التعامل بموضوعية!
الخميس، 18 أكتوبر 2018 02:57 م
عشت فترة غير قصيرة في المجتمع البريطاني ، وتعلمت ان احكم علي الآخرين بمقياس العقل والمنطق، وليس بمقياس الاهواء او الانتماء الديني او السياسي او القومي. كثيرا ماكان الانجليز يفضلونني علي الطبيب البريطاني لاني اكثر خبرة، وكثيرا ماكان رئيسي في العمل هنديا او باكستانيا او افريقيا اسودا، ولم يكن ذلك ينتقص من حقه اي شئ.
وكمثال للتسامح الديني ، كان يوجد في كل مستشفي غرفة واحدة للصلاة، كنا نصلي فيها يوم الجمعة، ويصلي فيها اليهود يوم السبت، ويصلي فيها المسيحيون يوم الاحد، ولم يكن هناك اي غضاضة في ذلك، ولم يحدث يوما ان رأيت التنكيل بأي فرد في المجتمع المحيط بي علي اساس عرقي او ديني او سياسي. وكان المقياس الوحيد للنجاح والترقي هو اجادة العمل واتباع القواعد والالتزام بالقوانين.
اما آفة المجتمعات القبلية والجاهلية والمتعصبة والمنغلقة فكريا، فهي التحزب والجمود الفكري وتكفير الاخر او معاملته علي انه بشر من الدرجة الثانية او الثالثة.
ولقد مرت البشرية بصفة عامة وبعض المجتمعات بصفة خاصة بحروب طاحنة بسبب شعور البعض انه افضل واعظم وانبل من الاخر، من حروب القبائل البدوية، الي الفصل العنصري في جنوب افريقيا الي التعصب العنصري ضد غير اليهود في اسرائيل. ومن التعصب الاعمي وتحقير الاخر، المختلف في الدين او اللون او العرق او الجنس، الي الاختلاف المذهبي بين ابناء الدين الواحد مثل الحروب بين الكاثوليك والبروتستانت في المسيحية وبين السنة والشيعة في الاسلام، واخيرا التناحر بين ابناء الدين الواحد واحيانا المسكن الواحد بل والاسرة الواحدة بسبب الاختلاف في الانتماء السياسي او الثقافي او حتي الرياضي وهذا هو الاخطر علي التوافق المجتمعي والتعايش السلمي.
ومنذ احداث ثورة يناير ٢٠١١ ، وهناك تغير ملحوظ في بعض سلوكيات المواطن المصري، وقد بدأ هذا منذ تولي الاخوان حكم مصر عندما قال د محمد مرسي اهلي وعشيرتي، واحتمي وراء جماعته، وفضل الجماعة علي باقي افراد الشعب، ثم انقلب السحر علي الساحر، وزال حكم الاخوان، وبقيت ومنذ سنوات كلمة اخواني هي الوشاية الاعظم ضد اي مواطن مصري ، واصبحت اسمع ان فلانا اخوانيا بغرض التخلص منه عدة مرات يوميا.
وأصبحت تهمة الأخونة جاهزة وهناك حالات كثيرة تم توجيه اتهامات لها بالاخونة والمشاركة في أحداث رابعة العدوية، ثم تكتشف انه كان خارج مصر اثناء الاعتصام ، وفي مرات غير قليلة كان المشكو في حقه مسيحيا.
والحمدلله ان لدينا أجهزة أمنية واعية تعلم جيدا الحقيقة ولا تاخذ الناس بالشبهات أو بالشكاوى الكيدية.
ختاما ولمصلحة هذا البلد الذي نعشقه ونتمنى تقدمه وازدهاره يجب أن نحكم على الاخريين بالموضوعية والعقلانية، ونتسامح ونتقبل الاخر لان الله خلقنا شعوبا وقبائل لنتعارف وليس لنختلف ونتناحر وتحيا مصر بأبنائها الوطنيين المخلصين .