سوتشي الروسية.. مدينة شهدت عقاب برومثيوس لسرقته النار من الآلهة

ترتبط مدينة سوتشي الروسية الواقعة في إقليم كراسنودار كراي في روسيا الاتحادية بتاريخ طويل من المواجهات الدامية بين سكانها الأصليين من القبائل الشركسية، والروس، إلا أنها صارت اليوم منتجعا روسيا فاخرا، يحل فيه الرؤساء ضيوفا على روسيا، وتعقد فيه القمم السياسية، بين الرئيس بوتين، والرئيس عبد الفتاح السيسي، إلا أن المدينة تحمل جانبا أسطوريا آخر، إذ تحوي صخرة برومثيوس، الذي سرق النار من الآلهة وأهداها إلى البشر، فعاقبه الإله زيوس بربطه في الصخرة، عقابا له.

سوتشي ليلا

وتم اختيار المدينة لتنظيم الألعاب الأولمبية الشتوية عام 2014، وهي مدينة تاريخية، وسياحية، تحولت إلى مقصد لعلاج المسنين، الراغبين في عمل علاجات طبيعية.

وحسب مواقع صحفية، وسياحية ظهرت في المدينة حمامات علاجية، وبدأ تطويرها عام 1934، بعد ظهور تلك الحمامات العلاجية عام 1902.

وكان نتيجة لانتهاء الحرب الروسية التركية عام 1829، أن أصبحت سوتشي الواقعة في المنطقة المحصورة بين مصب نهر كوبان وحصن القديس نيقوي تابعة لروسية، وأنشأ الروس تحصينات في المدينة، وفي عام 1866، توافدت هجرات على المدينة، متنوعة ما بين روس وأوكران، وبيلاروس.

وبعد الثورة الروسية عام 1917، وانتهاء الحرب الأهلية تم افتتاح أول مصحة سوفيتية عام 1921 في المدينة، واعتبرتها الحكومة منتجعا ومصحا حكوميا.

سوتشي لؤلؤة البحر الأسود

وعندما اندلعت حرب القوقاز عام 1942، حتى 1943، توقفت عمليات الاعمار في المدينة، لكن في الستينات تم إقرار عمليات توسيع المدينة والمنتجعات حتى عام 1992، وتضمن إنشاء مباني جديدة وتوسيع المبني منها.

وتسبب اكتشاف منابع المياه المدنية في سوتشي لتحويلها إلى منتجع للعلاج الطبيعي منذ القدم، وتحوي اليوم أكثر من 50 منبعا للمياه المعدنيا تستخدم للشرب وفي حمامات العلاج الطبيعي.

ويقصد المرضى من روسيا والبلدان الأخرى منتجع سوتشي لعلاج عللهم، حيث تستخدم المياه المعدنية والطين والطمى في علاج أمراض القلب والأوعية الدموية والعظام والعضلات والجهاز العصبي والجلد والجهاز البولي والتناسلي والجهاز الهضمي والغدد الصماء والجهاز التنفسي والفم والأسنان وغيرها من الأمراض.

وأدخلت في التسعينات طرق حديثة لعلاج الحروق والندب باستخدام مياه ماتسيستا المحتوية على كبريتيد الهيدروجين وتحت ضغط معين.

سوتشى مدينة سياحية جميلة

وتحوي المدينة حديقة نباتات سوتشي  وهي أكبر حديقة نباتات في روسيا أسسها عام 1892 خوديكوف صاحب صحيفة " بيتربورغسكايا غازيتا "، وتقع الحديقة في مدينة سوتشي ومقسمة إلى قسم علوي وآخر سفلي وتحتوي على أكثر من 2000 نوع من النباتات جلبت من مختلف مناطق العالم كما فيها النعام والطاووس ولن يكفي يوم بكامله لمشاهدة جميع ما فيها من النباتات.

كما تحوي  بيت ستالين الصيفي (داتشا)  ويقع البيت في منطقة بيوت الراحة ولم يزل البيت يحتفظ بنفس الديكور والأثاث كما كان عليه أيام ستالين. ويشاهد الزائر في الداخل الأريكة الجلدية وبجانبها تمثال شمعي لستالين حيث يمكن التقاط صور بجانبه.

وتحوي مدينة سوتشي أيضا ما يعرف ببيوت الشاي، وفي هذه البيوت يمكن للمرء أن يتذوق ويحتسي أنواع من الشاي المنتجة محليا إضافة لذلك يحصل الزائر على معلومات عن كيفية زراعة نبات الشاي في هذه المنطقة الشمالية ومتى حدث ذلك، وكذلك برج جبل آخون – بني البرج عام 1936 من الحجر الطبيعي وشبيه بابراج حصون القوقاز ويمكن من منصة المراقبة مشاهدة مناظر طبيعية خلابة تمتع النظر.

كما تحوي ما يعرف بصخرة بروميثيوس  تقع على صخور النسور التي تسمى أحيانا الصخور البيضاء وتمتد على الضفة اليمنى لنهر اغور. وتقول الأسطورة إن الإله زيوس ربط بروميثيوس هنا عقابا له لسرقته النار.

وتحوي سوتشي منطقة كراسنويا بوليانا التي تبعد عن ساحل البحر حوالي 40 كم. وتسمى سويسرا روسيا الصغيرة وتقع على ارتفاع 600 متر فوق سطح البحر. تتطور هذه المنطقة بسرعة هائلة كمنطقة لرياضة التزلج على الثلج والمرتفعات الجبلية حيث يوجد فيها كل ما يحتاجه المتزحلق من معدات مستلزمات هذه الرياضة وفيها طريق معلق وممرات جاهزة للتزحلق ذات درجة صعوبة مختلفة كما يوجد ملعب للتزلج على الالواح. ويعتبر استقبال راس السنة من أهم المناسبات في هذا المكان الجبلي. أما في الصيف فتتغطى المنطقة بكاملها بالأعشاب والزهور البرية الجميلة والزاهية.

ستكون منطقة كراسنويا بوليانا من أهم مراكز الألعاب الأولمبية الشتوية عام 2014 التي ستقام في مدينة سوتشي.

إضافة لكل هذا توجد في المدينة متاحف عديدة تتحدث عن تاريخ المدينة وضواحيها وعن الشخصيات المشهورة من كتاب ورسامين ومغنين الذين عاشوا في هذه المنطقة.

وفي المدينة مجموعة من المعاهد الدراسية العالية وفروع لجامعات حكومية منها جامعة سوتشي الحكومية للسياحة والمنتجعات، فرع الجامعة الروسية للصداقة بين الشعوب، وفرع لجامعة ستافروبيل وغيرها.

أما الصناعة في المدينة فتنحصر في إنتاج المواد الغذائية لتغطية حاجة السكان والسياح بالكامل. كما تزرع في ضواحي المدينة الخضروات المختلفة والفواكه والأعناب المختلفة كما توجد في المنطقة الجبلية اشجار الجوز والتين والبلوط وغيرها من الأشجار المثمرة.

تقام في مدينة سوتشي فعاليات محلية وعالمية مثل مهرجان " كينتافر " للأفلام السينمائية والمهرجان المسرحي " الفصل المخملي لسوتشي " ومهرجان عرض الأزياء وغيرها. إضافة لذلك تقام في المدينة بطولة اندية العالم بلعبة البليارد وسباق الدراجات الدولي وسباق السيارات وسباق الزوارق واليخوت وهناك أيضا مهرجانات جميلة للأطفال مثل مهرجان " سحر الرقص " ومهرجان " الحكاية السحرية " وغيرها.