركيز على التعامل مع الموروث الأدبي، ولم يكف منذ صدور هذه المجموعة عن التجريب، وﻻ يمكن اختصار أو حصر جمال الغيطاني فقط في أيقونته "الزيني بركات" إذ كتب الغيطاني العديد من اﻷعمال الكبرى، التي تظل شاهدة على عبقريته في التعامل مع قضايا المجتمع، ومنها روايته المهمة "حكايات المؤسسة" ومجموعته المهمة "رسالة البصائر في المصائر" التي رصد فيها تحوﻻت المجتمع في فترة السبعينات، من خلال حكايات منفصلة، لشخصيات مختلفة من الطبقة الوسطى، وأثر سياسة اﻻنفتاح على ظروف معيشة اﻷسر المصرية البسيطة، وتظل قصته "حكايات الغريب" من أروع القصص التي كُتبت عن حرب أكتوبر، والمتضمنة في مجموعة قصصية كاملة تدور معظم قصصها عن أبطال حرب أكتوبر.