فيزيتا في مستوى رجال الأعمال.. هل تسيطر «الصحة» على فوضى العيادات الخاصة؟
الأربعاء، 10 أكتوبر 2018 04:00 م
تعددت خلال الفترة الماضة شكاوى المواطنين بسبب مغالاة بعض الأطباء فى أسعار الكشف «الفيزيتا» داخل العيادات الخاصة والمراكز الطبية المتخصصة، ولم يكن ذلك أمرا جديدا، فمنذ سنوات طويلة وتعانى المنظومة الطبية والصحية فى مصر من تدهور كبير طال جميع قطاعتها، لاسيما العيادات الخاصة والمراكز الطبية المتخصصة، ما استدعى الرئيس السيسي، خاصة بعد توليه فترة رئاسته الثانية، أن يستكمل ما بدأه من إنجازات بتطوير المنظومة الصحية، من أجل الارتقاء بحياة الإنسان المصرى.
تتزامن أزمة العيادات والمراكز الخاصة، مع ما تبذله الدولة من جهد كبير وواضح، ممثلة فى وزراة الصحة، للارتقاء بالمنظومة الصحية، بناء على تكليفات وتوجيهات الرئيس السيسي، الذى وجه بإطلاق مجموعة من الإجراءات التى تضمن تقديم الخدمة الصحية والطبية التى تليق بكرامة المواطن الصحى، كما تتزامن تلك الأزمة مع بدء تطبيق قانون التأمين الصحى الشامل الجديد، والذى يعد أهم محاور الارتقاء بالمنظومة.
لم يكن أمام الدولة فى مرحلة أسمتها القيادة السياسية بمرحلة بناء الإنسان المصرى أن تقف مقيدة أمام فشل الأفراد أو الخطط السابقة، وإنما كان لزاما عليها أن تضع خططا جديدة لتصلح بها ما أفسده السابقون، ولعل اهتمام الدولة ممثلة فى وزارة الصحة بسرعة تهيئة الجو العام لبدء تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل الجديدة، خير مثال على ذلك، كما أن مبادرة الرئيس للقضاء على فيروس سي والكشف عن الأمراض غير السارية التى تنفذها حاليا وزارة الصحة بالتعاون مع الوزارات الأجهزة المعنية، دليل آخر على جدية الدولة فى الارتقاء بصحة المواطنين.
اقرأ أيضا: حفاظا على حياة المرضى.. هكذا أنهت «الصحة» أزمة نقص الأنسولين والبنسلين بالأسواق
أزمة المغالاة الشديدة فى أسعار تقديم الخدمة الطبية بالعيادات والمراكز الخاصة تتزامن أيضا مع جهود وزارة الصحة الرامية إلى إعادة إحياء مشروع المستشفيات النموذجية بالقاهرة والمحافظات، والذى يتطلب تكاتف جميع الجهات الرسمية وغير الرسمية من إنجاحه، للارتقاء بالمنظومة الصحية، والخروج من دائرة قوائم الانتظار التى عانت منها الدولة لفترات طويلة، والتى أيضا لم يتم القضاء عليها بهذا الشكل إلا بتوجيهات الرئيس السيسي، والتى تعد أيضا خير دليل على مدى اهتمام الدولة بصحة المصريين، وإدراكها أنه أساس التقدم والازدهار، علاوة على المبادرة الرئاسية الجارى تنفيذها على مستوى الجمهورية والخاصة بالقضاء على فيروس سي والأمراض غير السارية، والتى تهدف للوصول إلى نحو 50 مليون مواطن على مستوى الجمهورية.
لا يجوز أن تسعى الدولة وحدها لتحقيق النجاح المنشود من وراء كل ما سبق عرضه من خطط استراتيجية أو مبادرات رئاسية، تستهدف جميعها الارتقاء بصحة الإنسان المصرى، خاصة فى ظل تزايد شكاوى الموطنين من الارتفاع المبالغ فيه بأسكار الكشف "الفيزيتا" داخل العيادات الخاصة أو بالمراكز الطبية المتخصصة، خاصة وأن هذا القطاع يعد شريكا أساسيا لوزارة الصحة فى الحفاظ على حياة المصريين، فخلال الفترة الماضية تلقت الإدارة المركزية للعلاج الحر والتراخيص الطبية التابعة لوزارة الصحة، العديد من الشكاوى والبلاغات الخاصة بمغالاة بعض الأطباء فى "الفيزيتا" مقابل الكشف، ما استدعى من وزارة الصحة سرعة السيطرة على هذه الفوضى، حيث أصدرت توجيهات تلزم العيادات الخاصة والمراكز الطبية بجميع أنحاء الجمهورية، بإعلان سعر الكشف "الفيزيتا"، وضرورة منح المريض فاتورة أو إيصال بالمبلغ المدفوع، على أن يكون صادر عن الضرائب، لمنع التلاعب فيما يسدده الأطباء من ضرائب أو دمغات لاتحاد المهن الطبية ووزارة المالية.
