الأديبة هيلين كيلر.. قصة امرأة ألهمت العالم بصراعها مع «العمى»

الإثنين، 15 أكتوبر 2018 12:00 م
الأديبة هيلين كيلر.. قصة امرأة ألهمت العالم بصراعها مع «العمى»
هيلين مع طه حسين

 

بعد مرور 19 شهرا فقط على ولادتها، أصيبت بأحد الأمراض الذي تسبب في فقدانها حاسة السمع والبصر تماما، لكنها لم تيأس أبدا استنادا إلى عزيمة من حديد، لتصبح فيما بعد واحدة من أعظم الشخصيات التي جاءت في القرن التاسع عشر.

تعد «هيلين كيلر»، الأديبة والمحاضرة والناشطة الأمريكية التي عانت من فقدانها السمع والبصر، أيقونة في مجال الصم والبكم كأول شخص كفيف وأصم يحصل على شهادة الليسانس، فهي امرأة ألهمت الكثير بإصرارها وعزمها.

ولدت هيلين في يونيو عام 1880 في ولاية ألاباما الأمريكية، وفقدت حاسة السمع والبصر، لكن عند بلوغها سن السابعة قرر والداها إلحاقها بمدرسة للمكفوفين وتعيين معلمة خاصة لها كانت تدعى «آن ساليفان».

هيلين مع معلمتها آن
هيلين مع معلمتها آن

«هيلين» برعت في تعليمها حتى التحقت بالتعليم الجامعي وسط تشجيع الكثيرين بعد تفوقها وانتشار قصتها، حتى إن أحد المعجبين بموهبتها وافق على دفع مصاريفها لحضور كلية رادكليف.

رافقت«آن ساليفان»  هيلين حتى وفاتها، وحققت معها تقدما هائلا في قدرتها على التواصل مع الآخرين والتعبير عن نفسها باللمس والكلام، كما كانت تجلس بجانبها لتفسير المحاضرات والنصوص.

وخلال سنواتها الجامعية، تعلمت هيلين اللغات الفرنسية والألمانية واليونانية واللاتينية، وتخرجت من الكلية في سن الـ 24 بتقدير امتياز، وأكملت دراستها العليا حتى حصلت على الدكتوراه.

هيلين اثناء استخدامها حاسة اللمس للقراءه
هيلين أثناء استخدامها حاسة اللمس للقراءة

انضمت »، الأديبة والمحاضرة والناشطة الأمريكية، إلى الحزب الاشتراكي عام 1905 لتصبح بعد ذلك  ناشطة بارزة، فضلا عن دفاعها المستميت عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، في رحلة كللتها بنشر 18 كتابا.

التقت هيلين بالعديد من رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية وسافرت بصحبة معلمتها سوليفان إلى العديد من البلدان الغربية والشرقية  لتدعو إلى معاونة مكفوفي البصر، ومن أشهر عبارتها: «عندما يُغلق باب السعادة، يُفتح آخر، ولكن في كثير من الأحيان ننظر طويلا إلى الأبواب المغلقة بحيث لا نرى الأبواب التي فُتحت لنا».

هيلين تعرف الكلمات باللمس
هيلين تعرف الكلمات باللمس
 

جاءت جولة «هيلين» في الشرق الأوسط عام 1952، لتكشف شغفها الكبير بالقاهرة، فزيارتها التي شملت مصر ولبنان وسوريا والأردن وإسرائيل، تكللت بلقاء العديد من كبار الشخصيات الثقافية والسياسية في المنطقة، لكن كان لقائها مع طه حسين شيئا آخر، لأنه كان مثلها قهر الظلام وتحدى الإعاقة ونادي بمجانية التعليم وحقق مكانة أدبية عالمية واحتل بعلمه منصب وزارة المعارف وعمادة الأدب العربي.

خلال اللقاء الذي لعبت فيه سكرتيرتها دورا كبيرا فيه إيصال حديث طه حسين لـ هيلين، فهي كانت تنقل لها الكلام بلغة الأصابع التي كانت تتقنها هيلين ، فكانت تترجم لها ما تراه وما تسمعه بالدق بأصابعها ما بين الإبهام والسبابة ليدها اليسرى، مدت هيلين أناملها إلى وجه طه حسين عندما ألتقته وراحت تتحسسه حتى تتعرف على صاحب هذه الملامح بنفسها، وتحفر ملامحه في خيالها.

هيلين فى شبابها
هيلين في شبابها
 

تقول هيلين في أحد خطاباتها: «لقد فتنتني قوة الدين الإسلامي في المنطقة وخاصة في مصر التي شعرت أنها قلب الإسلام، وكنت دائماً أتمنى رؤية الشعب الذي قاوم البريطانيون وأدهشني الود والترحيب الذي وجدته من شعبها الذي يتمتع بإرادة قوية، وزرت مراكز ومدارس المكفوفين والصم والبكم، ولكن كان من أهم الأيام في حياتي هو يوم زيارة الأديب المصري طه حسين لي عند تواجدي في القاهرة، فلسنوات عديدة قرأت عنه ولا يمكنني التعبير عن مدى سعادتي لمقابلته هو وزوجته وابنه».

تحكي هيلين عن اللقاء: «بقيت معه ساعة كاملة وكان لي الشرف أن ألمس وجهه، فكم كان وسيماً ومتحضراً ومليئاً بالنور الداخلي، وناقشنا العديد من الموضوعات وتحدثنا عن عمله وإنجازاته، وأخبرني أنه عندما كان وزيراً للتعليم، عمل بإصرار لتمكين المكفوفين من الذهاب إلى الجامعات والكليات، وقال إن أحد الاحتياجات الرئيسية للطلاب المكفوفين في مصر هي المدارس الثانوية التي يمكنهم الذهاب إليها لإنهاء تعليمهم في الكلية».

 

هيلين مع احد الطلاب المكفوفين يعزف على العود
هيلين مع أحد الطلاب المكفوفين يعزف على العود

واختتمت الأديبة والناشطة الأمريكية الشهيرة: «لقد كان فخراً لي أن أشعر بشخصية طه حسين تدعمني عندما دعوت وزراء حكومات مختلفة وتوسلتهم أن يعملوا على تواجد تلك المدارس الثانوية في بلادهم».

شغف هيلين لم يتوقف عند الأديب الكبير طه حسين، بل امتد إلى الحضارة الفرعونية التي طالما سمعت عنها، فحرصت هيلين أثناء زيارتها أن تذهب للمتحف المصري وأخذت تتحسس التماثيل الفرعونية بانبهار، التي طالما حلمت أن تراها لتشكل صورة ذهنية حقيقية عنها في مخيلتها.

وفي عام 1968 خارت قواها وصعدت روحها إلى السماء عن عمر يناهز 88 عامًا، تاركة لعالم وللإنسانية ذكرى خالدة وأثرا كبيرا في نفوس الأصحاء وذوي الاحتياجات الخاصة.

هيلين مع طه حسين
هيلين مع طه حسين

هيلين وطه حسين
هيلين وطه حسين
 
هيلين تتحسس التماثيل
هيلين تتحسس التماثيل

هيلين فى المتحف المصرى
هيلين في المتحف المصري

هيلين فى مصر
هيلين في مصر
 
 
هيلين اثناء جولتها فى الشرق الاوسط
هيلين أثناء جولتها في الشرق الأوسط

هيلين فى لبنان
هيلين في لبنان
هيلين كيلر
هيلين كيلر

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق