«الجاز» بطابع الروح «الزنجية».. كيف صنعت الحانات موسيقى البوق العالمية؟
الثلاثاء، 16 أكتوبر 2018 08:08 ص
عادة ما نجد نجم موسيقى الجاز يقف في الحانة بجوار أحد البارات، مُرتديًا بوقه لعزف مزّيكا الكلاسيكيات من الجاز والسيمفوجاز، وهي الموسيقى التي أكسبها زنوج أمريكا طابعا وروحا، وصلوا بها إلى قلوب مُستمعي هذا النوع الفريد من الموسيقى.
في عشرينات القرن الماضي، كثرت فرق الجاز بشكل كبير، ولأنها كانت كثيرة التنقل من مكان لمكان، فالبيانو لم يدخل في تكوين هذه الفرق إلا بعد فترات من التنقل. ومنذ بداية القرن العشرين أخذ الجاز يتقدم بشكل متعثر للأمام. فلم تتذوق الشعوب موسيقاه إلا النُدرة.
وفي بداية تكوين فرق الجاز الأولى، حاول بعض أصحاب البشرة البيضاء، تكوين فرق خاصة بهم تعزف موسيقي الجاز، التي يدونونها بالنوتة، ولكن النجاح لم يكن حليفهم، لأن الروح الزنجية الصارخة التي كانت الطابع الأغلب على موسيقي «الجاز» وقتها كانت تعوزهم.
من هُنا كانت بداية ظهور موسيقى الـ«ديكسي لاند»، فالفرق بيضاء البشرة لم تفقد الأمل وبدأت تعمل على تطوير نوع موسيقى جديد من موسيقى الجاز، وهو الديكسي لاند، التي انتشر بعدها بشكل تدريجي في الولايات المتحدة الأمريكية، بفضل أفلام هوليوود وذلك قبل الحرب العالمية الثانية.
في هذا الوقت، انتقلت زعامة موسيقي الجاز من نيو أورلينز إلى شيكاغو، التي احتوت عددا أكثر من الملاهي والبارات، حيثُ المكان الأنسب لمُستمعي «الجاز»، حتى أنها انتشرت -وقتها- في أكثر من ولاية مثل بالتيمور وواشنطن ونيويورك وبوسطن، وفي كل مدينة كانت فرق الجاز تحاول أن تضم إليها عازفين من مدينة نيو أورلينز، التي تعتبر المعهد الذي أخرج أشهر العازفين وأمهرهم في الارتجال.
لويس أرمسترونج.. بالتأكيد إذا ذكرنا فن الإرتجال، علينا أن نُشير إلى هذا الرجل الذي صنع موسيقى الارتجال، تجعل موسيقى الجاز فريدة من نوعها. ويعتبر لويس أرمسترونج -لاعب البوق من نيو أورليانز- الأب للارتجال الحديث لموسيقى الجاز، حيث كانت له معزوفات بوقه منفردة مليئة بالطاقة والألحان.
تمكّن أرمسترونج وغيره من عازفي الجاز من الوصول إلى مُستمعي موسيقى البوق من خلال الإذاعة، وذلك بفضل التسجيلات الموسيقية وبفضل الإسطوانات، مع الوقت بدأت شعبية الموسيقى تزداد، وبدأت المراكز الثقافية الكُبرى في جميع أنحاء البلاد بعرض فِرق الجاز لأول مرة.
وكانت شيكاغو، كانساس سيتي، ونيويورك الكواليس الموسيقية الأكثر اتساعًا في أربعينيات القرن الماضي، حيث امتلأت فيها قاعات الرقص بالجماهير التي احتشدت داخلها لمعرفة فرق الجاز الكبيرة. وتُعرف هذه الفترة باسم عصر «سوينج Swing».
بدأت فرق الجاز الكبيرة في الانتشار، وصنعت تجربة فريدة من خلال تجريب أشكال مختلفة من الارتجال، وظهر بجانب أرمسترونج مجموعة من عازفي البوق المُرتجلين أمثال ديزي غيليسبي والساكسفون تشارلي باركر، وظهر أسلوب «البيبوب» وهو نمط يتميز ببراعة وأٍلوب وتناغم للكلمات الإيقاعية.
تطورت معزوفات الجاز بإيقاعاتها المختلفة، ولكنها اختفت تدريجيًا مقارنةً بالإنتشار الذي حققته في أواخر القرن العشرين، ولكنها ظهرت مُجددًا في الأعمال السينمائية بحضور مختلف كما تم توظيفها في فيلم «لالا لاند» في حضور موسيقى الفيلم الأوبرالية التي كونت مع «الجاز» عمل سينمائي يشبه بورتريه هوليوودي فريد.