بيكاسو في العمرانية.. من سمح بتشويه تمثال تلميذ محمود مختار بشغل النقاشين؟

السبت، 13 أكتوبر 2018 02:00 م
بيكاسو في العمرانية.. من سمح بتشويه تمثال تلميذ محمود مختار بشغل النقاشين؟
وزيرة الثقافة والتمثال المشوه
وجدي الكومي

"تمت أعمال دهان وتجميل تمثال الفلاحة المصرية، للفنان الراحل فتحي محمود بالهرم، أمام قاعة "الصوت والضوء".. بهذه السطور، أعلنت الصفحة الرسمية لحي العمرانية، عن انتهاء موظفي الحي من تشويه أحد أهم الأعمال الفنية الموضوعة في شوارع مصر، وهو تمثال الفلاحة المصرية، للمثال الراحل فتحي محمود، حيث تسبب سوء حظ التمثال، أن يسند حي العمرانية، مهام تجميل التمثال لإدارة الإعلانات بالحي، تحت إشراف أحد نواب رئيس الحي، ومدير إدارة الإعلانات.

التمثال بعد التشويه
التمثال بعد التشويه

 

العجيب واللافت في إعلان حي العمرانية أن يتم إسناد مهمة بهذه الحساسية والدقة، إلى إدارة إعلانات بالحي، ولا نعرض بالضبط مهام هذه الإدارة، لكن الواضح من اسمها أن لا علاقة بين العاملين فيها وبين التعامل مع المنحوتات الفنية، والأعمال الخزفية والتماثيل الجميلة الموضوعة في الشوارع أو الميادين، وربما تختص هذه الإدارة بإزالة الإعلانات المخالفة، أو البانرات التي وضعها أصحابها دون الحصول على تراخيص، لكن أن يتم تكليفهم بتجميل تمثال، ومنحوتة غالية القيمة مثل تمثال الفلاحة المصرية، فهو يدل على استخفاف مقصود بالتاريخ الفني المصري، وجهل عمدي الهدف منه تدمير التراث الفني والحضاري المصري المعاصر والحديث.

التمثال بينما يتم دهنه بجردل بلاستيك وأدوات غير متخصصة
التمثال بينما يتم دهنه بجردل بلاستيك وأدوات غير متخصصة

ويعد تكرار تشويه تماثيل الفنانين الكبار الموضوعة في الميادين، عملا منهجيا مستمرا، وتخريبا مستمرا لا يستطيع أن يوقفه أحد، وللأسف، تشويه تمثال الفلاحة المصرية الأخيرة، يأتي ضمن سلسلة من التماثيل التي تعرضت للتشويه بواسطة أعمال النقاشة التي تتعرض لها هذه التماثيل، دون دراية من مسؤولي المحليات في المحافظات بقيمة هذه التماثيل، ويؤكد أن التشويه ممنهج، ولا توجد إرادة في وزارة التنمية المحلية لوقفه، أو التدخل بحزم لحماية هذه التماثيل، على الرغم من ضرورة وضعها في الشوارع، لإضفاء قيم جمالية على المشهد البصري العام، فمن آخر حوادث تشويه التماثيل في الميادين العامة، تشويه تمثال الخديو إسماعيل، في شهر أغسطس الماضي، بدهانه "وشين نقاشة" بنفس الطريقة، وكان التمثال الموجود في حي أول محافظة الإسماعيلية، قد تم دهانه باللون الأسود الداكن، ليتغير شكله تماما عن الشكل الأصلي، وقررت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، تشكيل لجنة آنذاك، مكونة من خبراء الفنون التشكيلية والجهاز القومي للتنسيق الحضاري في وزارة الثقافة، لمعاينة تمثال الخديو إسماعيل لبحث أسباب تشوهه، وناشدت الوزيرة آنذاك جميع الجهات بالالتزام بقرار رئيس مجلس الوزراء، الذي يخص وزارة الثقافة بأعمال ترميم وتجميل الميادين، وقالت الوزيرة آنذاك إن الوزارة تقف بالمرصاد لكل محاولات تشويه الذوق العام، وستعمل على بحث آليات عودة التمثال إلى أصله، بالتعاون بين قطاعي الفنون التشكيلية والجهاز القومي للتنسيق الحضاري، المعنيين بتطوير الحدائق والميادين من الناحية الجمالية والحضارية بالتعاون مع المحافظات.

تشويه تمثال الخديو إسماعيل
تشويه تمثال الخديو إسماعيل

إذن مصر تمتلك خبرات، وخبراء في الفنون التشكيلية، وتجميل الميادين، وقطاعات مختصة بهذه المهام، هي جهاز التنسيق الحضاري، وقطاع الفنون التشكيلية وكلاهما تابعين لوزارة الثقافة، وهناك قرار صادر من رئاسة الوزراء، أسند هذه المهام لوزارة الثقافة، وهي مهمتها الأساسية بدون أية قرارات، فلماذا ترسل المحليات النقاشين إلى التماثيل لتشويهها؟

تشويه تمثال إسماعيل
تشويه تمثال إسماعيل

وتمثال الفلاحة المصرية للمثال فتحي محمود، ضمن عدد من التماثيل التي صنعها هذا المثال الكبير الراحل، حيث من أشهر أعماله أيضا تمثال ميدان طلعت حرب، وتمثالي الأشرعة البيضاء، وتمثال أوروبا الموجود في مكتبة الإسكندرية، والنصب التذكاري لشهداء طلاب جامعة القاهرة، عام 1955، وحصل فتحي محمود على الميدالية الفضية من معرض بروكسل الدولي عام 1958، وكان فتحي محمود قد سافر إلي فرنسا لدراسة فن النحت والخزف عام 1951 وبدأ حياته الفنية متأثرا بالبيئة المصرية الصميمة وهو تلميذ مخلص لتعاليم الفنان "بورديل" وكان يهتم بالتجسيم والحركة العنيفة وقد فاز بجائزة مختار السنوية 4 مرات وقد أقام علي عمائر المهندس سيد كريم مجموعة من النحت البارز علي المباني مثل نقابة الصحفيين والغرفة التجارية ونادي الضباط وعمارة "برج الزمالك" وغيرها.

وأنشأ فتحي محمود مصنعا للخزف والسباكة وصناعة الأثاث عام 1952 وأقام تمثالا ميدانيا لطلعت حرب في القاهرة ونصبا تذكاريا لشهداء الجامعة بجامعة القاهرة وتمثال طلعت حرب بالزقازيق وتمثال الطب ينقذ الإنسانية في مدينة القصاصين وتمثال عروس البحر والأشرعة المنطلقة أمام السلسلة بالإسكندرية عام 1968 وتمثال الغزالين بالإسكندرية.

ولفتحي محمود 40 عملا جداريا على المباني، من بينها نحت بارز في مطار القاهرة، وآخر في محطة الركاب البحرية بالإسكندرية.

فتحي محمود صاحب تمثال الفلاحة المصرية
فتحي محمود صاحب تمثال الفلاحة المصرية

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة