السفير سعيد أبو على: ندرس مشاركة القطاع الخاص العربى فى دعم "الأونروا".. وزيارة القدس ليست تطبيعاً
الخميس، 18 أكتوبر 2018 09:00 ميوسف أيوب
كشف السفير سعيد أبو على، الأمين العام المساعد رئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة بجامعة الدول العربية، أن الجامعة والسلطة الفلسطينية يبحثان حالياً مجموعة من البدائل يمكن من خلالها الحفاظ على عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى "الأونروا"، بعد قطع الولايات المتحدة الأمريكية حصتها فى دعم المنظمة، وقال أن من ضمن هذه الخيارات اللجوء إلى منظمات المجتمع المدنى العربية، وكذلك رجال أعمال عرب لمواجهة أى عجز مالى للوكالة.
وقال سعيد أبو على فى حوار مع "صوت الأمة"، أن "اللجوء لرجال أعمال عرب من ضمن الخيارات أو قنوات التمويل الممكنة، لكن أود أن ألفت الانتباه إلى أن المسؤولية العربية فى التمويل تتأتى من خلال مشاركة العرب من خلال الدول العربية فى المسؤولية الدولية، بمعنى أننا نقدم كدول عربية للأونروا ما نبادر إليه من دعم فى سياق الدعم الدولى وباعتبار أن الوكالة مسؤولية دولية وليست عربية.
قدمنا الإسعافات الضرورية لبقاء الاونروا ونبحث عن حلول مستدامة
وحول أن كان السلطة الفلسطينية قد تلقت تخوفات من الدول المستضيفة للاجئين خاصة بعد رفع الولايات المتحدة يدها عن دعم وكالة الاونروا، قال السفير سعيد أبو على " ليس بالضرورة أن تعبر الدول عن رأيها بصورة خاصة من تداعيات وتبعات وقف تمويل الأونروا، وهذه المسألة ليست بحاجة إلى إثبات، فالعالم كله يدركها، ونحن إلى الآن نتحدث عن جهود عربية فلسطينية بما فيها الدول المستضيفة للاجئين، للعمل دون وقوع الأونروا بالأزمة المالية الحقيقة التى تعصف بكيانها أو تحول دون قدرتها على تقديم الخدمات المطلوبة، فكادت الأونروا أن تصل لهذا الحد، فمثلا العام الدراسى الحالى كان معلنا أنه لن يبدأ فى المخيمات الفلسطينية التابعة للأونروا سواء فى قطاع غزة أو الضفة الغربية أو الدول المضيفة خاصة فى الأردن ولبنان باعتبار الحالة الخاصة فى سوريا، لكن بتجنيد الجهود العربية المتضافرة فلسطينيا مع الدول العربية المستضيفة مع الأونروا والتحرك السريع، أمكن تقديم الإسعافات الضرورية لتمكين الأونروا من مواصلة دورها، وكان للتبرع العربى المانح للأونروا مثل تبرع المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات وغيرهم تأثير ودور فى استمرار الأونروا، فضلاً عن عقد المؤتمر الدولى الأول فى روما، ثم أخيرا على هامش اجتماعات الأمم المتحدة فى نيويورك وما تقدم فى هذين المؤتمرين من دعم مالى سخى قلص من العجز لدى الاونروا من ٤٦٠ مليون دولار فى موازنتها إلى ٦٠ مليون دولار".
وأكد أبو على أن جامعة الدول العربية والسلطة الفلسطينية يعملان حالياً على بحث آليات طويلة المدة للحفاظ على الأونروا، من خلال البحث عن تمويل مستدام حتى تتمكن المنظمة من معالجة قضية اللاجئين الفلسطينيين لتحقيق حل عادل وشامل يمكن الشعب الفلسطينى من إقامة دولته بإنهاء الاحتلال وممارسة حقه الطبيعى فى السيادة والاستقلال بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف".
بدون القدس لا يمكن الحديث عن فلسطين كمكان وتاريخ وجغرافيا وهوية وحضارة
وقال السفير سعيد أبو على أن القضية الفلسطينية تمر فى الوقت الراهن بفترة هى الأكثر صعوبة والتي تتشابه مع فتره النكبة سنه ١٩٤٨، في استحضار نفس المشهد ونفس التهديدات من خلال استهداف قضايا تشكل قلب القضية الفلسطينية وجوهرها وما نتج عن النكبة من ضياع للأرض وتشريد للشعب، فضلاً عن موضوع القدس التى تمثل المعني الحقيقي لفلسطين وجوهر القضية، فبدون القدس لا يمكن الحديث عن فلسطين كمكان وتاريخ وجغرافيا وهوية وحضارة.