وتعليقا على القرار، أكد وكيل وزارة الصحة والسكان لشئون العلاج الحر والتراخيص الطبية، الدكتور على محروس، أن إعلان تسعيرة الكشف فى العيادة أو المركز الطبى يعد أحد أهم حقوق المريض، مشيرا إلى أن الوزيرة تسعى لضبط منظومة العمل بالقطاع الخاص، حيث يشمل القرار نحو 38 ألف و600 عيادة و4620 مركزا طبيا، موضحا أن من حق المريض الحصول على إيصال أو فاتورة مقابل ما تم سدادة للطبيب بالعيادة، حرصا على أخلاقيات المهنة، وضمانا لحق المريض والطبيب.
اقرأ أيضا: فى أسبوعها الأول.. نرصد أهم الأرقام الخاصة بالحملة القومية لمكافحة فيروس سي
وكيل وزارة الصحة والسكان لشئون العلاج الحر والتراخيص الطبية، أكد أيضا فى تصريحات صحفية، أن الوزيرة مهتمة للغاية بالقطاع حتى يقدم خدمة تنافسية جيدة، وأنه جارى شن حملات موسعة على العيادات، للتأكد من تطبيقها لتلك القرارات، قائلا: «ما نفعله للتعريف بحقوق المريض، لكن مسألة تحديد الفيزيتا بمبلغ محدد ليس من اختصاص الوزارة»، متابعا أن حقوق المريض داخل العيادات والمراكز الطبية الخاصة تتمثل فى التأكد من حصول الطبيب على الدكتوراه أو الماجستير فى تخصصه، وحصوله أيضا على التصريح اللازم لمزاولة المهنة.
من جانبها، ومن أجل إحكام السيطرة على فوضى تفاوت أسعار تقديم الخدمات الطبية داخل العيادات الخاصة والمراكز الطبية المتخصصة، أوضحت وزارة الصحة ممثلة فى إدارة العلاج الحر والتراخيص الطبية، للمواطنين مالهم من حقوق داخل العيادات والمراكز الخاصة، والتى جاءت كالتالى:
من حق المريض التأكد من حصول الطبيب على الدكتوراه أو الماجستير فى تخصصه.من حق المريض أن يطلع على ترخيص الطبيب الذى يكون غالبا معلقا داخل العيادة.من حق المريض التعرف على أسعار الكشف الطبى أو الخدمات المفدمة من مساعد الطبيب.من حق المريض التمتع بجودة الخدمة وتسجيل التاريخ المرضى الخاص به.من حق المريض أن يتلقى معاملة كريمة من جانب الطبيب أو الطاقم المعاون له.من حق المريض التأكد من حصول الممرضين على تراخيص مزاولة المهنة.
لكى تخرج وزارة الصحة من أزمة تزايد شكاوى المواطنين بسبب المغالاة فى أسعار الخدمات الطبية داخل العيادات الخاصة، كان عليها أولا الإجابة على عدة أسئلة، أولها ما هى أسباب فروق الأسعار فى العيادات الخاصة؟ وكيف تتم الرقابة عليها؟ وما هى الضوابط المحددة لتحديد الأسعار؟ فقد تجاوزت أسعار الكشف لدى بعض الأطباء الـ2000 جنيه، ووصلت الفيزيتا الخاصة بأساتذة الطب النفسي إلى 1000 جنيه فى الجلسة الواحدة بمناطق وسط البلد والمهندسين، إلى جانب الأطباء الذين يلجأون إلى تحديد سعرا أيضا للاستشارة، لجميع مزيد من الأموال، ما يعد عبئا كبيرا على المواطنين.
ولما كانت الفوضى هى من تسيطر على تسعيرة الخدمات الصحية في أكثر من 80 ألف عيادة خاصة بالقاهرة، وصلت أسعار الكشف بها إلى 2200 جنيه بخلاف 700 جنيه للاستشارة، اقترحت وزارة الصحة على نقابة الأطباء، وضع حد أقصى لأسعار الكشف داخل المستشفيات والعيادات والمراكز الخاصة تبدأ بـ100 جنيه للطبيب الممارس، و200 جنيه للأخصائي، و400 جنيه للاستشاري الحاصل على الدكتوراه، و600 جنيه للاستشاري أستاذ الجامعة.
