30 عاما على افتتاح الصرح الفني في الجزيرة.. قصة الأوبرا الخديوية والمنحة اليابانية
الأربعاء، 10 أكتوبر 2018 07:00 م
في الذكرى الثلاثين لتأسيس صرح دار الأوبرا في منطقة الجزيرة بالقاهرة، في العام 1988، نسترجع في السطور التالية تاريخ الأوبرا الخديوية، التي احترقت في العام 1971، وكذلك تاريخ الأوبرا الجديدة، وأبرز العروض التي تم تقديمها فيها.
الأوبرا القديمة وفي مواجهتها تمثال إبراهيم باشا
تحتل الأوبرا مكانة كبيرة في قلب مصر، ولهذا لم يكن من الممكن أن تستمر مصر بدون هذا الصرح الفني العظيم، أكثر من عقدين، حيث بنيت الأوبرا الجديدة في العام 1988، وكانت الأوبرا الخديوية منارة للمسرح العربي، والمصري.
دار الأوبرا الخديوية وفندق الكونينتال بميدان الأوبرا
في الوقت الذي تم الترتيب فيه لافتتاح قناة السويس في القرن التاسع عشر، أعد الخديوي إسماعيل احتفالا ملكيا دعا إليه ملوك ونبلاء أوروبا، ولأهمية الحدث فقد تم التخطيط والإعداد له، ومن بين الاستعدادات تم وضع تصميم لدار الأوبرا، وبنائها في أحد الميادين الرئيسية في المخطط العمراني الجديد، على غرار ما قام به المخطط الفرنسي "هوسمان" في باريس، حيث سمي الميدان منذ ذلك الوقت باسم ميدان الأوبرا.
صورة أخرى للأوبرا الخديوية
قامت دار الأوبرا الخديوية لعقود من الزمان بوظيفتها كمكان لعروض الأوبرا الدولية والمحلية والباليه، وكذلك الأمسيات الموسيقية، التي كان يؤلفها ويعزف بها مشاهير الفنانين في العالم، وتزامن مع بنائها تشييد العديد من المباني في منطقة الميدان، تحمل جميعها سمات القرن التاسع عشر، ومعظم هذه المباني تم إدراجها الآن في سجلات المباني التراثية حسب أحد التقارير التي نشرها جهاز التنسيق الحضاري على الانترنت.
دار الأوبرا الخديوية
جاء المعماريان "بيترو أفوسكاني" و"روتسيي" لتصميم مبنى الأوبرا، الذي شُيد من الخشب، وكانت تتسع ل850 مقعدا، وكان موقعها بين منطقة الأزبكية وميدان التحرير حاليا، وتم اختيار معزوفة "ريغوليتو" لجوزيبي فيردي، لكي تكون أول معزوفة يتم عزفها في حفل افتتاح الأوبرا في الأول من نوفمبر 1896، ثم تم تقديم عمل فيردي الأوبرالي الشهير "عايدة" في افتتاح عالمي جرى في 21 ديسمبر عام 1871.
في كتابه المعنون "المسرح المصري في القرن التاسع عشر" يقول فيليب سادجروف، أن المعماري "أفوسكاني" لم يكن مسؤولا فقط عن البناء، بل كان مسؤولا أيضا عن تجهيزات المشاهد، بمساعدة مصممين للمسرح من إيطاليا، إلى إعدد برنامج لليلة الأولى، وتلقى تعليمات لبدء بناء مسرح مؤقت في منتصف شهر إبريل من عام 1869، وتم بناءه في موقع قصر الأمير أزبك، خلف تمثل إبراهيم باشا، وجامع الأمير أزبك، وكان القصر قد أصبح متجرا، وتعرض للإهمال، حتى تم هدمه كي تُبنى عليه الأوبرا.
كان معظم بناء الأوبرا من الخشب، وتم إعداد الديكور والأثاث في خمسة أشهر بتكلفة وصلت إلى مائة وستين ألف جنيه مصري، ولم تكن هناك شرفة رسمية، أو علوية، وبدلا من ذلك كانت في المسرح صفوف من كل المقصورات، بالإضافة إلى مقصورات ملكية تقع على كل جانب من جوانب المسرح، وفي ليلة الافتتاح، اتفق الخديو إسماعيل مع فيردي، كي يكتب موسيقى مسرحية غنائية ذات موضوع مصري، لتعرض على هذا المسرح، وغطت الصحيفتان المصريتان، الوقائع المصرية، ووادي النيل الافتتاح الذي حضره الخديو وضيوفه، بما فيهم الإمبراطورة أوجيني، إمبراطورة فرنسا،وولي عهد بروسيا.
وفي الموسم الأول للأوبرا حسب كتاب فيليب سادجروف، الذي بدأ في نوفمبر 1869، حتى الرابع عشر من مارس 1870، قٌدمت ست وستون مسرحية غنائية إيطالية، وضتمن فريق العمل في ذلك الموسم أشهر مطربي الأوبرا الإيطالية في ذلك الوقت "جروسي وفتيالي، وسارولتا، ولاجونا، وإيما رنتسي، وبوكوليني، وبارليبي" وبُلتريني" وغيرهم.
أما الأوبرا الجديدة، التي تم افتتاحها في العام 1988، في العاشر من أكتوبر، فهي منحة من الحكومة اليابانية، وبنيت على الطراز الإسلامي، وتم التجهيز لبنائها حيث قامت هيئة التعاون العالمية اليابانية بالتنسيق مع وزارة الثقافة المصرية، والاتفاق على تصميم ينسجم مع ما يحيط بالدار من مبان، واتسم التصميم بالطابع المعماري الإسلامي الحديث، وتشمل مساحة الإنشاءات 22 ألف و772 متر مربع، بينما يقع المبنى على مساحة 13 ألف و855 متر مربع، وكان لتميز هذا الموقع في الجزء الجنوبي من الجزيرة، ولوفرة مياه النيل وكثرة الأشجار ما أتاح أن يكون هذا المكان محتوى طبيعي لدار الأوبرا الجديدة.
صورة نادرة لافتتاح دار الأوبرا المصرية عام 1988
واستغرق التصميم عاما ونصف، وتم إتمام البناء في 31 مارس 1988، أي بعد 34 شهرا من بدء العمل وفي أكتوبر افتتح الرئيس السابق حسني مبارك دار الأوبرا المصرية، والأمير الياباني توموهيتو أوف ميكاسا، وهو الشقيق الأصغر لإمبراطور اليابان، وشاركت اليابان لأول مرة في مصر في افتتاح هذا الصرح الثقافي بعرض الكابوكي الذي يضم خمسين عضوا بالإضافة إلى فنانين من أعلى مرتبة في مجالات الموسيقى والأوبرا والباليه.
مبارك والأمير الياباني خلال افتتاح دار الأوبرا
تجدر الإشارة إلى أن عازفة الفلوت وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم، كانت قد شغلت منصب رئاسة دار الأوبرا، قبل توليها الوزارة، ويرأس دار الأوبرا حاليا ، راقص الباليه مجدي صابر، الذي عمل كصوليست أول بفرقه باليه القاهرة التابعة لأكاديمية الفنون، ثم راقص أول بفرقة باليه أوبرا القاهرة حتى عام 1998، كما عمل أستاذ بقسم تصميم وإخراج الباليه بأكاديمية الفنون وكذلك نائباً للمدير الفنى بفرقة باليه أوبرا القاهرة.
وهو أيضا أول مصرى يشارك فى تقديم أول عرض باليه على مسرح دار الأوبرا المصرية من خلال عرض "أبو سمبل" فى إطار افتتاح دار الأوبرا المصرية.