وأضاف أبو على " نتحدث أيضا عن الإنسان والذي يمثل عنوان القضية الفلسطينية ( مخيم وجموع اللاجئون الفلسطينيون ) فهناك استهداف للاجئين بهذه الصورة المعلنة والرسمية من خلال استهداف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بالضغط المالي والجانب الإنساني وما يحمله من جانب سياسي، ونحن نعلم أن الأونروا هى تفويض رسمي منذ إنشائها للقيام بمسئوليه سياسيه في المقام الأول وهي إعادة للاجئين الفلسطينيين إلي ديارهم وبلداتهم وقراهم وأراضيهم، فهذه الوكالة تتحمل الأعباء الإنسانية للاجئين الفلسطينيون إلى حين العودة، لكن بعد وقف الولايات المتحدة تمويلها للوكالة فهذا يعد استهداف للاونروا ويقوض قدرتها على الوفاء فى الالتزام بالمهام الملقاة على عاتقها تجاه مجتمع ألاجئين وهذا يعنى تقويضا للاجئين أنفسهم".
السفير سعيد أبو على مع الزميل يوسف أيوب
ورداً على سؤال حول إمكانية طرح أطراف دولية أخرى بخلاف الولايات المتحدة الأمريكية كوسيط فى عملية السلام، قال السفير سعيد أبو على أن "الموقف الفلسطينى والعربى فور اتخاذ الإدارة الأمريكية لهذا الموقف المعادى والمنحاز، أن الإدارة الأمريكية لم تعد وسيطا نزيها فى عملية السلام، وذلك لانضمامها لحلف مع إسرائيل ضد حقوق الشعب الفلسطينى بصورة معلنة، بل واستهتار بحقوقه ووجود الشعب الفلسطينى حتى لمجرد الوجود، إلا أن الدول العربية وبناءا على الموقف الفلسطينى، تبنت مبادرة الرئيس أبو مازن بضرورة وجود مرجعية متعددة لعملية السلام من خلال الأسرة الدولية، وكان فى الواقع هذا خيار وقرار فلسطينى، وطرحت فلسطين من خلال الرئيس أبو مازن موضوع المؤتمر الدولى الذى انعقد فى باريس بعد جهود مضنية، وشكل المؤتمر عنوانا للتوافق الدولى ومعبر عن الإرادة الدولية فى العمل على تحقيق السلام واشتراك المجتمع الدولى فى رعاية هذه العملية ودفعها للإمام بما يمكن من تدارك إنقاذ حل الدولتين، باعتبار أن هذا الحل هو المعبر عن إرادة المجتمع الدولى والمجسد لقرارات الشرعية الدولية الذى يمكن أن تفضى لسلام حقيقى بتحقيق الهدف من عملية السلام وهو إنهاء الاحتلال".
نرى تداعيات وإسقاطات تحدث فى هذه المنطقة تستهدف القضية الفلسطينية
وحول أن كانت الجامعة العربية قد أطلعت على تفاصيل صفقة القرن الشائع الحديث عنها فى وسائل الإعلام، قال السفير سعيد أبو على، أنه " لا توجد نصوص مكتوبة ولا يوجد شئ متكامل عن هذه الصفقة، وكل من يقال هو تسريبات لوسائل الإعلام، لكننا نرى نتائج، فنحن لا نتطلع على ما هو مخطط مسبقا لكن تداعيات وإسقاطات تحدث فى هذه المنطقة نجدها تستهدف القضية الفلسطينية".
وأشار السفير سعيد أبو على إلى أن "الشارع العربى يطمح فى مواقف أكثر حسما وهذا ليس من اليوم ولكن منذ عقود"، موضحاً أن "هناك ظروف وتحديات يواجهها الوطن العربى فى منتهى الخطورة تعصف بكيانات دول، فهناك دول تم تغييب دورها فى تهديدات وجودية فى منطقتنا العربية، ونحن فى كل هذا نبحث عن مصادر القوة فى وطننا العربى".