اقرأ أيضا: بناء على توجيهات الرئيس.. «الصحة» تضم عمال المحاجر والمقاولات لـ«التأمين الصحى»
مقترح الحكومة ممثلة فى وزارة الصحة، يواجه معارضة كبيرة من قبل نقابة الأطباء، حيث وصفت الدكتورة مني مينا، وكيل النقابة العامة للأطباء، أزمة ارتفاع أسعار كشوفات الأطباء بالمعركة الوهمية، قائلة: "بدلا من اهتمام الحكومة بإرساء قواعد خدمة صحية حكومية محترمة، أو توفير الأدوية والمستلزمات للمستشفيات، أصبحت أهم قضية لوزارة الصحة هي رسوم كشف الطبيب"، مشيرة إلى أنها معركة مفتعلة تستهدف تعليق عذاب المرضى في رقبة الأطباء.
وكيل النقابة العامة للأطباء، قالت فى تناقض واضح أيضا لموقفها من هذه الأزمة، إنها ليست ضد وضع لائحة استرشادية لأجور الأطباء، وأن النقابة أرسلت للجمعيات العلمية المختلفة لمعرفة تقديرهم لقيمة كشف الأخصائي والاستشاري، وتقديرهم المادى لقيمة التدخلات العلاجية المختلفة، مشيرة إلى أنه بعد تلقي الردود الخاصة بذلك الشأن ستعلن النقابة عن جدول استرشادي لأسعار الخدمات الطبية بمختلف الجهات الخاصة.
أما الدكتور إيهاب الطاهر، أمين عام نقابة الأطباء، فقد أكد أن النقابة هي المسئولة وحدها عن وضع حد أدنى وأقصى للأسعار وفقا للقانون، مؤكدا أن هناك استغلالا لحقوق المواطنين من بعض الأطباء، ولكنها نسبة ضئيلة جدا لا يجوز تعميمها، متابعا: «هي أمور موجودة في كل العالم، وهناك أمور منطقية وواقعية طبقًا للتخصصات والمناطق الجغرافية»، مطالبا بالحفاظ على حقوق الطبيب إلى جانب الحفاظ على حقوق المريض.
اقرأ أيضا: لماذا اصطحب الرئيس السيسي وزيرة الصحة فى زيارته إلى نيويورك؟ هالة زايد تجيب
ما بين جهود وزارة الصحة لضبط المنظومة، واعتراضات نقابة الأطباء على محاولات الوزارة للسيطرة على زمام الأمور، فإن إعادة التسعير العادل أو ضبط الأسعار بقوائم استرشادية ما هي إلا ضمانات لحقوق كل الأطراف، وتصب جميعها في صالح القطاع الصحي الخاص، كما أن العلاج حق أصيل يكفله الدستور للجميع، والصحة ليست سلعة يشتريها المواطن من السوبر ماركت حتى تخضع لمبدأ العرض والطلب، وهو ما استدعى من البرلمان التشديدعلى وزارة الصحة، بضرورة إحكام الرقابة على المستشفيات والوحدات الصحية والعيادات والمراكز الطبية، سواء الخاصة أو التابعة للحكومة، لوقف الإهمال الذى يضر بصحة المواطنين.
الوصول إلى نتائج مرضية فى هذا الملف الهام والحساس جدا، خاصة لأنه يتعلق بحياة المواطنين، لن يكون سهلا، حقا سيواجه العديد من العقبات والتحديات، إلا أنه يجب على الجميع أن يتحمل مسؤلياته، فوزارة الصحة عليها دورا كبيرا فى إحكام الرقابة على العيادات والمستشفيات والمراكز الطبية، وعلى نقابة الأطباء مراقبة تنفيذ قرارات الوزارة الخاصة بالتراخيص وأسعار الكشف الاسترشادية، وعلى مجلس النواب تقديم الدعم الكامل من أجل الوصول لنتائج حقيقية من خلال دوره الرقابى إلى جانب دوره التشريعى لسن أى تشريعات أو قوانين أو وضح أى لوائح قد تعزز دور الحكومة ممثلة فى وزارة الصحة، للسيطرة على فوضى العيادات والمراكز الخاصة، للارتقاء بصحة المواطنين.