يا طويل التيلة مين يشتريك.. القطن لأدنى مستوى منذ 6 سنوات والحكومة: «الفلاحين مظلومين»
الأربعاء، 10 أكتوبر 2018 10:00 ممصطفى الجمل
لازالت الحكومة بغرفها المتعددة المسئولة عن التسويق لمحصول القطن تقف عاجزة أمام إيجاد حل للأزمات التي تحاصره منذ انطلاق موسم التصدير وعلى مدار الـ5 أسابيع الماضية، والتي أدت إلى انخفاض التصدير بنسبة 50% عن العام الماضي، فلم تتجاوز الصادرات 10 آلاف طن حتى الآن مقارنة بـ20 ألف طن في نفس الفترة من العام الماضي 2017، ليتراجع سعره العالمي لأدنى مستوى له منذ 6 سنوات.
أسباب التدهور
تراجع الطلب المحلي، وترقب الأسواق العالمية لما يدور داخل السوق المصري وقرارات الحكومة لحماية هذه السلعة الاستراتيجية المهمة، ساهم في انخفاض سعر القنطار 300 جنيه عن السعر الذي حدده مجلس الوزراء في بداية موسم الزراعة بـ2700 جنيه لوجه بحري و2500 جنيه لوجه قبلي، وكل ذلك حسب الخبراء والمراقبين سيؤدي بالضرورة إلى انخفاض رقعة زراعات القطن في العام المقبل، نظراً لأن الفلاحين إذا استمر الوضع على هذا الحال سيتكبدون خسائر كبيرة، بعد أن قاموا بزراعة 336 الف فدان هذا العام مقابل 220 الف فدان العام الماضي نظراً لتحقيقهم مكاسب هائلة الموسم الماضي بفضل تدخل القيادة السياسية وتشجيعها التوسع في زراعة القطن.
استمرار الأزمة وعدم إيجاد حل عاجل لها، سيؤثر على مكانة القطن المصري عالمياً، وهبوطه لمستوى أدنى من الـ9% التي يحتلها في أسواق الأقطان طويلة التيلة، بعد أن كان يحتل 70% من السوق العالمية قبل ثلاثة عقود من الآن.
الحكومة مش من هنا
مسئولية تسويق القطن تقع على عاتق عدد من الوزرات ومنها وزارة الصناعة والتجارة، ومع بداية تولي الدكتور عمرو نصار أمر الوزارة، كان ملف صناعة المنسوجات على رأس الملفات المعروضة عليه لأنه يحتاج إلى حسم وحل عاجل، وبالتالي كان لابد من دراسة أزمة القطن والتي تؤثر على قطاع الغزل والنسيج، والذي كان يعول عليه كثيراً وزير الصناعة والتجارة الجديد للنهوض بالصناعة المصرية وإعادتها إلى مكانتها العالمية، وفي أحد الاجتماعات التي عقدها الوزير مع أباطرة صناعة الغزل والنسيج طالبهم أولاً بالاهتمام بجمع القطن من الفلاحين حسب السعر الاسترشادي التي حددته الحكومة في بداية الموسم، نظراً لأهمية القطن المصري بمواصفاته عالية الجودة للصناعات النسيجية، وتعهد الوزير خلال الاجتماع بالتنسيق مع وزارة الزراعة لتوفير الأقطان التي تحتاجها مصانع الغزل والنسيج، إلا أن الوزارة لم تنفذ حتى وقتنا هذا أي شبء من ذلك، ولازالت المصانع والمحالج الخاصة والعامة محجمة عن شراء القطن المصري بالسعر الذي حددته الحكومة للمزارعين.
ابو ستيت
اقرأ أيضاً.. منتجو القطن ينتظرون التفات الوزارة.. زرعوا الذهب الأبيض وينتظرون منفذ التسويق
المهندس نبيل السنتريسي، رئيس الاتحاد العام لمصدري الأقطان، قال في تصريحات خاصة لـ«صوت الأمة» إن البداية هذا العام كانت مخيبة لآمال كل المهتمين بالقطن المصري، بسبب تراجع سعر قطن الوجه القبلي بنسبة 10% مسجلاً 2500 جنيه للقنطار بعدما وصل في نهاية العام الماضي إلى 3500 دنيه للقنطار، وهو ما سيؤثر بطبيعة الحال على أسعار الوجه البحري التي كانت وصلت في العام الماضي إلى 3700 جنيه، مشيراً إلى أن هذه البداية تتطلب تدخلاً من الحكومة بدعم القنطار بقيمة 300 جنيه، حتى لا يفقد المزارع الثقة في زراعة القطن وينصرف عنها فتتراجع قيمة واحدة من أكثر السلع التي كنا نصدرها قديماً، وكنا ننافس فيه أمريكا بشكل قوي بل كانت لنا الغلبة، وبفعل خطة محكمة للقضاء على شهرة القطن المصري، أصبح لنا 20% من التجارة الخارجية للقطن طويل التيلة، ثم لجأنا إلى استيراد أقطان متوسطة وقصيرة التيلة، نظراً لإقبال المصانع المحلية عليها بكثافة، وهذا أمر يكلفنا مادياً ومعنوياً الكثير.
واقترح «السنتريسي» التوسع في الزراعة الآلية للأقطان متوسطة التيلة وبصفة خاصة في المساحات الكبيرة بالوجه القبلي بهدف توفير احتياجات الصناعة المحلية خاصةً وأن إجراء عمليات تصنعيه للقطن يسمح بزيادة القيمة المضافة للمنتجات المصدرة وزيادة العائد من التصدير.
بيدي لا بيد عمرو
حتى لا يصبح الفلاح تحت رحمة الأسواق العالمية، يجب الاهتمام بالصناعة المحلية ودعم صناعات المنسوجات من جديد، وتشجيع الاعتماد على القطن المصري طويل التيلة بدلاً من السعي خلف استيراد متوسط وقصير التيلة، كما اقترح البعض إنشاء محالج بجوار المزارع التي جمع فيها القطن آلياً، كالأراضي الجديدة المستصلحة غرب المنيا وتوشكى.
اقرأ أيضاً.. من صوف غزل المحلة لـ«الدباديب والكتاكيت».. "إيه اللي حصل للكلسون"
لجان أتلفها الهوى
المحزن في أزمة القطن، هو أنه كان تشكل في وقت سابق لجنة هدفها حماية المساحات المنزرعة من القطن والعمل على زيادتها وتسويق المحصول الناتج منها، وضمت هذه اللجنة عناصر من وزارات «الزراعة - قطاع الأعمال - التجارة والصناعة» بالإضافة إلى بعض أصحاب المزارع والعاملون في هذا القطاع، ولكنها تاختفت في ظروف غامضة ولم تقدم أي جديد يذكر في هذا الملف.
أزمة تسويق
مؤخراً اعترفت وزارة الزراعة بوجود أزمة في تسويق الأرز، رغم مرور 5 أسابيع على بداية الأزمة، موضحة على لسان المتحدث باسمها أن الفلاحين لم يخالفوا تعليمات الوزارة ولا توصياتها بل حاولوا تطبيقها بحذافيرها ولذلك ليس عليهم أي لوم.
وأضاف المتحدث باسم الوزارة أن الأزمة تكمن في عدم القدرة على تسويق المحصول، مؤكداً أن وزير الزراعة اطلع على كافة تفاصيل الأزمة، ودرسها بعناية شديدة مع مساعدين ومستشاريه، ووعد بحل الأزمة في أقرب وقت ممكن لحماية هذه السلعة الاستراتجية، عن طريق التواصل مع وزيري الصناعة وقطاع الأعمال.