ورداً على سؤال أن كان تطور المواقف العربية تجاه فلسطين مرهون بتطوير ميثاق الجامعة العربية، قال السفير سعيد أبو على " لا.. بالعكس فإن تطور الموقف يؤدى لتطور الميثاق وليس العكس، لكن آليات العمل العربى المشترك بالتأكيد فى حاجة لإعادة تقييم ومراجعة، فنحن نتحدث عن منظمة وميثاق وضع قبل ٧٠ عام وآن الأوان لتطويره"، مؤكداً توافر الإرادة العربية نحو هذا الموضوع، "لكن الظروف الاستثنائية التى يجتازها عالمنا العربى بكل مخاطرها وتداعياتها وحجم الاستهداف واستنزاف القوى والانشغال بواقع مرير، كل هذا يخيم بظلاله على تطوير مؤسسات العمل العربى المشترك بما فيها ميثاق الجامعة العربية، لكن هناك سعى حثيث وإرادة حقيقة وجهود أيضا تبذل ونتمنى أن تتوج بنتائج خيرة".
الانقسام الفلسطينى نقطة ضعف تستخدمها إسرائيل ذريعة لتوسيع انتهاكاتها
وتطرق السفير سعيد أبو على لخطورة استمرار الانقسام الفلسطينى الداخلى على مستقبل القضية، وقال " لا يختلف اثنان على أن قضية الانقسام الفلسطينى هى نقطة ضعف بغض النظر حتى عن عملية السلام ، كثيرا ما تستخدمها إسرائيل كذريعة لتوسيع انتهاكاتها بحق الفلسطينيين، فخطورة الانقسام تهدد الشعب الفلسطينى ووحدته ووحدة نظامه السياسى ووحدة قضيته والتصدى لكل ما من شأنه أن يتدخل ويفتت إرادة وقوة هذا المجتمع، فكل الوطنيون الفلسطينيين والعرب يحرصون على إنهاء هذا الفصل من التاريخ الفلسطينى (الانقسام الأسود) وإعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية باعتبار أنها الضمانة الأساسية والأكيدة لصمود وانتصار الشعب الفلسطينى، وهذا ما تحرص مصر على القيام به بجهودها الدءوبة والمستمرة دون كلل او ملل رغم كل الصعوبات الموجودة".
ورداً على سؤال حول أن كانت مشكلة الانقسام هى مشكلة ما بين الفصائل أم لتدخل أطراف خارجية فى الشأن الفلسطينى، قال السفير سعيد أبو على أن " القضية ليست فقط على مستوى البيت الداخلى الفلسطينى، فهناك أيضا من يحاولون العبث فى هذا الأمر وفى مقدمتهم الاحتلال الإسرائيلى، فالانقسام مصلحة إسرائيلية ومن مصلحة الاحتلال أن يديم ويعزز هذه الحالة وإعاقة أى محاولة لإنهائها أو الانتقال لمستوى جديد يعيد للقضية الفلسطينية قوتها وللنظام الفلسطينى وحدته".
السلطة الفلسطينية أعدت ورقة لتحديد الآليات الممكنة للتواصل مع الداخل
وحول تقيمه للدعوات التى تطالب العرب بعدم الذهاب للقدس باعتبار إن هذه الخطوة بمثابة تطبيع مع المحتل الاسرائيلى، قال السفير سعيد أبو على "هذا الخطوة لا تعنى إجراء تطبيع مع المحتل، وإنما هى إصرار على دعم ومساندة الشعب الفلسطينى والتمسك بالحق العربى فى القدس، فهل مثلا ينبغى على الفلسطينيون المقيمون بالقدس أن يتركوها!، أو التسليم بالموقف الإسرائيلى بعزل القدس وتهويدها بالامتناع العربى عن الذهاب للقدس او بأعمارها وتنميتها والتواجد فيها حتى تحت الاحتلال".
وأكد أبو على وجود اتصالات رسمية بين فلسطين وكل المؤسسات العربية والإسلامية بشأن هذا الأمر، وقال "هناك كثير من المرجعيات الدينية التى تدعم الذهاب للقدس ولا ترى فى ذلك تطبيعا، لكن بعض الجهات تحذر وتراه تطبيعا، وعادة ما يؤكد الرئيس محمود عباس على زيارة القدس باعتبار إن زيارة السجين ليست تطبيعا مع السجان".
وكشف السفير سعيد أبو على عن وجود ورقة فلسطينية من إعداد دولة فلسطين يتم تداولها بين الدول العربية لتحديد الآليات الممكنة وكيف ترى فلسطين إمكانية التواصل مع الداخل الفلسطينى مع القدس والاراضى الفلسطينية المحتلة والجهات الرسمية العربية، ومن ضمن الأطروحات أن تكون زيارة القدس عبر البوابة الفلسطينية بمعنى ان تكون الزيارات بترتيب مع السلطة الفلسطينية.